الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صحوة عشائر مدينة الثورة

طارق الحارس

2007 / 1 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


بعد سقوط النظام الصدامي انتظر الجميع رفع الظلم عن مدن معينة في العراق كان النظام الصدامي قد حاربها في أبنائها وبنيتها التحتية . مدينة الثورة كانت من بين هذه المدن ، إذ تعد هذه المدينة من أكثر المدن العراقية التي عانت في عهد النظام المقبور .
تنفس أهل هذه المدينة الصعداء لخلاصهم من البعثيين المجرمين الذين كانوا يتسلطون على رقاب الأبرياء ، لكن يبدو أن المعادلة لم تتغير فقد جاءت بعد سقوط النظام البعثي مجموعة أخرى لتتسلط على رقابهم . الأمر الذي تغير هو لون البدلة ، إذ كانت المجموعة الأولى ترتدي اللون الزيتوني ، أما المجموعة الثانية فقد ارتدت اللون الأسود .
تحولت هذه المدينة من مدينة مظلومة تنتظر جني ثمار تضحيتها ومعاناتها الى مدينة يعدها بعضهم ظالمة بفضل فئة قليلة تتهم بارتكابها جرائم خطف وقتل طائفية بحجة الدفاع عن أتباع المذهب الشيعي .
حصل ذلك في ظل غياب السلطة الحقيقية للحكومة الى أن وصل أمر تسلط هذه الفئة الى اصدار قرار يلزم أهل المدينة بالتجنيد الالزامي للأعمار ما بين 18 الى 45 عاما للانتساب الى جيشها " جيش المهدي " .
يعتقد بعضنا أن أهل المدينة يتحملون وزرا كبيرا من مسؤولية السماح لهذه الفئة بالتسلط عليها ، لاسيما في الأيام الأولى التي تلت سقوط النظام الصدامي ، إذ سمح أهالي هذه المدينة لهذه الفئة من تغيير اسم المدينة من مدينة صدام الى مدينة الصدر بدلا من استعادة اسمها الحقيقي وهو مدينة الثورة .
أمر تغيير اسم المدينة بعد سقوط النظام يشبه جدا أمر تغيير اسمها في عهد النظام السابق فقد قررالبعثيون حينها تغيير اسم المدينة من مدينة الثورة الى مدينة صدام " باسم صدام سمينا مدينتنا " ، وهو الأمر نفسه الذي حصل بعد سقوط النظام الصدامي ، إذ قرر أنصار التيار الصدري تغيير اسم المدينة دون استفتاء أهل المدينة ، بل نستطيع القول أن التغيير حصل بقوة السلاح .
نحن هنا لا نعترض على الاسم ولا نضع مقارنة بين اسمها قبل السقوط وبعده ، إذ لا يمكن مقارنة اسم الشهيد محمد صادق الصدر ، واسم المقبور ، الطاغية صدام ، لكننا كنا نتمنى أن يتم بطريقة حضارية ، لا بطريقة الالزام هو ما حصل فعلا من قبل التيار الصدري .
أما البعض الآخر فيعتقد أن أهالي المدينة الذين دفعوا الكثير من التضحيات فضلوا السكوت بدلا من مواجهة فئة تحمل السلاح وتتصرف به بعنجهية واستهتار يشبه الى حد بعيد عنجهية واستهتار قوات النظام السابق وكانوا ينتظرون أن تأخذ الحكومة مبادرة حمايتهم من هذه الفئة ، لكن سكوت أهالي المدينة ، فضلا عن سكوت الحكومة أدى الى استقواء هذه الفئة ووصولها الى الوضع الذي هي عليه الآن .
لقد حصل هذا الأمر في مدن محافظة الأنبار فبعد سقوط النظام الصدامي سيطر ضباط الحرس الصدامي والمخابرات والأمن الخاص والبعثيون من أبناء هذه المدن ، فضلا عن التكفيريين من تنظيم القاعدة الذين توافدوا من دول عربية عديدة . سيطر هؤلاء على هذه المدن سيطرة كاملة . أيضا حصل ذلك بفضل غياب السلطة المركزية للحكومة العراقية .
التسلط على رقاب الناس ، فضلا عن العمليات الاجرامية البشعة التي أرتكبها هؤلاء المجرمون ضد مَن يقف خارج اطار أفكارهم أوصلت عشائر الأنبار الى الصحوة ، لاسيما بعد أن وصل الأمر الى قطع رؤوس الأبرياء والخطف والتفخيخ الذي لا يفرق بين طفل وامراة وشيخ ، وكذلك بعد أن وصل الأمر الى أن الغالبية العظمى من الشعب العراقي بدأت تضع أبناء هذه المحافظة ، جميعهم ، في خانة سيئة جدا ، أدى ذلك كله الى أن يقرر أبناء عشائرالأنبار انقاذ سمعة أهل محافظتهم ليقودوا حملة لتطهير مدنهم من الارهابيين القتلة وقد حققت هذه الحملة نجاحات كبيرة .
لا ننسى هنا الاشارة الى الدور الذي قامت به الحكومة العراقية لمساعدة مجلس انقاذ الأنبار فقد كان دورا كبيرا ساهم في اعتقال وقتل العديد من الارهابيين سواء من أهالي الأنبار أو من التكفيريين العرب .
ربما أن الأمر يختلف في مدينة الثورة مقارنة بمدن الأنبار فنسبة الذين تضرروا من سقوط النظام في مدينة الثورة لا تقارن مطلقا بنسبتهم في مدن الأنبار ، بل نستطيع القول أن فئة قليلة في هذه المدينة هي التي قادت المدينة الى الوضع الذي أوصلها الى أن تضعها الحكومة العراقية والقوات الأمريكية في خانة المدن التي ستكون من المحاور الرئيسة في خطتها الأمنية الجديدة .
هذه المدينة التي انتظرت العهد الجديد لتجني ثمار تضحيتها من الظلم والاضطهاد ستفتش بيوتها تفتشيا دقيقا من بيت الى بيت مع فرض طوق أمني شديد حولها للحؤول دون هرب المسلحين ، ولن تغادر القوات الحكومية الا بعد تطهير المدينة من هؤلاء الخارجين على القانون .
نحن هنا نتساءل عن الدور الذي كان من الممكن أن تلعبه عشائر هذه المدينة قبل وصول الأمر الى هذا الحد ، قبل وضع هذه المدينة في الاطار الذي وضعت به ، إذ نعتقد أن أهالي هذه المدينة كانوا بانتظار مَن ينقذهم من الأيام السود التي مرت على تاريخهم وكانوا بانتظار الفرج وليس بانتظار مَن يداهم بيوتهم ويفتشها وكأنهم من أنصار النظام السابق .
مع هذا فان الوقت لم ينته وعليهم جميعا أن يساندوا الحكومة في خطتها الأمنية الجديدة لأنها ستنقذهم أولا من سيطرة الخارجين على القانون ، وأيضا فان ذلك سيساهم في اسكات الأصوات التي تتحجج ضد أهالي المدينة لتبدأ بعدها مرحلة انتباه الحكومة العراقية لمعالجة الوضع المزري الذي تعيشه المدينة .
صحوة عشائر الأنبار مع أنها جاءت متأخرة لكنها حققت غايات كبيرة وعليه يجب الاستفادة من تجربتهم من قبل عشائر مدينة الثورة قبل فوات الأوان .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كير ستارمر -الرجل الممل- الذي سيقود بريطانيا


.. تحليق صيادي الأعاصير داخل عين إعصار بيريل الخطير




.. ما أهمية الانتخابات الرئاسية في إيران لخلافة رئيسي؟


.. قصف إسرائيلي يستهدف مواقع لحزب الله جنوبي لبنان | #رادار




.. سلاح -التبرعات- يهدد مسيرة بايدن في السباق الرئاسي! #منصات