الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لايزال الخيار الوطني بين اليدين

تقي الوزان

2007 / 2 / 9
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق



التوجهات الستراتيجية للسياسات الأمريكية لاترسمها أرادة اي الحزبين عند استلام احدهم لسلطة الأدارة فكما هو معروف ان القرارات الكبيرة والمهمة تصنعها عدة مراكز قوى , من بين اهمها , مجموعة مؤسسات الصناعة العسكرية , ورأس المال المالي الذي يدير مجموعة البنوك الرئيسية , ومجموعة المعاهد والكليات الدراسية السياسية المتخصصة , أضافة لمجموعة قوى الاتصالات عبر الاقمار الصناعية التي تراقب تطور الاحداث في كل العالم دقيقة بدقيقة , مع وسائل الاعلام الحديثة بما فيها الانترنيت . وتحّول مجموعة الدراسات التي تتبلور في هذه المؤسسات الى هيئة من العلماء والمفكرين من جهابذة الفكر الستراتيجي – وهي أكثر من ستمائة عضو كما يقول الخبير محمد حسنين هيكل في احدى كتبه – لصياغة التوجهات المرحلية والستراتيجية التي قد يصل مدى بعضها الى قرن كامل , مثلما يؤكدون على ان القرن الحالي سيكون قرناً أمريكياً بأمتياز .
والأدارة الأمريكية هي أداة تنفيذية أكثر من كونها وسيلة تخطيط سياسي , والصراع على الفوز بها بين الجمهوريين والديمقراطيين يدخل فيه كل المزايدات السياسية التي تريد ان تكسب الأصوات الأنتخابية , والمشكلة العراقية اصبحت اليوم من اهتمام هذا الجمهور الانتخابي .
كلنا نذكر كيف أصرّت الادارة الأمريكية على غزو العراق رغم معارضة أغلب الدول لهذا الغزو , ونذكر ايضاً الرفض الشعبي الذي تجسد بعشرات التظاهرات في أغلب مدن العالم وبالذات المدن الغربية والامريكية الكبرى , وكلها لم تثني مخططي الستراتيجية الامريكية ويعدلوا عن تنفيذ مخططهم , وبمختلف الذرائع , يوم لأزالة اسلحة الدمار الشامل , وبعد فشل هذه الذريعة , لأزالة النظام الديكتاتوري الدموي , وبعدها لمنع انتشار العنف ....الخ .
يوم 20070202 نقل موقع " الناس" عن وكيل وزارة الخارجية الامريكية بيرنز قوله : ان الوجود الأمريكي في منطقة الخليج غير قابل للمساومة . لأن واشنطن ظلت مهتمة بحماية أمن الخليج منذ ستة عقود . وأضاف :
ان بلاده تسعى لحماية مصالحها في العراق , وحماية أمن دول الخليج ومنطقة الشرق الاوسط .
من ناحية اخرى تطور الملف النووي الايراني بالاتجاه الحثيث للصدام , وقد نجحت الادارة الامريكية من توحيد ارادة المجتمع الدولي بعزل ايران وفرض العقوبات عليها , والأهم وضعها في خانة الأدانة . والحملة الأعلامية مستمرة , ولايكاد يخلو يوم في الفترة الأخيرة دون ان يهاجم بوش النظام الايراني. مما يذكرنا بالأيام التي سبقت الهجوم على العراق . وأنعكس نجاح هذه الحملة على الارباك الذي حدث في مؤسسات النظام الايراني , وتشكيل "خلية أزمة" للوقوف بوجه أندفاعة الرئيس الايراني أحمدي نجاد وبطانته , لأدارة الملف النووي , ومعالجة الأزمة الأقتصادية , ودرء مخاطر العقوبات الأقتصادية وتضم الرئيسين السابقين هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي ورئيس البرلمان السابق مهدي كروبي , وتردد ان هذه اللجنة تعمل بالتنسيق مع لاريجاني .
الأدارة الأمريكية لاتسعى لتدمير المنشأت النووية الايرانية فقط , والتي اصبحت قريبة من خلال ضربة عسكرية كما يؤكد الكثير من الخبراء والمحللين , بل تسعى لتحقيق الستراتيجية الأمريكية بضعضعة وأنهاء النظام الديني الايراني برمته . وقد دفع هذا النظام عبر مختلف الضغوطات والتهديد والحملات الاعلامية في الثلاث سنوات الاخيرة , وبعد اسقاط نظام صدام بالذات , ليكون بهذا الشكل الواضح كرأس حربة وممول رئيسي لقوى الارهاب الاسلامي , وبات الكل يعتقد ان ايران هي حجر العثرة امام نجاح المشروع الامريكي في تطبيق " الديمقراطية " في منطقة الشرق الاوسط , من خلال اعاقتها لنجاح التجربة العراقية التي هي حجر الزاوية في هذا المشروع . وايران هي التي تقوي رفض حماس للأعتراف بأسرائيل, وتدعمها بعدم الانسياق للحلول السياسية التي تقترحها اللجنة الرباعية . وايران هي اللاعب الاساس مع سورية في شق وحدة الصف الوطني اللبناني , واعاقة تشكيل المحكمة الدولية في قضية اغتيال الحريري .
بهذا الشكل وضعت ايران في مجهر السياسة الدولية , والرهان على ايران من قبل بعض الاطراف المتنفذة في قائمة " لإئتلاف " الشيعية ستكون الخسارة الأكثر بشاعة ودموية , ليس لهذه القوى فقط , بل لكل الشعب العراقي . ولن تجدي نفعاً التصريحات الطيبة للسيد رئيس الوزراء نوري المالكي من اننا لانقبل ان يكون العراق مسرحاً لتصفية الحسابات بين الولايات المتحدة الامريكية وايران , لأن الأرادة العراقية ارجوحة بين المشروعين الرئيسيين , الايراني الطامح لزعامة المنطقة الأغنى في العالم , والامريكي الغربي الساعي لربط المنطقة بعجلة العولمة وتحقيق شروطها بأسرع وقت .
ان تسارع الخطى بأتجاه تصادم المشروعين يضع هذه الاطراف بشكل مكشوف امام مسؤوليتهم تجاه الشعب العراقي . ولايزال الخيار الوطني بين اليدين , قبل ان تفلت الفرصة الأخيرة وتسحق تجربة وبقايا الارادة العراقية بين "بساطيل" المتصارعين . وعندها سيستمر نزيف هذا الشعب المنكوب لسنوات أخر , والمصير الأسود لمن يتسبب في استمرار النزيف .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تسعى إسرائيل لـ-محو- غزة عن الخريطة فعلا؟| مسائية


.. زيلينسكي: الغرب يخشى هزيمة روسية في الحرب ولا يريد لكييف أن




.. جيروزاليم بوست: نتنياهو المدرج الأول على قائمة مسؤولين ألحقو


.. تقارير بريطانية: هجوم بصاروخ على ناقلة نفط ترفع علم بنما جنو




.. مشاهد من وداع شهيد جنين إسلام خمايسة