الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يكفل الدستور العراقي حكما ذاتيا لمسيحيي العراق ؟ !

ثامر قلو

2007 / 1 / 28
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


لا يختلف اثنان ، على أن التطورات الجارية في العراق منذ سقوط النظام الدكتاتوري السابق تحمل في طياتها أحتمالين لا ثالث لهما ، وهما اما اقامة دولة عراقية مركزية قوية تكفل للمواطنين العراقيين بمختلف شرائحهم ومكوناتهم الحقوق المتساوية في حق الاقامة وتكوين مناطقهم الذاتية على غرار المحافظات الادارية أو تطوير تشكيلة المحافظة والمحافظات الى أقاليم عن طريق ارتباط محافظة أو اكثر بصيغ ادارية مع بعضهما البعض ، وهو الامر الذي يعني مقدرة أو فسح الطريق أمام المكونات العراقية وخصوصا ذات الكثافة السكانية الصغيرة كالمسيحيين الذين يعدون من المكونات الاصيلة في العراق لتنظيم أمور حياتهم الادارية والثقافية والاجتماعية في مناطقهم التأريخية التي يشكلون فيها أغلبية السكان ، لا سيما في مناطق سهل نينوى .

والاحتمال الاخر ، الذي يرجح ان تحمله الظروف العصيبة الجارية في العراق ، هو انزلاق البلاد نحو مزيد من الفوضى ، وبالتالي انهيار المؤسسات العراقية وتلاشي سلطة الدولة ليحل محلها أمراء حرب قادمون ، يستطيع المرء تحديد ملامحهم من الآن دون عناء ، وساعتها لا تبقى لاي كان ، وليس لمسيحيي العراق فقط أي حقوق ، عدى أن الخاسر الاكبر من انهيار مؤسسات الدولة العراقية سيكون مسيحيوا العراق لفقدانهم مقومات القدرة على البقاء في بلادهم ، وهو عامل موضوعي مهم ، الى جانب اهمال وتغافل القوى الكبرى وغض النظر عن وجودهم وحمايتهم للصمود والبقاء في بلادهم العراق .

وعلى أمل التفائل الذي يحيط بالعراقيين مهما تبلغ الظروف المعقدة في العراق ، يبقى الحلم الازلي لكل عراقي ، ينطوي على اجتياز المحن العراقية ومآسيها قائما لا يلين ، لكنه من المحتم ، أن تحقيقه لن يتم عبر سلطة مشكوك في قدرتها على التعامل مع العراقيين ، على اساس المواطنة ، بعيدا عن الطائفية ، كما يتلمس العراقي عن قرب هذه الحكومات البائسة . لذلك يبقى الحلم قائما ، وتبقى حركة الحياة ، ويتطلع العراقيون ومن بينهم مسيحيوا العراق لاستتباب الوضع ، لانها تمثل المرحلة الاولى للانطلاق لنيل حقوقهم، تلك الحقوق التي لا يضر منحها أحدا من المكونات العراقية الاخرى .
من المفرح أن منح المسيحيين حقوقهم ، في العراق الجديد ، لا يحمل أي مساس بحقوق الاخرين ، فلا يوجد لهم مناطق تأريخية أزلية يطالبون بها ، كما هو شأن الاخرين ، رغم التهافت من قبل بعض التيارات الصغيرة في مجتمعهم على الغوص في بحار الاحلام بعيدا عن الواقع الملموس ، فهؤلاء ، يبقى شأنهم ، لا يتجاوز التهليل الفارغ ، وكل ما في الامر أن للمسيحيين العراقيين مناطق يقطنونها منذ الازل ، ويشكلون فيها اغلبية السكان ، يتطلعون لتطوير الحالة الادارية بها وفق القوانين المرعية .

حسب المتطلعين ، يبقى الدستور العراقي فضفاضا يحمل بذور الفرقة ، على الاقل في هذه الآوان ، حيث تفتقد الدولة للقوة الضرورية لفرض القانون ، وتكريس الاستقرار ، وقد لا يتفق معي في هذه النقطة كثيرون ، فقد تتوفر في البلاد القوة وهي المؤسسات العسكرية والقدرات المالية ، لكنها ، وهي القوة والقانون والقدرات المالية ، مرهونة تحت تصرف أناس في الحكومة ، أو هي الحكومة بعينها ليست مؤهلة للنهوض بأعباء العراق الجسيمة ، مما يعني لا يمكن بناء الدولة العصرية دون توفر المقومات الضرورية ، التي يمثل أركانها الاساسية ، حكومة تنهض باعباء الشعب كله دون تفرقة ، فضلا عن وجود قوة تنفيذية لا تتوانى عن تطبيق القانون تحت أي ظرف كان .

والدستور العراقي الجديد ، يمنح المواطنين انطلاقة كبيرة لتقرير مصيرهم بالشكل الذي يناسبهم ، مما يعني اعتباره حالة تطورية كبيرة ، لو كانت النيات صافية ، وانطلق هؤلاء كلهم للبحث عن وجودهم على محبة العراق الموحد ، لكنه هيهات ، فالآمر برمته في شأن الدستور يبقى محل شك ، لكن ما يهمنا في هذه المقالة نصوص الدستور التي تشي حول قدرة المواطنين على تنظيم أمورهم الادارية والذاتية وهي على حسب ظني المادة 140 التي تسهل للمواطنين استحداث استفتاءات للجماهير الساكنة في مناطق معينة حول تشكيل مناطق ادارية على شكل محافظة أو أقليم ، وما شايه ذلك .

عبر هذه البوابة التي تمثل المادة 140 يشع الامل الدستوري لمسيحيي العراق للبحث عن طريقة ينالون من خلالها حقوهم الادارية والثقافية ، ويكرسون من خلالها أيضا المحبة والارتباط المصيري بالعراق شعبا وحضارة وتأريخ ، فهناك في سهل نينوى ، لا غيره يمكن البحث وتكريس منطقة ادارية تتكون من القرى المسيحية في تلك المناطق التي يشكل المسيحيون أغلبية السكان فيها ، فالمسيحيون العراقيون ، هم في أمس الحاجة لدعم القوى العراقية ، أحزابهم ، ومؤسساتهم ، برلمانهم وحكومتهم لطمأنة المسيحيين على مستقبل موعود لهم في العراق الجديد ، وهو الامر الذي سوف يترك آثارا ايجابية على أفراد هذه الشريحة من العراقيين ويحول دون خروجهم وهجرتهم من بلادهم العراق ، وهو الامر الذي يعني أيضا تحفيز شرائح كبيرة من مواطنيهم المشردين في بقاع العالم وخصوصا في الدول المجاورة للعراق كسوريا والاردن للتأني مليا للعودة يوما الى بلدهم العراق .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -