الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من سيدفع فاتورة فشل مراهنات النزعة الأميركانية العربية؟....

محمد سيد رصاص

2007 / 2 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


انتشرت بقوة نزعة فكرية-سياسية في المنطقة الممتدة بين القاهرة وبغداد,بالسنوات الخمس السابقة,شملت الكثير من الأحزاب والتيارات السياسية المعارضة ومن المثقفين العرب,رأت في إدارة الرئيس بوش أداة تغييرية للنظم القائمة وللأوضاع السائدة,في وضع لم يجد فيه السيد أحمد الجلبي نفسه غريباً أوشاذاً ولاحتى السيد كنعان مكية الذي قال في تصريح علني,لماكانت بغداد تقصف من الطائرات الأميركية,بأن صوت القنابل"يطربه",وهو وضع-إذا أردنا الدقة-جديد على العرب,حيث لم يكن الخديوي توفيق,ولاالمتعاونين الآخرين مع الاحتلال في العديد من الأقطار العربية بالقرنين الماضيين ,في وضع يتجاوز تلك الوضعية التي كانت عند الفرنسيين تجاه من تعاون من أبناء جلدتهم مع الاحتلال النازي.
عبر ذلك الإتجاه المستجد ,عند العرب,طرحت الكثير من المقولات الجديدة:"الثنائية المتضادة بين الاستبداد والاحتلال",مقولة أن"الديكتاتوريات قد قضت على العوامل المحلية للتغيير",وأن"كل القضايا-بمافيها الوطنية-تؤخذ بدلالة الديموقراطية",وأن"العالم,الذي أصبح قرية ألكترونية واحدة,لم يعد الداخل والخارج فيه في وضع انفصامي,بل هناك تداخل عضوي شديد بينهما",وأن"الوطن ليس جغرافية أوتراب أوحجارة,بل هو الوضع الذي يجد المواطن فيه نفسه".
من خلال هذا المناخ,وُجدت مقاومة فكرية-سياسية ,هي أقل مماسبق عربياً,لغزو واحتلال العراق في عام2003,ليس فقط عند العراقيين وهو مايمكن تلمسه من خلال قياس الفرق بين حالهم في ذلك العام وماتلاه من سنوات الاحتلال الأميركي وبين وضعهم في السنوات الثلاث اللاحقة للاحتلال البريطاني حتى ثورة1920,وإنما أيضاً عند الكثير من الساسة والمثقفين والمفكرين العرب,إلى درجة وصلت فيها الأمور إلى حدود تبلور تيار فكري-سياسي كامل(هو الليبرالية العربية الجديدة) على صوت قرع طبول حرب 2003 الأميركية,أتى معظم أصحابه من يساريين ماركسيين سابقين كانوا بغالبيتهم من أتباع موسكو السابقين,أومن منبوذيها الماركسيين,وقد أخذ الكثير منهم موقفاً علنياً من احتلال العراق لم يكن خارجاً عن ماقاله أحد رموز المعارضة السورية من أن الأميركان قد"أزاحوا نظاماً كريهاً وأنهم نقلوا المجتمع العراقي من الناقص إلى الصفر"(موقع"الرأي"الالكتروني,29أيلول2003,الناقل لنص المقابلة التي أجريت مع جريدة"النهار")وهو ماعاد إليه بالشهر الأخير من العام المذكور في جلسة خاصة,مبرراً مسوغات التحول الايديولوجي-السياسي عن الماركسية,بأن "هناك رياحاً غربية ستقتلع الأنظمة,وعلينا أن نلاقيها باتجاه وبرنامج ملائمين".
يلاحظ,في هذا الإطار,بأن(النزعة الأميركانية)قد تولَدت في"الحاضنة العراقية"عند مثقفين وسياسيين معزولين عن مجتمعهم كانوا بمعظمهم مقيمين في الغرب,أوعند أحزاب إثنية أوفئوية تعرضت إلى اضطهاد شديد ماولد عندها الكثير من النزعة الثأرية التي لاتلوي على شيء ولايتملكها الوسواس حيال أي وسائل أوتوسطات في سبيل تحقيق الهدف,فيما نرى وجود هذه النزعة,في بلدان عربية أخرى,عند بعض المعارضين ,الذين تعرضوا للسجن والمنفى والملاحقة,حيث تتوازى عندهم النزعة الثأرية – والتي لا يؤمنون بسببها بقول لينين:"الحقد مرشد سيء في السياسة"- مع واقع فقدانهم التواصل والفعل والتأثير في المجتمع,الذي هو في وادي آخر من حيث موقفه من الأميركان,كما توجد هذه النزعة أيضاً عند معارضين,أتوا للمعارضة في ربع الساعة الأخيرة التي أحسوا فيها بقرب هبوب"رياح التغيير"على وقع صدام النظام المحلي مع واشنطن,فيماكانوا ,في زمن القمع المعمم,إما خارج العمل السياسي أوفي صف السلطة أوضمن مواقع سياسية حليفة لها.
خلال السنوات الأخيرة,رُسمت الكثير من السياسات والخطوط على ايقاع ذلك,كماأتت(الإعلانات),القائلة والمعلنة بأن"عملية التغيير قد بدأت", في لحظة سياسية كان فيها(الخارج)و(الداخل) في حالة صدام دراماتيكية قصوى:الآن,وصل ذلك كله إلى الفشل والحائط المسدود,بفعل تحول واشنطن,الغائصة في الوحل العراقي,عن نزعتها التبشيرية بالديموقراطية الليبرالية,التي وصلت ذروتها الايديولوجية-السياسية عبر(مشروع الشرق الأوسط الكبير)-13شباط2004-,حيث عادت للإعتماد على بعض الأنظمة العربية,التي صوَب الأميركان الكثير من ذخيرة"نزعتهم الديموقراطية"ضدها في الفترة اللاحقة لحدث(11أيلول),إما من أجل مقايضة هذا التحول بمساعدة هذه الأنظمة لها في العراق,أومن ايجاد أوضاع مريحة للطرفين يمكن أن تتيح للأميركان امكانية حشد حلف اقليمي جديد ضد ايران عبر استراتيجية"معتدلين ضد متطرفين",كما بشَرت بها الوزيرة رايس في الخريف الماضي وعاد بوش وأكد عليها في"استراتيجيته الجديدة",وربما من أجل الإثنين معاً.
إذا أردنا الإبتعاد عن الناحية المبدئية الوطنية,والإقتصار على الجانب العملي المتعلق بأداء سياسيين دائماً ماتفشل مراهناتهم وسياساتهم التي غالباً ماتكون مثل السيارة المتفجرة التي لاتصيب غير سائقها ومرافقيه ,أفلايجب أن يُطرح السؤال التالي:هل العمل السياسي هو مسرح بلاجمهور,حتى لايُحكم على الممثل الرديء والفاشل بالذهاب إلى البيت,وبالمنع من اعتلاء الخشبة ثانية؟................








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كير ستارمر -الرجل الممل- الذي سيقود بريطانيا


.. تحليق صيادي الأعاصير داخل عين إعصار بيريل الخطير




.. ما أهمية الانتخابات الرئاسية في إيران لخلافة رئيسي؟


.. قصف إسرائيلي يستهدف مواقع لحزب الله جنوبي لبنان | #رادار




.. سلاح -التبرعات- يهدد مسيرة بايدن في السباق الرئاسي! #منصات