الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة نقدية في قصة اللوحات العشرللكاتب محمد نجي

ثريا حمدون

2007 / 1 / 27
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات



- هل تهدف اللوحات العشر لمحمد نجي أن تستنطق الواقع؟
- ألم تعد بقع الحبر العشر لروشاخ كافية لفحص الشخصية؟
- من يفحص الآخر إذا كانت لوحات الواقع العربي تفرض قراءة جديدة وحلول نابعة منه بعيدا عن عالم روشاخ ؟
سنركز في دراستنا لنص اللوحات العشر على دلالة اللوحات. وقد اختار لنا الكاتب بدقة متناهية عنوان نصه " اللوحات العشر" ويحيل إلى بقع الحبر العشر لروشاخ لفحص الشخصية. وهي عشر بطاقات لها حجم محدد. وتنقسم إلى ثلاث أنواع : خمس بطاقات بالأبيض والأسود ، بطاقتان بالأحمر والأسود أما البطاقات الثلاث المتبقية فهي بألوان مختلفة غير الأسود.
وإذا كانت لوحات (بقع الحبر) لروشاخ مقسمة حسب اللون، فإن لوحات هذا النص يمكن تقسيمها إلى ثلاث أنواع من الألواح
لوحات السارد (مداخل النص)
اللوحة الأولى
الحرب على لبنان وهناك إشارات تدل على البلد (بلاد الأرز )
وقد بينا في قراءتنا النقدية لنص رحلة من الجنوب إلى الجنوب للكاتب د سليم صابر - المشاهد الدرامية التي بينها الكاتب لهذه المجازر الإسرائيلية التي سجلتها في تموز 2006. ولعل السارد يستعين بهذه المشاهد لكي ينقل لنا هذه اللوحة حيث أشار إلى الطائرات الحربية مجازيا مرة بديناصورات وأخرى بطيور الأبابيل:
"يعيش أحلام كابوس مزعج. في منامه يرى أطفالا تطاردهم ديناصورات طائرة تحوم عليهم من السماء، تقذف كريات تنفجر بمجرد أن ترتطم بالأرض. تخلف انفجارات تعبث بأجساد أطفال نيام تفطمهم عنوة و بقسوة من أحلامهم. بمجرد الارتطام تغدو الأجساد أشلاء. من خلالها، يخرج دم معين يسقي بفخر مسحة المجال الذي ترعرعوا عليه. يغني من بقي حيا بعد العاصفة نشيد الحرية معزوفا بلحن صفاء نفوس الأشلاء التي أعدمتها كرات عناقيد النبالم المنشطرة حقدا و ضغينة يصدها البواسل."

اللوحة الثانية:الوهم
ينتقل بنا السارد لوصف حالة عمارة نسجلها كالتالي:
- يخال أشباحا تقذف غدرا بلاد الأرز
- لم يعد يحس بالوجود الخارجي. لا يرى إلا الوهم على شكل خيالات مخيفة تتوعده
- يرى حيوانات مفترسة تشبه الطير الأبابيل ترمي بغزارة، هذه المرة، بلاد الأرز و ما يجاورها بحجارة نارية مشتعلة. الغيرة على هذه البلاد تنهش جسده. تثير فيه وهج السؤال و المساءلة. يخال جسد هذه البلاد "وزيعة" يغنمها الطير الكاسر. ظل يهش عليهم بجام غضبه و هيجانه.

اللوحة الثالثة :مطاردة الأطفال لعمارة
- « عمارة يا المهبول هاك شوراي د البقول !!! عمارة يا المغبون يا فم الفكرون !! »

اللوحة الرابعة:الصرخة
-« وا هويتاه !!! وا وجوداه !!! وا مستقبلاه !!!! وا !!.....وا..... !!! »

اللوحة الخامسة :التوجه إلى عيادة طبيب نفسي

لوحات الطبيب النفسي
استعمل الطبيب النفسي في التعرف على شخصية المعالج على منهجية هيرمان روشاخ.
حيث يقدم الطبيب ويعرض بطاقات على المريض ثم يطرح عليه أسئلة قصد البحث عن خيط من الضوء كي يدله إلى مفتاح الشخصية التي يتعامل معها.
فكانت أجوبة المفحوص على البطاقات كالتالي:
- البطاقة الأولى : رأي فيها عمارة وطواطا !!!
- البطاقة الثانية : وهي اللوحة الثالثة رأى فيها المفحوص تقطيعا بين الجسد و الفخذين. حسبها أشلاء تنبع دما غزيرا.
أما التعليق الذي سجله لنا السارد بلسان الطبيب، فهو أن نتائج الفحص تشير إلى سوداوية، عدوانية و ذهانية.
الجدير بالذكر أن البطاقات التي يعرضها الطبيب النفسي تكون واحدة تلو الأخرى ومرتبة حسب الأرقام من واحد إلى عشرة. غير أن السارد جعل البطاقة الثالثة هي اللوحة الثانية. يبدو جليا للقارئ أن السارد كسر الترتيب، فهو هنا يستعمل منهجية القفز على المراحل أو ربما يرجع إغفال السارد ذكر البطاقة الثانية لعدم أهميتها.
لوحات عمارة(مخارج النص)
إن اللوحات التي استعملها عمارة للطبيب المعالج لا تقل أهمية عن تلك اللوحات التي قدمها له هذا الأخير. فإذا كانت الأولى مرسومة على البطاقة بالحبر، وهو ما جعلها تستحوذ على اسم بقع الحبر، فإن لوحات عمارة مصورة من الواقع، فهي متنوعة مرسومة بالدم (الحرب ) ومكتوبة بالألم على أجساد المواطنين. ليس المغاربة فحسب بل العرب من المحيط إلى الخليج .
إنه مزج بين الخاص والعام كي تكون الصورة شاملة نعرضها على القارئ كالتالي، دون أن نعلق لأن الطبيب المعالج صرخ كفى كفى !!!
فهل يكفي الكلام؟
1-مشاهد الخراب و أشلاء جثث أطفال أعدمت أحلامهم في بلاد الأرز(لبنان).
2-منظر الزقاق البائس.
3-ارتفاع أسعار الماء والكهرباء (فواتير الماء و الكهرباء عليها سجلت مقادير مالية خيالية، تنتظر الأداء).
4-معاناة الخريجين (كشف أيضا عن شهادته الجامعية العليا التي أفضت به إلى سور العاطلين. )
5- الغلاء الفاحش (وأخيرا عن درنة للبطاطس التي غلا ثمنها هذه السنة بفحش.)
خاتمة
لقد استطاع محمد نجي في هذا النص أن يسبر أغوار المشاكل التي يعاني منها المواطن العربي المغربي بصفة خاصة والعربي بصفة عامة. حيث يختبر ذكاءنا على فهم اللوحات وبالتالي يتساءل عن هذه المشاكل الجمة التي يعاني منها عمارة نموذج المواطن المرهف الحس الذي يبحث عن هوية، عن أجوبة عديدة لأسئلته. غير أن حناجر الناس ماتت فلم يعد الكلام يجدي فتم اختيار الصمت بديلا لحل مشاكلهم فانقسموا إلى فئتين وحكموا على عمارة :
الفئة الأولى اتهمته بالجنون « إنه مصاب بموجة عصاب حادة. عليه أن يزور طبيبا نفسانيا كي يقرأ في حضرته اللوحات العشر»
« إنك مجنون مسكون بمخلوقات غربية. عليك أن تزور عرافا كي ينتشلك من مستنقع جنونك البهيم. العراف سوف يكتب لك وصفة الشفاء ثم يقوم بتنويمك وفق دجله الخاص و سوف تشفى و تصبح معافى»
أما الفئة الثانية فقد اتهمته بأنه فيلسوف . « عمارة فيلسوف. عمارة فيلسوف. »
في حين نراه مواطنا عاديا لم يلبس ثوب الصمت فصرخ باحثا عن هوية عن وجود وأخيرا عن مستقبل.
إن لوحات محمد نجي تلح علينا أن نناقشها بشكل جماعي وليس بشكل فردي كما تطبق اختبارات روشاخ. لعلنا نجد حلا للشخصية العربية ومن يدري فقراءة للوحات الواقع العربي تتطلب منا العمل جديا من أجل البحث عن شخصية سوية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سباق التسلح العالمي يحتدم في ظل التوترات الجيوسياسية


.. جنوب إفريقيا تقدم طلبا عاجلا لمحكمة العدل لإجراءات إضافية طا




.. إخلاء مصابين من الجيش الإسرائيلي في معارك غزة


.. هجوم روسي عنيف على خاركيف.. فهل تصمد الدفاعات الأوكرانية؟ |




.. نزوح ودمار كبير جراء القصف الإسرائيلي على حي الزيتون وسط مدي