الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق واليبرالية طروحات الراهن وافق التجربة

ناصرعمران الموسوي

2007 / 1 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


ما بين فكرة ( الاعتراف ) عند هيجل و ( الانسان الاخير ) عند نيتشة ، يسبر الدبلوماسي الامريكي ( فوكوياما ) في خطابه الجديد خضم التداعيات والتغيرات المعاصرة في المجتمعات الحالية ووجهتها المستقبلية في ظرف يتسم بالعولمة والشمولية ، ليوثق خطاب المرحلة الراهنة وهي مرحلة ( الديمقراطية الليبرالية ) والتي برزت كنتاج لحركة التاريخ من خلالها يؤرخ لنهاية التاريخ وختام البشر ، ونهاية التاريخ عند ( فوكوياما ) تعني بدايته بالنسبة لدول تاخذ من حركة ديناميكية التاريخ استحقاقاتها ، فالليبرالية ثمرة الرأسمالية وبعد الفلسفة الاقتصادية التي يحكمها ( مبدأ دعه يعمل دعه يمر ) وهذا يقيده الفكر الليبرالي بمبدأ تتنهي حريتي عندما تبدأ حرية الاخرين ، وكل ذلك يتم في جو من التسامح والشفافية ، وهذه الظواهر التي تشكل ضمن خطى التاريخ اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا ادت الى ظهور ( الليبرالية الجديدة ) او ما يصطلح عليها ( الكوفيرناس ) التي تعني ظهور مبدأ اقتصادي آيديولوجي يشير الى ظهور نوع من انواع الدول تظهر الدولة فيه بأعتبارها ( شركة مساهمة ) في النظام الرأسمالي ذي التقاليد الانكلوسكسونية . حيث يمارس حملة الاسهم نوعا من الرقابة التوجيهية عند توزيع الارباح بهدف دفع المدراء الذين يديرون الشركة الى العمل والحصول على اقصى حدا من الارباح وهو غاية ( الليبرالية الجديدة ) وهي اليوم رقابة الاعلى ويقصد به هرم الدولة ورقابة الاسفل وتعني منظمات المجتمع المدني ، وهذه الطريقة ستوجد دولة توجيه ورقابة دون سلطة حكومية احادية الجانب تلم اطرافها في النهاية لتبرز كتلة استبدادية تمارس سلطاتها على المجتمع . ورغم ان الليبراليات الجديدة نشأت ضمن تحولات اقتصادية واجتماعية وسياسية ، فالليبرالية كما هو معروف انها مذهب اقتصادي ينادي بالحرية المطلقة في مجاله الاقتصادي والسياسي وهو يعيش مراحل الاستقلالية والتحرر التام من ربقة الاكراه الداخلي والخارجي والليبرالي يخضع لقوانيه الصادرة من ذاته ، ويعيش مرحلة تمحيص وتفكير في معتقداته التي يصل اليها من خلال مرحلة الانكفاء على الداخل او كما يسميه بمجمله ( لاشلييه ) الانفلات المطلق . وجوهر الليبرالية يرتكز على الاهتمام بالفرد وتحرره من كل انواع السيطرة والاستبداد ، فهي الحرية التي تصاب عندها العوائق الخارجية التي تحد من قدرة الانسان عن ان يفعل ما يشاء بالشلل والاضمحلال كما يراه ( هوبز ) والعلمانية التي تعني بفتح العين او بكسرها نسبة الى العالم او الى العلم ومجملها فصل الدين عن الدولة هي صنو الليبرالية . فلا يمكن لدولة علمانية الا ان تكون ليبرالية ولا يمكن لدولة ليبرالية الا ان تكون علمانية ، وهي بهذا لا تمنع الإنسان من اعتناق أي مذهب او دين او ملة او اثنية وهي تقوم على الحياد التام وهو مايسميه ( هاليفي ) ( بالحرية الميتافيزيقية ) والليبرالية السياسية تقوم على ثلاثة اسس هي العلمانية والديمقراطية والحرية الفردية ، وفي ضوء تلك المعايير الخاصة بالأطروحات الليبرالية ، فالسؤال الذي يطرح نفسه في ضوء المستجدات ، هو هل يمكن للعراق وهو في تلك المرحلة وامام هكذا طروحات ان يكون دولة ليبرالية .؟ نرى قبل الاجابة على هذا السؤال ان نعود الى ( فوكوياما ) في كتابه ( نهاية التاريخ ) الذي يرى فيه ان هناك ترابط مهم بين الاسس الديمقراطية اليبرالية وتطور المجتمع اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وكل ما كانت للدول اسس ديمقراطية ليبرالية تاريخية كلما كانت في قمة التغير نحو بداية التاريخ ففوكوياما وهو يربط حركة الاقتصاد بالتغيرات المعاصرة يجد في مناطق الشرق الاوسط استثناءا فيقول ( ويبدو ان المنطقة الوحيدة التي تشذ عن القاعدة - ويقصد الترابط المتلازم بين المنظومة الديمقراطية اليبرالية للدولة تاريخيا وحركة تطور التاريخ في مستجداته الجديدة – هي منطقة الشرق الاوسط التي ليس لها ديمقراطيات راسخة ، فتحوي مع ذلك عدد من الدول يتمتع فيها الفرد بدخل يساوي او يفوق احيانا مستوى دخل الفرد الاوربي والآسيوي ، ويمكن تفسير ذلك بسهولة بوجود عامل النفط وان هذه الدول تتملك الحداثة دون ان تمر مجتمعاتها بالتغيرات الاجتماعية التي تنجم في العادة عن توليد هذه الثروات ) أي ان مجمل التغيرات في آلة التنظيمات الخاصة بالدولة يكون ديناميكيا يشمل الاقتصادي والاجتماعي والسياسي ، لكن مناطق الشرق الاوسط التي تتمتع بأقتصاد قوي يضاف الى موروث اجتماعي وعرفي وطقوسي اقرب الى الجمود بشكل كبير ، ففي العراق بعد سقوط النظام في 9 / 4 / 2003 وازاء العاصفة الثلجية التي اجتاحت عتبة الباب كما يرى ( كوهين ) كان المتوقع ان تحدث الالة والترسانة الامريكية مردودها الترساني الاخر غير العسكري في المجتمع العراقي الا ان المناخات التي افرزت ادران المجتمع اضافة الى الطروحات التقليدية للقوى السياسية كافة بما فيها تلك القوى التي تحسب نفسها على الاتجاهات الليبرالية العلمانية وما صادف ذلك من تفشي الطروحات الدينية التي خلت من روح الاسلام بأعتباره مبدأ اساسي ونظام حياتي الى منظومة طقوسية لا تعرف من الدين غير الشكل وهي اقرب الى العرف منها الى الدين تمازج ذلك كله مع ارث جتماعي وعشائري كان لمسحة السطلة البسيطة اثره في ترعرعه الامر الذي ادى بلجان كتابة الدستور الى وضع صيغة خاصة به في صدر الوثيقة الدستورية تمجد بالنظام العشائري . ان النظام الاشتراكي الاقتصادي الذي تبناه العراق طوال فترة الحكم البعثي الفاشستي والذي ادى مع حروب النظام ومغامراته الى ان يكون العراق بلدا فقيرا رغم غناه الاقتصادي ولكي يتحول العراق بتشكلاته التاريخية والمعاصرة لا بد للدولة ان تكون عنصر الرقابة والاشراف مع مؤسسات المجتمع المدني وتلك ركيزة اساسية من ركائز دولة القانون ومنح الافراد والشركات قدرات الحرية الفكرية والاقتصادية والاجتماعية اخذين بنظر الاعتبار المرحلة الراهنة لنشوء هكذا انظمة اقتصادية وبنشوء هذه الانظمة تحرك التكتل البشري والاقتصادي الراكد لينتج في تحركاته ومتغيراته وتشكله وتمشكله بناء نواة دولته في طريق التقدم الاقتصادي الذي سيلقي بظلاله على تطور سياسي يهتم بطروحات المرحلة ففي مرحلة نهاية التاريخ لا وجود ليسارا او يمين او سلفية او رجعية وكل ما يهم الان الارتقاء بالمجتمع ووضعه على الطريق الصحيح ، وذلك يؤمن دماء العراقيين التي تسفك بمناسبة او دون مناسبة فلا بد للعراق لا ان يحرق مراحله السابقة فحسب وانما يجب ان يتحرر من ركام سنوات كثيرة قيدته حتى عن مجاراته جيرانه ، فها هي دول الخليج التي يعتبر العراق جزءا اقتصاديا منها ويفوقها بمركزه الاستراتيجي واحتياطه النفطي تعيش من خلال ديمقراطية الليبرالية في بحبوة من العيش رغم زعاماتها الراكدة التي سيكون الزمن لها بالمرصاد ويضعها في اتون التحرك ، وحسبي ان اذكر ( كيركباترك ) مستشارة ادارة الرئيس ( ريكان ) تقول ( انه ينبغي علينا عدم تشجيع ديمقراطية في وقت تكون فيه الحكومات المؤيدة من قبلنا تصارع اعدائها من اجل البقاء ، وان الاصلاحات المفترضة بعد ذلك لا بد ان يكون فيها احداث التغير ) ذلك في عصر الرئيس ريكان ، اما بعد احداث 11 ايلول فلا بد للديمقراطية التي اكتسحت العالم وبقيادة الولايات المتحدة الامريكية وبمشروع الشرق الاوسط والذي يكون العراق فيه رهان الديمقراطية ان يجد طريقه على ارض الواقع فلا يمكن لعالم اصبح قرية صغيرة ان يسير بقدم واحدة او يحتوي في داخله معاقي الفكر نتاج الحكومات الشمولية والتسلطية ، وهاهو بعد اقراره لمسودة الدستور يستعد لبناء تشكيل نيابي تشريعي قادم وهو اساس اهدافه الديمقراطية التي سيبنى عليه الكثير .

المحامي والباحث السياسي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران تشهد انتخابات رئاسية يوم الجمعة 28 يونيو والمرشحون يتق


.. الاعتداء على داعمين لفلسطين اعتصموا بمركز تجاري بالسويد




.. تقرير حالة انعدام الأمن الغذائي: 96% من سكان غزة يواجهون مست


.. مصادر العربية: إطلاق النار في محج قلعة أثناء القبض على من سا




.. -إيرباص- تُعاني بسبب الإمداد.. والرئيس التنفيذي للشركة يتوقع