الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أزمة المنظومة السياسية المصرية .. واقع يحتاج إلي إعادة قراءة

عمرو البقلي

2007 / 1 / 30
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


تأتي المتغيرات الداخلية أو الدولية الراهنة لتضع المنظومة السياسية المصرية علي المحك، حيث الحالة الداخلية و الخارجية التي أصبحت تنبأ بكوارث قادمة علي المستوي الداخلي، قد توصل مصر إلي مرحلة الإنفجار و الفوضي و إما مرحلة القبضة الأمنية الحديدية التي سوف تحول الدولة المصرية إلي جمهورية خوف، ينهار فيها كل ما تبقي من إعتبارات و حقوق ربما قد إكتسبها المواطن منذ إنقلاب يوليو و حتي اليوم بفعل الضغط الإعلامي أو السياسي الذي تشكلة بعض الجماعات الداخلية و الدولية، أو بعض الضغوط التي تمارسها الحكومات الغربية .

إذا بدأنا بمحاولة القراءة للواقع السياسي المصري الحالي نجد أن الحزب الوطني و ما يمثلة من نظام و دولة معا، قد أصبح في مفترق طرق يصعب فية تحديد الطريق الأمثل للمضي نحو الإستمرار في قيادة الدولة المصرية، و المتابع للسياسة المصرية يمكن أن يتابع مدي التخبط الذي يعاني منة النظام المصري بدءا من إعادة تعديل المادة 76 في العام الماضي ثم إعادة طرحها من جديد للتعديل، و التعامل مع إشكالية تحرك القضاة بعدة حلول متناقضة، و حالات الإختفاء و الظهور المزمن و المضطرب للوريث المحتمل جمال مبارك في الوسط الإعلامي السياسي، و علي شاكلة تلك الشواهد فهناك الكثير، حيث التضارب في تصريحات المسؤلين الحكوميين، و تناقض الخطابات الرئاسية أحيانا علي المستوي الضمني، فما كل تلك الشواهد إلا تعبير واضح عن وضع صعب يعيشة النظام يجعل الخيار الأفضل للنظام هو إبقاء الحال علي ما هو علية علي المستوي السياسي و الإقتصادي و الأمني و تأجيل التوريث أو علي الأقل محاولة إيجاد صيغة تضمن حدوثة بأقل حجم من الخسائر عن طريق شراء المعارضين أو إبتزازهم و إقصاء بعضهم مع تشديد القبضة الأمنية حتي لا تظهر أي تململات علي المستوي الشعبي أو إنقلابات إجتماعية قد تدمر جزءا من سيطرة النظام علي الدولة، مع محاولة إستخدام الحلول المخابراتية للتفاعل مع السياسة الخارجية الإقليمية و فتح طرق جديدة دبلوماسيا مع دول الشرق من إجل إحداث أي توازن مع حالة الضغط الأوربي و الضغط الأميركي الذي بدأ يطل برأسة من جديد مع إعادة الحديث عن ضرورة بذل مصر مجهودا أكبر في مكافحة الإرهاب و فتح الباب من جديد علي قضية المعارض أيمن نور.

لكن يتضح أن هذا الحل سيضع النظام في موقف المقامر الردئ الذي لا يعلم ما سوف تحملة لة الطاولة الخضراء، حيث الوضع الإقتصادي المصري المنهار و مستويات التضخم و البطالة المرتفعة، بالأضافة إلي زيادة حجم هيكل الدولة الوظيفي الذي أصبح يثقل كاهل النظام و يمنعه من الأستمرار رغم حاجتة الماسة لهذا الهيكل الوظيفي كأحد أدوات بقاء النظام منذ إنقلاب يوليو و حتي اليوم، بالأضافة إلي التقلص المستمر لتأثير النظام علي مستوي السياسة الإقليمية و تأخر القدرة علي السيطرة أو التفاعل مع ما يستجد في المنطقة من تغيرات، مما يقلص من حجم الدعم الخارجي للنظام سواء علي المستوي الإقتصادي أو السياسي، حيث يؤكد الوضع الحالي علي أن الإتجاة نحو القبضة الأمنية سيكون متشددا و أحيانا مضطربا في الفترة القادمة تجاة أي عوارض سياسية أو إجتماعية، و لعل من يتابع تزامن حملة الإعتقالات الواسعة في صفوف جماعة الإخوان مع الإستنفار الأمني المبالغ فية للغاية في التعامل مع قضية سفاح حي المعادي، يلحظ حالة من الهياج لدي الجهاز الأمني لم نعتادها في الغالب و كان أبرزها قضية التحرش الجنسي الذي تم بصورة جماعية في وسط القاهرة منذ شهور قليلة رغم أنة من حيث الظواهر الإجتماعية يعتبر أكثر خطرا علي المدي البعيد من قضية السفاح و التوربيني و كل تلك القضايا الفردية .

علي مستوي المعارضة المدنية أو من هم خارج إطار النظام و الإخوان المسلمين إن صح التعبير، لا يمكن بأي حال من الأحوال إعتبار حالها مختلفا عن الحزب الوطني، فهي اليوم أيضا أمام منعطف أخطر من منعطف الحزب الوطني، فقد وصلت المعارضة المصرية تقريبا إلي حد الإفلاس السياسي بعد أن إستنفذ اليمين و اليسار معظم فائض القيمة السياسي الذي تكون في خلال العقود السابقة سواء عن طريق التأكل الذاتي بفعل الثقافة الشمولية و الأمنية التي تسيطر علي عقلية القيادات العليا و النفعية الشديدة التي تسيطر علي قيادات الصف الثاني داخل المعارضة، أو عن طريق الإنشقاقات الطبيعية حينا و الأمنية حينا أخر، و التي لا يخرج منها سوي إعادة إنتاج الشمولية بصيغ أقل فداحة، مع الإلتزام بنفس أليات الخطاب السياسي، ليتحول الخطاب السياسي لكل أطياف المعارضة إلي ما يشبة الجريدة الواحدة ذات الأبواب المتعددة و لكل حزب تخصصة و صفحتة الخاصة لكن في النهاية السياسة التحريرية واحدة و الخطاب واحد، بالأضافة إلي حالة الحصار القانوني و الأمني الدائم الذي يحاصر الأحزاب، لا سيما المقصلة النظامية المسماة لجنة شؤون الأحزاب و التي بمقدورها أن تحيي و تعدم أي قوة سياسة لا تروق للنظام .

أما المعارضة الدينية و تتمثل أكبر أجنحتها في جناح الأخوان المسلمين، فقد جرت علي إنشاء دولتها الخاصة لكن حتي الأن بلا جناح عسكري، فمؤسسات إقتصادية و خدمية و إجتماعية و إعلامية، و خطاب ديني و سياسي لا يختلف كثيرا عن الخطاب الرسمي للدولة، إلا في بعض القضايا التي يتحرر فيها الإخوان من ضغوط السياسة الدولية فيكونون أكثر قدرة من الدولة الرسمية في إتخاذ مواقف تبني علي أساس عقائدي و أيدلوجي، بالأضافة إلي حالة التباعد القوي في الخطاب السياسي بين كل الدرجات التنظيمية في الجماعة فبإستثناء المرشد العام الذي كثيرا ما يفقد صوابة في التصريحات السياسية و ينزل إلي موقع الكوادر السفلي، نجد أن أن القيادات العليا في الجماعة كثيرا ما تستخدم المرادفات المدنية و الحقوقية في تصدير خطاب الجماعة السياسي، و كلما إنخفضت ترتيبات الكوادر كلما زاد التطرف و العقائدية في الخطاب، لدرجة أن مقارنة الخطاب السياسي لأحد شباب الأخوان و خاصة الريفيين، مع خطاب أي من الكوادر العليا ربما يصيبك بالصدمة من فرط التباعد بين وجهتي النظر، مما يصعب علي قيادات الإخوان أحيانا قدرة التحكم في المستويات التنظيمية الدنيا و لعل حادث الإستعراض الميليشياوي في جامعة الأزهر كان أبلغ دليل علي ضعف السيطرة التنظيمية، حيث ظهر الطلبة و كأنهم من ميليشيا الجهاد الإسلامي السلفية، بينما القيادات هم من حماس الإخوانية، و لعل الدارس للحركات الإسلامية يعلم مدي الفرق بين السلفية الجهادية و الإخوان، إضافة إلي المعالجة الأمنية العنيفة لملف التيارات الإسلامية، و رفض النظام قيام أي تجربة إسلامية مدنية تقدم نموذجا يشبة النموذج التركي لحزب العدالة و التنمية يستطيع أن يفتت التيارات المتشددة أو يحتويها و يمتص تطرفها و يدفعها نحو البديل المدني بدلا من دفعها نحو البديل العنيف ردا علي السياسة الأمنية المتعنتة .

في ظل هذة الصورة السودوية للمنظومة السياسية المصرية، أصبح المواطن المصري بين حزب حاكم إستنفذ كل محاولات البقاء و إرتكب أخطاءا سياسية فادحة بدأت مع تهميش الأحزاب المدنية و إضعاف قدرتها علي التفاعل مع الشعب و رفضة الدائم للأنتقال إلي طور الجمهورية الثانية، مع إبقاؤة علي تراثة البيروقراطي و الأمني الذي ورثة من إنقلاب يوليو، و معارضة مدنية ممسوخة المعالم تسيطر عليها العقلية الشمولية و الأمنية و أحيانا الماسوخية، و معارضة دينية متضاربة و متفككه الخطاب و لا تقدم جديدا يختلف عن أليات النظام سوي السلفية التاريخية و الرؤي المتضاربة الكهنوتية، يبقي المواطن المصري بين من لا يمثلة سياسيا بسبب رفض النظام التأسيس لأي حزب جديد و لأي قوي مدنية بأن تشكل مجتمعا مدنيا سليما، و بين الخوف من المستقبل الذي من الواضح أن غموضة أصبح يصعب علي أعتي المنجمين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل بات اجتياح رفح وشيكا؟ | الأخبار


.. عائلات غزية تغادر شرق رفح بعد تلقي أوامر إسرائيلية بالإخلاء




.. إخلاء رفح بدأ.. كيف ستكون نتيجة هذا القرار على المدنيين الفل


.. عودة التصعيد.. غارات جوية وقصف مدفعي إسرائيلي على مناطق في ج




.. القوات الإسرائيلية تقتحم عددا من المناطق في الخليل وطولكرم|