الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البطاقة التموينة... تحسين مفرداتها أم شطبها؟

جاسم الحلفي

2007 / 1 / 26
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


وانا اتابع نقاشات مجلس النواب حول مشروع الميزانية الذي قدمة مجلس الوزاء، و اشارة بعض النواب الى ان هناك حاجة ضرورية تدفع لبقاء البطاقة التموينة، طرق سمعي خبر اصدار القضاء الامريكي مذكرة توقيف بحق القبرصي بينون سيفان، المدير السابق لبرنامج "النفط مقابل الغذاء" التابع للامم المتحدة، متهما اياه بالفساد. وجاء في حيثيات قرار الاتهام ان سيفان تلقى مبلغ 160 ألف دولار من النظام المباد. وفي حالة ثبوت التهمة، وهي ستثبت عليه بالتأكيد، فانه سيحكم على سيفان بالسجن لمدة 50 عاما !!.
سبق ان انكشفت فضائح عديدة تتعلق ببرنامج النفط مقابل الغذاء، شملت سياسيين كبارا، عرباً واجانب، وشهد هذا البرنامج اختلاسات وصلت الى مليارات الدولارات قام بها النظام المباد والمدافعين عنه، وتم هذا كله على حساب المواطن العراقي ولقمة عيشه.
لقد تطلع العراقيون الذين اكتووا بسياسات النظام المباد وحروبه المدانه، وبعدها من الاحتلال والارهاب والمحاصصة وفقدان الامن والحاجة الى الامان والاستقرار واعادة دورة الحياة الطبيعية، تطلعوا الى مقاضاة المفسدين ومحاربة الفساد الذي رافق العمل بالبطاقة التموينة، وقطع دابر التلاعب بها، والتأكيد على حمايتها من السرقات الكبيرة والصغيرة، وتخصيص موارد كافية لها وتحسين تخزينها وتأمين نقلها وتطوير طرق توزيعها وتحسين مفرداتها وعناصرها الغذائية. ورؤية نهاية اكيدة للنوعية الرديئة للمواد التي توزع على المواطنيين ، وان لا يرى مطبخ العراقيات المواد غير الصالحة للاستهلاك البشري، كما جرى كشفه مرارا، فضلا عن ايجاد جهاز رقابي كفء يقوم بالاشراف ومتابعة عملية دخول البضائع وفحصها .
يؤكد الجميع الحاجة للبطاقة التموينة إذ ليس هناك بديل مناسب، ومدروس وجاهز، يعوض حاجة الملايين من الناس لها و يكون بديل عنها حاليا، إذ يعتمد ربع سكان العراق عليها بشكل كبير حسب تاكيد احدى تقارير برنامج الأمم المتحدة للغذاء.
ولا اعقد ان هناك حاجة لاعادة ذكر الارقام التي نشرتها الامم المتحدة وبعض المؤسسات ومنها وزارة التخطيط العراقية، عن الحجم الكبير للبطالة، والنسبة المروعة لمن يعيش تحت مستوى الفقر من العراقيين، مما يؤكد ان التلاعب بهذا البرنامج يعني التلاعب بحياة ومصير الملايين من الناس.
واعتقد ان دور الحكومة في هذا الظرف الصعب لا ينحصر في الابقاء على البطاقة التموينة فقط، بل هناك حاجة ماسة الى معالجة كل النواقض سالفة الذكر، بعد ان بات الحديث عن الغائها في الوقت الحاضر امرا مستحيلا.
لكن المؤسف هو تقليص تخصيصات البطاقة التموينة في مشروع الميزانية الفيدرالية لعام 2007. إذ انخفضت تلك التخصيصات من 4500 مليار دينار في عام 2006 الى 3928 مليار دينار في عام 2007، ويمثل هذا الانخفاض نسبة قدرها 12,7%، بحساب الدينار. ولا اريد ان ادخل بحساب الدينار وتغيير سعر صرفه مقابل الدولار، لان ذلك سيدخلنا في نقاش لا يغير كثيرا في واقع انخفاظ التخصيصات.

لكنه يظل ضروريا، في كل الاحوال، الاشارة الى ان هذا التخفيض جاء دون دراسة موضوعية وعلمية ومسؤولة عن تحديد حاجات الناس و اهمية مراعاتها. فالجميع يعرف صعوبة الوضع الامني وخطورته وانعكاس ذلك على حياة الناس ومعيشتهم، والتعطيل المستمر لقطاعات كبيرة تعتمد بشكل اساسي على الاجر اليومي. كما لم تراعى ايضا الزيادة السكانية المتوقعة، هذا فضلا عن عدم وجود بدائل مضمونة النجاح عن البطاقة التموينة.
لقد تم التخفيض المشار اليه، كما هو معروف نتيجة الضغوطات التي تتعرض لها الحكومة العراقية من طرف المؤسسات الدولية(صندوق النقد الدولي والبنك الدولي) وسياساتها وتوجيهاتها التي تشترط الغاء سياسات الدعم، حتى يمكن شطب ديون العراق، تلك الديون التي لم يكن الشعب العراقي مسؤولا عنها في يوم من الايام ، بل لم يكن له، في الأصل، رأي فيها كي يجبر على ان يدفع من قوته اليومي ثمن ما اقترفه النظام المقبور من حماقات وحروب مجنونة، وهذا الموقف، فضلا على انه غير منصف، فأنه يخلف نتائج السلبية على مجمل الحالة المعيشية لأكثرية السكان.
نتساءل أخيرا، ومع ما نراه من فقدان الأمن وأرتفاع نسبة البطالة وإنهيار الخدمات على كل صعيد، وتدهور الاحوال المعيشية وغير ذلك كثير، نتساءل، مع الناس، ماذا سيبقى للحكومة لو ألغت البطاقة التموينية؟









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسط إقبال مكثف.. فرنسا تجري انتخابات تشريعية -مختلفة-، لماذا


.. بعد أدائه غير المقنع.. بايدن يجتمع مع عائلته لمناقشة مستقبل




.. المعارضة الكردية الإيرانية تصف الانتخابات في إيران بـ-عملية


.. قراءة عسكرية.. القسام تبث مشاهد جديدة من تجهيز عبوات -العمل




.. -مش احنا الي نرفع الراية البيضاء -.. فلسطيني من غزة