الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دواليب السياسة وسياسة الدواليب

بدرالدين حسن قربي

2007 / 1 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


أظهرت المعارضة اللبنانية يوم الثلاثاء الأسود 23 كانون الثاني/يناير 2007 فعلاً معارِضياً واستعراضياً من طرازٍ مختلف، استطاعت فيه عرض المخبوء من بضاعتها وإلباسَ عروس الشرق بيروت إكليلَ سوادٍ دامسٍ في وضح نهارها، هو أشبه مايكون بدولاب كبيرٍ وعملاق وُضِعَتْ فيه المدينة تحضيراً للجلادين العائدين.

كلما أرادت الشرعية اللبنانية أن تتحرك وهي ممثلة بالحكومة التي ترتكز إلى أكثريةٍ نيابيةٍ دستوريةٍ وإلى دعمٍ عربيٍ ودوليٍ لم تحظ به حكومة من قبل، لجأت المعارضة لوضع العصي في الدواليب ليمنعوا الحركة والتحرك.

دعت المعارضة اللبنانيين جميعاً إلى إضرابٍ عام حرّ لتثبت للناس حجمها وقدرتها، وبسببٍ من خوفها في أعماق أعماقها من الفشل، حولته إلى إضرابٍ قسري بقوة الدواليب معتقدةً أنها تستطيع إخضاع الناس بدواليبها كما تفعل مخابرات دول القمع من الحلفاء ولكن على خلافٍ في الطريقة. ولإحساس المعارضة أنها ماضية في طريقٍ مسدودة، سَدَّتْ على الناس طُرقَ حياتهم ومعاشهم، لتوقف دواليب حركتهم وسياراتهم بدواليبها المحترقة، ولتضم الناس كرهاً إلى معارضتها الدولابية.

فعل المعارضة والمعارضين اللبنانيين أظهر أن صبر الجميع قد نفد أو قارب على النفاد، فلجؤوا إلى سياسة حرق الدواليب والسيارات الخردة بدلاً مما يُعرَف بحرق السفن والمراكب، وأمست معارضةً بدون دواليب وفي أحسن أحوالها بدواليب محروقة.

الأعداد غير الطبيعية للسيارات التي حملت دواليب المعارضة الكثيرة جداً، لترميها في الشوارع والطرقات والأوسترادات، أكدت أن المعارضةَ معارضةُ شوارع ودولايب، وأن الدواليب المنتهية الصلاحية والمهترئة تصبح ذات قيمةٍ، ولها قدر ومقدار وعليها القيمة يوم تصبح بيد المعارضة أم دواليب.

معارضة الدواليب مارست حقها الدستوري في الاعتصام والإضراب، وكانت قد أكدت على سلمية عملها وديمقراطيته، ولكنها قطعت بدواليبها على العمّال والكادحين والساعين على عيالهم والمرضى والمحتاجين طريقَهم، وحبستهم في بيوتهم كرهاً باعتبار أن قاطعي الطرق بالكتل الإسمنتية الضخمة والدواليب لهم حقوق يكفلها الدستور، وأما الآخرون ممن لادواليب لهم، فليس لهم حقوق ولا هم يحزنون. وليتساءل الناس كلهم على اختلاف أديانهم ومذاهبهم قائلين: الإضراب سلمي و كان فيه الذي كان، فهل يعني اللاسلمي عودةً ونكوصاً إلى الحرب الأهلية..!!؟

للنفايات في كل دول العالم المتحضر أماكن خاصة ومكبات معدة بيئياً للتخلص من النفايات أو إعادة تصنيعها حرصاً على نظافة الهواء وسلامة البيئة. وبما أن بيروت مدينة السياحة والسائحين بجمالها وهوائها وبيئتها، فقد اخترعت معارضة أم دواليب آخر تقليعة للتخلص من النفايات في الساحات العامة والطرقات وأمام الأشهاد، وآثرت أن يكون الاستعراض على الفضائيات المحلية والعالمية ليشهد العالم بيروت تَلْبَسُ وتُلَبّسُ سواد عاشورائها على اختراعات أبنائها من معارضة الدواليب.

استطاع العدوان الإسرائلي الهمجي في صيف 2006 أن يقطع طرق بيروت، ويسد منافذها بطائراته وقنابله وصواريخه ذات النفقات العالية، ولكن المعارضة أم دواليب أكدت غباء العدو بأنها تستطيع أن تفعل مافعله من دون تكلفة، ولكن بالدولايب.

المعارضة إن كانت - نيابياً - أقليةً حقيقةً، تستطيع أن تعبر عن نفسها حضارياً وديمقراطياً في قاعات مجلس النواب، وإن كانت أكثرية متوهمة، فتستطيع كذلك أن تعبر عن حقيقتها أخلاقياً وديمقراطياً وحضارياً بدعوة إلى إضراب عام طوعي وبدون دواليب، لتكشف المستور للناس، (وهيك) يالبنان مادخلك شر. وأما ماكان من أمر الدواليب فهو مدخل شيطاني إلى فتنةٍ كبيرة تأكل لبنان وأهله. وماكان بعد عام 1975 من حرب أهلية ليس عن الجميع ببعيد، فهو يؤكد لكل الناس من أهل الدولايب وغيرهم أن لابد في النهاية من الحوار. لأن مصير الأمور ومنتهاها إلى حوار، فلنأخذ الطريق من قصيره، ولتكن نهايتنا بدايتنا وليجلس الجميع إلى طاولة التشاور والحوار.

عقلاء السياسة - وإن امتلكوا الدواليب والصورايخ والأسلحة وكانوا من أصحاب النار – هم أهل الحوار. وهم مدعوون من دواليب السياسة إلى كلمةٍ سواءٍ بينهم وبين شركائهم في الوطن ماضياً وحاضراً ومستقبلاً، أن لاغالب ولامغلوب ولكن تشاور وتوافق على القرار.
لبنان للجميع، ودواليب سياسته وتقدمُه ومضيُّه واستمرارُه بالتفاهم والأخذ والرد والعطاء والحوار على طاولة البحث والتشاور الحوار، نفياً للفتنة ومنعاً للقتل والدمار، ودفعاً للتفرد والانفراد بالقرار.

قال: هل يمكن للسياسة أن تصبح في نوعٍ من الممارسة شكلاً من العناد الذي يبلغ التياسة...!؟
قلت: يوم ترفض الأكثرية الحاكمة حوار الأقلية والتفاهم معها، ويوم ترفض الأقلية النيابية الجلوس إلى طاولة التشاور والتفاهم والتوافق، وتصرّ على سياسة الدوالايب المحروقة وأن لكل مواطنٍ دولاب.
قال: وهل إلى حوارٍ وتفاهمٍ من سبيل..!؟
قلت: ولِمَ لا.!؟ إذا كان الكل يحب لبنان، ويعشق(حبة اللؤلؤ التي نزلت من غيمةٍ فارتسمت على الأرض وَسُمِّيَتْ لبنان).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غارات إسرائيلية على بيروت وصور وسقوط صاروخ شرقي القدس


.. مسؤولة كندية تهاجم نتنياهو بسبب حربه على غزة ولبنان




.. غارات إسرائيلية على الشويفات وصور جنوبي لبنان


.. رعب في لبنان بسبب الحرب.. وإحباط من المستقبل




.. بايدن عن إمكانية بدء إسرائيل عملية برية في لبنان: يجب وقف ال