الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


(جان زجلر يتحدث إلى العرب (4

رياض الصيداوي

2007 / 2 / 6
مقابلات و حوارات


الحوار الثالث
* الأنظمة الدكتاتورية في العالم العربي خدمت وتخدم مصالح الغرب
* عودة الاعتبار للعالم الإسلامي تكمن في إصلاح عيوبه مثل الاستبداد


جان زجلر، ظاهرة فريدة من نوعها في سويسرا وفي أوروبا وفي الغرب بأكمله. ندرة هذا الرجل وتميزه تكمن في طبيعة الحرب الشرسة التي خاضها ويخوضها ضد البنوك السويسرية متهما إياها باستغلال أموال العالم الثالث الفقير الآتية بطرق غير شرعية. كما يتميز هذا المفكر المناضل بمواقفه الجريئة المقاومة للاستعمار والإمبريالية بكل أشكاله. فهو مدافع بالتزام عميق عن حركات التحرر الوطني في أمريكا اللاتينية وفي إفريقيا السوداء وفي الوطن العربي. فقد تبنى القضية الفلسطينية وناضل من أجلها دون كلل ولا ملل. كما سبق أن تبنى قضية ثورة الفاتح من نوفمبر 1954 الجزائرية.
يشغل جان زجلر موقع نائب في البرلمان الفدرالي السويسري ممثلا عن دولة ومقاطعة جنيف. وهو نائب رئيس الاشتراكية الدولية وعضو مكتبها السياسي إضافة إلى كونه قيادي بارز في الحزب الاشتراكي السويسري. كذلك هو صديق شخصي لكبار الثوار والزعماء الوطنيين في العالم من بينهم الثائر الأممي الراحل أرنستو تشي غيفارا. وهو أيضا كاتب ومفكر وأستاذ جامعي نشر كتبا كثيرة، أبرزها "الثورة المضادة في إفريقيا"، "سوسيولوجيا إفريقيا الجديدة"، "سويسرا فوق كل الشبهات"، "الذهب، والأموات وسويسرا"، و"بارونات الجريمة في العالم"..
التقيته في مكتبه في جامعة جنيف في الطابق الرابع وحاورته في سلسلة من المواضيع، تناولت تحليله لطبيعة الصراع الدائر اليوم بين الغرب من جهة والإسلام من جهة أخرى...وهذا نص الحوار:

يلاحظ اليوم، على الأقل من خلال أجهزة الإعلام الغربية، أن هناك صراع بين الغرب من جهة والإسلام من جهة ثانية. حيث يوجد اعتقاد بأن ما يحدث الآن هو عملية تعويض للصراع القديم الذي قام بين الشيوعية والغرب الرأسمالي. فكيف ترى حقيقة هذا الصراع؟

اعتقد أن الإسلام دين تسامح وأخوة ومحبة. فعندما كانت هناك إمبراطوريات عربية وإسلامية، كان المسلمون واليهود والمسيحيون يعيشون معا في ظل السلم والوئام. وأعطي مثالا على ذلك الإمبراطورية العباسية أو العثمانية التي عاش تحت رايتها إلى جانب المسلمين كثير من اليهود والمسيحيين. فالإسلام تاريخيا يعد دين تسامح أكثر بكثير من المسيحية. اليوم نجد بعض الحركات الإسلامية المتطرفة في الجزائر مثلا أو غيرها، تحرف الإسلام، وتستخدمه كمبرر للقيام بعمليات إرهابية. وفي الإجمال اعتبر التطرف الإسلامي أو التطرف المسيحي أو التطرف اليهودي ينهلون جميعا من نفس المنابع ويهدفون إلى نفس الغايات. فالذي يجب فعله هو مقاومة تحريف الإسلام. واعتبر أن هذا التطرف الإسلامي كثيرا ما وظف عكسيا من أجل ترسيخ الدكتاتوريات في العالمين العربي والإسلامي.
أما الإعلام الغربي فاعتقد أنه مسئول عن هذا الخلط. فهو لا يفرق بين الإسلام كدين وحضارة وبين بعض الحركات الدينية الإرهابية المتطرفة.

هل يمارس الإعلام الغربي هذا الخلط بوعي منه أو بدون وعي؟

بطبيعة الحال يمارسه بوعي تام. إنه يعكس الإمبريالية الغربية التي رفضت استقلال هذه الشعوب وأرادت التشبث بهيمنتها وسيطرتها على العالمين العربي والإسلامي. إن الغرب المستعمر لم يقبل بواقعة خسارته لمستعمراته السابقة وأن تنال هذه الأخيرة استقلالها. إذن يمكن القول بوجود إرادة حقيقية لتشويه علاقة الإسلام والغرب من خلال عملية التشويه المنتظمة ضد المسلمين عبر وسائل الإعلام.

في مواجهة هذه الحملة، ما الذي يمكن فعله؟

يكمن الرد في تأكيد العالم الإسلامي لذاته وفرض وجوده من خلال تنظيم نفسه وتعصير آليات عمله وإصلاح عيوبه مثل الاستبداد السياسي، وانتهاك حقوق الإنسان. يجب إذن القيام بكثير من الإصلاحات. فمن حق المواطن الجزائري، أو السوداني، أو اليمني أو العراقي ..العيش في مجتمع حر متعدد.

هل يمكن إجراء حوار عميق وصريح بين الإسلام والغرب؟

قبل أن نتحدث عن حوار يجب إيجاد علاقات اقتصادية عادلة ومتكافئة بينهما. يجب التخلص من علاقات الهيمنة الاقتصادية والاستغلال المنظم للموارد الطبيعية للعالم الإسلامي. أعطي مثالا: فأنا عضو اللجنة البرلمانية المكلفة بالعلاقات الخارجية التي فرضت نظام تأشيرة الدخول على مواطني المغرب العربي، ومنهم الجزائريين، والتونسيين والمغاربة..أنا عارضت ذلك. كما تم غلق سفارة سويسرا في الجزائر. وهذا خطأ كبير. لأنه كان من المفترض مساعدة الجزائريين وحماية الذين يتعرضون منهم للخطر بفتح حدود الدول الغربية أمامهم. إن غلق الحدود أمام مواطني هذه البلدان وإنهاء الحوار وقطع الجسور هو أتعس شيء يحدث ويعرقل التواصل بين هذين العالمين.

من موقعك كمثقف غربي، كيف تحلل بروز الحركات الإسلامية في الوطن العربي بهذا الشكل السريع والكثيف؟

هذا البروز المكثف والسريع للحركات الإسلامية هو نتيجة لغضب الجماهير العربية وخيبة ظنها العميقة. فالغرب عموما كان من مصلحته الدائمة دعم الأنظمة الاستبدادية الموالية له. فالحقيقة أن الدكتاتوريات في العالم خدمت وتخدم مصالح الغرب المستغل.

ألا يبدو أن حرب الخليج الثانية ضد العراق قد عمقت من هذه الهوة بين الجماهير العربية والغرب؟

أنا شخصيا، كنت شديد المعارضة لهذه الحرب. فالحرب لم تكن حلا لهذه الأزمة. رغم أنني ضد احتلال الكويت وممارسات النظام العراقي القمعية.

إن أحد أسباب تعميق الهوة بين الوطن العربي من جهة والغرب من جهة ثانية هو ما حدث في نكسة 1967 التي هي في النهاية تعبير عن انحياز الغرب لإسرائيل وعداوته للعرب. فما رأيك؟

نعم. إن أحد أهم أسباب تعميق الهوة بين العرب والغرب هو ما حدث في حزيران (يونيو)1967 . بل أن أحد أسباب رد الفعل الذي تقوم به الحركة الإسلامية اليوم هو عدوان 1967 ضد العرب إضافة إلى عدم وجود دولة للفلسطينيين. إن رد الفعل هذا جاء نتيجة لليأس الذي تعيشه المنطقة.

جان زجلر، أنت معروف بكتاباتك الغزيرة المناضلة من أجل قضية العالم الثالث وهيمنة الدول الغنية الكبرى عليها. لقد كتبت عن أمريكا اللاتينية، وعن إفريقيا السوداء..وإلى حد الآن لم تخصص كتابا واحدا للوطن العربي رغم الأحداث الكبار التي عصفت به؟

لقد كتبت في كتابي "يد واطئة تمسك بإفريقيا" فصلا هاما عن الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر الذي أكن له حبا وتقديرا عاليين. أضف إلى ذلك أن كثيرا من كتبي ومقالاتي قد ترجمت إلى اللغة العربية. وزوجتي الأولى عربية مصرية. وابني اسمه كريم وهو اسم عربي كما تلاحظ. كما زرت كثيرا من المدن العربية ولي فيها أصدقاء كثيرون. لقد تلقيت مؤخرا دعوة من المسرح اللبناني للمشاركة في ندوة حول فكر إدوارد سعيد.

أجري اللقاء في جنيف
في يوم 4 كانون الثاني / يناير 1998.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دمار شامل.. سندويشة دجاج سوبريم بطريقة الشيف عمر ????


.. ما أبرز مضامين المقترح الإسرائيلي لوقف إطلاق النار في غزة وك




.. استدار ولم يرد على السؤال.. شاهد رد فعل بايدن عندما سُئل عن


.. اختتام مناورات -الأسد الإفريقي- بالمغرب بمشاركة صواريخ -هيما




.. بايدن: الهدنة في غزة ستمهد لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسر