الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديمقراطي الفلسطيني في واشنطن

خالد عبدالله

2003 / 7 / 28
اخر الاخبار, المقالات والبيانات



كاتب عربي يقيم في وارسو


ماذا سيفعل رئيس الوزراء الفلسطيني في واشنطن؟ أو بالأحرى لماذا دعته الإدارة الأمريكية ليقدم إلى واشنطن؟ ويكتسب هذا التساؤل أهميته بعد أن أصبح معلوما للقاصي والداني أن الرئيس الأمريكي يشدد على أن دعواته أو حجبها عن رؤساء العالم هي ثواب أو عقاب لهم على مواقفهم. وفي حالة الديمقراطي الفلسطيني، فزيارته تتضمن ربما معنيين. تزكية الديمقراطي الفلسطيني على مرأى العالم، حتى يعرف الكل مكانته لدى الإدارة الأمريكية. ثم إن الرئيس الأمريكي يتوقع أن يقدم الزائر آيات الشكر لأنه أدلى بصوته له في الانتخابات الفلسطينية. وآيات الشكر في القاموس السياسي الأمريكي هي التنازلات.

ولم يدل الرئيس الأمريكي بصوته في العملية الديمقراطية الفلسطينية لصالح محمود عباس إلا بعد أن قرأ بتمعن برنامجه الإنتخابي. فالرئيس الأمريكي كناخب حر يعرف حقوقه، وهو لا يدع صوته يضيع هدرا. والبرنامج الإنتخابي للديمقراطي الفلسطيني كان واضحا على مدى سنوات طوال، لكنه أقسم عليه أمام القاضي بوش في شرم الشيخ وبحضور هيئة المحلفين العرب. فهو ضد الإرهاب الفلسطيني، ومتفهم لحقوق اليهود الذين ظلموا عبر التاريخ. كما أنه أكد في الجلسات الخاصة حينما كان يزور واشنطن  ما كان يهمس به أو حتى يصرح به حول عودة اللاجئين، وحول قضايا الحل النهائي.

لكن رئيس الوزراء الفلسطيني أدرك بعد أن حولت إليه أمريكا كل صلاحيات الرئيس الفلسطيني المحاصر أن برنامجه الإنتخابي صعب التحقيق. فهو يعرف أنه حتى يبدأ بتطبيق بعض ما وعد به يحتاج إلى حلوى يقدمها للشعب الفلسطيني. ولكن شارون لا يقدم الحلوى لسببين.

الأول، أنه يستعمل المستوطنات الوهمية، والإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين، والانسحابات كأوراق ضغط على رئيس الوزراء الفلسطيني حتى يوافق على مقترحاته حول الحل النهائي. فشارون ليس غبيا، يدرك من جهة أن الذي أوصلوه إلى دفة الحكم لا يكذب فيما يقول لهم، لكنه يعرف أيضا الوضع الفلسطيني الداخلي. فصاحبهم يستطيع أن يعد لكن الشك كبير حول قدرته على التنفيذ. ولذلك لا بد من عصره.
أما السبب الثاني، فهو أن شارون يرى أنه إذا لم يستطع عباس أن يوافق على الصفقة من الآن، فلا بد من الاستمرار في تنفيذها على أرض الواقع. فسواء بقي عباس أم ذهب يكون هو قد أنجز أكثر ما يريد على أرض الواقع. فما يريده شارون هو تحقيق مشروعه بموافقة فلسطينية أم بدونها. الأولى أفضل كثيرا، لكنه لا يهتم إذا لم يحصل عليها.

ولذلك، فإن مناورات شارون مع عباس هي من أجل الحصول على موافقة الأخير على صفقته. فهو لا يجلس معه للتحدث عن الأسرى، أو عن المستوطنات الوهمية، بل هو يضغط عليه في موضوع الحل النهائي. كما أن شارون بدأ بمناورات جديدة للضغط على الديمقراطي الفلسطيني، وذلك بإدخال الجزرة الأوروبية والعصا الأمريكية إلى الميدان. فقد أرسل وزير خارجيته شالوم إلى الاتحاد الأوروبي ليغازلهم. فقد قال أنه لا بد من دور أوروبي، ثم ضغط عليهم من أجل عدم الاتصال مع عرفات، لكنه اكتفى منهم بتأكيد أن استمرار اتصالهم سيكون رهنا بموافقة عرفات على توسيع صلاحيات رئيس الوزراء. وبعبارة أخرى، أن الديمقراطي الفلسطيني سيتحرر أكثر وأكثر من قيود عرفات حول الحل النهائي، وذلك من خلال الضغط على عرفات ليقبل ما يقبله عباس.

أما العصا الأمريكية، فهي وضع عباس في واشنطن في جو الإرهاب الأمريكي من أجل المضي في تنفيذ برنامجه الإنتخابي. فبوش لن يقابل عباس ليبحث في موضوع الأسرى، أو المستوطنات، أو الانسحاب من المدن والقرى الفلسطينية، أو رفع الحصار عن عرفات. فهذه أمور لا تقلقه. الذي يقلقه أن يقوم عباس بتنفيذ ما وعد به.

وهما أمران، تفكيك المقاومة، والموافقة على إقامة الدولة الفلسطينية التي طرحها بمواصفات إسرائيلية.

 والأمر الأول ينسجم مع ادعاءاته أنه يحارب الإرهاب، والثانية لإنجاز عمل يسعفه في الانتخابات القادمة. وكلا الأمران ينسجمان مع رغبات القاعدة الأساسية المؤيدة له، أي اليمين المسيحي. كما أن كلا الأمرين سينالان رضا كبيرا من الجالية اليهودية التي قد يكسب أموالها وأصواتها. وقد بات بوش بأمس الحاجة للأمرين. فمحاربته للإرهاب أصبحت تبدو مضحكة في ظل عودة القاعدة إلى أنشطتها، وإعادة طالبان لتنظيم صفوفها في أفغانستان.

 ثم إن المأزق الأمريكي يزداد في العراق. كما ضخم فشله في هذه المواضيع من حدة الحملة عليه في أنه ضلل الشعب الأمريكي في موضوع الحرب على العراق. وقد أصبحت حاجته إلى نجاح في أي ميدان ملحة. ألم  نر مدى التوظيف الذي قامت به الإدارة لموضوع قتل ابني الرئيس العراقي. لقد كادوا أن يجعلوا منه حدثا كحدث سقوط بغداد.

وعلى الصعيد الآخر، ماذا سيقول الديمقراطي الفلسطيني للرئيس الأمريكي. هل سيعلمه بحقيقة ما يجري كأن أمريكا لا تعرف عنها شيئا! ناهيك عن كون إسرائيل لا يمكن أن تقوم بشيء من دون التشاور مع سبب استمرار وجودها. أمريكا تعرف كل ما يجري لأنه يتم بالتنسيق معها وإن لم يكن في تفاصيله.

ألا تعرف الإدارة الأمريكية أن المقاومة الفلسطينية قد أوقفت كل عملياتها تقريبا، بينما لم يتوقف الجيش الإسرائيلي عن القتل والمطاردة؟ ألا تعرف الإدارة الأمريكية أن الفلسطينيين لا زالوا محاصرين في مدنهم وقراهم لا يستطيعون التنقل؟ أليس حصار الرئيس الفلسطيني مباركا أمريكيا رسميا؟ أم لا تعرف الإدارة الأمريكية أن الاستيلاء على الأراضي وبناء المستوطنات قائم على قدم وساق؟ فما الذي لا تعرفه الإدارة الأمريكية ولا يحظى برضاها؟ آه...شيء واحد! بناء الجدار كما قال بول لأنه منع العمال الفلسطينيين من العمل، ولكن شالوم طمأنه أنه يمنع الإرهابيين ولا يمنع العمال. هذه هي المسخرة.

لكن الرئيس الأمريكي يعرف ماذا يريد من رئيس الوزراء الفلسطيني. سيقول له ألم تعتبر أن قتل الإسرائيليين عمل إرهابي، إذن لا بد من منع إمكانية قيام هذه الأعمال الإرهابية. وهذا لا يتم إلا بالضربات الإجهاضية. هذا ما تؤمن به أمريكا وما تمارسه. وسيسأل بوش الرجل الذي أعطاه صوته، ألا تريد أن ترى الدولة الفلسطينية في عام 2005 ؟ إذن لم لا توافق على ما يعرض عليك؟

والرجل المنتخب أمريكيا يقول أنه لا يمكن أن نحصل على حقوقنا عن طريق المقاومة. فعن أي طريق يمكن أن نحصل على حقوقنا يا ترى؟ عن طريق المفاوضات، تأتي الإجابة. وليس أمامنا من خيار سوى أن نقبل ما يعرض علينا قبل أن يغيروا رأيهم، ويستمروا في خلق الوقائع على الأرض. هذا ما سيقوله لنا رئيس الوزراء. ولكن يا حضرة رئيس الوزراء إن ما يعرضونه عليك هو تماما ما يسعون لإقامته على أرض الواقع. هل علينا أن نسهل عليهم المهمة ونختصر عليهم الطريق؟ وماذا عن البدائل الأخرى؟ ألم نقل أن السلطة الفلسطينية عبء على الشعب الفلسطيني!!

كنعان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزائر: لإحياء تقاليدها القديمة.. مدينة البليدة تحتضن معرض


.. واشنطن وبكين.. وحرب الـ-تيك توك- | #غرفة_الأخبار




.. إسرائيل.. وخيارات التطبيع مع السعودية | #غرفة_الأخبار


.. طلاب بمعهد ماساتشوستس يقيمون خيمة باسم الزميل الشهيد حمزة ال




.. الجزائر: مطالب بضمانات مقابل المشاركة في الرئاسيات؟