الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العصر الصهيوني وسياسة التجويع

ابتسام يوسف الطاهر

2007 / 1 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


مر خبر هجرة بعض الهنود لاسرائيل بعد اعتناقهم الديانة اليهودية ليستقروا هناك, حسب بعض الوكالات, مرور الكرام. وسط تزاحم اخبار الهجمات التي تتوالى من كل جانب ضد الشعب العراقي, واخبار الاضطراب في لبنان, وفلسطين التي لم يكتف ساستها بمحاصرة اسرائيل لهم بل صار بعضهم يمارس نضاله وشجاعته ضد المساكين, وبنفس اسلوب قتل الابرياء في العراق.
فلم ينتبهوا لوفود المهاجرين التي مازالت تتوافد على تلك البقعة الصغيرة, بالرغم من عدم استقرارالوضع الامني وبالرغم من تسبب ذلك بتشريد الفلسطينيين من قراهم.
تكاد اسرائيل ان تكون الدولة الوحيدة التي اقيمت على اساس طائفي ديني اي بمعنى اخر عنصري. فقد مارست كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة لاجبار اليهود من كل اقطار العالم للهجرة لها. بشكل قسري كما حصل ليهود الدول العربية في الاربعينات والخمسينات من القرن الماضي, بعد خلق حالة تفرقة وكره بين ابناء تلك الطائفة وبين الطوائف الاخرى بتأليبها للاعتداء على اليهود وبالتالي خلق حجة لهجرتهم لاسرائيل او التعجيل بها. وهو ما يمارس الان بين طوائف العراق.
او بشكل ترغيبي لمن يعيشوا في حالة فقر في بلدانهم المتعبة, كما هوالحال بالهند. فقد عملوا على زرع فكرة الربط بين ايمانهم بالعقيدة اليهودية وبين هجرتهم لاسرائيل، اي اقتلاع حبهم للوطن الاصلي الذي ولدوا فيه, بلد ابائهم واجدادهم.
لذا نرثي لليهود لاستغلالهم سياسيا, ومحاولة انتزاع المشاعر الوطنية منهم او الاحساس بالانتماء للوطن الذي ولدوا وتربوا به ليهجروا قسرا او ترغيبا، بناءا على مخطط سياسي امريكي بريطاني صهيوني. وبسبب ذلك يتعرض اليهود في اغلب المجتمعات للعزلة والتعامل معهم بحذر وريبة من قبل الطوائف الاخرى.
كل الدول صغرت او كبرت عبارة عن مجموعة اقوام وطوائف تعيش متآلفة في مجتمع واحد كل يمارس طقوسه وشعائره، حتى الشعوب البدائية، فيها اقوام وطوائف مختلفة. فلو جعلنا الدول وحتى المدن على اساس طائفي او عرقي لاختل التوازن الاجتماعي للشعوب وقد يؤدي ذلك لكوارث ابشع من التي نعيشها الان.
لكن الدول الكبرى مازالت تعتمد ورقة القومية والطائفية لتلعب على مشاعر بعض الاقليات, لتتمكن من السيطرة على مقدرات البلدان هذه.
يقول الخبر "وصول دفعة اولى من ابناء قبيلة هندية اعتنقت اليهودية, الى اسرائيل، وقد اعتنق هؤلاء اليهودية ليستفيدوا من قانون العودة الذي يمنح الجنسية الاسرائيلية لليهود الراغبين في العيش في اسرائيل. وتتكفل منظمة اميركية تتلقى اموالا من مسيحيين انجيليين بنفقات الرحلة والاقامة ". ويقول رئيس الجمعية انه خصص مليون ونصف المليون لهذه العملية. ويروي ايلي اياكي المسؤول في الوكالة اليهودية الصعوبات التي واجهتهم ,حيث رفضت الهند منح تأشيرات للمهاجرين. لكنهم تمكنوا من تنفيذ العملية ! ويؤكد هؤلاء الهنود انهم من نسل احد الاسباط العشر التي كانت تعيش في اسرائيل التوراتية والتي تشتت في الارض حسب التوراة اثر غزو الاشوريين عام 127 قبل الميلاد!".
المعروف ان اليهود وغيرهم يتمتعون بحرية خاصة في اوربا، فليس هناك من يهددهم بقطع رقابهم لو اعتنقوا ديانة اخرى, فالديانة لها صلة روحية بين الشخص وربه وليس من حق اي كان ان ينتزع ذلك الحق من عباد الله.
بالرغم من تلك الحرية مازالت الديانة اليهودية تحرم على الاخر اعتناق اليهودية حتى لو تزوج او تزوجت من يهودي. اي ان الديانة اليهودية مغلقة على الاقوام التي اعتنقتها .
اذن السؤال كيف سمحوا الان, لتلك المجموعة الهندية ان تعتنق اليهودية؟
لماذا تذكرت تلك القبائل يهوديتها الان.. و بعد الالاف من السنين والعقود؟ لماذا يعتنقوا اليهودية الان وكيف؟
سؤال اخر برئ يزاحم اسئلتي التي لاجواب لها، ماعلاقة المنظمة الامريكية التي تتلقى اموالا من مسيحيين! لتتبنى مصاريف رحلة اليهود الهنود؟ اليس ذلك من واجب اسرائيل؟
مرة اخرى لماذ الان؟ هل للامر علاقة باستمرار الحصار على غزة؟
واذا كانت اسرائيل او امريكا حريصين حقا على اليهود في الهند لماذا لم تساعدهم وهم في بلدهم، لماذا لم تستغل الملايين التي تصرف على رحلتهم، لتعمل لهم مشاريع يستفيدوا منها وهم امنين في قراهم دون اللجوء لترك بلدانهم وفرض الهجرة عليهم وحرمانهم من ذكرياتهم وعلاقاتهم الانسانية مع اقرانهم؟
اذن الامر سياسيا ولا علاقة له بارض الميعاد والاجداد. ففلسطين مثلها مثل كل بلدان العالم يسكنها اليهود والمسلمين والمسيحيين, على مدى العصور. اما الاقتراح بتأسيس دولة لليهود الذي تبنته الحركة الصهيونية, ودعمته بريطانيا في القرن الثامن عشر, كان في قبرص! ثم اقترحت احدى الدول الافريقية الخاضعة للاستعمار الانكليزي.
اما فلسطين فلم تكن ارضا للميعاد! الا بعد نهاية الحرب العالمية الثانية اي بعد نهاية الاستعمار البريطاني ، حيث خططوا لترك اثر منهم كما فعلوا في كل المستعمرات, وتم ذلك بانشاء قاعدة سياسية ليسيطروا من خلالها على المنطقة كلها ولكن بشكل غير مباشر، فوقع الاختيار على فلسطين لاسباب باتت معروفة وحفظت عن ظهر قلب.
لذا نقدر ان نقول ان اليهود أُستُخْدموا لتحقيق ذلك الغرض السياسي الاقتصادي حالهم حال الطوائف الاخرى التي كانت وماتزال ورقة رابحة بيد العالم القوي للسيطرة على مقدرات البلدان الضعيفة. الفارق ان اليهود بسيطرتهم على الاقتصاد العالمي وضّفوا ذلك لصالحهم وسيطروا بالتالي على القرارات السياسية لبريطانيا وامريكا ومعظم اوربا.
اذن هوعصر الهيمنة الاسرائيلية والصهيونية، لا اليهودية حتى لانظلم اليهود. فالكثير من اليهود يعارضون فكرة الدولة اليهودية ويعارضون اسرائيل. فاسرائيل ليست تلك المساحة التي يحتلها شعب الله المختار بل هي امريكا بكل ثقلها السياسي والعسكري وبريطانيا بكل عظمتها الافلة ودول اوربا بطمعها ومنافستها لامريكا. فسياسيا اغنياء اليهود الصهاينة يتحكمون بالقرار السياسي لعموم بلدان العالم القوي.
فافرغوا اغلب البلدان الفقيرة من يهودها, لزيادة حجم اليهود السكاني في اسرائيل, ويلجأوا الان لتهويد الفقراء واغرائهم للهجرة لاسرائيل للضغط على الفلسطينيين المحاصرين في قراهم التي لم تبقي منها الا بضعة اشبارا، لاجبارهم على الهجرة كما فعلوا في القرن الماضي وللان.
فهناك تجويع للشعب الهندي او الشعوب الفقيرة الاخرى لاغراءها بفكرة الرحيل لاسرائيل بعد اعتناق اليهودية.
وهنا محاصرة وتجويع للفلسطينيين, اصحاب الارض, لاجبارهم على ترك ارضهم والهجرة والتشرد في بلدان العالم!
كل هذا "والرفاق حائرون" متغافلون, يتسائلون, قائدنا من يكون؟ اويهتفون بالروح بالدم نفديك يافرعون, او القائد المجنون. واعدائهم, للشعب يحاصرون, بلا تهديد ولا وعيد يهجمون, وبصمت وبلا زعيق, للمساكين يهجرون.
مع الاعتذار للعندليب عبد الحليم.

2007








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سائقة تفقد السيطرة على شاحنة وتتدلى من جسر بعد اصطدام سيارة


.. خطة إسرائيل بشأن -ممر نتساريم- تكشف عن مشروع لإعادة تشكيل غز




.. واشنطن: بدء تسليم المساعدات الإنسانية انطلاقاً من الرصيف الب


.. مراسل الجزيرة: استشهاد فلسطينيين اثنين بقصف إسرائيلي استهدف




.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش إرهاق وإجهاد الجنود وعودة حماس إ