الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ميزانياتنا تتضخم ، فتتضخم أزماتنا

هرمز كوهاري

2007 / 1 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


- تناقل أباءنا وأجدادنا الحكمة الذهبية القائلة " صاحب الصنعة ولا صاحب القلعة "
- النهضة الصناعية الاوروبية ، لم تبدأ بالميزانيات الضخمة،بل بالعمل الجاد و الجهد والاخلاص في العمل .
- المال كالسيف ذو حدين ، إذا تتحكّم به يسعدك , وإذا يتحكّم بك يذلّك .
- الاقتصاد والسياسة ، وجهان لعملة واحدة ، لايمكن فصل أحدهما عن الآخر .
والميزانية هي مرآة لإقتصاد البلد ، فأي سياسة وأي أقتصاد في هذه الايام في العراق الطائفي .فلا دولة قانون ولا دولة مؤسسات .

هنا ـأي في مثل هذه الدولة دولة" الفلتان " لايحتاج المتتبع المالي أو الاقتصادي أن يطلع على أبواب وفصول ميزانية هذه الحكومة ليناقشها ، وإنما ، يناقش الحالة الفرهودية و " الهوسة " الموجودة في البلد وعدد العمائم وألوانها والسداير وأشكال اللحي وعن الذين يتحكمون بمصير البلد ! حيث تعوض عن أية مناقشة في تفاصيل الايرادات والمصروفات والابواب والفصول والمواد الخاصة بالميزانية والمشاريع المقترحة إن وجدت .

، أما الشيئ المميز لهذه الميزانية وميزانيات السنوات السابقة ومنذ عقود أنها تعتبر كالهرم المقلوب ، أي ترتكز على المصدر الوحيد وهو النفط ، في إستيراد كل شيئ حتى الماء والغذاء وحتى النفط وأقصد مشتقات النفط وقد نضطر لإستيراد حتى التمر والبشر !! وفي هذه الحالة حتما تكون الميزانيات معرضة للتذبذب والتمايل يمينا ويسارا مثل رقصة ( تويست ) والهزات ، هزات داخلية وخارجية ،الداخلية معروفة بالتفجيرات والنهب والسلب من حكومات المليشيات وأمراء الارهاب ، وخارجيا بتذبذب أسعار السوق العالمية مما يربك أعمال الدولة في مشاريعها ، إن كانت هناك مشاريع .
وتتباهى الحكومة بأنها تقدم أضخم ميزانية في تاريخ العراق ، وهذه ليست أول مرة بل كل سنة منذ عقود تقدم الحكومات العراقية أضخم ميزانية من السنوات السابقة والحالة تتكرر منذ عشرات السنين وهكذا !! وكلما كانت تتضخم الميزانية كلما كان يتضخم عدد الفقراء ويزدادون فقرا !! يقابلها تضخم ثروات الاغنياء فيزدادون غنى وثراءا ، وكل فترة تأتي فئة لتستحوذ على تضخم تلك الميزانيات ، وتتضخم أعمال السلب والنهب ويتضخم عدد المتطفلين والمنافقين ليصيبهم ولو حفنة من الدولارات أو مساحة من الاراضي والاملاك .كل ذلك يقابلها التضخم نقدي وإنخفاض في قيمة العملة ويتضخم فقر الفقير وهكذا .

ففي العهد الملكي طبعا لا المالكي ! كانت كل سنة تتضخم ثروات الملاكين والمرابين والشيوخ والاغوات والاقطاع ويتضخم عدد الفقراء ويزدادون فقرا ، وفي عهد البعث والقوميين إنتقل التضخم في الثروات والاملاك الى متسكعي وشقاوات العوجة وتكريت ومن والاهم من كل فئات الشعب من المنافقين سواء على صفحات الصحف من قصائد أو من مقالات أوكلمات ملونة منمقة ! وتكثر الكتب إعجابا بالقيادة الحكيمة .

ليس دفاعا ولا مدحا للعهدين الملكي والبعثي لنقول: أن في كلا العهدين كان هناك دولة مستقرة وحكومة مركزية قوية وتدقيق ورقابة ومتابعة وإجراءات وعقوبات صارمة ضد المختلسين، كسرقة السيارة أو الاثار ، أذكر منها على سبيل المثال ، قضية الاختلاس المشهورة في العهد الملكي حدثت في متصرفية بغداد ، عن المبالغة في تقدير أقيام الدور المستملكة لفتح شارع في بغداد ، ووصلت المبالغ المختلسة الى ما يقارب ربع مليون دينار ، كان بطل الاختلاس موظف كبير إسمه " يوسف كتو " وحكم عليه بالسجن المؤبد ومات في السجن ، والبقية بمدد مختلفة أما الهاربون الى خارج العراق فقد جلبوا عن طريق البوليس الدولي واعرف منهم أحدهم ويدعى (سامي..... ) ، أما في العهد البعثي بالرغم من إستهتاره بالمال والعيال ، فكان يعاقب المختلسين بأشد العقوبات وكثيرا منهاكانت تصل عقوبها الى الاعدام " أيديهم خفيفة على الاعدام " ا أعرف مديرة عام في دائرة قَبلت بعض الهدايا العينية من متعهدين في الخارج حكم عليها بالسجن المؤبد ثن أفرج عنها بعد سنوات لأسباب إنسانية . أما قادة البعث فإختلاسهم كان مقننا بقرارات مجلس قيادة الثورة !!.

أما في هذا العهد " الزاهروالزاخر بالعمامات واللحايا والجبب السوداء الذين حلوا محل النجوم والبدلات الزيتوني ، إضافة الى هذا فإن هذا العهد يتميز عن غيرغيره " بالتفجيرات والتهجيرات الداخلية والخارجية والمليشيات والجثث المجهولة أو التي يعتبرونها مجهولة تهربا من المسؤولية وهي معلومة عند المسؤولين وعند الكثيرين !، يزيد أل الحكيم وآل الصدر وآل القدر ! وأهل البيت والسادة وأمراء المليشيات وامراء الارهاب و مهربي النفط ومستوردي المواد الفاسدة مالا و يزدادون ثراءً وتسلطا .فالاخبار تتوالى بأن خليفة عدي صدام حسين ، هو المراهق المعمم عمار الحكيم والوزراء الهاربون بمئات الملايين وحتى المليارات .وهل في مثل هذه الظروف يفيد التعب والاجتهاد في تحليل ودراسة الميزانية المتفجرة والمتضخمة والفائضة ..الخ

ومع هذا إذا عرّجنا ولو قليلا على المشاريع في الميزانية ، فمهما كانت تلك المشاريع من الاهمية ، فليس هناك ضمان في إنجازها في هذا الوضع البائس ، وإذا إنجزت فستنجز بطريقة بائسة ، وإذا إنجزب بتلك الطريقة فتسؤول أكثرية المنافع الى المتنفذين المستقوين بالمليشيات والشقاوات ، وقد تكون العمولات أكثر من الكلفة !! وإذا أكمل المشروع فسيسلم الى أيادي غير نظيفة ويحوّل المشروع الى مشروع فردي أو عائلي أو طائفي كما هو الحال في الوزارات والمؤسسات ، وهناك مشاريع إنجزت كانت أضرارها أكثر من فوائدها فأهملت فأصبحت عالة على الدولة وتطلب إزالتها مبالغ أكثر من إنشائها !! إذن .فهل نتكلم عن المشاريع في هذه الحالة.

وفي الظروف الطبيعية للبلد ، يجب أن يكون لكل ميزانية جهاز تنفيذ يمتاز بثلاث صفات وهي ، الكفاءة ، النزاهة ، الاخلاص والانتماء للدولة ، كما يجب ـأن يكون الى جانب جهاز الميزانية جهاز تدقيق ورقابة مالية إقتصادية مستقل كليا ، لايقوم فقط بتدقيق ورقابة الارقام على صفحات السجلات بل يمتد التدقيق والرقابة الى كشف مواقع العمل من قبل أخصائيين وهذا الجهاز بدوره يجب أن يتصف بالمواصفات التالية وهي : النزاهة ، الكفاءة العلمية ، الجرأة والصلاحيات المطلقة المرتبطة بالقضاء مباشرة ، يكون لهذا الجهاز صلاحية رفع المخالفات المالية والاقتصادية الى القضاء مباشرة دون المرور على أي مسؤول خوفا من التلاعب به أو تعطيله ، وتؤسس محاكم خاصة لهذا الغرض ، هذه المحاكم تطعّم بخبراء معتمدين في المحاسبة و الإقتصاد والهندسة أوالاختصاص الذي يخص المشروع ، ليكون لها سرعة البت في تلك القضايا ، ولا تخضع قراراتها لموافقات إدارية . تسمى ، بمحكمة الامن الاقتصادي .

إذا أصلحت كل هذه القضايا السياسية والادارية ، عند ذلك يمكن مناقشة المشاريع وتقديم الاهم قبل المهم ، وإنشاء قاعدة أساسية لإقتصاد البلد بحيث يقلل الى أقصى حد ممكن من الاستيرادات وخاصة المواد الزراعية والحيوانية والنفطية والخدمات والخبرات ، وتوزع المشاريع على قاعدة الاواني المستطرقة في الخدمات ،كما وتوزع المشاريع على مختلف مناطق الوطن ويمنع حصرها في المدن لتقليل الهجرة من القرية الى المدينة ولتشجيع الهجرة المعاكسة ، أي من المدينة الى القرية ، أو تأسيس قرى صناعية عصرية جديدة ، هذا من جهة ومن الجهة الثانية لإزالة أية حزازات بصدد محاباة منطقة على منطقة أخرى ، بحجة تقسيم إيرادات النفط على المحافظات حسب نفوس المحافظة ، بل الصحيح توزع حسب حاجة المحافظة الى تلك الخدمات الضرورية كالمدارس والمستفيات والطرق والجسور ودور السكن و مراكز الشرطة والاتصالات ، بإعتبار أن العراق وحدة واحدة لا يتجزأ ، مثل ذلك مثل الطريق التي فيه حفر وعوائق فتنصب الاهتمامات بتغطية تلك الحفر وإزالة النتوءات ليكون كل الطريق سالكا .
إن عدم عدالة التوزيع في المشاريع الخدمية والاساسية بالرغم من أن تشكل حزازيات،
يدفع الكثيرين الى الهجرة من منطقة الى أخرى مما يخلق مشاكل إجتماعية لا يمكن تجاوزها .

يبدو أن صولاغ وبطانته حسبوا في هذه حساب الفساد الذي تجاوز كل التوقعات حتى أصبح يضرب به المثل !!ليس في العراق فقط بل فيكل البلدان وفي كل الازمان ! بفضل المسؤولين مارا بالوزراء وبمن يسمون بعضهم نواب ونائبات الشعب دون أن يعرفوا أن جيوب هؤلاء مثقوبة لا تمتلئ مهما كدسوا الدولارات فيها .

ولم يبق إلا أن نقول : كيف يستقيم الظل والعود أعوج ؟!
========================








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبكات| فيديو يظهر شجاعة مقاومين فلسطينيين في مواجهة جيش الاح


.. شبكات| مغاربة يدعون لمقاطعة مهرجان موازين بسبب غزة




.. عمليات البحث عن الرئيس الإيراني والوفد المرافق له


.. خبيرة بالشأن الإيراني: الدستور الإيراني وضع حلولا لاحتواء أي




.. كتائب القسام: استهداف قوات الاحتلال المتموضعة في محور -نتسار