الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحالة الراهنة للقارىء والكتاب في الاراضي الفلسطينية

عماد صلاح الدين

2007 / 1 / 26
القضية الفلسطينية


لايمكن كقاعدة علمية عامة في التفكير الإنساني أن ننظر إلي الأشياء أو إلى تفصيلة أو جزء معين بمعزل عن إطاره الكلي المتكامل وبالتحديد الأساس والعنصر الجوهر في قيام الكل المتكامل في سياق النظر إليه لتشخيصه ومعرفة مدى صحته أو سقمه أو غير ذلك من التوصيفات الناتجة عن عملية التشخيص والتبقيش العلمي نفسها ، إلا إذا تعلق الأمر بالتفصيلة أو الجزئية ذاتها كنتيجة لعرض أو طارئ أصابها فعندئذ من الممكن النظر إليها بمعزل عن الكل مع عدم تناسيه مطلقا وهذا استثناء في التفكير العلمي لا يقاس عليه كقاعدة علمية عامة.

على أية حال ، في موضوعنا المعنون أعلاه، لاشك أن الأمم أو الشعوب حينما تصاب بالانحلال والانهيار الأخلاقي وما يتمخض عن ذلك من انهيار مادي في مختلف جوانب الحياة الإنسانية لتلك الأمة أو ذلك الشعب ، ومن بين واهم المجالات التي تصاب في سياق هذا الانحلال والانهيار هو المجال العلمي والمعرفي والثقافي الأساس الأول والمكين المستند إلى البعد الأخلاقي في عملية بناء الشعوب والأمم وتطورها وبالتالي بقائها حية فاعلة في الزمن الذي توجد فيه .

تعرضت الأمة العربية والإسلامية حالة انهيار وانحلال واضحين منذ أكثر من قرنين من الزمان إن يزيد نتيجة عوامل ذاتية في الإحساس وأخرى موضوعية متدخلة ومفروضة كالاحتلال والسيطرة الكولونيالية منذ أواسط القرن التاسع عشر ، وكانت فلسطين ضحية كجزء من هذا الجسم العربي والإسلامي المنهار والمنحل لتكون الجغرافيا الإستراتيجية لأداتهم الاحتلالية الكيان الصهيوني في تحقيق جشعهم ونهمهم الاستعماري في المنطقة العربية على وجه الخصوص .

في الحالة الفلسطينية الراهنة، وبالتحديد بعد فوز حركة حماس في الانتخابات الأخيرة، اشتد الصراع المنهجي المتعلق بالبرنامج السياسي لحماس والحكومة التي تقودها ومابين الفئة التي اختطفت حركة فتح وتتبنى برنامج سياسي مقبول أمريكا وإسرائيليا ودون الحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية ، ولذلك فرض الحصار على الشعب الفلسطيني والحكومة من قبل ما يسمى بالمجتمع الدولي بالتعاون مع تلك الفئة المتنفذة والخاطفة لحركة فتح ، وفي خضم هذه المعادلة يخضع الآن الشعب الفلسطيني لحالة من التجويع والحصار أثرت على كافة مناحي حياته وبالتالي فان الإنسان الفلسطيني بات يبحث عن الأساسيات لابل عن الحد الأدنى منها من اجل غريزة البقاء الإنساني فيه ، ولذلك فالسؤال عن حالة القراء والكتاب وعن حالة التفاعل بينهما ومدى الإقدام أو الإحجام على- عن قراءة الكتب أو استعارتها أو شرائها بظني أن الظروف الراهنة لاشك أنها أثرت سلبا في هذا الاتجاه ، إن أردنا أن نتحدث عن القراء والعلاقة مع الكتاب ربما يتبادر الذهن، إلى حدما، إلى فئة المفكرين والمثقفين أنفسهم ، أنا شخصيا ككاتب وباحث اشعر أحيانا أنني اكتب للمثقفين أو النخب ، فالناس أو العوام جل اهتمامهم هو كيف يدبرون لقمة خبزهم وعيشهم ولدينا مثل عامي متداول للتنفير من الثقافة العامة وبالتحديد الجانب السياسي منها إذ يقول هذا المثل " السياسة تياسة " في معرض تعبيرهم عن أن اتجاههم " الناس " ينصرف إلى أمور أخرى .

صحيح وكما أسلفنا الحديث ،أن الظروف الاقتصادية أو الأمنية أو السياسية كالذي تشهده الأراضي الفلسطينية من حالة اقتتال وتناحر داخليين بين الفينة والأخرى ، كلها ظروف تضرب سلبا تجاه الحالة الثقافية والتعليمية بشكل عام وحتى تجاه اهتمام الناس بالشأن السياسي الوطني والبحث عن الخلاص الوطني من خلال تبني الروية الحقيقية المؤدية إلى ذلك ، لكن المشكلة تكمن وعبر تاريخ النضال الفلسطيني بغياب القيادة الثورية الأخلاقية الواعية بمقتضيات الصراع ومتطلباته ، فحين تكون القيادة الوطنية في جلها إما أن تتصف بالذاتية والأنانية وإما أخرى تتصف بحالة عدم الوعي والإدراك والتردد والوجل من الإقدام على اتخاذ ما هو صحيح ويخدم القضية ، كيف لك بعد ذلك أن تتحدث عن الوعي الجماهيري وإقباله بالتالي على المعرفة والتثقيف والاهتمام بقضايا الوطن من منظور علمي واع ، المأساة انه في ظل قيادات ذاتية وشخصانية سهلت عملية تتبيعها وتطبيعها للمحتل ورعاته ، وكذلك في طل وجود قيادة من الناحية الطبقية هي تنتمي إلى الطبقة المستقرة بالمعنى المادي العام وبالتالي هي تقيس الأمور من منظارها الذاتي وكأنها تحسبه عاما يتعلق بعموم الشعب مع أنها أي هذه القيادة ليست ذاتية أو شخصانية " اقصد حركة حماس" ، وبالتالي نجد أن الأخيرة من خلال قياداتها تصاب بحالة من التردد وعدم الحسم، فكيف باتري يجوز من الناحية العلمية والدينية والأخلاقية أن نسمي الذي يجاهر ليل نهار بالتفريط بالحقوق الوطنية على انه الأخ أبو فلان أو ابوعلان وكأنه شريك في النضال الوطني أو التحرري ، أليس هذا تضليل للشعب وحرفه عن المسار الوطني المطلوب ؟!، لذلك ليس من الغريب أن يلتف حول السيد محمد دحلان الآلاف المؤلفة من الفلسطينيين .

نعم، إن عدم وجود القيادة الثورية والأخلاقية الحاسمة مع الجميع حتى مع أهل البيت تورث الناس التضليل والإحباط والنفور من كل شيء حتى من الإقبال على ماء حياة وتطور المجتمعات، وهو العلم والمعرفة والثقافة الوطنية المطلوبة للوعي والإدراك بمتطلبات الانعتاق من نير الظلم والجهل والاحتلال.
ليس غريبا والوضع المذكور آنفا ، أن نجد الأكاديميين وأساتذة الجامعات يقومون فقط وفقط بإلقاء المحاضرات الأكاديمية من خلال "الكتاتيب" التي حفظوها عن ظهر قلب بفعل "التكرار الذي يعلم الشطار" كما يقولون ، الغالبية العظمى من أساتذة الجامعات الفلسطينية وحتى أولئك المتخصصون في المعارف الإنسانية لاعلاقة لهم بالشأن العام ، الكادر الأكاديمي في قسم العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية، لا أكاد اسمع عن مؤلفات أو دراسات أو مقالات أحد منهم باستثناء الناشط السياسي البروفيسور عبد الستار قاسم ،وربما اسمع عن واحد أو اثنين آخرين من نفس الكادر المذكور على ذكر أغنية " زوروني كل سنة مرة"والأمر ينطبق على أقسام أخرى مثل القانون والصحافة.

الاحتلال والحصار والخلافات السياسية عوائق أمام تطور المعرفة العامة للناس ، لكن من الممكن جدا مواجهتها عبر القيادة الواعية والحاسمة التي شعارها : الفتنة نائمة اقتلوها ،وليس كما هو رائج للأسف "لعن الله من يوقظها" ، حماس في الفترة الأخيرة نراها قد وعت إلى حد ما هذه الحقيقة بمحاولة الوقوف في وجه
أولئك الذين يتاجرون بالوطن ،خشية منها على الشعب من أن يصاب بالتضليل فلا يعرف الحق من الباطل .
كاتب وباحث في مؤسسة التضامن الدولي لحقوق الإنسان – نابلس

25 – 1 – 2007









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رهان ماكرون بحل البرلمان وانتخاب غيره أصبح على المحك بعد نتا


.. نتنياهو: سنواصل الحرب على غزة حتى هزيمة حماس بشكل كامل وإطلا




.. تساؤلات بشأن استمرار بايدن بالسباق الرئاسي بعد أداءه الضعيف


.. نتائج أولية.. الغزواني يفوز بفترة جديدة بانتخابات موريتانيا|




.. وزير الدفاع الإسرائيلي: سنواصل الحرب حتى تعجز حماس عن إعادة