الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عام على ولاية المجلس التشريعي الفلسطيني

محمد السهلي

2007 / 2 / 9
القضية الفلسطينية


انقضى عام على ولاية المجلس التشريعي الفلسطيني الثاني (تم تنصيبه يوم 18/2/2006) وحفلت جلسة عمله الأولى بمؤشرات التناحر بين قطبي السلطة اللذين أفرزتهما الانتخابات التشريعية.
فقبل تنصيب المجلس الجديد بأيام (13/2/2006) عقد المجلس السابق جلسته الأخيرة اتخذ خلالها رزمة من القرارات رأت فيها حركة حماس > على نتائج الانتخابات، وبأن كتلة فتح في > السابق عززت صلاحيات موقع مؤسسة الرئاسة، عبر عدد من التعيينات والقرارات ذات الطابع الدستوري. وكان القرار العملي الأول للمجلس الجديد هو إلغاء قرارات الجلسة الأخيرة للمجلس السابق، وهو ما أثار حفيظة نواب فتح في <<التشريعي>> الثاني، ودخل الطرفان للمرة الأولى في سجالات <<فقهية>> حول نصوص القانون الأساس للسلطة وتفسيراتها وبذلك، انتقلت الحركتان عملياً من مرحلة الخلاف، في الموقف من السلطة الفلسطينية إلى مرحلة الصراع على حصة كل منهما فيها.
ومنذ تلك اللحظة، عبر المحللون السياسيون عن تشاؤمهم تجاه إمكانية تحقيق نقلة نوعية في دور المجلس التشريعي الجديد بما يقطع مع التجربة السابقة التي وسمت عمل <<التشريعي>> الأول في دوريه، الرقابي والتشريعي، وقيامه بإدارة الظهر للنداءات والمطالب التي تقدمت بها القوى الديمقراطية ومؤسسات المجتمع المدني من أجل تشريع قوانين تكفل إجراء إصلاح وطني ديمقراطي حقيقي تنهض بالنظام السياسي الفلسطيني على أسس ديمقراطية ـ وسجل على <<التشريعي>> السابق الذي شكلت كتلة <<فتح>> أغلبية عضويته، عدم تصديه لملف الفساد المستشري وخضوعه للضغوط التي مارستها السلطة التنفيذية على قاعدة الترغيب والترهيب. يضاف إلى ذلك، إقحام المجلس التشريعي في معادلة الصراعات داخل حركة فتح. كل تلك الأسباب أدت إلى تشويه التجربة البرلمانية في ظل السلطة الفلسطينية منذ قيامها.
من هنا، كانت قوى سياسية واجتماعية وشخصيات فلسطينية تنظر بأمل إلى انتخابات المجلس التشريعي واعتبرتها محطة ديمقراطية لإعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني تلغي هيمنة حزب بعينه على مجمل مؤسسات السلطة التنفيذية والتشريعية، لكن أسباباً كثيرة، من بينها إجراء الانتخابات وفق قانون التمثيل النسبي النصفي، أنتج سلطة فلسطينية برأسين متقابلين . وبذلك انتقلت الحالة الفلسطينية من نار هيمنة الطرف الواحد إلى جحيم التناقض بين قطبين تحمل العلاقة بينهما من بوادر الصراع أكثر مما تحمل من عوامل التوافق والتكامل في خدمة المشروع الوطني الفلسطيني التحرري.
عقلية جهوية
وتؤكد تجربة المجلس التشريعي الثاني أن العقلية الجهوية لأغلبية أعضائه هي التي سادت منذ بداية عمله، وتجلى ذلك واضحاً من تشكيلة مكتب رئاسة المجلس التي احتكرتها <<حماس>>، وفي تشكيلة لجانه البرلمانية التي قامت وفق المحاصصة بديلاً عن الاختصاص. إلا أن المحطة الأبرز التي تسجل لغير صالح <<التشريعي>> الجديد كانت قبيل تشكيل الحكومة الفلسطينية وفي نقاش برنامجها داخل المجلس، الذي بدا بمظهر حزبي فاقع يشوه مبدأ فصل السلطات وينحو به تجاه فصل <<التشريعي>> ذاته عن السلطة الفلسطينية. وفاقمت أغلبية المجلس التشريعي الثاني هذا التشوه بترسيم حكومة تشكلت وفق برنامج فصيل واحد. وبذلك يكون المجلس رسّم تقسيماً خطراً في جسم المؤسسة التنفيذية للسلطة الفلسطينية بكل ما يحمل ذلك من مخاطر لا تزال تداعياتها الكارثية تتوالى فصولاً. والمؤسف في تجربة العام الأول للمجلس التشريعي الثاني، أنه تعامل بسلبية فاقعة مع تداعيات الحصار الظالم على الشعب الفلسطيني ومؤسسات السلطة، وبدلاً من أن ينهمك بكل مكوناته السياسية والاجتماعية في محاولة إيجاد سبل التصدي للحصار وحث السلطة التنفيذية ومشاركتها في اقتراح آليات وطنية عامة للتخفيف من أعباء الحصار، انكفأت غالبية أعضائه إلى خندقها الحزبي، واعتبرت أن الحصار المالي والسياسي يستهدفها حصراً. ويرى المتابعون أن هذا الاستخلاص يفتح على خطر التعامل مع تداعيات الحصار من خلال عناوين فلسطينية مفترضة، وهو ما وقع فعلاً وأدى إلى إدخال الحالة الفلسطينية في حالة من الصراع حول طبيعة الحصار واستهدافاته بدلاً من توحيد الجهود الوطنية من أجل إفشال أهدافه، كما حصل في محطات سابقة عندما تجاوزت الحالة الفلسطينية مجتمعة الشروط الخارجية التي طالبت بـ<<تفكيك الإرهاب>>(وتقصد المقاومة)، واستطاعت في حينها مكونات الحالة الفلسطينية مجتمعة من إحالة هذا الملف الخطر إلى طاولة الحوار الوطني الشامل، وأجمعت على موقف واحد أكد مشروعية مقاومة الاحتلال ومجابهة الاستيطان والرد على العدوان.
.. ودور مفقود
كانت الخندقة الحزبية السبب الأساس الذي منع المجلس التشريعي من القيام بدوره الرقابي المفترض تجاه الحكومة، وخاصة تجاه ملف الموازنة السنوية التي لم يقدم مشروعها حتى الآن، واكتفى بتمديد العمل وفق قاعدة الإثني عشرية في الإنفاق كما نص النظام الأساسي للسلطة، ولم يقم بأي إجراء أو معالجة لهذه المعضلة، بالرغم من تجاوز المدة المنصوص عليها بالتمديد (ثلاثة أشهر) وإنقضاء فترة <<السماح>> الثانية دون تقديم مشروع الموازنة والتصديق عليه.
ويجمع المتابعون على أهمية وضع موازنة سنوية للسلطة وخاصة في ظل الحصار المضروب على الشعب الفلسطيني، من خلال تثمير الواردات المتاحة والتصديق على سياسة اقتصادية تتعامل بإيجابية مع الظرف الصعب الذي يعيشه الشعب الفلسطيني في ظل انقطاع رواتب العاملين في السلطة وتدهور أوضاع القطاعات الإنتاجية الرئيسية.
ويضيف المتابعون، بأن عدم تدقيق <<التشريعي>> في أوضاع السلطة المالية سيؤدي إلى استمرار التصرف بالإيرادات المتاحة وفق ما ترتأيه هذه المؤسسة التنفيذية أو تلك. وفي ظل سيطرة العقلية الجهوية على الأداء السياسي الفلسطيني الرسمي، فإن اتجاهات الصرف والإنفاق ومعدلاتها باتت محكومة بالاعتبارات الفصائلية بعيداً عن توظيفها في خطة وطنية عامة تعود بالفائدة على المتضررين الحقيقيين من الحصار.
ومع احتدام الصراع بين مؤسستي رئاسة السلطة وحكومتها، نشأت أمام المجلس التشريعي مهمة صعبة تفترض المصلحة الوطنية العليا اضطلاعه بها، في ظل اقتراب خطر الاقتتال المسلح الذي وقع لاحقاً. وتتجلى مهمته في وضع كل من طرفي المؤسسة التنفيذية أمام خط أحمر يثبت أن المجلس التشريعي سيد نفسه، وبأنه جدير بالصلاحيات التي نص عليها النظام الأساس. ويذكرّ الحكومة بأنه من منحها الثقة وبأنه سيسحبها منها في حال استدعى الأمر ذلك، ويذكر مؤسسة الرئاسة بأنه لديه من الصلاحيات ما يمكنه من وضع الأمور في نصاب القانون الأساس للسلطة. ونشير هنا إلى الدور بالغ الأهمية للسلطة القضائية في دعم هذه الجهود وتنسيقها مع المجلس التشريعي، ونعتقد بأن غالبية الشعب الفلسطيني وقواه الحية ستقف إلى جانب مثل هذه الجهود.
ولا يمكن هنا تجاوز الدور المسؤول الذي قام به رئيس المجلس التشريعي د. عزيز الدويك في التجاوب مع دعوات الحوار الوطني الشامل عقب تقابل موقفي الرئاسة والحكومة تجاه تبكير الانتخابات الرئاسية والتشريعية، لكن، وللآسف، استطاعت عقلية الخندقة الحزبية إفشال الجهود المخلصة التي بذلت في محاولة الوصول بسفينة الحوار إلى بر التوافق الوطني الناجز.
عام مضى على ولاية المجلس التشريعي الثاني، من غير دور تشريعي أو رقابي. وإذا ربطنا هذا الاستخلاص الواقعي مع رزم الشعارات والتعهدات التي أطلقها المرشحون في حملاتهم الانتخابية <<الكرنفالية>>، فإن السؤال الجدي هو: ما هو رأي المواطن الفلسطيني الذي أوصلهم إلى قبة المجلس وحمّلهم أمنياته؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين أنستغرام والواقع.. هل براغ التشيكية باهرة الجمال حقا؟ |


.. ارتفاع حصيلة القتلى في قطاع غزة إلى 34388 منذ بدء الحرب




.. الحوثيون يهددون باستهداف كل المصالح الأميركية في المنطقة


.. انطلاق الاجتماع التشاوري العربي في الرياض لبحث تطورات حرب غز




.. مسيرة بالعاصمة اليونانية تضامنا مع غزة ودعما للطلبة في الجام