الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التصوف السياسي وغراء الاحتلال

ناظم الديراوي
(Nazim Al-Deirawy)

2007 / 1 / 26
الارهاب, الحرب والسلام


د.ناظم الديراوي
لم يألف السلوك السياسي(التأويلي)الديني والدنيوي في تأريخ العراق المعاصر،على المستويين الرسمي والشعبي،مشهداً أكثرَ تعقيداً و هَلهَلةً في بُنيته وآلية عمله،مثلما هو عليه الآن.إذ غدا التداخُل الهش والتناقض الحاد في بناءِ كُتلهِ الدينية والطائفية-السياسية والانعزالية "المُتَطوطحة" السمة المُميزة لهذا التشاكل المركب الغارق في تيه هيام المواقع المُختارة والتعالي على والإرث السمح والإصابة السياسية،التي لم يَعُدْ لها كياسة عند(سدنة)عراق اليوم،ولمط اللثام عن"شرعنة"الحرام وآلام العوام..!فالعقائدي الثوري لا يتردد في إشهار تحالفه الغير مُتكافئ مع المضادين له،أيديولوجياً و(براغماتياً)،والمروجين ودون وجل،لسياسة الهيمنة الأمريكية الهوجاء؛سياسة الاستحواذ على مقدرات وثروات شعب العراق - التي لم يتمتع بها،رغم غنائها اللامحدود،من نكوص وطيش وجحود حكامه وعزوف النخب السياسية الليبرالية والدينية عن متاع الدنيا ومغامرات ومغريات السلطة.فالرفض واللوم عن بُعد أقل مساً بطهارة النخب المبالغ فيها،فكراً وسلوكاً،من التماس المباشر بالراعي والرعية والتقوقع في دائرة الفكر السياسي الناشد للصوفية المعتزلة عن أحوال العامة وتركها ورثة مباحة بيد الحاكم الجاهل بملزمات الدين والدنيا- ونهب كنوزه الحضارية وتدمير الأقداس الدينية،وفك وحدته وزرع الشقاق بين أبنائه لضرب عروة الوطنية العراقية.وكأن مُنظري اليسار الثوري الجديد اكتشفوا،وبعدَ تجربة نضالية - تعاملية شاقة مع حلفاء اليوم- أعداء الأمس،أصحاب اليقين السياسي البيوريتاني- الصهيوني،أن مناخ (الفسيفساء السياسية)الشاحب في بلاد الرافدين هو الأكثر ملائمةً لتطبيق أحد قوانين الجدل الماركسي الثلاثة؛وحدة وصراع الأضداد.!ولتُذر حرية العراق وسعادة شعبه في مهب الريح..!ويصرُ ذاك المُعتصِمُ بحبلِ اللّه وبحصته في الخمس والزكاةِ والمواظب،على الدوام،في لفِ عمامته وتسريح لحيته وتطييب جُبته وتقليم أظافره،الموالي على مضضٍ للجارة الماسكة باقتدارٍ رَسَن العراقِ،على مواصلة الغزل مع قوات الاحتلال والنهب التي تُدنسُ،كُلَّ يوم،مراقِدَ الأنبياءِ والأئمةِ والأوصياءِ،ولا تكف عن صياغة الخطط وحبك المؤامرات الجهنمية لتوجيه ضربة موجعة للجمهورية الإسلامية من أراضي مُدن عراقية واقعة تحت النفوذ المذهبي والانعزالي السياسي-المسلح لمن آوَتهم سلطات الجوار وأطعمتهم من جوعِ وأَمنتهم من خوفٍ وصرفت عليهم من مال الله ومال الشيطان..!وصنعت منهم ما صنعت الآن..!وثمةَ وشائج مُتداخلة بين أعداء الأمس،"الأعدقاء"اليوم،الذينَ يرابطون عند قضية لم يبت فيها الفقه المجتهد بعد.!ويفهمها كل واحد منهم على هواه.!قضية مناهضة الاحتلال الأمريكي البشع بالوسائل المُتاحة استناداً إلى مبدأ حق الشعوب في مكافحة المُستَعمِر و تحرير أراضيها بكل الوسائل بما فيها الكفاح المُسلح...
ولا تتوانى جارة تتعرضُ،هي الأُخرى،لاستفزازات و تحرشات قوات الاحتلال المسعورة،ولعمري لن يستتب ويَسْكُن أمن العراقيين دون رضائها.إذ تشابكت شُعيرات مصالحها الوطنية والدينية مع نسيج الشعب العراقي كتشابك مكونات خَيط بيت العنكبوتِ الرقيق.،لا تتوانى في التنسيق مع أطرافٍ بدت وكأنها تعبثُ بمصالِحِها،وتوجهُ يومياً ضربات مؤلمة لِمن يوالي تلك الجارة المُحَنكة وعدوها اللدود في آن معا..!
ولا تتورع حفنة شللية انعزالية في تركيبتها العرقية مُتقوقعة في مدها الحضاري،مُطيعة حد الإذلال لقوات البغي والإجرام وحلفائها المنبوذين عربياً وإسلامياً،في السعي لِسَفِ صلات معَ أطراف،ارتكبَ المنعزلون بِحقهم أَبشع الجرائم في الأشهر الأولى من الغزو الأمريكي الغاشم للأراضي العراقية،وَ بَلغت شهيةُ القتلِ بالقيادةِ الانعزاليةِ حداً(جحفلت) فيه زمر الرعاع الهمج،المُحابية للغُلاة الصهاينة العابثين بالمقدسات الإسلامية والمسيحية في أرض القيامة والأقصى للانتقام من الآمنين بحجة ولائِهم لنظام الطاغية صدام،وَلولا الموقف الصارم لدولة إسلامية جارة،حليفة لأمريكا،لسالتْ أنهارٌ من دماء العراقيين - الطيبين الأبرياء وَ لأُبيحتْ حرمة الضرائر و الحرائر،فالهمج لا يباهون إِلا بالقتلِ والنهبِ والاغتصابِ..!والحق؛أن أبناء تلك القبائل،التي حمت أفخاذ منها النظام المنهار،لم يسلموا،هم أيضاً،من بطش وتنكيل أجهزته المُتفننة في قتل وإرهاب وتشريد الأبرياء وإباحة المنكر والفحشاء.والمَصيبة أن هؤلاء القتلة لازالوا يمارسون،دون رادع،ذات المهنة في أجهزة النظام الحالي من دهوك إلى سفوان..!يا لها من مُفارقة..!
وحتى هذه اللحظة لا تكف قوات الاحتلال الأمريكي- البريطاني الهمجية-التي أباحت إبادة وتشريد المُسالمين و نهب ثروات العراقيين حاضني مهد الحضارات والديانات السماوية،واجتهدتْ في قَتلِ وجرح مئات الآلاف من العراقيين وشردتْ الملايين من ديارهم آوتهم دول الجوار، ولاحقت كُلّ ذي عقلٍ سليم،وبهذا أَدخلت،ومن جديد،الحزن والأسى إلى بيت كُلّ عراقي- ومن يُساق في ركابها من رجال دين و(قومجين) وانعزاليين-عرقيين ويساريين وانتهازيين ومُتَحَذلقين يتزاحمون بخنوع للعقِ ما فَضِلَ من قصعةِ القواتِ المُتفننة في مهنة صناعة المجازر والإجرام بحق المُسالمين،والمُعَمدة بالرجسِ و(الأدران)،وَهُمْ بهذه الشائنات يعودون،كعادتهم،إلى طباعهم الرذيلة التي سلكوها بكل ولاءٍ وطاعة مع الأجهزة العربية والأجنبية التي كُلما رَمتْ لهم قرشاً تدافعوا للانبطاحِ تَحتَ مداسها،كل هذه اللِّمم مجتمعة لا تكف عن إيذاء وإبعاد العقلاء النُزهاء أبناء الأُصول - ضمير وعقل وحكماء العراق؛مِن علماء ومُفكرين ورجال دين وكتاب وخبراء وأطباء ومعلمين وجل المُشردين-عن مسيرة بناء وطنهم الذي لا وطن لهم سواه،مُقارَنةً بالجاثمين على صدر الشعب العراقي،والذين يتعاملون مع عراقنا الحبيب كَشَركة مُساهمة كل طرف منهم يتدافع للاستحواذ على حصته.!وفي هذا ويا للبلية،يتساوى مُحرّرو العراق الجديد،المُتسلّطون،اليوم،على رقاب أبنائه الطيبين مع مَنْ حكموا العراق بالأمس وارتكبوا أَبشع الجرائم بحق شعبنا الأبي،الذي صبرَ على الظُلم والجور،وبددوا ثرواته في حروبٍ فاشلةٍ وتحالفاتٍ هشَةٍ ومشاريع رنانةٍ...أَ فَهلْ يا تُرى أَن أَصحاب العقل الناقص والمنطق الواهي والسلوك المطعون والمنهج الضّال الذين قادوا عراق الأمس نحو الهاوية هُمْ ذاتهم يقودونهُ اليوم ،ثانيةً،إلى الهلاك..!يا إلهي لِما يَستوي أبناء البائرة الرُعاع مع أبناء المستنقعات والمنعزلين الهمج في إيذاء روح وجسد عراقك الطاهر..؟!عراق أدم الخليقة ونوح الطوفان وجلجامش وإبراهيم ونبوخذ نصر والنعمان وحيدر الكرار والمُعتصم والأصمعي وأبي حنيفة وفطاحل العلماء والمربد والشعراء والبصرة والحدباء وأضرحة الأئمة والأوصياء...لك اللّه وأَهلك يا عراق.!للصابرين على الضَّيم ألف تحية،وللشاهرين السيف ألف ركعة...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة بعد الحرب.. قوات عربية أم دولية؟ | المسائية


.. سلطات كاليدونيا الجديدة تقرّ بتحسّن الوضع الأمني.. ولكن؟




.. الجيش الإسرائيلي ماض في حربه.. وموت يومي يدفعه الفلسطينيون ف


.. ما هو الاكسوزوم، وكيف يستعمل في علاج الأمراض ومحاربة الشيخوخ




.. جنوب أفريقيا ترافع أمام محكمة العدل الدولية لوقف الهجوم الإس