الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الى الاخ كاظم حبيب - ملاحظات حول كتاب اليهود والمواطنة العراقية

حسقيل قوجمان

2007 / 1 / 26
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


الى الاخ كاظم حبيب
تحية عطرة
حصلت مؤخرا على كتابك حول يهود العراق. وبدأت في قراءته وحين بلغت في قراءته نحو ستين او سبعين صفحة رأيت ان من واجبي ان ابدي بعض الملاحظات حول ما جاء فيه حتى قبل الانتهاء من قراءته. ان الكتاب قيم احتوى على الكثير من المعلومات التي لا اعرفها وقد استفدت من الكثير من الكتاب اليهود وغير اليهود حول الموضوع. ولكني اشعر بان هناك شيء من التحيز لصالح اليهود في الموضوع اذ ان الاقليات لها جوانبها الايجابية وجوانبها السلبية وليس من العدل التركيز على الجوانب السلبية للاغلبية وتحاشي ذكر الجوانب السلبية للاقليات. وساواصل قراءة الكتاب للاستفادة منه.
كتبت عن عائلة ساسون معلم وولديه عزت وصالح باعتبارهما عائلة ملاكين اشتغلت في الزراعة. ولكن مشكلة هذه العائلة الرئيسية كانت معمل الطابوق الذي يقدر ثمنه باكثر من عشرة ملايين دينار انذاك. فقد كان لهذه العائلة معمل للطابوق في الديوانية. وقامت حكومة البعث باعتقال صالح وشريك ثالث ثم فاوضت عزت وخيرته بين ان يختار حياة اخيه لقاء التنازل عن المعمل او ان يختار المحافظة على المعمل وان يفقد اخاه. فكان من الطبيعي ان يختار عزت حياة اخيه وان يتنازل مضطرا عن ملكية المعمل. وقد استمرت المضايقات على هذه العائلة لغرض اغتصاب ما تبقى لهم من ثروة الى ان اضطروا الى الهرب الى ايران تاركين كل شيء وراءهم.
وعلى ذكر عائلة ساسون معلم التي مارست الزراعة كانت هناك عائلة اخرى لا تقل عن هذه العائلة اهمية ان لم تفقها. هذه العائلة هي عائلة خلاصجي المكونة من ثلاثة اخوة هم الياهو ونسيم ومنشي. كان هؤلاء شيوخا اقطاعيين لهم ملكيات واسعة مركزهم الشامية وكانت لهم مضائفهم مثل سائر شيوخ الاقطاع. وقد قتل منشي في انقلاب رشيد عالي الكيلاني. ان الاخ الاكبر الياهو لم يخلف ولكن اولاد الاخوين الاخرين ما زالوا احياء يعيشون هنا في بريطانيا. عمل هؤلاء بالدرجة الرئيسية في زراعة الشلب وكان افخر الرز العنبر في العراق يسمى "تمن خلاصجي".
ذكرت عن بعض الادباء اليهود مثل انور شاؤول ومئير بصري الذي كان سنوات عديدة سكرتير غرفة تجارة بغداد ورئيس تحرير مجلتها. وذكرت الدكتور سلمان درويش وكتابه ولكنك لم تذكر اخاه شالوم درويش. كان شالوم درويش من مشاهير كتاب القصة القصيرة وله مجموعات منها وكان مركزه في الوسط الادبي اكبر كثيرا من اخيه سلمان. (بعد مواصلة القراءة في الكتاب رأيت ذكرا لشالوم درويش بعد اخيه سلمان درويش وفيه اشارة الى انه كتب بعض القصص).
انك وقعت في فخ سليمة باشا كما وقع الكثير من الكتاب قبلك. فقد قال الكثير من الكتاب ان سليمة منحت لقب الباشا تقديرا لفنها وهذا غير صحيح اطلاقا. من المعروف ان لقب الباشا هو لقب رجالي ولم يعرف عن امرأة منحت لقب باشا. ومن المعروف ايضا ان الحكومة العراقية لم تقم بمنح القاب الباشا والبك كما كان الحال في مصر. والحقيقة هي ان باشا هو اسم عائلة سليمة مراد. فابوها هو مراد باشا. واختها رجينة باشا بقيت بهذا الاسم حتى وجدت مقتولة في غرفتها سنة ۱٩۳۳ . وبهذه المناسبة اذكر ان رجينة باشا كانت لها سيارة طبق الاصل مثل سيارة الملك غازي. وكان الملك غازي يسافر في شارع الرشيد في سيارته خالية من البهرجة المالوفة لدى الملوك والشخصيات البارزة. وحين كانت تمر السيارة في شارع الرشيد لم يكن الناس يعرفون اذا كانت سيارة الملك غازي ام سيارة رجينة باشا. والحقيقة هي ان سليمة كانت سليمة باشا منذ بدء ممارستها الغناء فنالت شهرة بهذا الاسم وكانت كل اسطواناتها القديمة باسم سليمة باشا. ولكن ما حدث في اواسط الثلاثينات هو ان الناس اخذوا يتحدثون عن نوري السعيد بالباشا، قال الباشا وجاء الباشا وسافر الباشا. اصبحت كلمة الباشا مرادفة لنوري السعيد. وحينئذ طلب نوري السعيد من سليمة ان تغير اسمها من سليمة باشا الى سليمة مراد فاشتهرت منذ اواسط الثلاثينات باسم سليمة مراد. ولو انها منحت لقب الباشا لكان الامر بالعكس، كانت ستبدا كسليمة مراد ثم تصبح سليمة باشا بلقبها الجديد.
حول دور الموسيقيين اليهود في الموسيقى العراقية لم يعبر كلامك عن حقيقة هذا الدور. ففي جميع البلدان كان بعض الموسيقيين اليهود يبرزون الى جانب غيرهم من الموسيقيين. فكان في مصر مثلا داوود حسني الذي لحن عددا من اغاني ام كلثوم القديمة وزكي مراد والد الفنانة ليلى مراد الى جانب عدد كبير من الموسيقيين الاخرين غير اليهود. اما في العراق فدور الموسيقيين اليهود كان اكثر من ذلك بكثير. لان عازفي الموسيقى في العراق كانوا كلهم يهود حتى اواخر الاربعينيات من القرن الماضي. ففي بغداد مثلا كان جوق الاذاعة كله من اليهود عدا حسين ضابط الايقاع المشهور. ولم يكن في كل ملاهي بغداد سوى عازف عود واحد غير يهودي وهو سوري اسمه صليبا القطريب كان ضمن الجوق الذي كان يعمل مع سليمة مراد. هناك ليلتان في السنة لا يعزف اليهود فيها لاسباب دينية. وفي هاتين الليلتين لم تكن هناك موسيقى حية في الاذاعة وكانت ملاهي بغداد كلها تقفل فيهما.
لم يكن صالح الكويتي وداوود الكويتي ضمن الوفد العراقي مع القبانجي في مؤتمر القاهرة ولو كانا عضوين في الوفد الموسيقي لما كان للوفد العراقي هذا التقدير الكبير نظرا الى ان في مصر والبلاد العربية الاخرى عشرات من مثل صالح الكويتي وداوود الكويتي. فصالح الكويتي كان يسمى انذاك في العراق سامي شوا العراق. ان الذي ادهش جميع المشتركين في المؤتمر من عرب واوروبيين مستشرقين والجمهور كان مقامات محمد القبانجي وعازفا الجالغي العراقي صالح شميل عازف الكمانة جوزة ويوسف بتو عازف السنطور. فلم يكن العالم العربي يعرف شيئا عن المقام العراقي وعن هذا الفن العالي ولذلك كان مفاجأة للجميع. هؤلاء الثلاثة هم الذين رفعوا مكانة الوفد العراقي الى القمة. وقد سمعت يوسف بتو يتفاخر بان فاروق صعد الى المسرح وغطى السنطور بمنديل وطلب من يوسف بتو ان يعزف من على المنديل فعزف بنفس المهارة، ولا ادري كم من الصدق في هذه القصة ولكن يوسف بتو كان يقصها في جميع الحفلات التي رايتها. ورافقهما عازف القانون يوسف زعرور وعازف العود عزرا هارون واثنان من عازفي الايقاع وكلهم يهود.
لا اعرف شيئا عن مجالس مناحيم دانيئيل او ابنه عزرا او غيره من اعيان واغنياء اليهود اولا لاني كنت مراهقا في تلك الفترة وثانيا لان لا مكان للعناصر الفقيرة والمتوسطة في مثل هذه المجالس. ولكن ما كتبته عن مجلس الحاخام ساسون خضوري، رئيس الطائفة اليهودية، لا اساس له من الصحة. لم يكن هذا المجلس مجلسا ثقافيا او ادبيا او شعريا او اقتصاديا او اجتماعيا باي شكل من الاشكال. كان هذا المجلس يدعى المجلس الجسماني وهو حكومة مصغرة تدير شؤون الطائفة اليهودية. هي التي تعين مدراء ومدرسي المدارس اليهودية وهي التي تعين المسؤولين عن دور العبادة وهي التي تعين المحكمة الشرعية وهي التي تعين الاشخاص الذين لهم حق العمل كمحامين في هذه المحكمة ولو انهم لا علاقة لهم بمهنة المحاماة وهي التي تدير شؤون مستشفى مئير الياس ومستشفى لورا خضوري ومدرسة مؤاساة العميان. وهي الممثل الرسمي للطائفة اليهودية لدى الحكومات القائمة سلبا وايجابا. وكان لابد ان تكون لهذه المؤسسة مدخولات وموارد تجعل بامكانها ان تقوم بهذه المهام كلها. اعتقد ان الحكومات العراقية كانت تخصص للمؤسسة مبالغ من الميزانية العراقية. ولكن مدخولاتها الاساسية كانت من الضرائب التي تفرضها على كل فرد يهودي. اهم هذه الضرائب كانت ضريبة اللحوم. فاليهود لاسباب تبدو كأنها دينية لم يأكلوا اللحوم الا اذا كانت مذبوحة ذبحا يهوديا. ولم تكن تفاصيل الذبح اليهودي تختلف عن تفاصيل الذبح الاسلامي الحلال. اعرف ذلك لان اخي كان بيطار لواء الديوانية خمسة عشر عاما وكان بصفته هذه المشرف على الذبح الاسلامي في اللواء. وقد قارن بين تفاصيل الذبح اليهودي والذبح الاسلامي فلم يجد فرقا. واعتقد ان الفرق الوحيد هو طريقة تحريك سكين الذبح لان هذه الحركة هي من اهم قواعد الذبح اليهودي. اركز على هذه الضريبة لانها كانت اشد الضرائب اجحافا وتمس كل يهودي مهما كان فقيرا. ان عائلتنا نموذج لهذا الاجحاف. كنت مسؤولا عن بقية العائلة بعد ان تزوج اخواني واخواتي الكبار وانفصلوا عن العائلة. وكنت انذاك مدرسا في احدى المدارس اليهودية. كان راتبنا الشهري ستة دنانير بينما كان مدرس الابتدائية في المدارس الحكومية يتقاضى ثمانية دنانير شهريا. وكان علي ان اعيل ستة اشخاص. كنت احاول ان احصل على بعض الاضافات عن طريق التدريس الخصوصي. كان مستوانا المعاشي في هذه الفترة دون مستوى الفقر. كنا عائلة غير متدينة ولم يكن يهمنا ان نأكل اللحم اليهودي او غيره. الا والدتي ووالدي فهما لم يأكلا الا اللحم اليهودي. وكانت والدتي تعرف اننا لا نهتم بذلك فاخذت مني وعدا بان لا اخدعها فوعدتها ولم اخلف الوعد بتاتا. فكانت تطبخ لنا اللحم الذي نشتريه من القصابين المسلمين في اوان منفردة ولا تذوقه. كان القصابان متجاورين فاحدهما يهودي وجاره قصاب مسلم. وكنت اشتري ربع كيلوغرام من اللحم من القصاب اليهودي بثمانين فلسا واشتري كيلوغراما من القصاب المسلم بثمانين فلسا اي ان سعر اللحم اليهودي اربعة اضعاف سعر اللحم المسلم. كانت هذه الضريبة عبئا ثقيلا على اليهود بصرف النظر عما اذا كانوا اغنياء ام فقراء. واذكر في اواسط الثلاثينات من القرن الماضي حين كنت صبيا قامت مظاهرات يهودية بحتة في جميع المحلات اليهودية كحنون الكبير وحنون الصغير وابو سيفين ويانكيجة وابو السعد وابو دودو وغيرها من المحلات تطالب بسقوط الحاخام ساسون وانتخاب رئيس طائفة اخر بدلا منه احتجاجا على رفع اسعار اللحم.
جاء في فقرة مقتبسة من مقال لي في الحوار المتمدن ان مهرجان برلين كان في عطلة سنة ۱٩۳٦ والحقيقة هي ان مهرجان برلين كان سنة في اوج نشاط نادي غروبا.
كان معنا في نقرة السلمان سجين يهودي من مدينة اربيل اسمه شوعا مخلوف. وهذا الشخص قص علينا حادثا كان هو شاهد عيان له. سافر الملك فيصل الاول الى اربيل قبل وفاته. ولم تكن في اربيل قصور ملكية او اي مكان يليق ببقاء الملك فيصل فنزل ضيفا في افخم دار في اربيل هو دار رئيس الطائفة اليهودية. ورئيس الطائفة هو عم شوعا مخلوف. وفي مناسبة حين كانت العائلة مع الملك فيصل على مائدة العشاء سأل رئيس الطائفة الملك فيصل عن مصير يهود العراق فاجابه الملك فيصل بسيطة نرسلكم الى فلسطين ونجيء بالفلسطينيين الى العراق. وفي مقابلة تلفزيونية معي اشترك مئير بصري تلفونيا ومما قاله انه حين كان رئيسا للطائفة اليهودية في العراق ارسل رسالة الى ثاجر رئيسة وزراء بريطانية انذاك يعاتبها فيها قائلا كان الاتفاق تسفير يهود العراق الى فلسطين وتسفير النلسطينيين الى العراق وقد تم الجزء الاول من الاتفاق فسفر يهود العراق الى فلسطين ولكن لم يجر تسفير الفلسطينيين الى العراق.
هذه ملاحظات ارجو ان تكون ذات فائدة في بحوثك المقبلة
مع تحياتي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ارجو المساعدة من اخوتي العراقين الطيبين
دافيد ان والدتي هي ابنت عزرا مناحيم ( 2012 / 2 / 17 - 11:48 )
انا ديفد امي سليمة عزرا مناحيم دانيال
وانا اتشرف بكل كلمة قالت بحق اسرتي نعم نحن يهود لاكن تعلمنا عراقيتنا في قلوبنا
اخواني ممكن اعرف كيف استرد املاكنا التي نهبت مننا
وكيف انا الان اسكن الدنمارك كبلد لي لاكن العراق بقلبي
ارجو من كل طيب عراقي ان يفيدني
تقبلو تحياتي
اليهودي العراقي
ديفد

اخر الافلام

.. نسبة مشاركة -قياسية- في الدورة الثانية من انتخابات فرنسا الت


.. لحظة اصطدام طائرة بالأرض أثناء هبوطها




.. حمدوك لسكاي نيوز عربية: لا وجود لحل عسكري للأزمة السودانية


.. قصف إسرائيلي عنيف جنوب لبنان.. وحزب الله يستهدف قاعدة بطبريا




.. حمدوك: تنسيقية تقدم السودانية ليست واجهة لقوات الدعم السريع