الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوار الفاشلين... وسبل الصعود من الهاوية !!!

محمد أبو مهادي

2007 / 1 / 26
القضية الفلسطينية


تنعقد في غزة جلسات الحوار الوطني الفلسطيني لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية ، ولا يستطيع احد التنبؤ بما ستفضي إليه هذه الحوارات من نتائج ويعجز حتي المشاركون في هذه الحوارات عن الإفصاح بأي قدر من التفاؤل أو التشاؤم أمام الجماهير أو وسائل الإعلام .
لا نعلم إن كان استئناف الحوار الوطني من جديد قد جاء نتيجة حرص الأطراف علي وحدة الصف الوطني الفلسطيني في مواجهة التحديات والأخطار التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني الذي انتقل من علي حافة الهاوية ليصبح في قاع الهاوية نفسها، أم جاء بهدف كسب الوقت وإنتهاز فرصة لطرفي الصراع من اجل إعادة تجميع أوراق قوّتهم وانتظار ظروفاً أفضل لما ستسفر عنه نتائج حوارات مع قوي إقليمية ودولية، وقد هذا يكون هذا الحوار خجلاً من الجماهير الفلسطينية التي بدأت تتململ احتجاجاً علي ما وصل إليه حالها، فالأيام القادمة ستكشف النوايا وحجم المسئوليات لدي مختلف الأطراف.
الحوار الوطني الفلسطيني يتجدد ولا جديد في منهج المتحاورين، فمنهم من يتحدث عن وزارات سيادية، ومنهم من يتحدث عن حصة كل طرف في الوزارات، ومنهم من يتحدث عن حدود صلاحيات مؤسستي الرئاسة والحكومة، ومنهم من يتحدث عن برنامج سياسي واقعي مقبول عالمياً يضمن فك الحصار عن الشعب الفلسطيني، وآخرين يتحدثون عن منظمة التحرير الفلسطينية وتمثيل عادل للجميع مع ضرورة تفعيلها وتطويرها، وأعينهم جميعاً علي الإطار الذي يحكم ويقود ويقرر عن الشعب الفلسطيني، في الوقت الذي يغيب فيه الشعب عن أجندات المتحاورين بل تنتهك كرامة مواطنيه وتصادر حقوقهم وتزهق أرواح عشرات الأبرياء منهم دون أن يرتجف جفن لهؤلاء المتحاورين ويعتدي علي ممتلكاته العامة والخاصة، ليخرجوا كل مرة ليؤكدوا علي حرمة الدم الفلسطيني وليهذوا من جديد عن الخطوط الحمراء؟
الجميع منهم تحت تأثير أوهام الحكم والسيادة وقد شربوا هذا الوهم حتي الثمالة بحيث أنهم فقدوا قدرة الاستيقاظ علي مئات الحواجز العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية، والاستيقاظ علي كابوس المشهد المرعب لجدار الفصل العنصري الذي حوّل الضفة الغربية إلي سجون صغيرة بنزلاء تتعسر عليهم سبل الحياة، ولم يتستيقظوا علي صراخ الآلاف من أمهات وزوجات الأسري، ولا يرعبهم مصير قطاع غزة وكميات الرصاص والسلاح ولم يفهموا إشارات الاحتلال الذي يتعامل معه كمنفي للمناضلين أو سجن صغير مفاتيح بواباته بيد إسرائيل، لم يستفيقوا علي الواقع المخيف للفقر المدقع والبطالة المتزايدة وآهات الجياع ومناشداتهم اليومية، هم لا يكترثون بمزارع فقد مزرعته أو عامل فقد عمله أو مستثمر انضم إلي صفوف الفقراء، ولا يهمهم أعداد المنشات الصناعية التي أغلقت أبوابها ولا تلك التي هاجرت مع مئات الكفاءات من الشباب الذين ضاقت بهم سبل الحياة، لا يهمهم أن يفقد بلد البرتقال برتقاله ولا أن تهرب الأسماك من بحره.
يتحدثون عن الوحدة الوطنية بعد أن افقدوها من مضمونها الحقيقي في لحظة سقوط أول ضحية فلسطينية ببندقية فلسطينية، ليختزلوها إلي تقاسم وظيفي لحقائب فارغة، يتحدثون عن البرنامج السياسي الواقعي متناسين أن الاحتلال حاصر وقتل أفضل البرامج الواقعية التي يمكن للقيادة السياسية أن تقدمها، ويتحدثون عن المقاومة والثوابت في الوقت الذي ينشغل فيه الجميع عن المعركة مع الاحتلال بأجندات فئوية ضيقة تغرقهم في المحرمات والمحظورات.
إنهم يتحاورون في ظل حالة من الهستيريا السياسية أصابتهم وأفقدتهم البوصلة الأساسية، وأنستهم حقيقة أنهم جميعاً قوي وأحزاب، حكومة ورئاسة وشعب مع البساط الأحمر وحرس الشرف تحت الاحتلال.
إنهم يتحاورون ويتجاوزون محطة هامة كان ينبغي التوقف عندها قبل الشروع بأي شكل من أشكال الحوار وتقتضي ضرورة المراجعة والتقييم واستخلاص النتائج والعبر من تجارب الاخفاقات المتلاحقة التي ألمت بالشعب الفلسطيني منذ نشأة قضيته حتى الآن، هذا الشعب المكافح الذي قدم تضحيات جسام كفيلة بتحريره عدة مرات من عدة قوي احتلالية والذي ما زال يعيش بمرارة ويرزح تحت هذا الاحتلال بجرائمه المتنوعة التي تطال الإنسان وإنسانيته والأرض وما عليها وفي جوفها.
يتحاورون ولم نشاهد أي مسئول فلسطيني من مختلف القوي يتقدم إلي الجماهير ليعلن انه أخطأ أو أجرم أو أدار المعركة وفشل وبالتالي لا مجال لان يستمر في هذا الموقع القيادي أو ذاك، ولم نشاهد من يعلن انه انتصر، إنهم يفشلون ثم يفشلون ثم يجترون الفشل والأزمة ليدخلوا في حوار الفاشلين.
لا أتجني عليهم في وصفي لهم بالفاشلين فمجرد جردة حساب بسيطة لما خلفته ممارساتهم تكفي لان يكتشفوا ما أوصلوا الشعب الفلسطيني إليه، انظروا إلي الشعب المهدد بخطر الاقتتال، انظروا إلي وسائل الإعلام المحلية والعالمية وشاهدوا بنادقكم إلي أي اتجاه تصوب، شاهدوا شعاراتكم واتهاماتكم لبعضكم، شاهدوا الشعب الفلسطيني بعيون عالمية لتعرفوا حجم التراجع والضرر الذي لحق بالقضية والمشروع الوطني وحجم التراجع في التضامن الدولي والعربي مع الشعب الفلسطيني، شاهدوا أنفسكم وانتم متهمين بالفساد أو الإرهاب، شاهدوا أنفسكم تجتمعون خارج وطنكم بعيداً عن أبناء شعبكم، استمعوا لرأي شارعكم لتعرفوا مقدار ما تبقي فيه من ثقة بكم.
في عهد الحكومات السابقة كنا نلقي باللائمة علي حركة وفتح جراء فشلها، وفي عهد الحكومة الحالية تلقي هذه التهمة علي حركة حماس نتيجة فشلها أيضاً، الآن تريدون حكومة من جميع القوي فماذا لو فشلتم جميعاً، هل هي الطريق نحو الوصاية الأجنبية؟
الشعب الفلسطيني حاسب من أراد محاسبته في صناديق الاقتراع يوم 25/1/2005 وقرر لمن سيحكمه ويدير شئونه الداخلية، وقرر لمن سيكون في المعارضة، كما قرر لمن سيكون علي هامش الحياة السياسية ويلعب دور شاهد الزور، وعالج مشكلة الاحتقان التي كانت سائدة بتجربة ديمقراطية رائدة، واعتقد كما يعتقد الكثيرون أن حكومة الوحدة الوطنية رغم جاذبية هذا الشعار تعني التنصل من المسؤوليات التي حددها لكم الشعب وتعني الهروب الجماعي من الفشل للاختباء خلف الشعار أو هذا الإطار، جميعكم مأزومين لعدم قيامكم بدوركم الذي فوضكم الشعب للقيام به، فالمطلوب من حركة حماس تحمل مسؤولياتها اتجاه الشعب الفلسطيني والسير به نحو الاستقرار والأمن والعيش الكريم وعدم التنصل من التزاماتها تحت أي مبرر كان، والمطلوب من حركة فتح أن تكون قوة معارضة جيدة بناءة تجيد دورها وتتقنه وتؤسس لمرحلة جديدة من حياتها السياسية وتعمل بنشاط أمام أي محاولات تجاوز حكومي، وتقدم رؤى وبرامج وشخصيات تشجع علي إعادة انتخابها من جديد، والمطلوب من الرئيس والحكومة التحرك في إطار التفويضات الممنوحة لهما دستورياً، والمطلوب من القوي الاخري أن تخرج من حالة الشرذمة والتوجه نحو بناء قوة ديمقراطية حقيقية تشكل بديلاً سياسياً وانتخابياً إذا ما جرت انتخابات جديدة وعليها أن تستفيد من تجاربها السابقة والحالية واعتقد انه لا يعجبها أن تبقي علي هامش الحياة السياسية فهي مجتمعة تدرك أن حركتي حماس وفتح لا تقيم لها وزناً أثقل من حجمها فاحرصوا علي عدم إهدار الوقت.
من المفيد في هذا المقال الإشارة للسادة علي طاولة الحوار الوطني إذا ما اقتنعوا بأهمية أن تمارس كل قوة سياسية دورها المحدد لها جماهيراً وانتخابياً في إطار القانون والاحترام لضرورة عدم إهدار الوقت في النظر والنقاش الطويل في موضوع منظمة التحرير الفلسطينية فهذه القضية سوف تأخذ منهم من الوقت والجهد الكثير ولا احد يعرف الي متي سيستمر النقاش حولها وعليها، وهذا لا يساعد علي إعادة تسليط الضوء علي الموضوع الوطني والسياسي وهو الأهم في هذه المرحلة التي بدأت فيها تطرح أفكار دولية وإسرائيلية في ظل غياب أي مبادرة فلسطينية حقيقية يعمل عليها الجميع من اجل إنجاحها وتسويقها عالمياً، وقد تكون فكرة المباشرة بتشكيل قيادة موحدة ومؤقتة لإدارة الملفات السياسية والتفاوضية هي مهمة عاجلة وانتقالية لحين الانتهاء من الترتيبات المتعلقة بالمنظمة.
لقد وصلت الحالة الفلسطينية إلي حدود لا تحتمل ولا يمكن أن تبقي الجماهير الفلسطينية متفرجة أو متباطئة في تحركها باتجاه وقف الفوضي والفلتان فهي الخاسر الأكبر من أي صراع قد يستمر أو يتطور، وهي الخاسر الأكبر جراء الفشل القيادي الحاصل منذ سنوات، والتحرك الشعبي الضاغط الذي يساوي حجم الأخطار المحدقة بالشعب الفلسطيني مفيد في هذه المرحلة بالذات لعل القيادات السياسية تخجل من نفسها ولو قليلاً وتقف أمام مسؤولياتها وتصحوا من سكرتها وأوهامها وتدرك أن الشعب هو البوصلة وصمام الأمان لهم جميعاً وان السير به صعوداً من الهاوية مهمة شاقة تحتاج إلي المسؤولية العالية والأخلاق والمناضلين الحقيقيين، فالتحرر والاستقلال وتجنب خطر التصفية والتشريد يحتاج إلي عشاق للجماهير والي الرحمة والضمير وليس إلي موظف بدرجة وزير.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اختتام مناورات الأسد الإفريقي بسيناريو افتراضي استخدمت فيه م


.. بعد ضربات أمريكية على اليمن.. يمني يعبر عن دعمه لفلسطين




.. فرق الإنقاذ تنتشل جثمانين لمقاومين استشهدوا في جباليا


.. واشنطن: بلينكن دعا نظراءه في السعودية وتركيا والأردن للضغط ع




.. فرق الإسعاف تنتشل جثامين مقاتلين فوق سطح منزل بمخيم جباليا