الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما أخشاه من لقاء مكة!!

عماد صلاح الدين

2007 / 2 / 8
القضية الفلسطينية



من حق المرء أن يكون حذرا بل خائفا ومتشائما من توقعاته حول نتائج لقاءات وجولات الحوار التي تجمع الفرقاء الفلسطينيين، من اجل التوصل إلى صيغة التفاهم المتعلقة بتشكيل حكومة الوحدة الوطنية ، مرد الحذر الزائد والخوف الشديد والتشاؤم المفرط هو من نتاج ما تعودنا عليه من هذه الأطراف من تكرار حالة الفشل الواحدة تلو الأخرى ، ولذلك فان لقاء مكة المزمع عقده اليوم الثلاثاء 6- 2 - 2007 ، نتشكك كثيرا حول مدى إمكانية نجاحه للأسباب التالية :-

1- الخلاف ألبرامجي واضح جدا بين كلا الطرفين ، ولا يستطيع احد أن يكابر ويقول انه بالإمكان التوفيق بين البرنامجين ، ولو كان الأمر كذلك ، لكانت وثيقة الوفاق الوطني هي الحل ، لكن أقطاب التفاوض الفلسطيني كما أوضحنا في أكثر من مقال، برنامجهم كما يبدو هو خارطة الطريق المؤدية إلى دولة ذات حدود مؤقتة ، وان كانوا علانية يقولون غير ذلك ، ولذلك فإننا نرى أن الاستعدادات العسكرية والأمنية من خلال الدعم الأمريكي والإسرائيلي والعربي لحرس الرئيس تصب نحو التوجه لمحاربة المقاومة التي تسميها خارطة الطريق في مرحلتها الأولى" القضاء على الإرهاب" .
2- التعويل على الدعوة السعودية كثيرا ليس في محلها ، ففي المحصلة النهائية لاتختلف السعودية عن مواقف أطراف عربية أخرى مثل الأردن ومصر تجاه حماس وتجاه خط الممانعة والمقاومة ، فتلك الدول منصاعة تماما للأجندة الأمريكية والإسرائيلية ، فالسيدة رايس كانت في السعودية قبل ثلاثة أيام ، وأظنها أنها وضعت الخطوط العريضة التي لايمكن للسعودية وغير السعودية تجاوزها ، وهذه الخطوط هي باختصار ما يسمى بشروط المجتمع الدولي التي تمثلها الرباعية الدولية ، وهي ما ترفضها حماس جملة وتفصيلا ، لتناقضها مع الحقوق الوطنية الفلسطينية حتى في إطار حدها الأدنى ، لا أظن أن السعودية ستخرج عما قالته رايس في لقاء الرباعية في واشنطن الأخير.
3- ثم لو نظرنا إلى الوفد الذي تنوي حركة فتح إيفاده إلى الديار الحجازية، سيكون فيه محمد دحلان ونبيل عمرو وعزام الأحمد ، إيفاد هذا الوفد سبب أساسي في عدم الالتقاء والاتفاق ، فهؤلاء يمثلون رأس الحربة في مواجهة حماس ومحاولة الانقلاب عليها وعلى حكومتها .
4- لايجد المرء أدنى مبرر لقيام صائب عريقات وياسر عبد ربه بالأمس بزيارة خاطفة لواشنطن والاجتماع مع رايس سوى لتأكيد الالتزام بالأجندة الأمريكية المتمثلة برؤيتها لخارطة الحل والتسوية .
5- أين هو البرنامج الذي سيذهبون من اجل الاتفاق عليه في نهاية المطاف ، هل هو وثيقة الوفاق التي تتمسك بها حماس ، أم هي خارطة الطريق التي يلتزم بها الرئيس عباس وفريقه ، أم هي المبادرة العربية ، أم ماذا ؟؟

قد يتبادر إلى ذهن المراقب والمفكر السياسي انه ربما سيكون بالفعل اتفاق سينجح من اجل تشكيل حكومة الوحدة برعاية سعودية هذه المرة، من زاوية أن الاستقطاب والتحشيد السني الشيعي المزعوم يقتضي ذلك ، حيث إن هذا الاتفاق مع حماس سيكون بثمن تربيط أو تحييد حماس كطرف في تيار المقاومة والممانعة ، حينما تحين لحظة مهاجمة إيران للقضاء على مشروعها النووي ، لكن هذا الاحتمال ضعيف ، طالما انه بالإمكان إنهاك حماس من خلال افتعال المواجهة والاقتتال معها ، بحيث يكون التحييد لها قسرا وإكراها بفعل إشغالها في صراع داخلي مع أقطاب التيار الانقلابي والانفلاتي في حركة فتح.

ما أخشاه من لقاء مكة ، انه سيكون بمثابة مناورة من قبل أقطاب التيار المسيطر على حركة فتح وبرعاية سعودية وعربية وبموافقة أمريكية وإسرائيلية ، لتحميل حماس مسؤولية فشل الحوار ، وممن هذه المرة ؟ من قبل العربية السعودية حامية حمى الإسلام ، ثم ليصار بعد ذلك إلى توتير الساحة الفلسطينية مرة أخرى وبدرجة أعلى من كل سابقاتها ، بحيث يتم إحراج حماس بين القبول بتبكير الانتخابات التشريعية وما لذلك من آثار سلبية على الجميع وبالتحديد حماس نفسها ، أو الاستمرار في الصراع والنزاع الدموي الداخلي ، بمعنى أخر انه ابتزاز حماس ووضعها في خانة الإكراه ، إما هذا وإما ذاك ، أو في أحسن الأحوال حكومة موحدة بقبول شروط أمريكا وإسرائيل.

هذا السيناريو الخطير عدل عن فكرة إعداده وإخراجه في مصر أو الأردن ، لان الأخيرتين َستٌعتبران مفضوحتين ومكشوفتين في التحيز لصالح الرئيس عباس ومعاونيه في نظر أقطاب التأمر على حماس وعلى شرعيتها الديمقراطية ، أما السعودية فإنهم يتوهمون أنها في نظر كثيرين محايدة ، وبالتالي هي المناسبة لسيناريو تحميل حماس مسؤولية فشل الحوار وما يتمخض عن ذلك لاحقا .

إذا كنت متفائلا كثيرا ، فربما أن الحوار في مكة سيكون من اجل تثبيت التهدئة الداخلية ، ومن ثم ليعود الأطراف لاستكمال الحوار في غزة ، وبالتالي العودة مجددا للاقتتال، وربما تصعيده إلى أقصى درجاته لتنفيذ سيناريو "تبكير الانتخابات بالدم الفلسطيني" . فهل سينجحون في نهاية المطاف بتمرير مخططاتهم ؟، هذا يتوقف على موقف حماس وقدرتها على التعامل بايجابية لتلافي تلك المخططات لإقصائها كما يسعون إلى ذلك منذ فوزها.

الموقف المطلوب من حماس، هو أن لاتقبل بحكومة وحدة وطنية تعترف بشكل مباشر أو غير مباشر بشروط الرباعية ، لما في ذلك الأمر من خطورة كبيرة على المشروع الوطني الفلسطيني القائم على إستراتيجية المقاومة ، وأيضا إذا ما أرادوا دفعها لتبكير الانتخابات عبر جرها للاقتتال ، فعليها أن تحاول قدر الإمكان إفشال محاولات جرها إلى حرب أهلية ، وان ترفض فكرة تبكير الانتخابات ، لان القبول بها يعني اهانة لإرادة الناس وتوجههم، وربط هذه الإرادة بما تريده أمريكا وإسرائيل ، في كل الأحوال،عليها أن تبقى في الحكومة وان لاتختار فكرة الخروج منها ، لان هذا يعني في نظر عامة الناس أن التيار الإسلامي غير قادر على الحكم ، كما يروج له كثيرون ،رغم أن الحقيقة تقول ، لايمكن أن يكون هناك نجاح لأطراف وطنية حقيقية تدير سلطة وهمية تحت الاحتلال ، ومع بقاء حماس في الحكومة ،ومحاولات الانقلاب عليها وعلى شرعيتها الشعبية والديمقراطية، يكون الاستمرار في خيار المقاومة هو الخيار الوحيد ، ليكون خط استئنافه مجددا، المدخل الحقيقي في الاتجاه نحو إنهاء سلطة وهمية صنعها الاحتلال نفسه، وقبل بها الواهمون من قيادات شعبنا ، سيكون ثمن التخلص من عبء السلطة باهظا على الشعب الفلسطيني ، من دماء قياداته وأبنائه ومؤسساته الخدمية والاقتصادية والاجتماعية ، لكنه في النهاية ، انه الثمن الطبيعي والمطلوب في مواجهة المآسي التي أحلنا فيها ميامين أوسلو عبر أكثر من خمسة عشر عاما منذ مسرحية السلام في مدريد عام 1991 .

الثلاثاء -- 6- 2 - 2007
بقلم : أ. عماد صلاح الدين
كاتب وباحث في مؤسسة التضامن الدولي لحقوق الإنسان- نابلس








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دروس الدور الأول للانتخابات التشريعية : ماكرون خسر الرهان


.. مراسل الجزيرة يرصد آخر تطورات اقتحام قوات الاحتلال في مخيم ن




.. اضطراب التأخر عن المواعيد.. مرض يعاني منه من يتأخرون دوما


.. أخبار الصباح | هل -التعايش- بين الرئيس والحكومة سابقة في فرن




.. إعلام إسرائيلي: إعلان نهاية الحرب بصورتها الحالية خلال 10 أي