الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على هامش الصراع على السلطة بين فتح وحماس: القتال شرف وكرامة أماالاقتتال فعار وندامة

أيوب عثمان

2007 / 2 / 6
القضية الفلسطينية


في سياق ما فرضه الاقتتال والتناحر بين فتح وحماس في الأيام الأخيرة - تحديداً - على الشعب الفلسطيني من منع للتجول، ومن قتل للأبرياء، ومن ترويع للأطفال والآمنين، ما عاد هناك من مبرر لأي شيء من ذلك إلا جنون السلطة والصراع المحموم عليها.
ليس هناك أحد في رأسه عقل يستطيع أن يُسَلِّم بأن الأحداث الأخيرة تنطلق من روح التسابق الوطني الشريف على تحرير الوطن ومقدساته وأقصاه، بل تنطلق من إصرار كل طرف على ألا يرى في مشهد القيادة والريادة والحكم والتفرد بالسلطة غيره ... تنطلق من إصرار كل طرف على أن يُنهيَ أخَ نضاله ورفيقَ دربه ليفوز هو وحده بالسلطة مُنْقَضًّاً على كرسيها الذي يستطيع من خلاله - كما يظن - أن يحكم ويتحكم وينفرد ويَتَفَرَّدَ، ليظل الشعب غائباً أو مُغَيَّبَاً مغلوباَ على أمره لا حول له ولا قوة.
لقد أحال الرصاص الفلسطيني الأعمى في الأيام الأخيرة - تحديداً - كل مناطق قطاع غزة إلى دنيا سوداء رسمها جنونٌ طاغٍ احتوى المشهد الفلسطيني كله إلى حدٍّ بات واجباً معه أن نَصِفَ ما حدث بأنه لا أخلاقي ولا وطني ولا ديني ولا إنساني. فهذا الشعب - الذي عانى وناضل وصبر وصابر ورابط وظل في تضحية مستمرة كل عمره وعلى أرضه وفي اغترابه وفي منافيه، وفي ظل سلطة زاد عمرها عن اثني عشر عاماً - بات واجباً عليه، الآن، أن يدرك الآتي:
1) أنَّ قلةً تحاول الانقلاب على خَطِّه والخروج عن إرادته وعن قيمه الاجتماعية ومثله ومبادئه وثوابته التي يتصدرها تجريم الاقتتال الداخلي وحُرْمة الدم الفلسطيني.
2) أنَّ قلة تدمر مشروعه التحرري وتحول الشعب إلى مسلحين يقتتلون، ومرتزقة ، وجوعى يتسولون.
3) أن المقاتل الشريف لا يتحول - البتة - قاتلاً، وأن طالب الحرية لا يصير سجاناً، وأن رفقاء سلاح الشرف والواجب والكرامة لا يتحولون أعداءً لايقتل بعضهم بعضاً فحسب، بل يقتلون سواهم من بني شعبهم من الأطفال والنساء والشيوخ والمرضى ...إلخ.
4)أن من يسمون أنفسهم، أو من يعتبرهم البعض، قادةً، ليسوا كذلك، في أي حال، لأنهم في غَمْرَةِ اقتتالهم وتناحرهم نَسَوْا واجبهم نحو طفل أراد ببراءته أن يلهو ويلعب ويحيا في أحضان أسرته في أمان، ونَسَوْا واجبهم نحو مريض فقير ربما احتاج كِسْرَة خبز أو حبة دواء، ونَسَوْا واجبهم نحو مريض حِيلَ بينه وبين غسيل كليته ليحيا فمات، ونَسَوْا واجبهم نحو سيارات الإسعاف التي ما مكنها القصف والتراشق الفلسطيني المجنون من الحركة بحرية وأمان.
5) أنه بات محكوماً ليس من سلطة، بل من رموز عنوانها إما جهل أو فشل أو استعلاء أو فساد أو غطرسة أو بطش أو استنطاع، أو خليط من هذا وذاك.
6) أنَّ له سلطةً لا سلطة لديها، وأن له رئيساً لا يرأس أحداً ولا يسمع كلامه أحد، وأنَّ له حكومةً هي بالاسم حكومةٌ لا تخط ولا تَحُطُّ ولا تحكم، وأن له أجهزة أمن هي أول من يخرج على ضوابط الأمن ويمارس الانفلات فيه وفي سواه، وأن له مقاتلين لا يقاتلون في سبيل الوطن والمواطن والواجب، بل هم على السلطة يتقاتلون ويقتتلون، وأن له فصائل وقوى وأحزاباً ينعم قادتها ورموزها باستيزاراتٍٍ أو نياباتٍ وامتيازاتٍ وسياراتٍ وجاهٍ ومرافقين، وأن له - باسم الفصائل والأحزاب والقوى - ناطقين رسميين يتحلق الناس حولهم وهم على الفضائيات فرسان بما يحلو لهم من الكلام يصدحون وبالمعاني والصفات والسمات يتشدقون، ثم يتصافحون - بعد التصايح - ويتعانقون - بعد التراشق والتشاتم والتكاذب - فيطمئنون الشعب المغلوب على أمره لدقائق معدودات ثم يعودون - والعود هذه المرة ليس أحمدُ - ليقلقوا راحته من جديد، وأن له لجنةً اسمُها " لجنة المتابعة العليا "، والتي بات من أهم أوصافها أن تعطينا من الكلام أحلاه وتَنْفَضَّ - بعد أن تسبغ علينا من نعم التطمينات ما قد يستمر لساعات أو نحوها - لتلتئم بعد الانفلات الجديد من جديد لتلقي علينا من بيانات الاتحاد وآيات التَّوحُّدِ ما عاد غير مفيد.
7)أنه لا صدق ولا مصداقية لأي قول أو وصف فلسطيني رسمي طالما أن الفعل الفلسطيني المخزي على الأرض واضحٌ وفي وضوحه فاضحٌ، ذلك أن الأحداث التي تُرى على الفضائيات لا مجال لتجميل قبحها.
8) أن ما جرى في الأيام الأخيرة - تحديداً - من الفلسطيني ضد الفلسطيني من فتح وحماس من شأنه أن يمنع أي أحد من التنديد بالجرائم الاسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني. فما فعله الفلسطيني ضد أخيه الفلسطيني من فتح وحماس من شأنه أن يلغي من الذاكرةِ الإنسانيةِ الإجرامَ الإسرائيلي على مدى عقود ستة.
9) أن ما فعله الفلسطيني ضد أخيه الفلسطيني في الأيام الأخيرة - تحديداً - من شأنه أن يدفع أبناء الشعب الفلسطيني إلى المراجعة والتأمل عما إذا كان دفع الشباب إلى القتال ضد إسرائيل حرصاً على المصلحة العليا للوطن ومقدساته أم على المصلحة العليا لحزب أو فصيل يريد أن يركب السلطة على جماجم أبناء الشعب وعلى حساب دمه؟!
10) أنه لاصدق ولا مصداقية في أي قول فلسطيني رسمي مفاده انتقاد للعرب أو المسلمين أو الشعوب المحبة للتحرر لتقصيرهم في مساندة الشعب الفلسطيني، إذ كيف يطلب قادة شعبنا من الآخرين أن يقفوا مع شعبهم فيما هم أنفسهم عن شعبهم لاهون ومن أجل مصالحهم الشخصية للظفر بالحكم والسلطة يتقاتلون ويتناحرون!
11) أنه لا مجال لمطالبة الآخرين بفعل شيء لا يفعله من يسمون أنفسهم بأنهم قادتنا، فالتحيز الأمريكي لصالح إسرائيل ضدنا لم يَعُدْ في نظر العالم كما كان في السابق، ذلك أن العالم الذي يرى الاقتتال الفلسطيني الداخلي على الفضائيات لن ينتصر للحالة الفلسطينية ولن يدعم القضية الفلسطينية على النحو الذي كان، على أقل تقدير.
وآخر الكلام: فإن شعبنا الذي بات يدرك اليوم - أكثر من أي وقت مضى - أن مصيره قد أصبح - أو كاد - في قبضة من يملك مالاً أكثر وسلاحاً أكثر وأخطر، قد بات لزاماً عليه أن يعي جيداً أنه إذا كان المال الأكثر والسلاح الأكثر والأخطر مصدرهما خارجي، فإن من بيده القرار السياسي لا يمكن في أي حال أن يكون مستقلاً، كما لا يمكن أن يكون قراره مستقلاً، بل يظل رهناً للخارج ومرهوناً لصالحه وضد صالح شعبه. وبناء عليه، أما آن لشعبنا أن يغضب غضبة مُضَرِيَّةً يهتك بها حُجُبَ أولئك الذين قلبوا له ظهر المِجَنّ وانقلبوا على قيمه وتقاليده ومبادئه وثوابته التي في صدارتها تجريم الاقتتال الداخلي وتحريم الدم الفلسطيني؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فلسطينيون يرحبون بخطة السداسية العربية لإقامة الدولة الفلسطي


.. الخارجية الأميركية: الرياض مستعدة للتطبيع إذا وافقت إسرائيل




.. بعد توقف قلبه.. فريق طبي ينقذ حياة مصاب في العراق


.. الاتحاد الأوروبي.. مليار يورو لدعم لبنان | #غرفة_الأخبار




.. هل تقف أوروبا أمام حقبة جديدة في العلاقات مع الصين؟