الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا أتت أميركا إلى العراق؟

محمد سيد رصاص

2007 / 2 / 1
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


كان الاحتلال الأميركي للعراق من أهم الأحداث المفصلية التي شهدتها المنطقة منذ انهيار الدولة العثمانية.رغم ذلك,فإن هذا الحدث لم تعالج مرامي وأهداف واشنطن منه,بشكل منهجي ودقيق,من قبل الباحثين العرب,بل تُرك الأمر إلى الأهواء الايديولوجية:الاسلاميون يقولون بأن الأميركان قد أتوا لمحاربة الاسلام,والقوميون يتحدثون عن ضمان أمن اسرائيل,فيما يقول اليساريون أنه النفط,بينما نرى الليبراليون وهم يتحدثون عن اتجاهات أميركية جديدة عقب 11أيلول إلى اسقاط ديكتاتوريات المنطقة ونشر الديموقراطية.كمالم تتناول الأقلام العربية,من جهة أخرى, الذرائع الأميركية لاحتلال بغداد(أسلحة الدمار الشامل-ادعاءات نشر اليموقراطية.............إلخ)إلامن خلال تناولات غلب عليها السجال الدعائي المضاد.
في الستينيات,قال الجنرال ديغول:"من يتحكم بمصير الشرق الأوسط سيقرر مصير العالم",حيث يلاحظ ,في هذا الصدد,بأن الامبراطوريات العالمية أول ماتفكر,بعد أن تستقر أمورها في جوانب المركز,بالمبادرة للسيطرة على المنطقة الممتدة بين دجلة والنيل:حصل هذا من قبل قورش الفارسي وخلفائه بين عامي(539-525ق.م),ومن قبل الإسكندر المقدوني(336-323),ثم من قبل روما بين عامي(64-31) حتى حجزها الفرس عند الفرات,فيما رأينا المسلمون وهم يتحولون إلى قوة عالمية بعد فتح االعراق والشام ومصر,وهو ماحصل أيضاً بعد سيطرة العثمانيين عليها,ثم كانت سيطرة لندن وباريس على المنطقة المذكورة بين عامي1882و1918عاملاً أساسياً في ازدياد التوتر الدولي مع برلين وحاجزاً كبيراً أمام نمو قوة دولية مضادة للعاصمتين.
كانت السيطرة على منطقة الشرق الأوسط عنواناً كبيراً من عناوين الحرب الباردة بين موسكو وواشنطن,وخاصة بعد تضعضع قوتي لندن وباريس في الخمسينيات,وبالذات بعد حرب السويس,التي طرح على إثرها الرئيس الأميركي أيزنهاور مبدأ(ملء الفراغ):كان ميلان الكفة لصالح واشنطن في المنطقة بعد حرب 1967عاملاً أساسياً في حسم صراع القطبين لصالح واشنطن على الصعيد العالمي,ويلاحظ ,هنا,بأن الولايات المتحدة,بعدأن حسمت الأمور في أوروبا الوسطى والشرقية في خريف1989,قد اتجهت إلى تركيز سيطرتها على منطقة الشرق الأوسط من خلال اتجاهها إلى التحرش بالعراق,عبرقضايا(تجسس فرزات بازوفت)-آذار 1990-و(الكيماوي المزدوج)-نيسان1990-حتى تمَ وضع صدام حسين في الزاوية الضيقة التي اختار منها ممارسة خطيئة غزو الكويت-آب1990-,وماتولد عن ذلك من تطورات,خلال عقد كامل,كان من الواضح أن السيطرة على المنطقة هي عنوان رئيسي لجهود الإمبراطورية الأميركية الجديدة,التي حصًلت لأول مرة ,منذ روما,وضعية القطب الواحد للعالم.
يروي(بوب وودورد)في كتابه:"بوش في الحرب",بأن رامسفيلد,ونائبه بول وولفوفيتز,كانا يضغطان,بالاجتماع الذي عقده مجلس الأمن القومي الأميركي باليوم الثاني للحادي عشر من أيلول,لصالح"سياسة كانت تريد جعل العراق الهدف الرئيسي للجولة الأولى من الحرب على الارهاب...............-كماأشار رامسفيلد إلى-الإمكانية المتاحة التي تجعل من الممكن استغلال الفرصة التي توفرت عبر الهجوم الارهابي للذهاب إلى صدام حسين مباشرة"(ص49,من طبعة نيويورك2002),إلى أن جرى تحويل ذلك إلى سياسة مقرَرة,بعد"نزهة أفغانستان",عبر خطاب بوش عن (حالة الإتحاد)في الشهر الأول من عام2002.
ربما,وضع الأميركان الكثير من البهار على طعامهم المعد لمائدتهم العراقية,وخاصة (المحافظون الجدد) منهم من أمثال وولفوفيتز وريتشارد بيرل ودوغلاس فايث الآتون من خلفية تروتسكية سابقة,لما تصوروا صيغة جديدة من(الثورة الدائمة),أرادوا نقلها بحرفيتها من صيغتها الاشتراكية التروتسكية إلى مجال(الديموقراطية),متصورين بغداد في وضعية موسكو1917لما أراد تروتسكي تصدير الثورة إلى الغرب. إلاأن ذلك لم يضع أكثر من قشرة رقيقة على الأهداف الاستراتيجية من غزو العراق,كما حددها شخص(هو أقرب إلى (المدرسة الواقعية)التي أسسها كيسنجر)مثل وزير الخارجية كولن باول لما قال ,قبل أسبوعين من الحرب,بأن الهدف هو"إعادة صياغة المنطقة",وهو شيء من الواضح عنده,وعند حركة الإدارة الأميركية في مرحلة مابعد سقوط بغداد يوم9نيسان2003,بأنه لايلامس جدول أعمال ايديولوجي,وإنما يلامس الجغرافية-السياسية للمنطقة,حيث تتيح عملية السيطرة على العراق منصة كبرى لإعادة صياغة المنطقة أوللسيطرة عليها بشكل مباشر أوللتحكم بها من خلال بلاد الرافدين التي تضم مكونات مكثِفة لبنية المنطقة الطائفية والدينية والقومية,والتي كانت أيضاً حاضناً رئيسياً لمجرى تاريخ المنطقة.
أعطت واشنطن الإنطباع,منذ زيارة الوزيرة رايس للمنطقة في أوكتوبر الماضي وحديثها عن"قوى متشددة وقوى معتدلة"بالمنطقة,بأنها قد وضعت جانباً"الخطاب التغييري الديموقراطي",وأنها ستتعامل مع بعض النظم القائمة في سبيل احداث تغييرات استراتيجية بالجغرافية السياسية للمنطقة عبرتحجيم قوى اقليمية متمددة,أولحلحلة الأمور الأميركية في العراق,حيث تدرك واشنطن بأن نجاح مشروعها للسيطرة على المنطقة سيؤدي لاستقرار وضعية القطب الواحد للعالم,فيما هزيمتها فيها ستجعل هذه الوضعية مهزهزة,كما تدرك بأن السيطرة على الشرق الأوسط,بماتعنيه من امساك حنفية النفط الرئيسية للعالم,هي التي ستجعلها تتحكم بعملية منع نشوء قطب عالمي منافس ,ربما يكون طريقه إلى العملقة السياسية-الأمنية ماراً عبر العملقة الاقتصادية.
سيعتمد ذلك,كله,على ماسيجري في العراق,بالمديين القصير والمتوسط............










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كير ستارمر -الرجل الممل- الذي سيقود بريطانيا


.. تحليق صيادي الأعاصير داخل عين إعصار بيريل الخطير




.. ما أهمية الانتخابات الرئاسية في إيران لخلافة رئيسي؟


.. قصف إسرائيلي يستهدف مواقع لحزب الله جنوبي لبنان | #رادار




.. سلاح -التبرعات- يهدد مسيرة بايدن في السباق الرئاسي! #منصات