الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فرصة اللحظات الأخيرة

حبيب هنا

2007 / 2 / 3
القضية الفلسطينية


ثمة لحظات حرجة تمر بها الشعوب تاريخياً، من شأنها المحافظة على كينونتها وتثبيت الاستقراء والسلم الأهلي والسعي نحو النماء والتطوير بغرض توفير المناخات المناسبة التي تساعد على تفعيل دور المؤسسات الأهلية من أجل بلوغ مرحلة متقدمة من بلورة المجتمع المدني الذي يحكم سلوك مختلف الشرائح الاجتماعية ويخضعها للقانون؛ وثمة لحظات أخرى لا تستطيع فيها القوى السياسية القبض على السياق التاريخي لتفاقم الأزمة، فتأخذ بالاستشراء داخل المجتمع ويصبح بالتالي عرضة لكل الاحتمالات بما فيها من فوضى وعدم انضباط وتعريض الاستقرار إلى مزيد من التدهور، الأمر الذي من شانه أن يضع المنجزات التراكمية في مهب الريح ويسيطر الفلتان والشللية واخذ القانون باليد على أوسع القطاعات، فلا يعد بإمكان القوى السياسية إعادة الأمور إلى نصابها على الرغم من تقديم المزيد من التنازلات لبعضها البعض على أمل المحافظة على ما تبقى من السيطرة على مقدرات الوطن ومكتسباته.
وما يصلح في الحالة الأولى، ليس بالضرورة مواتاته بالحالة الثانية، بحيث لا يمكن التعويل إلى ما لانهاية على الطاعة العمياء حتى وان كانت على حساب الكل الوطني الجمعي، لاسيما وبعد أن يستولى المغامرون على مقاليد التصرف بمستقبل الناس والوطن، ذلك أنه من الصعوبة بمكان التنازل عن طيب خاطر عن الزعرنة والتحكم بأرواح الناس والسيطرة على الشارع بقوة السلاح والرجال وإرهاب المواطنين، عندها يكون الأمر قد فلت من عقاله ويصعب معه إعادة الوضع إلى سالف عهده.
ولأن الحكماء غالباً، يقبضون على أهم اللحظات التاريخية في حياة الشعوب، نجد أن تدخلهم يكون عادة في اللحظة المناسبة وقبل فوات الأوان إذا ما كانت النوايا صادقة نحو ترميم ما يمكن ترميمه قبل استعصاء الأمور ودخولها متاهة الصراعات التي لا تبقي ولا تذر، خاصة في أعقاب تكرار مشهد الصدامات وسقوط القتلى والجرحى عند كل حدث هنا أو هناك، ولكن الحديث المجرد، لا يعطي الانطباع بالرغبة في معالجة موضوعية لما يدور على الأرض، ونقصد هنا الأحداث على الأرض الفلسطينية، إذن لابد من الحديث الحسي الملموس.
لقد تكررت الدعوات إلى التهدئة، واجتمع بعض وفود الدول مع طرفي الصراع (فتح وحماس) دون تحقيق النتيجة العملية على الأرض ومعالجة جذر المشكلة وتفاعلاتها، وكان الاكتفاء على الدوام يعتمد على الهدوء المؤقت الذي سرعان ما يذوب جليده عند بزوغ تباشير الشمس، الأمر الذي كانت جريرته تفاقم الأزمة وصعوبة اختيار أفضل طرق المعالجة، مما أتاح مزيد من التدهور عند كل محطة وسقوط أعداد أكثر من الضحايا، حتى غدا الوضع عرضة لمناخات عاصفة تجتث المنجز الوطني المتراكم من جذوره ويعيد بالتالي كفاح الشعب العربي الفلسطيني إلى مربع البدايات.
من هنا، كان لابد من التذكير بما يحدث على الأرض والاستفادة من تكرار نفس الأخطاء على مدار العام الذي مضى على فوز حركة حماس بالانتخابات وحجم الضغط الذي تعرضت له ومازالت والذي في محصلته النهائية هو ضغط على الشعب الفلسطيني الذي يدفع الثمن طوعاً أو إرغام.
ولأن فرصة اللحظات الأخيرة، ينبغي أن نأخذها بعين الاعتبار، ينبغي في الوقت نفسه أن نحذر مما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع الفلسطينية إذا ما فشلت جهود الوساطة والتي أقل ما يمكن أن يقال فيها، أنها ستذهب بالوطن أرضاً وشعباً إلى الموت الذي لا بديل عنه إذا لم نستفد من الأخطاء الماضية.
هذه الفرصة تأتي في سياق دعوة السعودية إلى استضافة وفدي فتح وحماس من أجل إنهاء الأزمة بينهما وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية الذي كثر الحديث عنها حتى غدا المواطن يمقتها قبل أن تظهر إلى النور. على أن السعودية أكثر الدول العربية التي تملك أوراق الضغط على الفرقاء، الأمر الذي يفضي بنا بداهة إلى أن فشلها هذه المرة سيحمل في طياته عدم إمكانية نجاح أي وساطة أخرى مهما كانت النوايا حسنة، بل سيجعل ردة الفعل عند الطرق أصعب وأشد بكثير مما شاهدناه على الأرض حتى الآن، علماً بأن التصعيد بينهما لم يكن حتى هذه اللحظة يحمل في طياته اللا عودة إلى طاولة المفاوضات بقدر ما كان يعني تحسين شروط التفاوض وتحقيق منجز فئوي ضيق لا يضع مصلحة الوطن فوق كل الاعتبارات.
فهل لنا إن نستثمر فرصة اللحظات الأخيرة بما يخدم مشروعنا الوطني ؟ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجندي الأمريكي موريس مورفنت: انتماؤه الى -كاجان-، مكنه من أ


.. مرشحو الانتخابات الإيرانية: من يصل إلى قوائم الإقتراع؟




.. جنوب أفريقيا: ملف ملكية الأراضي الزراعية يلغم نتائج الانتخاب


.. خامنئي: من قام بعملية {طوفان الأقصى} أفشل المخطط الكبير للشر




.. حماس تنظر بإيجابية إلى مقترح بايدن لوقف إطلاق النار في غزة