الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ظلان متعانقان على جدار عفن

سناء لهب

2007 / 2 / 7
الادب والفن


. قال وجسده الصغير الكهل الطفولة..يحتضن التراب، فوق شاهد قبر ضم عمره من سنوات دهرية
انهض أبي فالأرض تحت قدمي صارت رخوة سائبة..وحقول الفرح صارت مستنقع رمال متحركة ..والشمس مصباحا مكسوراً...
انهض أبي فقد ضاعت طفولتي، وضاع شبابي، وضاعت كرامتي التي وهبتني إياها بدمك..
باتت صور الموت وهموده ووقوعه تلفني..حتى لون الموت تغير، لم يعد كما وهبتني إياه..موتك ابيض كلون الولادة بالشهادة، وموتهم كموت الهواء..كموت حدود النور من خيوط الظلمة والعتمة..

انهض أبي وارحم طفولتي..فعند عتبة القبر قد شلني الانتظار من خفقان الذبح وعواء الأخوة..!!!!
أتذكُرُ يومها؟
قلت.".سأرحل الى هناك لأمنحك وأمك الكرامة قبل أن تفقدها...سأرحل دفاعا عنك وأمك وإخوتك لأحارب العدو"...

عد أبي فعدوي بات ارحم منهم...أخوتي قتلوا أمي بحبيبات غبار تعزف أبواقها على أبواب مجد كاذب..تملأ الحضن لهيبا حاقدا..تملأه جسدا ..أجوبة من برد وذل..وكرامتهم باتت تعلن دينها هياكل محترقة وتعلن ذبائحنا حرائق اشتعال ممتشقة لهوة جهنم...
باتت أمي تصرخ احتضارا نازفا ما بعد الموت، وكأن المسافة بين صرختها وآذانهم قارة لا مبالاة..فتحول صراخها لأشجار زيتون تورق دمعا في البحار ويتكسر الشط ........
وباتت عروق التين والزعتر تعزف تناويح الأخوة وتجدف في الضلوع مغفرة
باتت أمي تلعن الحليب والدموع لبنا ً لعصافيرها الخائنة...
تلعن الثدي قبابا ً لمجرة خائبة في مسارات الموج..

بتنا نتلاحق أنفاسا ً بلا أنفاس، أرواحا ً مجسدة، مفرغة بلعبة الموت والاسترخاء في مقبرة مهجورة..ويرتفع في الأحشاء ذالك الإحساس البائس أن الكرة الأرضية تتدحرج على غير هدى...

أتذكُرُ أبي تلك الكلمات التي أرضعتني إياها؟؟؟

"جوع ٌ حقدي فاغرا فاه...سوى أكبادهم لا يشبعُ الجوع الذي استوطن جلدي" !!!!!!!!!!!!

كنت أظن يومها بأنك زرعتها بأحداقي وأوردتي لتكبر وعدوي معا..

اليوم اختلطت العناصر..وكل وتد أتمسك به يتفتت تحت يدي كعمود من الملح.
.وبت اركض حتى آخر دروب الرعب وأنا اسمع أخوتي يرتلون كلمات أرضعتني إياها ويرتشقون بها بعضهم بعضا...
وبت أسمع أمي تنتفض احتضارا

"رب ارحمني من ولدي أما عدوي فأنا كفيلة به..........."

احمني أبي فقد بت أخاف أخوتي أكثر من عدوي...فقدا عمدوني بالذل، واحترفوا قتلا براعمي، وطعنوا أمي بحبهم المسموم....لم أعد أدري كيف أغادر جزيرة الانهيارات، حتى بت أخاف إن أنجو أبي وأكبر وأتحول مثلهم من ابن الى مركب لعدوي..........
انهض أبي فقد انتهى الوهم العظيم، عد لتواجه حقيقتنا الزئبقية وبؤسنا الروحي...
أصغر من النور كنا...
وأصغر من العتمة...
ظلان متعانقان على جدار عفن
هذا نحن!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!


الإعلامية سناء لهب
فلسطين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05


.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر




.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب


.. عاجل.. الفنان محمد عبده يعلن إصابته بمرض السرطان في رسالة صو




.. انتظرونا غداً..في كلمة أخيرة والفنانة ياسمين علي والفنان صدق