الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إذا كانت الحرية ستأتي بقتل طفل بريء فاللعنة على تلك الحرية... العراق انموذجاً؟؟!!

شيار محمد صالح

2007 / 2 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


بات من الواضح أن العراق يتجه نحو هاوية ومستقبل مجهول في ظل المتغيرات الراهنة على الأرض، إذ بالرغم من تعدد الحكومات والرؤساء الذين أطلَوا علينا بشعارات خلابة وطنانة من أجل خلق عراق أفضل ومستقبل زاه للشعب العراقي إلا أنَّ الواقع الذي عشناه ونعيشه دلَّ على أن تلك الشعارات لم ترَ النور ولم تذهب أبعد من أرنبة أنوف المسؤولين بمختلف شرائبهم وطوائفهم ومذاهبهم بالرغم مما قطعوه من عهود للشعب العراقي المغلوب على أمره. وتوصل الشعب العراقي بعد هذه السنوات الثلاث العجاف بأن المستقبل ما يزال غامضاً ومجهولاً حتى بالنسبة لهؤلاء المسؤولين المتربعين على سدة الحكم. وبالرغم مما عاشه شعبنا العراقي من غبطة وسعادة بعد إعدام الدكتاتور صدام حسين وراح يزرع شوارع مدنه بالدبكات والأهازيج الاجتماعية وكل وفق مشاعره وعواطفه المكبوتة منذ زمن طويل، لكن هذه الفرحة وبالرغم من أنها أشفت قليلاً من غيظ وظمىء الشعب مما لاقاه من ويلات وظلم من ذاك الدكتاتور. إلا أنه الشعب في هذه الأيام بات لا يتذكر ذاك الدكتاتور صدام حسين لأنه ابتلى بحالة معيشية أرغمته على نسيان ماضيه واللهث وراء مستقبل مجهول غير محدد العوالم والهدف.
فتحت شعارات من قبيل الديمقراطية التي تتبجح بها الولايات المتحدة بمداخلتها على العراق من جهة ومن جهة أخرى الارهابيين وتحت مسميات طنانة للمقاومة، تحصد الجهتان أرواح العراقيين الأبرياء الذين لا ذنب لهم من عراك الطرفين.
حتى أنه في العصور الوسطى حينما كان يتبارز خصمان فإنهما كانا يبتعدان عن المدن ويتجهان نحو ساحة واسعة وهناك يتبارزان حتى يكون البقاء للأفضل والأقوى والمحنك أكثر. هذا في العصور الوسطى التي نسميها نحن الأذكياء الآن بأنها عصور الظلمات ولكن نقولها من أعماقنا بأنها أفضل من وقتنا الراهن الذي نعيشه وحتى أننا نعيش حالة أحلك وأظلم مما تم معايشته في تلك العصور. ويمكننا القول بأن الحرب والصراعات المنتشرة الآن في العراق لا تمت بأي صلة بالأخلاق ولا الوجدان ولا حتى بالضمير الانساني. أخلاق الديمقراطية والمقامة لها حدود على الجانبان التقيد بها مهما كانت النتائج للوصل إلى الأهداف التي يبتغيها الطرفان. ولكن بنظرة سريعة لما يجري في الميدان العراقي يظهر لنا بكل جلاء أن لا الطرف المدعي للديمقراطية ونشرها ولا الطرف المقابل المدعي للمقاومة يتحلى بأدنى أو بذرة من الأخلاق أو الوجدان.
الجيوش التي كانت تحارب بالسيف والرماح وعلى ظهور الخيل كانت تتمتع بأخلاق أكثر مما تتمتع به الجيوش او الطرفان المتخاصمان في الميدان العراقي في راهننا مع أنهما لا يختلفان في الجوهر عما قاموا به من قتل وحرق للمدن والشعب. كل يوم نسمع المزيد من عمليات التفجير هنا وهناك في مختلف المدن العراقية والنسبة العظمى من الضحايا هم المواطنون الأبرياء الذي يبحثون عن لقمة العيش في زمن ضاعت فيه أخلاق المسؤولين في نهب خيرات البلد ولا همَّ لهم سوى إطلاق الشعارات بين الفينة والأخرى والصراعات الحزبوية والمذهبية والطائفية الضيقة حول أمور سلطوية منفعية لا تتعدى المصالح العائلية والحزبوية الضيقة وحتى العشائرية.
ما هو ذنب هذا الشعب المسكين الذي يعيش يومياً على مقصلة الصراعات الحزبوية والمذهبية؟ وما هو ذنب هذا الشعب بأن يهرب ويرى مستقبله المجهول في بلدان الجوار التي لا تقل همجية ودكتاتورية عما يعاش في الوطن ذاته؟ إذاً إلى أين المفر؟
الداخل قتل وتفجيرات واغتيالات وخطف وجز الرؤوس على الهوية ...الخ وفي الخارج ملاحقات وجوع وبيع الشرف مقابل تأمين لقمة العيش فلا الوطن بات سوراً يحمي شعبه ولا الجار بات سنداً قوياً لصاحب الدار الذي لم يعد يمتلك أي شيء سوى انتظار زمن دوره للوصول إلى مقصلة الصراعات بين الشيطان الأكبر المدعي للديمقراطية والشيطان الإرهابي المدعي للمقاومة.
الأنكى من كل ذلك وبالرغم ما يعيشه شعبنا في العراق من ويلات وجرائم بحق الانسانية يظهر علينا المسؤولون ويتهمون دول الجوار بالتدخل من أجل زعزعة الأمن والاستقرار مع أننا لا ننفي ذلك البتة. فكل دول الجوار لها مصالح في تعميق الشرخ ضمن المجتمع العراقي ونشر عدم الامن والاستقرار، ولكن ليلتفت الأخوة المسؤولون في البداية إلى حل مشاكلهم الحزبوية والطائفية والمذهبية والسلطوية أولاً وبعد ذلك يطالبوا دول الجوار بعدم التدخل. فدول الجوار كيف لها أن تتدخل في الشأن العراقي إذا كان الداخل متماسك ومتعاضد وهمه الوحيد هو الشعب والوطن. إذا إن دول الجوار ترى حالة الشرخ المتواجدة والتي تعيشها كافة الفئات والأحزاب المتربعة والسلطوية في العراق وبذلك تعيث فساداً وتعمل ما يحلوا لها من غير رادع أخلاقي ووجداني.
دول الجوار بدءاً من تركيا وسوريا وإيران وغيرهم من الدول لها مطامع سلطوية ونوايا خبيثة في زعزعة الاستقرار من العراق ولا يهمهم من يكون الضحية طالما أن مصالحهم تستوجب نشر الارهاب والقتل والدمار بين مكونات المجتمع العراقي بمختلف شرائبهم. فها هي تركيا تلوح بعصا التهديد للتدخل في الشؤون الداخلية بشكل مباشر من أجل فرض سيطرتها على ما تبقى من الكعكة العراقية ومن جهة أخرى تلوح سوريا وإيران بأنهما مع أمن واستقرار العراق في العلن ولكنهما في الخفاء تزرع العراق بمختلف عناصر الارهابيين وتمدهم بمختلف العتاد والمتفجرات والأموال من أجل تضييق الخناق على ما يدعونه الاحتلال الامريكي للعراق.
مآل القول على الجميع أن يلتفت بداية إلى خلق مجتمع عراقي أفضل كي يترك أثراً ايجابياً لهذا الشعب الذي يتطلع شوقاً وأملاً بأن يعيش على أرضه كإنسان له حرمته وحريته وكرامته التي هي من أقدس الأمور التي يبحث عنها الانسان. وإلا ما هي قيمة السلطة والجاه إذا كان الشعب يقتل يومياً بدون أي ذنب. وأن يعمل مسؤولونا الأكارم على تنظيف البيت الداخلي الذي يبدأ من النفس والذات ليعم الآخرين حينها لا يمكن لأي كائن من كان أن يجول ويصول في العراق ولنعمل يداً بيد من أجل أعادة الوجه الحضاري للعراق الذي يعتبر مهد الانسانية ومهد الاخلاق والوجدان. وإذا كانت الحرية ستأتي عن طريق قتل طفل أو طفلة بريء فاللعنة على هذه الحرية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تظاهرات في إسرائيل تطالب نتنياهو بقبول صفقة تبادل مع حماس |


.. مكتب نتنياهو: سنرسل وفدا للوسطاء لوضع اتفاق مناسب لنا




.. تقارير: السعودية قد تلجأ لتطبيع تدريجي مع إسرائيل بسبب استمر


.. واشنطن تقول إنها تقيم رد حماس على مقترح الهدنة | #أميركا_الي




.. جابر الحرمي: الوسطاء سيكونون طرفا في إيجاد ضمانات لتنفيذ اتف