الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كف المثقف وقبضة السياسي..!!

خدر خلات بحزاني

2007 / 2 / 8
الصحافة والاعلام


إذا كان الشرق شرق، والغرب غرب لا يلتقيان، فان العلاقة بين (المثقف) و (السياسي) كانت وستبقى علاقة يشوبها التنافر وشبه العدائية وتتحكم بها عوامل عدة يأتي في مقدمتها اختلاف زوايا النظر لشتى الأمور..
ومن بداهة القول انه ليس كل السياسيين على خلاف مع المثقفين، ولكن السياسي المصاب بآفات نفسية ويهجع في بواطن فكره تراكمات اقل ما يقال عنها إنها لا تتلاءم وأجواء الحرية المعتادة، وكذلك نظرته ودرجة وعيه لدوره كقائد ـ على أي مستوى كان ـ والاهم من كل هذا، تبقى النقطة الفاصلة والتي تتمثل في درجة تطرفه في تطبيق الشعارات التي رضعها وتشرّب بها وأدمنها منذ تشكّل وعيه السياسي، فالسياسي الذي يريد من المثقف أن يكتب كلمات المديح والثناء بمناسبة وبدون مناسبة، ويضغط لكي يحشر أسماء أعلام ومناسبات ويقحمها حيث لا مكان لها، هو السياسي الذي سيبقى على خلاف مع المثقفين إلى ابد الآبدين.
إن القول (ليس كل سياسي بمثقف، وليس كل مثقف بسياسي) هو قول يستنكره السياسيون قليلو النظر، بينما في الجانب الآخر يطرب له المثقف ويروّج له في محاولة واضحة لعدم التقيّد والالتزام بأية معايير أو محاذير قد تحدّ من فضاءات انطلاقته وتضع في طريقه لائحة بالممنوعات والخطوط التي ينبغي أو لا ينبغي الاقتراب منها أو تجاوزها.
من المؤسف إن المثقف الذي يعتاش من قلمه ـ وهذا نادر جدا هذه الأيام ـ هو الأكثر عرضة للسقوط في فخ الإغراءات التي ينصبها السياسيون بحذاقة، وبالتالي تتحول كلماته وأطروحاته إلى إعلانات مجانية رخيصة لأيديولوجية الجهة التي تدفع له مقابل ذلك، وناهيك عن خسارة قرّاءه التدريجي وخسارة مكانته وبوار بضاعته في (سوق الكتابة) فانه يضطر للتعامل مع أسياده بتملق ويحاورهم من موقع أدنى ويوافقهم على كل آراءهم السديدة ـ حسب تصحيحاته ـ وهنا لا يشعر بالأمان إطلاقا ويسيطر عليه شعور طاغٍ كأنه موظف منبوذ في دائرة تتبدل فيها الولاءات باستمرار مع تغيّر الوجوه، ولهذا يضطر صاحبنا المسكين إلى رفع وتيرة خضوعه التي تقترب كثيرا من الإذلال التام، والرضاء بأية (عظمة) ترميها يد المسئول السمينة التي تشع بالعافية ويتلقفها ألفاه الفاغر للمثقف الذي باع الذهب بالتراب.
أما المثقف المستقل أو الذي يبحث عن الاستقلالية فانه لا يتنعم بجنات الخلد، كما قد يتصور البعض، وحاله ليس أفضل بكثير من زميله الذي باع قلمه، وذلك لان الإغراءات والامتيازات التي يراها بأم عينه أو يسمع عنها وهي تهطل على زميله، تثير لعابه، وقد تنتابه نوبات حسد وضعف، ويبقى الضغط الرسمي عليه لضمه للقطيع المطيع اكبر من كل ما يواجهه وما يوضع من عراقيل أمامه في سبيل تجييش وتسخير قلمه وفق الأهواء..!
هذا وإذا كان هناك من ثمن يقبضه المثقف المقيّد بأغلال التبعية لأيديولوجية معينة، فان المثقف الحر يدفع ثمنا باهظا جراء نزعته الاستقلالية وصيانة حريته التي تكبده الكثير، كما إن معادلة الابتزاز المتبادلة بين السياسي والمثقف تنتهي إما بالانصياع المذل للمثقف أو بالتمرد باهظ الثمن، ويستمر السياسي بإغداق الهدايا والعطايا على حاشيته حسب درجة خضوعهم وفي نفس الوقت يضطهد المثقف المتمرد وحسب مستوى تمرده..
وخلاصة القول إن العلاقة المتبادلة بين المثقف والسياسي يمكن تلخيصها بمقولة الفيلسوف الكبير (طاغور) عندما قال (لا يمكنك أن تصافح قبضة) أي إن المثقف الذي ينشد الاستقلالية يحاول أحيانا أن يمد يده ليصافح يد السياسي المغتاظ والحانق، فيقوم الأخير بمد يده غير المفتوحة، ويصاب المثقف بصدمة مهوّلة عندما يكتشف انه لا يستطيع أن يصافح قبضة..!!
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصر تنفي التراجع عن دعم دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام مح


.. هيئة البث الإسرائيلية: نقل 300 طن من المساعدات إلى قطاع غزة




.. حزب الله اللبناني.. أسلحة جديدة على خط التصعيد | #الظهيرة


.. هيئة بحرية بريطانية: إصابة ناقلة نفط بصاروخ قبالة سواحل اليم




.. حزب الله يعلن استهداف تجمع لجنود إسرائيليين في محيط ثكنة برا