الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مافياوية حروب (القائد) المُغيّب

فاروق صبري

2003 / 7 / 27
اخر الاخبار, المقالات والبيانات



 
نيوزلندا

قبل وأثناء حرب بوش_صدام تنافس المناضلون القوميون والثورجية اليساريون في تصعيد وتيرة أناشيد حلم اليقظة العتيد ومجد الماضي التليد , محرضين ( الشعب العراقي البطل ) على توسيع مساحات مقابره وجراحاته , خسائره وانتكاساته, متنبئين لا بل مُتيقنين (مثل وزيرهم الدعائي الصحاف , السوبر ستارت وفق توصيف صبحي حداد مراسل إذاعة لندن في العراق ) وقائلين : بأن ( العلوج ) سوف ينتحرون إن لم يكن على أبواب بغداد فعند بوابة القصر الجمهوري أو تحت تمثال( القائد ) في ساحة الفردوس !!!!
ولكن بعد أن نحر ( العلوجُ ) التمثال وغُيّب( القائد) لم يتوقف المناضلون القومجيون واليساريون الديناصورين من النقر على طبول انتصاراتهم المثقوبة ومن الردح التنظيري لبطولات ( آبو ألحوا سم ) الأكثر بسالة وتشويقاً من بطولات عنترة العبسي وفريد شوقي , جمال عبد الناصر وإسماعيل يأسين !,مُكتشفين ( ويا لعبقرية اكتشافهم العقائدي ) إن رمزهم المُغيّب ناضل وقاوم وصمد ووووو….. وخانه ( الشعب العراقي البطل ) وقبل ذلك تلقى ( طعنات الخيانة) من اقرب المُقربين له والذين لو لا خيانتهم المدفوعة الثمن لكانت قصوره وتماثيله و صوره مازالت تدقُ مارشات حروب تحرير الأمة والمنطقة والعالم!
ورغم تلك ( الخيانة) فان صور القائد المُغيّب تُقاوم وتُقاتل الأمريكان وسوف تدحرهم وهذا ما ( يُبرهن عليه ) عنوان الريسيس الصحفي القومجي لحد ال?شر المعنون ب( معركة على الجدران والجسور بين قوات الاحتلال وصور صدام حسين ) والذي صرخ به مراسل القدس العربي في عمان وكأنه يُعلقُ بالصوت والصورة على فلم هرقل الجبار .
ففي الآونة الأخيرة تراكم سيل من كتابات وتصريحات وسيناريوهات سطّر لها أصحابها مانشيتاً مُوحّداً ووحدويّاً ( تيمناً بأغنية : وحده مَ يغلبها غلّاب ) ومُثيراً ودراماتكياً ( تذكراً لدموع ماجدة حين تفقد حبيبها المرحوم عماد حمدي ) , والمانشيت هو : من خان القائد ؟!!!
وعبر موقع انترنيت ظهر قاسم سلّام- عضو قيادي بعثي أنقذ نفسه بعد هزيمة نظامه وهرب إلى بلده اليمن- ليتحفنا بسيناريو يبدو انه توهّمه في حلمِ يقظته القاتيه ( نسبة إلى مادة القات المعروفة في اليمن ) , وفي هذا السيناريو ألهو ليودي التبعيثي يظهر(القائد) غاضباً بعد أن خانه المُقربون وصارخاً بأنه سوف يُقاوم ويُقاتل حتى آخر قطرة من الدم-طبعاً ليس دمه بل دم العراقيين- لذلك يركب دبابة لوحده رغم أن مرافقيه ( وفي طليعتهم عبد حمود الذي مسكه الأميركيان كمن يمسك الخروف ) يتوسلون به كي لا يُعرّض حياته إلى الخطر ويتوجّه لملاقاة الغزاة!!
هنا يُنهي (سلّام ) السيناريو دون أن يُوضح لنا ( أو يقدم صوراً عن) كيفية مُلاقاة ( القائد) لدبابات بوش تاركاً النهاية غامضة وبل مجهولة لكي يُعطي لتخيّلات أهل الكهف القومجيين مُهمة تسطير البطولات و الأمجاد والانتصارات لتلك النهاية!!
وضمن نفس الأجواء الغامضة والمُلتبسة يُسوّقُ هتّاف الشعارات البليدة , الصحفي مصطفى بكري سيناريو آخر وبكثير من تفصيلات مُملّة ولقطات دراماتيكية وعبارات مشروخة تروي يوميات ( القائد ) الأخيرة وكيف حاصرته خيانة مُقربيه في حرسه الجمهوري وكيف تخلص من خيانتهم بعدما أعدم ابنه قصي برشاشته بعضاً من الخونة الذين سلّموا مفاتيح بغداد إلى الغزاة وحرموا ( القائد ) من تحقيق أمنيته في الصلاة في مطاره الدولي بعد أن يُحرّره فدائيو الرفيق عدي .
وبالإضافة إلى إظهار الشعب العراقي كخائن ل( قائده) وتبيان خيانة قواده الأشاوس فإن بكري وسلّام وكتّاب ومثقفي وإعلامي (بترويورو) العروبيين والاسلامويين يقسمون( من القَسَم وليس القِسمة) برأس ساطع الحصري وعفلق والناصر على عروبية قادسية صدام وأم معاركه وحواسمه ويُسوّقون ( فكرة) في غاية البلادة والعفونة حينما يجعلون من أقذر طاغية بطلاً قومياً وصانعاً لإستراتيجية التحديث ومُناهضاً للإمبريالية والصهيونية وبالتالي يستميتون ليس وبالتالي يستميتون ليس إبراز بطولات (القائد) بل إظهار براءَته وعدم مسؤولياته عن سقوط بغداد وإرجاع العراق إلي ظلمة الاستعمار , ولكن وقائع تغييب (القائد) ابن البيت الأبيض الضال –بالإضافة إلى وقائع كثيرة مرت يعرفهاكتّاب القومجية الأشاوس-تؤكد أن(معاركه القومية) مع أميركا وغيرها ليستْ سوى حروب عصابات مافيا تقاتلتْ بمزاج دموي وسلوك تخريبي فيما بينها على الغنائم والهيمنة الشخصية والمواقع .
وفي التناغم مع ( والتغني بهذه) الفكرة البليدة والعفنة غمّضوا أعينهم وأقلامهم عن ( والكثير منهم برّر بصفاقة نادرة بشكل مباشر أو بالتلميح , فجريدة عبد الباري عطوان نشرت تقريراً مُقتضباً حول إعدام عراقيين بالديناميت, مُشيرة إلى أنهم شاركوا بعمليات تفجير في الجامعة المستنصر يه وصيغة هذا التقرير تتطابق وتتماهى مع صيغ الأخبار التي تذيعها المكنة الإعلامية الصهيونية وهي تنقل أخباراً عن هدم بيوت الفلسطينيين وقتلهم وتجريف أراضيهم واغتيال أبطالهم بحجة أنهم يُهددون أمن إسرائيل!!) وتفخيخ وتفجير أجساد الناس بالديناميت وعن مقابرنا الجماعية بل عن خمسة وثلاثين عاماً من تخريب الإنسان العراقي وتبديد ثرواته وذاكرته الحضارية والمعرفية في حروب ( القائد ) المُغيّب الثلاثة.
وفي الطرف الأخر ومع اجترار شعارات إسقاط الطاغية و(تحرير العراق) أظهر أحمد الجلب( فقدتُ آخر حرف من لقبه لكن أصبح أكثر دقة) وممسوخا ته الطائفية واليسارية والقومية والملكية , (بطولة) دونكيشوتية وهم يلهثون للتربع فوق كرسي الطاغية بعد أن أدخلتهم الدبابة الأميركية إلى العراق وأوصلتهم إلى صالة التصنيع العسكري وفي وقت كانت ومازالت فيه جوقتهم الثقافية والإعلامية تعزف ( على إيقاع فرقة حسب الله) معزوفات الترحيب والتبرير والتعظيم لتصريحات وأفعال(المُحررين) بدءاً من الرفيق بوش والى الأخ بر يمر!!!
وهذه الجوقة من ( الكتّاب والشعراء والفنانين والصحفيين) أسدلوا ستار رعاة البقر( جهلاً أو حسن نية أو حسن قدرة للتسلق على أكتاف ديمقراطية الدبابة) على أعينهم وآذانهم وأصواتهم , مُتناسين- ونين- السيّاب الشجي والشجاع: لا تنكروا نِعَم العراق .
ومنْ يتنكر لوطنه يتغنى بأمجاد عسس ورفاق, موظفي ومثقفي (القائد) السابقين و(المُحرر) الحاليين .
وعندما يُزيّنْ التنكر بالوطن بنشوة سقوط التمثال ويُقترن هزيمة الطاغية ب(سقوط بغداد) تُميّع الأمور وتضيع المقاييس وتُضيّع البوصلة فأحدهم يُدعى عبد الرحمن الماجدي يتقنّع بالقصيدة ويُمجّد لصاً وفاضل السلطاني يخنع لحزب خانع ويُشهّر قلمه ضد سعدي يوسف ليس لسبب سوى أن شاعرنا الكبير(ولقد شتمه وتطاول عليه صحفيو البالتوك الذين لا مجال لديهم إلا أن ينظروا إلى قامته الشعرية كمن يرفع جمجمته ويتطلّع صوب ملويّة السامراء) وجّه بجسارة نادرة صفعاته الشعرية والكتابية إلى وجوه الخانعين والخاشعين تحت بسطال رئيس جمهوريتنا الجديد الرفيق بر يمر ولم يكتفِ الروائي رشاد أبو شاور بإعلان إعجابه بقصور(القائد) واصفاً إياها بالمواقع الحضارية والمعرفية, بل تسابق مع الذين يقدمون (نصوصاً) خائنة حول وعن المشهد العراقي , ليقدم (نصه ,أزمة المثقفين العراقيين) الأكثر تلفيقاَ وخيانة وتزويراً والذي (إنترس) ازدحم بشتائم وعصبيات ومزاعم (ابتدعتها) خيالات مأزومة ومهزومة .
وبعكس ما يُسطّرهُ ويتوهمه الكتبة القومجيون فإن المثقف العراقي-الذي لم يتنكر لنِعَم العراق ولم ينتج نصاً خائناً-كان حاضراً وساطعاً وحاداً لجهة صراعه مع-إدانته ل- عقلية رعاة البقر والحروب ومغامرات (القائد) المريضة .
فاروق صبري
نيوزلندا
[email protected]

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ولي العهد السعودي بحث مع سوليفان الصيغة شبه النهائية لمشروعا


.. سوليفان يبحث في تل أبيب تطورات الحرب في غزة ومواقف حكومة نتن




.. تسيير سفن مساعدات من لارنكا إلى غزة بعد تدشين الرصيف الأميرك


.. تقدم- و -حركة تحرير السودان- توقعان إعلاناً يدعو لوقف الحرب




.. حدة الخلافات تتصاعد داخل حكومة الحرب الإسرائيلية وغانتس يهدد