الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوار مع المخرج محمد الكغاط

أسبوعية المشعل المغربية

2007 / 1 / 29
مقابلات و حوارات


- ما هي حصيلتكم الأكاديمية في مجال الإخراج التلفزيوني؟
+قبل اهتمامي بمجال السمعي البصري، كانت لي ميولات فن الرسم وتحديدا في اللون التشكيلي، وكان طموحي آنذاك أن أتألق في هذا الفن وأبرز من خلاله كل طاقاتي الإبداعية إلا أنه وكما تقول الحكمة العربية (تجري الرياح بما لا تشتهي السفن)، كان لا بد لي من الحصول على شهادة لمواجهة عصب الحياة، وهذا ما حصل فعلا، حيث حصلت على شهادة واشتغلت كمهندس في الإعلاميات، إلا أن هذا لم يقف مانعا أمام عشقي للألوان وارتباطي الروحي بها، الشيء الذي خلق نوعا من التمازج بين ما هو فني في داخلي وما هو تقني معلوماتي، فتولدت عنهما اهتمامات زاوجت بين الريشة المنقوشة بداخلي وأحاسيسي الفنية، في صلب الصورة التي على شاشة جهاز الحاسوب الذي اشتغل عليه، وهكذا وجدتني أندمج بشكل تلقائي عفوي في كل ما هو سمعي بصري أو ما هو بالنسبة لي إحساسي بصري، ثم خضعت بعدها لتكوين في تقنيات الأبعاد الثلاثة والفنون البصرية، موازاة مع تقنيات أخرى أضافت قيمة تقنية فنية لرصيدي التقني، والمعرفي عموما، على مستوى الصوت والتنشيط والإخراج، كلها مراحل إعدادية لم يكن الهدف منها بالأساس إعداد مخرج تلفزيوني، لأن فكرة الإخراج لم تكن مطروحة بالنسبة لي، فقط كانت الغاية أن أتفنن في الجوانب التقنية وأختص فيها، وتمكنت بالفعل من تحقيق تقدم هائل في هذا المجال إلى أن راودتني ذات مرة فكرة كتابة فيلم قصير، عنونته بـ (البعد الآخر) وهو يعتمد على الجوانب التقنية أكثر، ويتطلب مهارات في هذا الجانب، وكانت الفكرة في البداية أن أساعد مخرجا في إنجاز هذا الفيلم في الجانب التقني، للأسف لم أعثر على مخرج يرضي فضولي الفني، فركبت أمواج التجربة حتى لا أقول المغامرة، وتمكنت إلى حد ما من تحقيق تجاوب مع الجمهور، بعد أن تم بث الجزء الأول من السلسلة عبر القناة الثانية 2M، وكانت بمثابة الخطوة الأولى في اتجاه الإخراج بالنسبة لي، بعدها مكنتني نفس القناة من إخراج أفلام تلفزية، وهكذا ولجت عالم الإخراج التلفزي.
- كيف تقيمون مستوى الإخراج التلفزيوني في المغرب؟
+ يمكن القول إن الإخراج التلفزيوني بالمغرب شابه تطور كبير، فبعد أن كان بالأمس القريب متخلفا قياسا مع الإخراج السينمائي، أصبح اليوم يعتبر أرقى بكثير من سابقه، لدرجة أصبح معها المخرجون السينمائيون، يميلون للتلفزيون، والأمثلة في هذا الباب كثيرة جدا، وهذا مؤشر إيجابي لفائدة الإبداع التلفزيوني، الذي يمس شرائح واسعة من المجتمعات الكونية، ويمكنه أن يحقق إشعاعا واسعا قياسا بالسينما حاليا، خاصة وأن فئات شابة في مجال الإخراج تبرز من خلال التلفزات المغربية، على جميع المستويات، الشيء الذي جعل من الموجة الحالية أكثر نجاعة وحضورا من سابقاتها.. بفضل العبقريات الشابة التي تسلمت المشعل التلفزيوني وعزمت على تطويره بالقدر الذي يوازي الطموحات الشعبية.
- قديما كانت التلفزات المغربية تعتمد فقط على المخرجين العاملين بها، اليوم أصبحت ملزمة بالانفتاح على طاقات شابة مؤهلة من خارج محيطها، فهل يمكن القول إن الطاقات التي قدمت من خارج المحطات هي التي ساهمت في تحقيق هذه القفزة التلفزيونية على مستوى الإخراج؟
+ هذا جانب مهم لامستموه من خلال سؤالكم، لأن المحطات التلفزية كانت تتعامل فقط مع المخرجين العاملين داخلها، إلا أنها أصبحت ملزمة بالانفتاح في ظل كثرة الطلب الذي تواجهه والذي لا يمكنها تغطيته بالاعتماد فقط على العاملين بها، لذلك أقول إنهم لم ينفتحوا بحثا عن الجودة إنما فقط لتغطية الخصاص الحاصل في دواليبها، إضافة إلى أن تكاليف العمل المنجز خارج القناة تبقى مقبولة إلى حد كبير مقارنة مع تكاليف الأعمال التي تنجز داخل القناة، بمعنى أن هذا الانفتاح لم يأت هكذا بفعل الصدفة، إنما للضرورة الملحة والمصلحة الذاتية للمحطات التلفزية، ثم إن القناة يمكنها التحكم في الإنتاجات الخارجية من خلال العقود المبرمة أكثر من تحكمها في تلك التي تشرف على إدارتها من الداخل، هذا لا يعني أن المخرجين العاملين بالمحطات التلفزية المغربية يفتقدون لملكة الإبداع، على العكس من ذلك، فهم يتمتعون بخيال واسع وكفاءات مهمة يجب استغلالها بالقدر الذي تستحقه.
- مخرجو المحطات التلفزية يهيئون أعمالا تحت الطلب، أي أن التلفزة تكلفهم بمهام يؤدونها، بخلاف العاملين خارجها، يتمتعون بحرية اختيار الأعمال وغيرها، هل لهذا الأمر تأثير على العملية الإبداعية؟
+ هذا الأمر هو تحصيل حاصل في الحقيقة، لدرجة أن بعض المخرجين غادروا القنوات وتحرروا منها بالعمل خارجها، إلا أن عملية الإخراج ترتبط أيما ارتباط برؤيا وتصور وتوجه معين، بعيدا عن التقنيات التي يستعملها لتحقيق هذه الغايات الفنية والإبداعية أي تلك اللمسات الفنية التي تمكن المتفرج من التمييز بين المخرجين والتعرف على بعضهم من خلال تلك اللمسات الفنية التي تميزهم عن باقي مخرجي العالم، أي الانفراد بطبعة أو بصمة خاصة ومميزة، هذا هو الإخراج المرتبط بالتميز، أما تحريك الصور على الشاشة فهو أمر في متناول الجميع، إخراج البرامج التلفزيونية هو الآخر أمر يعتبر ذو أهمية بالغة ويحتاج لمهارات خاصة ومميزة، وعليه فإن المخرج بإمكانه التميز في أي جنس تلفزي يشتغل عليه، وإذا لم يتحقق له هذا عليه أن يجتهد لبلوغه.
- الموجة التلفزيونية الممطاة حاليا من طرف المخرجين العرب، هي الفانتازيا التاريخية كالمسلسلات السورية وغيرها، أما الخيال العلمي فهو محط اهتمام المخرجين الغربيين، مما يؤشر على أن الخيال العربي يجرنا إلى الخلف والغربي يتطلع إلى المستقبل، فهل هذا ما تتطلعون إليه من خلال هذا الجنس التلفزيوني الذي تعتمدونه؟
+ الفانتازيا ليست مرتبطة بقوم أو دولة أو حضارة أو..أو مكان وزمان معين، هي امتداد لما قبل ظهور الإنسان نفسه، لذلك فالفانتازيا ليست ملكا أو حكرا على أمريكا أو فرنسا أو سوريا أو غيرهم، فقط هي التقنيات التي تطورت، لأجل تطويع خيالنا عبر الصورة، فالقرآن الكريم يحتوي على فانتازيا رائعة، والوصايا العشر بها فانتازيا هي الأخرى، الشيء الذي يؤكد أن الفانتازيا ليست وليدة اليوم أو الأمس فهي امتداد للزمن عبر الزمن، فقط هي التقنيات العصرية المتطورة التي تمكنت من تطوير الثقافة البصرية، وتسخيرها لشرح الخيال عبر الصورة وكأنه ثمة شيء ما يقع في الحقيقة، مع أنه مجرد خيالات تتحرك في إطار الصورة، هذا كل ما في الأمر، والخيال في عمقه مجال واسع للحرية، إذ بإمكان المرء أن يحلق بخياله كما يشاء، دون أن يمنعه أو يراقبه أحد، لذلك أجد شخصيا راحتي في فضاء هذا الخيال، وأفضل العمل في إطاره داخل أعمالي الفنية المصورة.
- إلى أي حد يمكنكم المساهمة في التربية الإنسانية من خلال هذا اللون الفني الذي تعشقونه؟
+شخصيا لي أهداف محددة داخل كل الأعمال الفنية التي قدمتها للجمهور أو التي لا تزال في طريقها إليه، ولبلوغ هذه الأهداف لا بد من توجيه رسائل قوية، قد تكون بمثابة رافعات أساسية لتحقيق الغايات والمرامي نفسها، مع التأسيس طبعا للفرجة المطلوبة والعناصر المهمة المرتبطة بها لتحقيق تجاوب إيجابي وفاعل مع الجمهور، ولا يمكن تحقيق أي هدف وأية غاية دون المرور عبر الوسائل التربوية الإنسانية العميقة، لأن الجوانب التربوية ضرورة تفرض نفسها كشرط من شروط الإبداع، وإلا فإن العمل لا طعم له بدونها.
- هناك طلب من القناة الثانية لإنجاز حلقات جديدة من سلسلة (البعد الآخر)، هل جاء هذا الطلب بناء على طلب الجمهور ... أم أن القناة أرادت تبني هذا اللون الجديد من الدراما التلفزية بالمغرب؟
+ في الحقيقة تملكنا نوع من الخوف في البداية، خاصة وأن هذا اللون التلفزيوني جديد على المبدعين المغاربة!! يمكن أن يتقبله الجمهور المغربي من الأجانب، لكن أن يتقبله من مبدع مغربي، هذا الأمر كان بالنسبة لنا امتحانا علينا القبول بجميع نتائجه إن سلبا أو إيجابا، مع أننا في الحقيقة لم نبتعد كثيرا بخيالنا عبر التلفزيون إلى مستويات عميقة، حتى لا نعمق الهوة مع الجمهور، لذلك قدمنا منتوجات أقرب إليه، مع أنها خيال، فكانت ردود فعله إيجابية إلى حد كبير جدا، الشيء الذي أكدته دعوة 2M لنا بالاستمرار في إنتاج هذه السلسلة، واعتبرناه أيضا اجتيازا ميمونا للامتحان ونقطة حسنة تحفزنا على تطوير عطائنا والاجتهاد أكثر في تقديم الأجود والأفيد في الآن نفسه.
- لماذا 20 دقيقة وليس ساعة أو ساعة وربع؟
+ لم يسبق أن طرح علي هذا السؤال، لكني كنت أطرحه مع نفسي لأكثر من مرة، لكن الجواب عنه يرتبط في الحقيقة بقيمة الدعم المقترح لإنجاز حلقات السلسلة، لأن هذا النوع من السلسلات يحتاج إلى ميزانيات ضخمة، ثم لأن الاشتغال عليه يتم بالطريقة الأمريكية من الناحية التقنية، وعلى نفس المقاييس، فقط هي الظروف المادية والمعنوية تختلف، لأنه بدعم مغربي لا يمكنك أن تتجاوز المسافة الزمنية بين 20 و 25 دقيقة ومع ذلك فإن الميزانية التي اشتغلنا بها كانت ستؤثر على ملامح السلسة لو لا أني متمكن من أدواتي وأجيد تطويع الوسائل التقنية، هكذا فإن المساحة الزمنية لحلقات السلسلة تبقى رهينة بقيمة الدعم المرصود للسلسلة من طرف القناة الثانية، والآن نحن نشتغل في إطار ورشة أو خلية للكتابة تتكون من ستة عناصر أشرف عليها لأجل كتابة سيناريوهات الحلقات المقبلة من سلسلة (البعد الآخر).
- كيف تعاملتم مع الممثلين المغاربة في هذا اللون الجديد، ألم تواجهوا مشاكل بهذا الخصوص، خاصة وأن أغلبهم لا يتوفر على تكوين أكاديمي؟
+الممثل المغربي يمكن احترامه لخاصية الاجتهاد فيه، لأنه يكابد من أجل البروز بوجه لائق في غياب عدة شروط أساسية، أما بخصوص تعاملي أو تعاملنا داخل سلسلة (البعد الآخر)، كان في البداية نوع من التخوف من طرف بعضهم من هذا اللون الجديد عليهم، لأنهم كانوا يجهلون المطلوب منهم، وقد لاحظتم من خلال هذا الجزء من السلسلة أني تعاملت مع العديد من الممثلين المغاربة من مختلف الأجيال الفنية، لتعميم الاستفادة من التعامل مع هذا اللون من السلسلات، وللحقيقة أشهد أنهم كانوا في المستوى المطلوب، وتجاوبوا بشكل خاطف مع المعاني العميقة التي تحملها السلسلة وتوفقوا في إيصالها للجمهور المغربي على الوجه الأحسن.
- نلاحظ في كثير من الأعمال الفنية المغربية تواجد رشيد الوالي وحنان الإبراهيمي، وغالبا ما يكون تواجد هذه الأخيرة على سبيل الاستئناس، والدليل أنها في إحدى حلقات ( البعد الآخر) كان دورها، أن ظهرت أمام الكاميرات تحمل قفصا به عصفور ولم تظهر بعد ذلك، هل يعني هذا أن هناك جهات تفرضها أو تفرضهما معا على المخرجين المغاربة؟
+ الحقيقة أن رشيد الوالي هو صديق قبل كل شيء، وكذلك حنان، وقد سبق أن اشتغلت معهما في أول عمل لي مع التلفزيون ( أصدقاء من كندا) ومن طبعي أن أحافظ على الصداقات، لذلك اشتغلت معها في (البعد الآخر) هذا كل ما في الأمر، أما عن كونهما اجتمعا في أعمال أخرى فلن أفيدك في الجواب عن ذلك، ولا عن الجهة التي وراء هذا الجمع، لأني في الحقيقة لا علم لي بهذا، المهم أني أتعامل مع جميع الممثلين المغاربة على قدر من المساواة واحترمهم جميعا، وأن الذي لم أتمكن من إدراج اسمه في الحلقات السابقة، يمكن أن يكون له نصيب في ما هو آت.
- ما هي مشاريعكم الفنية المستقبلية خارج (البعد الآخر)؟
+ أنا بصدد التهييء لإخراج فيلم سينمائي يمكن أن أخلق من خلاله المفاجأة، كوني سأعتمد فيه أساليب جديدة، تؤكد بالفعل ماذا يمكن أن تحققه الطاقة الإبداعية الوطنية في المجال السينمائي لأضع من خلالها محمد الكغاط في المكانة التي يستحقها فعلا داخل الحقل الفني المغربي.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرئيس الروسي يؤدي اليمين الدستورية ويتعهد بوضع مصالح روسيا


.. مشاهد توثق لحظة إصابة صاروخ لمبنى بمستوطنة المطلة جنوب لبنان




.. 7 شهداء و14 مصابا في قصف إسرائيلي استهدف شقة سكنية في حي الز


.. الأردن يحذر من تداعيات اقتحام إسرائيل لمدينة رفح




.. أمريكا تفتح تحقيقا مع شركة بوينغ بعد اتهامها بالتزوير