الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العبثية الافتصادية .. من العمادي إلى الدردري - 1

بدر الدين شنن

2007 / 1 / 28
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


شكلت المرحلة الممتدة من عام 1970 حتى الآن في سوريا ، تجلياً شاذاً لجدلية السياسة والاقتصاد ، أو السلطة والاقتصاد . وعبرت بوضوح عن تدخل الدولة السافر في حركة وبنية الاقتصاد ، وقدمت معطىً نوعياً نوعياً خاصاً لافتاً ، مفاده أن القرار السياسي الإرادوي هو صانع الاقتصاد ، وليس القرار الاقتصادي هو صانع السياسة ، وذلك بخلاف القواعد العامة وقوانين تطور المجتمع في بلدان أخرى تمتلك تقية الحرص على المصالح العامة ، حيث يوجه الاقتصاد فيها السياسة ، بمعنى أن مقتضيات ومنعكسات المصالح الاقتصادية ضمن منظومة قوانين وعلاقات إنتاج اجتماعية ، هي التي تصنع القرارت والأطر والآليات االسياسية لتحقيق تلك المصالح . أما ما حدث في سوريا في هذه المرحلة ، هو أن مقتضيات المصالح السياسية هي التي صنعت القرارات والأطر والآليات الاقتصادية لتحقيق أهداف السياسة .. السياسة أولاً .. أي النظام أولاً . ومن ثم اندمجت السياسة بالاقتصاد بقرار واحد ، مع بقاء الغلبة للسياسة في الحركة العامة لهذا الاندماج ، للقابضين على السلطة والدولة
وقد تمت ، من خلال توظيف السلطة - الدولة بالشكل الفج المباشر ، عملية تحول أهل الحكم القادمين ، بالانقلاب العسكري ، من الطبقة الوسطى .. عسكريين .. وموظفين .. ومنتمين إلى المهن الحرة ، إلى الطبقة العليا الرأسمالية ، قابضين على السلطة والثروة معاً ، ما أدى إلى احتكار الاقتصاد إلى جانب احتكار السلطة - السياسة

وقد لعبت شخصيات عدة ، تركت بصماتها المميزة ، في هيكلة ومأسسة النظام ، حتى غدا بنية شمولية عصية على النيل منها بالوسائل العادية المالوفة ، كان أبرزها في الطاقم الاقتصادي هو الدكتور محمد العمادي ، الذي لعب الدور الأهم في عملية التأسيس الكبرى في هذه المرحلة . حيث كان وزيراً للآقتصاد والعقل الاقتصادي في عدة حكومات طوال أكثر من عقدين من الزمن وخاصة في حكومة محمود الزعبي ، التي عملت بنهج اقتصادوي فاسد على امتداد 13 سنة ، والتي كان كبش الفداء فيها رئيسها الزعبي بنحره أو انتحاره

فهذا " العمادي " ، الذي تولى عهدة وزارة الاقتصاد والتجارة ، وتسخير الاقتصاد في خدمة القرارات السياسية الاقتصادية الإرادوية المافيوية ، قد تميز في العبث بالشأن الاقتصادي ، فهو المسؤول والشريك في برنامج التنمية بالتضخم النقدي ، والمتواطيء مع قمة النظام في طرح كتلة نقدية ضخمة بحجم 40 مليار ليرة - تعادل بأسعار اليوم 4000 مليار ليرة - زعم في حينه أنها لتغطية الإنفاق الاستثماري في الخطة الخمسية الرابعة . وكان ممن لازال عندهم بقايا ضمير يقولون .. ربنا ا ستر
وقام كرئيس لوزارة الاقتصاد والتجارة بالتواطؤ ايضاً مع أهل النظام وأتاح لهم المجال للتسلط على كافة إدرات وأموال ومصائر القطاع العام ومؤسسات الدولة الانتاجية والتجارية ، الذين ا ستغلوا حتى الحد الأقصى من البشاعة مراكزهم وسخروها للاستحواز على المال العام وللإثراء غير المشروع
وقد حققت بورجوازية السلطة في هذه المرحلة من نفوذ وتراكم مالي وثراء في زمن قياسي مالم تستطع أن تحققه البورجوازية التقليدية خلال قرون عدة

النتيجة لعبث " العمادية " الاقتصادي على المستوى المجتمعي المعيشي ، رغم عوائد النفط المتزايدة عاماً إثر عام ، ورغم الدعم الخليجي السخي والمنجم اللبناني ، أن فقدت الليرة السورية قدرتها الشرائية ، وارتفعت الأسعار ما بين 50 - 100 مرة ، وانخفضت الأجور والرواتب الفعلية بشكل مأساوي ، وحدثت هوة كبيرة بين الأجور والأسعار . وفي هذا السياق لابد من الإشارة إلى أنه كانت ثلاثمئة ليرة في الشهر في أواسط البعينات تكفي للإنفاق المعيشي لأسرة شعبية متوسطة ، أما الآن فإن ثلاثين ألف ليرة أي بزيادة مائة مرة لاتغطي هذا الإنفاق ، وفقد القطاع العام دوره وثرواته وقيمه ، وبات معظمه عاجزاً مشلولاً مهدداً بالبيع والإلغاء

من إبداعات .. !! . ؟ العمادي الاقتصادية الكبرى ، التي ينبغي أن لاتنسى ، أنه عمل تحت سقف المادة الأولى من الدستور التي تنص على أن سوريا " دولة ا شتراكية " على جعل القطاع العام الصناعي وامتداداته في مؤسسات الدولة الانتاجية والاستثمارية والإنشائية ، الذي كان يحلم الكثيرون أن يكون ذات يوم القاعدة المادية لتحولات أكثر عمقاً في عملية التقدم الاجتماعي ، عمل على جعل هذا القطاع الرحم الذي احتوى وجاء بشريحة رأسمالية مؤلفة من ماليين ومالكين قد أثروا من المال العام ، حاملين سطوة السلطة والثروة .. شريحة تمكنت بنفوذها السياسي السلطوي ، من أن تشكل رأ سمالية جديدة ذات أظافر وأنياب مسلحة بحالة الطواريء والأحكام العرفية ، وأن تحتكر التعهدات والصفقات والتراخيص التجارية الكبرى الداخلية وذات الصلة بالخارج ، والتي مالبثت أن انقضت على السوق فامتلكته ، وامتلكت امتياز إعادة إنتاج الطبقة الرأسمالية وتوسيعها ، حسب معايير مصالحها ونفوذها وسلطاتها
كما أنه عمل بالتواطؤ مع التنظيم النقابي السلطوي وأهل النظام ، على تباطؤ نمو الواتب والأجور ، إلى حد كاد أن يكون تجميداً ، ليوفر فرصاً أكثر راحة للتراكم المالي للرأسمالية المستحدثة ، ضارباً عرض الحائط بكل المعايير الاقتصادية والاجتماعية العلمية والإنسانية ، ما أدى تالياً إلى الاضطراب في حركة السوق ، وإلى تفشي الفساد والعجز في أداء الدولة الاقتصادي ، وإلى انتشار أزمة شمولية على كل الصعد في البلاد . كما أدى إلى ضرورة البحث عن مخرج " إصلاحي " يفضي إلى الانتقال إلى مرحلة جديدة اقتصادية - سياسية ، لتأمين حالة ثابتة أكثر ضماناً لاستثمار الثروات المتراكمة ، بمنهجية جديدة وعقلية لاتحمل وزر المرحلة الماضية وتوحي بالثقة . ومن أجل هذه المهمة جيء بالدكتور الدردري .. أملاً في تربيع الدائرة الاقتصادية السورية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إغلاق مراكز التصويت في الانتخابات البريطانية| #عاجل


.. إيران.. تعرف على مواقف جليلي وبزشكيان في ملفات السياسة الخار




.. مقابلة خاصة مع نائب وزير الخارجية التركي ياسين أكرم سرم


.. أوضاع الشرق الأوسط وحرب غزة تحظى باهتمام كبير في قمة شانغهاي




.. نتنياهو بين ضغط عائلات المحتجزين وتهديدات ائتلافه اليميني