الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مبراطوريات الوهم العربي

ادريس الواغيش

2007 / 2 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


إذا كان المثقف نبض المجتمع ومقياسا لدقات قلبه بهذا المعنى المجازي، فإن مجتمعنا العربي وبناء على سلوكات بعض مثقفيه ورموزه ونخبه السياسة مدعو لزيارة عيادة لطبيب القلب في أقرب الآجال، قبل أن يستفحل الأمر، أو يصاب بسكتة قلبية. لأن ما نراه من استكبار يعشش في مخيلة البعض، وبناء الآخرين لأهرامات من الوهم، وصراع حول الزعامات أو التعلق بها لحدالجنون. قد يصل أحياتا لما يشبه عراك الأطفال في الحارات، وتبادل الشتائم والسباب سرا وعلانية، يدعو لوقفة ومراجعة للذات.
فمن كتب قصيدة، يظن أنه أميرا للشعراء، ومن صدرت له رواية أو ما يشبهها يتنكر لنجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس !!. ومن تسيد على قوم في رئاسة أو برلمان أومكتب، تعلق به وبأهدابه، وتسمر على عتبات أبوابه، وأقسم اليمين، وتحصن بجيش الطغيان المبين أن لا يغادر مقعده إلى أبد الآبدين !. أستحضر بالمناسبة سيرة نجيب محفوظ، نموذجا للتواضع (رغم كيد الكائدين) في غدوه ورواحه لمكتبه في جريدة (الأهرام)، طريقه الذي لم يتغير، حديثه للناس البسطاءو (العظماء) على السواء. الإنسان الذي لم يغير من طباعه ولا من من عاداته شيئا ، وهو الكاتب الكبير الحائز على جائزة نوبل للآداب !.
أتذكر أيضا سوار الذهب، كيف ترك كرسي الرئاسة في السودان، وانصرف لحال سبيله بعد أن أجلى طاغية مستبدا بالأرض وبالعباد، ولم يأسف لذلك أو تنكر لوعده بعد أن طاعت له الرقاب. ولكن في الجانب الآخر مع الأسف، نرى كتابنا وشعراءنا وفنانينا ورجال السياسة منا ، يبادرون بسرعة البرق إلى تغيير طباعهم ومواعيدهم، ويتنكرون لماضيهم لمجردما يشتمون رائحة الشهرة، وتستوي جلستهم على الكراسي الوثيرة. يتحاربون فيما بينهم في السر وفي العلن، لكن يتحالفون إن تعلق الأمر بقطع الطريق على من يحاول ولوج ناديهم أو برجهم الذي يخالونه عاجيا ، لكن في مخيلتهم فقط!.
لن أكون موضوعيا إن عممت المشهد الدرامي للحقل الثقافي والسياسي في المجتمع العربي. فهناك رجال عاهدوا الله على خدمته في صمت وتواضع من الماء إلى الماء ، منذ عمر بن الخطاب وحفيده عمر بن عبد العزيز إلى اليوم. فلنا ما للآخرين من عباد الله المستنصرين نماذج متواضعة في الفن والأدب والسياسة، قد لا تكفي صفحات الكتب والجرائد الرقمية والورقية لسرد أسمائهم. عملوا في صمت، ورحلوا في صمت تاركين الغوغائية لمن سيأتي من الواهمين بالخلود من بعدهم. وهذا ما يشفع للمهووسين بتسطير حدود لجغرافية امبراطورياتهم الوهمية.
ورغم ذلك ، أتساءل : لماذا هذا الوهم الفكري يسيطر على عقول العرب دون غيرهم؟. هل يتعلق الأمربعقدة نفسية أم ب ( فيروسات) تنخر الجسد الثقافي العربي؟. هل هي خصوصية عربية خالصة؟. إذ لو قمنا بإطلالةعلى الفضائيات الغربية، سنرى كيف يتحدث المثقفون والفنانون والسياسيون بعفوية وتواضع يدعو إلى الشفقة، رغم نجوميتهم الساطعة، وكراسيهم الوثيرة في قصورلم يعتبرونها ملكا لهم بل لشعوبهم.
أما نحن في عالمنا العربي، فالوضع مختلف تماما، إلا إذا عكست الآية وغير الله ما بقوم بعد أن عجزوا على تغيير ما بأنفسهم.
فقليلا من الحشمة ، و" من تواضع لله رفعه " .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مثلث -حماس- الأحمر المقلوب.. التصويت على قانون يحظره في البر


.. الجيش الإسرائيلي: عناصر من حركتي حماس والجهاد يستخدمون مقرا




.. زعيم الحوثيين يهدد باستهداف منشآت سعودية | #ملف_اليوم


.. حماس.. لماذا تراجعت الحركة عن بعض شروطها؟ | #رادار




.. قصف جوي ومدفعي إسرائيلي على مواقع عدة جنوبي لبنان | #الظهيرة