الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مأساة الشرق الأوسط بين الأسباب الجوهرية والثانوية

محمد نفاع

2007 / 1 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


الحل هو في الرفض القاطع للدور الامريكي الاجرامي البشع
هنالك مرارة صادقة، عادلة، عربية وانسانية حول ما جرى ويجري في هذه المنطقة، مرارة قد تصل بالبعض الى اليأس والاحباط، والى تيه واسع قاحل من الافكار والمواقف والاستنتاجات، وهذا امر في غاية الخطورة، فبدل ان ترتوي ارض العراق بدم الغزاة والمحتلين حتى كنسهم وتنظيف ارض الرافدين من هذا الوباء الاحتلالي الدنس والمعدي في نفس الوقت، يدفع الشعب العراقي شلالات من دم ابنائه ويظل احيانا الفاعل مجهولا او شبه مجهول، وهذا الدم ليس كله ثمنا للتحرر من الغازي المحتل المجرم والمتمثل بالامبريالية الامريكية ومخططها الجهنمي المتمثل بأبشع انواع الاستغلال والاضطهاد ودوس الحضارة وخلق عالم يدور في فلكها يسهل عليها البطش واشباع الجشع اكثر، بل ان قسما من هذا الدم هناك جاء ليكون بديلا لدم الغزاة، وهذا ما تعنيه الخطة الاستراتيجية الجديدة – وضع العراقيين في المقدمة في مواجهة المقاومة البطلة، أي ان هذه المقدمة العميلة جدا هي التي ستقتل وهي التي ستكون الضحية، ويبقى الغزاة يقومون بدور المجرم المخطط والمموّل والرابح والمستغِل بهدف تقليل قتلاهم، خاصة والعالم في بداية حركة شعبية تتصاعد في الولايات المتحدة ضد سياسة جورج بوش الاجرامية في العالم وفي العالم العربي بشكل خاص.
منذ بداية احتلال العراق قُتل وجُرح وشُرد وهرب الملايين من الناس، فهل هذه هي الحرية التي وعد بها الشعب؟ وهل هذا هو الامن؟ وهل هذه هي الدمقراطية!! هل الوضع الاقتصادي والمعيشي افضل!! لا شك ان الاحتلال سيندحر، وكلما كان ذلك اسرع كان افضل، وكلما كانت خسائر الاحتلال افدح واكثر كان ذلك اضمن، كثيرون بدأوا يشبهون العراق بالفيتنام، فحبذا لو توجه كافة الاسلحة الى صدر ونحر وظهر المحتل تماما كما قال المناضل الفيتنامي هوشي منه: ليس من العار ان يدخل العدو الى بيتك، الى وطنك، العار كل العار ان يخرج حيا. هذا ليس حبا في سفك الدم بل حبا في حقن الدم، حتى يكون درسا آخر للمعتدي والمحتل في كل مكان.
قد يكون هنالك دور ايراني سلبي، وقد يكون هنالك قتل على اساس مذهبي وعشوائي والى آخر هذه الاقاويل، لكن من الذي نمّى وخلق هذه التربة الملائمة الخصبة لهذا القتل؟ هو الاحتلال تحت "راية الحرية والدمقراطية"، قلما عرف التاريخ في العقود الاخيرة رئيسا يتمتع بهذا الحجم من الاجرام والكذب مثل الرئيس الحالي جورج بوش، وكما قلنا له اولويات في مدى الكذب والاجرام والتزييف والصلف والمتاجرة بمصائر شعوب كاملة من اجل مصلحة ادارته ورئاسته وحزبه واستغلاله، من نمّى هذا التفتّت الوطني الى مجموعات ودويلات قومية وطائفية ومذهبية!! هذا الواقع هو جزء مسهّل للهيمنة والعولمة والنظام العالمي الجديد، وليس فقط مسهّلا بل سيصبح بالتالي واقعا دمويا في خدمة الاحتكارات، على حساب الانتماء القومي والوطني والطبقي والاجتماعي، هذا هو الخطر وهذا هو المخطط، ومن هنا تأتي اهمية التمسك بالانتماء الوطني والقومي التقدمي، والطبقي الاجتماعي الحاسم والمصيري في وجه هذا المخطط الدموي الاجرامي، والحل لا يكون بالعظات والنصائح، بل باطفاء نار هذا المخطط الجهنمي وعدم الابقاء عليه والا فسيظل:
أرى خلل الرماد وميض نار
ويوشك ان يكون لها ضرام
هذا الدور هو دور شعبي، جماهيري، بغض النظر عن أي انتماء آخر، الانتماء الانساني هو الاوسع والاشمل، الانتماء الطبقي الاجتماعي هو الاوسع والاشمل، وفي هذا الانتماء ينضوي كل انتماء آخر، هنا يوجد مكان لكل من يرى في الامبريالية والاستغلال والاضطهاد عدو البشرية، عدو الشعوب، عدو كافة الطوائف والمذاهب من شيعة وسنّة، من مسلمين ومسيحيين، من علمانيين ومتدينين، هذا هو المجموع الذي لا يقهر، هذا هو السدّ المنيع في وجه المد الامبريالي حتى يخسر، وهنالك تجارب غنية للشعوب في هذا المضمار، وهكذا يجب ان يكون الخطاب السياسي.
ولا يحسبنّ احد منا ان ما يجري في لبنان بعيد عن هذه المعادلة، امريكا ضالعة جدا في العراق المأساة، وامريكا ضالعة جدا في لبنان قبل العدوان الاخير وخلاله وبعده ولسنا بحاجة الى مجهر ولا الى عيون زرقاء اليمامة لنعرف ضلوع امريكا وعملائها في لبنان، "المساعدات" الامريكية تخدم هذا الهدف، وباريس 3 تخدم هذا الهدف وستعود على الامبريالية الامريكية بالربح ورأس المال اضعافا مضاعفة ولكن الثمن هو دم الناس، ومنهم من يقع في هذا الشرَك الخبيث واللئيم.
ومن يحسب ان امريكا ليست ضالعة في فلسطين وغزة مباشرة او عن طريق اسرائيل المحتلة واحيانا تحت مظلة الدول المانحة بشروطها الابعد ما تكون عن الحرية والدمقراطية يكون مخطئا خطأ جسيما، قد تبدو هذه الامور في غاية التعقيد اذا اخذت بالاعتبار مختلف الحجج والمجاملات والديباجات والقرارات التصالحية وتقاسم المسؤولية وأخذ الموازين بعين الاعتبار ورؤية المتغيرات الخطيرة في عالم اليوم والربط بين ما هو محلي ومنطقي وعالمي..
لكن القضية في غاية الوضوح، هناك عدو اساسي متمثل بالامبريالية الامريكية وعملائها ومن يدور في فلكها من انتهازيين وضيقي الافق والمتعصبين وكل هذا يصب بالتالي في مصلحة العدو الجوهري.
الحل هو في الرفض القاطع للدور الامريكي الاجرامي البشع في كل بقعة من العالم، وفي كل مدخل تحاول الولوج منه، وفي كل مجال، وهذا ينطبق على الجوانب الفكرية والطبقية والاجتماعية والاخلاقية والثقافية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. واشنطن بوست: صور جوية تكشف ملامح خطط إسرائيل لما بعد حرب غزة


.. المعارضة الكردية الإيرانية تصف طلب إيران بجمعها في مخيمات بـ




.. عشرات القتلى والمصابين في هجمات إسرائيلية على مناطق عدة في ا


.. دانيال هاغاري: قوات الجيش تعمل على إعادة 128 مختطفا بسلام




.. اللواء الدويري: الجيش الإسرائيلي يتجاهل العوامل الغير محسوسة