الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جبهة اليمن في حرب غزة: إسناد استراتيجي أربك نظرية الأمن الإسرائيلي

خورشيد الحسين

2025 / 5 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


منذ انطلاق معركة "طوفان الأقصى"، لم تعد الحرب مقتصرة على حدود غزة أو الجبهة الشمالية، بل تمددت إلى ما يمكن وصفه بـ"الجبهة الرابعة" في الصراع العربي–الصهيوني: الجبهة اليمنية. فقد شهدت هذه الجبهة تحوّلاً نوعياً في إسنادها للمقاومة الفلسطينية، تجاوز الشعارات والتظاهرات، ليبلغ مستوى التأثير المباشر في منظومة الأمن القومي الإسرائيلي، خاصة عبر البحر الأحمر والممرات الدولية الحيوية.

من التضامن الرمزي إلى الإسناد الفاعل

لطالما عبّر اليمن، شعباً وحركات، عن انحياز تاريخي لفلسطين، لكنّ ما بعد تحرر صنعاء من الهيمنة الخارجية مثّل نقطة انعطاف. فخلال معركة "سيف القدس" (2021)، اقتصر الدعم على المواقف والخطاب الإعلامي، بينما في "طوفان الأقصى"، انتقل إلى الفعل الميداني: استهداف سفن إسرائيلية وأميركية، وفرض حصار بحري واقعي على الكيان عبر مضيق باب المندب.

وقد عبّر المتحدث باسم جماعة "أنصار الله"، محمد عبد السلام، عن هذا التحول بقوله: "نحن لا نشارك لأغراض استعراضية، بل لأن فلسطين في قلب معركتنا التحررية، وعدوان غزة لا يمكن فصله عن مشروع الهيمنة الذي نواجهه في اليمن والمنطقة". في هذا السياق، لم يعد اليمن ينظر إلى نفسه كطرف داعم من بعيد، بل كمحور فاعل في إعادة رسم معادلة القوة في الإقليم.

عجز صهيوني أمام تهديد غير تقليدي

رغم تفوقها الاستخباراتي والتكنولوجي، بدت إسرائيل عاجزة عن مواجهة الجبهة اليمنية. فتكتيك الضربات البحرية، وتعدد منصات الإطلاق، وطبيعة التضاريس البحرية، جعلت من الصعب احتواء التهديد، حتى مع انخراط الولايات المتحدة وبريطانيا في المعركة. وقد اعترف أحد ضباط الاحتياط في البحرية الإسرائيلية، وفق ما نقلته وسائل إعلام عبرية، بأن "التهديد اليمني فاق توقعاتنا، لا من حيث الجغرافيا فحسب، بل من حيث قدرة العدو على الاستمرار في الاستنزاف وخلق المفاجأة".

النتيجة أن إسرائيل وجدت نفسها في مواجهة "حرب استنزاف بحرية"، تستهلك مواردها، وتُربك خطوط تجارتها ومجالها البحري الحيوي، فيما أصبحت جبهتها الجنوبية مكشوفة لتهديدات غير تقليدية لا تغطيها العقيدة الأمنية التي طالما راهنت على سرعة الحسم.

اتفاق أمريكي–يمني: انسحاب ناعم وترك إسرائيل وحيدة

في 6 مايو 2025، أعلنت سلطنة عمان عن التوصل إلى اتفاق تهدئة بين واشنطن وجماعة "أنصار الله"، يقضي بوقف استهداف السفن الأميركية في البحر الأحمر وباب المندب، مقابل تخفيف القصف الجوي الأميركي على اليمن.

وقد صرّح محمد عبد السلام حينها: "الاتفاق مع واشنطن لم يكن وليد اللحظة، بل نتيجة مفاوضات عبر وسطاء. ونحن نربط موقفنا الميداني بالموقف الأميركي من العدوان على غزة، لأننا جزء من معركة واحدة".

من جانبه، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مؤتمر صحفي عقب الإعلان: "اليمنيون قالوا لنا حرفياً: أوقفوا القصف وسنتوقف عن استهداف السفن. ونحن وافقنا لأننا لا نريد حرباً مكلفة ولا نرى مصلحة مباشرة في التصعيد هناك".

الاتفاق، الذي تم خارج أي تنسيق مع إسرائيل، فجّر موجة قلق في تل أبيب، حيث وصف أحد المحللين في قناة "كان" الرسمية القرار الأميركي بأنه "تخلٍ واضح عن إسرائيل في جبهة البحر الأحمر، واعتراف بأن الصراع لم يعد على رأس أولويات واشنطن".

سقوط عقيدة "المركز المحصّن"

منذ نشأتها، اعتمدت إسرائيل على نظرية أمن ترتكز على تفوّق استراتيجي وتحجيم العمق العربي. غير أن ما فرضه اليمن، إلى جانب جبهات لبنان وسوريا والعراق، زعزع هذه النظرية. إذ لم تعد التهديدات تأتي من حدودها المباشرة فحسب، بل من جهات بعيدة، وبأدوات حرب ذكية وغير نمطية.

وقد علّق الباحث في الشؤون الأمنية، شاؤول شاي، على ذلك قائلاً: "ما يحدث من اليمن ليس فقط تحدياً عسكرياً، بل تحدٍ لنظرية الردع الإسرائيلية. نحن نتعرض لهجمات من دولة محاصَرة منذ عقد، وهذا يجب أن يثير تساؤلات جذرية في المؤسسةاالأمنية.

اليمن ودور إسنادي يغير موازين المعركة

لم يعد الحضور اليمني في حرب غزة حدثاً عارضاً، بل تطوراً بنيوياً يعيد تشكيل موازين الصراع. فقد تحول اليمن من ظهير معنوي إلى فاعل استراتيجي، يربك العدو في الممرات البحرية، ويخفف الضغط على غزة، ويُجبر الاحتلال على تفتيت قواته بين أكثر من جبهة.

والرسالة الأبلغ التي يرسلها اليمن اليوم، لا تكمن فقط في الصواريخ والطائرات المسيّرة، بل في تكريس معادلة الردع الجماعي. كما قال عبد الملك الحوثي في خطاب علني: "لن تكون فلسطين وحدها. نحن نراهن على وحدة الساحات، ونؤمن أن النصر لن يتحقق إلا حين يصبح العدو محاصَراً من كل الجهات".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سلاح المخيمات الفلسطينية في لبنان.. هل يمكن نزعه؟ | #ستوديو_


.. دبابات الاحتلال تستهدف قسم الجراحات التخصصية في مستشفى العود




.. لحظات تشكل إعصار في ولاية ألاباما الأمريكية


.. القناة 14 الإسرائيلية: إلقاء 3 عبوات ناسفة باتجاه الجيش الإس




.. أزمة مياه في أم درمان إثر اسهداف محطات الكهرباء.. ما القصة؟