الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن اي ديمقراطية يتحدثون

عالية بايزيد اسماعيل

2007 / 1 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


أية ديمقراطية تلك التي يوعدنا بها ساستنا وقادتنا ومن ورائهم قوات التحالف ( الاحتلال ) منذ نيسان 2003 وهم يملأون أسماعنا ويتشدقون بها ليل نهار طيلة المرحلة الماضية , أية ديمقراطية ومجتمعنا يعاني من أزمات وانتكاسات لاتحصى منذ حرب (التحرير ) وهو يسير من سيئ الى أسوأ , وأين هي تلك الشعارات التي جاؤا بها إلينا والتي كان أولها الديمقراطية وآخرها الحرية مرورا بالعدل والمساواة والرفاهية والانفتاح والتقدم والتطور والتي تعبر عن مجمل الفكر الليبرالي الحر , هذه كلها اختفت وتبخرت عمليا بعد فترة وجيزة واستبدلت بشعارات أخرى جديدة لاعلاقة لها بالديمقراطية لامن بعيد ولامن قريب حتى أصبحت ثقافة الخوف والإرهاب والوعود الكاذبة

وملأ الجيوب من أفواه الجياع هي السائدة بعد رفع شعار الوساطة والولاء والمحسوبية وإغراق البلد بالمشاكل والأزمات حتى في ابسط ضرورات الحياة , تلك الممارسات أثبتت بما لايدع مجالا للشك بأننا بلدا ابعد ما نكون فيه عن الديمقراطية وثقافتها وإلا أية ديمقراطية تلك التي نعيشها بعد حرب ( التحرير) والقضاء على الدكتاتورية , هل هي ديمقراطية الفوضى وعدم الاستقرار أم ديمقراطية تفاقم الأعمال الإرهابية والجريمة المنظمة , أية ديمقراطية والبلد يعيش الخراب والدمار حتى أصبحت مدن العراق أشبه بمدن الأشباح , أية ديمقراطية والخدمات العامة والضرورية في تراجع منتظم يوما بعد يوم , هل هي ديمقراطية تفكيك المجتمع والعودة به الى العصور الغابرة أم هي ديمقراطية الفساد المستشري في جميع مفاصل الحياة وفضائح سرقة المسؤولين أموال الشعب والتنصل من المسؤولية والهروب من البلد على طريقة أفلام جيمس بوند , هل هي ديمقراطية إرهاب المليليشيلت المسلحة التي تحصد آلاف الأبرياء أم ديمقراطية الاختطاف الجماعي للموظفين والعاملين والرياضيين والتجار والعمال من أماكن عملهم في وضح النهار تحت سمع وبصر رجال الشرطة , هل هي ديمقراطية تبادل السباب والشتائم وكيل الاتهامات المتبادلة بين المسؤولين وقادة الكتل والأحزاب وعلى مرأى العالم اجمع عبر شاشات القنوات الفضائية أم ديمقراطية ملاحقة الليبراليين والعلمانيين وأصحاب الفكر الحر وتصفيتهم, هل هي ديمقراطية فرض الدين بالقوة على المجتمع ومؤسساتها أم ديمقراطية فرض الحجاب على النساء والفصل بين الجنسين في الدوائر والمؤسسات والجامعات والمدارس وجميع مرافق الدولة , هل هي ديمقراطية تصفية العلماء والأطباء وأساتذة الجامعات والفنانين والمثقفين والمبدعين لإفراغ البلد من كوادره العلمية والثقافية , أم ديمقراطية استخدام الدين كسلاح لقمع الحياة العامة وتأجيج الخلافات الطائفية والدينية , هل هذه هي الديمقراطية التي أرادوها لنا والتي يتبجح قادتنا بسبق تحقيقها لأول مرة في المنطقة؟ ..
وبعد كل ذلك الايحق لنا أن نتساءل عن أية ديمقراطية يتحدثون وما مدى إمكانية تطبيق الديمقراطية في العراق وهل ممكن أن يكون العراق بلدا ديمقراطيا وهو الذي يتكون من عدة أطياف دينية ومذهبية تتصارع فيما بينها وتتعصب لمنهجها ولا تحترم الرأي الآخر لمجرد المخالفة في الرأي والتفكير , إن الخلل في خطأ تطبيق الديمقراطية في العراق تكمن في إننا نعيش مرحلة تحول سياسي واجتماعي واقتصادي وثقافي , تحول من مرحلة الى أخرى مع بقاء المفاهيم السابقة نفسها دون تغيير . والجانب الآخر هناك ضعف في الوعي العام والوعي السياسي بالتحديد لدى الغالبية مع الجهل بالمفاهيم والقيم الديمقراطية حتى أن اغلب ساستنا لايفقهون معنى الديمقراطية ولا يدركون معانيها لأنهم يعيشون في عالم متناقض بين الديمقراطية وثقافة الاستبداد بين الدين والدولة بين الانفتاح على ثقافة التطور وبين الانغلاق والتعصب , مما اثر سلبيا على الأوضاع العامة واندلاع الإعمال الانتقامية والعنف والمواجهات المسلحة رغم الجهود المتواصلة لإحلال السلام بل إن الاقتتال زاد عن قبل والأعمال التخريبية أخذت مناحي خطيرة باتت تهدد وحدة العراق وشعبه بعد أن أخذت صبغة طائفية وما يرافقها من تهجير طائفي قسري وقتل على الهوية , نحن إذن نعيش في عالم متناقض يغيب عنه القانون وسلطة الدولة والحريات العامة يوما بعد يوم , عالم يسيطر فيه أغلبية يعيشون هم أنفسهم ضياع الفكر والتشتت بين أمور الدين وشؤون السياسة حتى أصبح الانتماء الديني والمذهبي والطائفي أقوى من الانتماء الوطني وهنا يتحمل قادة الأحزاب والمكونات والمنظمات السياسية مسؤولية ومهمة إخفاق الديمقراطية بسبب الموروث العشائري والطائفي والمذهبي الذي يطغي على جميع مناحي الحياة واستمرار ثقافة الاستبداد التي كانت سائدة طيلة العهود الماضية مع ما حملته من سلطة طغيان واستبداد جرت على هذا الشعب الكثير من الويلات وأدخلت البلاد في حروب مدمرة أذاقت فيه الشعب الظلم والاستعباد وزرعت الخوف والرعب مع فقر وقهر وحرمان وما زالت تتحكم في جميع مفاصل الحياة , فلا يزال مجتمعنا يعاني من آفات وأزمات عديدة لاتحصى بينما ينعم قادتنا بامتيازات لاحصر لها ضمن حدود المنطقة الخضراء على حساب هذا الشعب الذي عانى الأمرين في ظل القيادة القديمة والقيادة الجديدة .
إن الديمقراطية لاتبنى بين ليلة وضحاها إنها مرحلة تاريخية متدرجة ينشأ عليها المجتمع بعيدا عن الأفكار المتزمتة وان التجربة الديمقراطية العالمية أصبحت جزء لايتجزأ من الحضارة الإنسانية ولم تعد مجرد نظريات بل هي الخيار الوحيد الذي لابديل عنه لكل الدول التي تسعى للتطور والتقدم وان أي فشل للديمقراطية يعني فشل استغلال فرصة اللحاق بركب الحضارة والتقدم .فمتى يتعظ ساستنا وعن أية ديمقراطية يتحدثون ؟ .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح


.. الرئيسان الروسي والصيني يعقدان جولة محادثات ثانائية في بيجين




.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط