الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فئران سكورسيزي المُحاصرة.. هل تمنحه الأوسكار؟..

بشار إبراهيم

2007 / 2 / 6
الادب والفن


يقوم زعيم عصابة المافيا في مدينة بوسطن (جاك نيكلسون)، بتربية طفل ورعايته وتنشئته، حتى يكبر (مات دامون)، فيُدخله في كلية الشرطة، ليتخرَّج ضابطاً، جاسوساً لصالح عصابة المافيا. في الوقت نفسه تلتقط الشرطة ضابطاً (ليوناردو دي كابيريو)، قادماً من عائلة إجرامية، لتدسَّه بعد أشواط من التدريب والمراوغة، جاسوساً في عصابة المافيا، بالقرب تماماً من زعيم العصابة نفسه.
ببساطة، وعلى هذا النحو، تبدو قصة فيلم مارتن سكورسيزي الجديد «المغادرون». ولكن المخرج السينمائي الكبير، المشهورة بأجوائه الدموية، وعنايته بالنقد اللاذع للمجتمع الأمريكي، سيحاول منح هذه القصة أبعاداً تفيض عن كونها مجرد قصة مثيرة، مشوقة، ربما سوف يفلسفها، فتغدو إطلالة على عالم المهاجرين الإيرلنديين، وهو القادم من عالم المهاجرين الإيطاليين، أو يتحوَّل الفيلم على هيئة انتقال هذا المخرج من مدينة نيويورك، التي ألف التجول في زواياها وشوارعها الخلفية، وعصاباتها، إلى مدينة بوسطن، هذه المرة!..
لكن الثابت أن الفيلم، سيتحوَّل نقداً لبنية المجتمع الأمريكي، ليس فقط من خلال سؤال وجود العصابات والمافيا، وحلبة العنف الدائرة، وحالات التمييز العنصري، والبذاءات التي لا تنتهي، بل أولاً من خلال أسئلة الهوية، والوجود، والبيئة، وأسئلة القانون والعدالة، والأسباب التي تهيئ المناخ لنشوء الجريمة، في مجتمع يعتبر نفسه يتحلى بأرقى أنواع الحضارة والمدنية.
في «المغادرون»، لا يتخلَّى مارتن سكورسيزي عن ولعه بالعنف، الذي يصل حدّ الدموية تماماً، عبر الرصاصات المزروعة في الرؤوس، والأشلاء المتناثرة، والموت الذي يحيق بشخصياته كافة. كما لا يتخلَّى عن ثنائية الوفاء والخيانة، الإخلاص والغدر، وتفاصيل المدينة المظلمة، والمظللة بالجريمة، والخيانات، والخطايا، والدماء، والأشلاء..
وعلى الرغم من أن هذا الفيلم مستقى من قصة فيلم «علاقات جحيمية» المنتج في هونغ كونغ، عام 2002، إلا أن المخرج بالتعاون مع كاتب السيناريو، وآلية اختيار بناء القصة، ذهب إلى أبعد مما شاءه الفيلم الآسيوي، ودخل في نسيج أفلام مارتن سكورسيزي، دون أي نتوء يذكر، بل إنه يكاد يكون واحداً من أفلامه الهامة، على مستوى التصوير والتمثيل والمونتاج، والموسيقى، كما على مستوى التفكير والفلسفة، والنهايات المريرة، وسؤال النقد الاجتماعي..
ما ينبغي الانتباه إليه، هنا ودائماً، أن مارتن سكورسيزي اختطَّ لنفسه، ومنذ مطلع السبعينيات، منهجاً سينمائياً مثيراً على مستوى المضامين، ملفتاً على مستوى البراعة الفنية والتشكيل البصري، فاستطاع أن يضع أسماء العديد من أفلامه على سجلِّ أفضل وأهم الأفلام في تاريخ السينما، وأن يحظى لنفسه باهتمام مميز، وذاكرة أثيرة، لدى المشاهدين والنقاد، على السواء.
وربما يكون منهج سكورسيزي السينمائي، ذاته، وموضوعاته، المثيرة للجدل، حدّ الغضب، وطرق تناولها، الأسباب الكامنة وراء عدم نيله، هو شخصياً، جائزة الأوسكار أبداً، بينما ترشَّح ورفع أكثر من ممثل عمل معه جائزة الأوسكار.
وهنا ننتبه أيضاً إلى أن سكورسيزي يبدي دائماً براعة تامة في إعادة إنتاج الممثل، واستخراج أفضل ما لديه، فعل ذلك مع روبير دو نيرو في «سائق التاكسي»، ومع شارون ستون في «كازينو»، والآن في فيلمه الجديد «المغادرون» يفعل ذلك مع كل من ليوناردو دي كابيريو، ومات دامون.. وكان قد أعاد وجه البهاء إلى دانييل دي لويس في «عصابات نيويورك»، وبريق جاك نيكلسون هنا في «المغادرون».
لم ينل سكورسيزي جائزة الأوسكار، من قبل، وربما هذه المرة، ومع فئرانه المحاصرة، بالتجسس، والخيانة، والموت، والغارقة في الدم، يستطيع الانتقال إلى منصة التتويج، فتكرم جائزة الإوسكار نفسها، بأن تضع طراز هذا المخرج على قائمة من حملوها، وتغني نفسها عن تكرار مأساة هيتشكوك.
إنه سؤال لن نعرف إجابته، إلا مع الشهر القادم، آذار 2007.
مارتن سكورسيزي
ولد عام 1942، في نيويورك، وهو أمريكي من أصل إيطالي.
تخرج من جامعة نيويورك، وعمل كاتباً للسيناريو، بداياته.
لم يحصل على جائزة الأوسكار، على الرغم من أنه ترشَّح لها خمس مرات.
فاز جائزة سعفة كان الذهبية، عن فيلمه «سائق التاكسي» عام 1976.
فاز روبرت دو نيرو بجائزة الأوسكار لأفضل ممثل رئيسي، عن دوره في فيلم «الثور الهائج» 1980.
أثار ضجة عظيمة بسبب فيلمه «الإغواء الأخير للمسيح» عام 1988.
أسس شركة لإحياء وتوزيع الأفلام القديمة الكلاسيكية، عام 1992.
اختير رئيساً للجنة التحكيم في مهرجان كان السينمائي عام 1998.
ترشِّح الممثل ليوناردو دي كابيريو لجائزة أفضل ممثل رئيسي، في مهرجان الأوسكار, عن دوره في فيلم «الطيار» 2004.
تمّ تكريمه في المغرب عام 2006.
نال جائزة أفضل مخرج في غولدن غلوب، عن فيلمه «المغادرون» 2006.
فيلموغرافيا مارتن سكورسيزي
(25 فيلماً)
من الذي يطرق بابي 1967، الشوارع الدنيئة 1970، بوكسكار بيرثا 1972، الأمريكي الإيطالي 1974، ألس لا تعيش هنا حتى الآن 1974، سائق التاكسي 1976، نيويورك، نيويورك 1977، الولد الأمريكي 1978، الرقصة الأخيرة 1978، الثور الهائج 1980، ملك الكوميديا 1983، بعد ساعات 1985، لون المال 1986، الإغواء الأخير للمسيح 1988، قصص نيويوركية 1989، رفقة طيبة 1990، رأس الخوف 1991، عصر البراءة 1993، كازينو 1995، كاندن 1997، رحلتي إلى إيطاليا 1999، إظهار الموتى 1999، عصابات نيويورك 2002، الطيار 2004، المغادرون 2006.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد فوز فيلمها بمهرجان مالمو المخرجة شيرين مجدي دياب صعوبة ع


.. كلمة أخيرة - لقاء خاص مع الفنانة دينا الشربيني وحوار عن مشو




.. كلمة أخيرة - كواليس مشهد رقص دينا الشربيني في مسلسل كامل الع


.. دينا الشربيني: السينما دلوقتي مش بتكتب للنساء.. بيكون عندنا




.. كلمة أخيرة - سلمى أبو ضيف ومنى زكي.. شوف دينا الشربيني بتحب