الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قوانين النفط الجديدة - يكاد المريب أن يقول خذوني

حمزة الجواهري

2007 / 2 / 10
الادارة و الاقتصاد


2007-02-09
كنت كغيري من العراقيين المهتمين بشؤون النفط، ننتظر على أحر من الجمر صدور مسودة القانون الذي ينظم الشؤون النفطية وفق القواعد والأسس الدستورية التي أقرها البرلمان، وإزالة اللبس بتفسير بعض الفقرات الدستورية، وكنت أتنمى أن يكون لنا، كمجتمع مدني، دورا إيجابيا بصياغة مستقبل البلد الذي ننتمي له وناضلنا من أجله عقود طويلة ودفعنا أبلغ الأثمان بسبب هذا النضال المرير، لكن مع الأسف الشديد لم ترى مسودة القانون النور وبقيت طي الكتمان تتناولها أيدي، الكثير منها بعيدة تمام البعد عن النفط، بل وربما لا تستطيع التمييز بين النفط الخام عن النفط الأسود، ولا تعرف معاني أخرى ذات طبيعة تقنية أو تلك التي تتعلق بالاقتصاد أو السياسة النفطية، وبقيت هكذا دون أن يرشح شيء ذو قيمة عما يدور خلف الأبواب الموصدة حتى ظهرت فجأة في البرلمان! وكأن الشعب عبارة عن كم مهمل لا شأن له بهذه الثروة، وفي الحقيقة، لقد فقد العراقي كل شيء ولم يبقى له سوى ما تخزن أرض العراق الأمينة من خيرات، لقد أفقر النظام المقبور ومن ثم فلوله جميع أبناء العراق، فلم يعد هناك غنيا سوى رجال النظام السابق الذين استأثروا بالثروة كاملة وتجار الحرب وأصحاب المليشيات وحملة السلاح الخارجين على القانون بحجة المقاومة للمحتل.
لكن تسربت نسخة من مشروع قانون النفط (ورقة عمل نقاشية) وصلتني بالبريد من مصدر لم يشأ الإفصاح عن هويته، كانت الورقة قد كتبت بتاريخ12 نوفمبر2006 وربما ليست هي القانون الذي ينتظره الجميع أو ذلك الذي قدم للبرلمان العراقي، لكني وجدت هناك حاجة لمناقشتها من الجوانب الفنية قصد الفائدة وليس التعريض بجهة محددة، لأن القانون لم يكتمل النقاش حوله لحد الآن، وقد عقت عدة جولات نقاشية وتفاوضية حول المسودة التي سميت مشروع كان آخرها أثناء كتابة هذه الملاحظات، لكن كلها كانت تجري بسرية تامة ولم يكشف عن مضامينها لأصحاب الشأن، وهو الشعب العراقي المالك الحقيقي لهذا النفط، لذا فإن النقاش الذي سأتناوله في هذه المقالة يعتمد من حيث الأساس على تلك الورقة التي، ربما، تكون قد اختلفت عن التي بين أيدينا، وهذا النقص يتحمل مسؤوليته تلك الأطراف السياسية الضالعة بمناقشة الورقة وإعدادها حتى يوم تقديمها للبرلمان بسرية شديدة وكتمان غير مبرر، وربما سنكون قاسين بعض الشيء على البعض بسبب ما سنجده في نسخة المسودة القديمة، مرة أخرى أقول: قد تكون الآن مختلفة، لكن وكما قلت هم الذين يتحملون مسؤولية القسوة لأنهم استهانوا بنا كعراقيين لنا بالنفط من الحقوق ما لهم، وعلينا تحمل تبعات ما يفعلون كما يتحملون، وربما يكونوا، كأشخاص أو جهات، منتفعين من هذا التعتيم إلى حد بعيد، كما سنرى من مجموعة المقالات التي سأنشرها تباعا حول هذا الموضوع، والتي من خلالها يتبين للقارئ الكريم مدى استفادة بعض الأطراف من هذا التعتيم والدوافع الحقيقية من وراءه. وهنا ينبغي الإشارة إلى أن عناوين هذه السلسلة كلها تبدأ بعبارة "قوانين النفط الجديدة" تبدأ بالصدور تباعا من هذا اليوم.
في الواقع يحق لكل عراقي أن يسأل لماذا تشذ هذه المسودة عن سابقاتها من القوانين التي كتبت في العهد الجديد؟ وتحجب عن الجمهور الذي تمسه بنودها؟ وتبقى حصرا بين النخب، إذا لم يكن وراء الأكمة شيء مريب؟ وحين استلمنا المسودة أو الورقة عن طريق فاعل خير مجهول الهوية، وجدت بها إشارة إلى التفريط بحقوق الملكية بشكل واضح، كما وأن هناك ما يشير إلى أن النفط سيكون نهبا لجهات ذات نفوذ في مناطقها، وما عدا ذلك، لم أجد بها أكثر من الخلافات التي نعرفها بين أطراف الصراع الدائر في البلد، وهذا الأمر ليس مريبا، لكن كان يعني فشل أطراف الصراع بالاقتراب من بعضها البعض لحد تاريخ كتابة المسودة، ربما لأسباب فيها ما يدعوا للريبة، وهذا ما لا نعرفه حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود وتصدر هذه القوانين، أو ما سوف يرشح هذا اليوم من خلال عقد ندوة يحضرها النخب فقط لمناقشة هذه القوانين أو ربما القانون الأول فقط. لكن مع ذلك أجد أن الزمن قد اختلف، وأن التعتيم أمره مريب، لذا يجب تحاشيه، إذ أنه ليس من سمات العهد الجديد خصوصا في موضوع حيوي مثل النفط، لذا لم أجد سببا وجيها لحجب مسودة القانون عن الجمهور قبل عرضه على البرلمان، لأن في العراق طاقات كبيرة ويهمها أمر النفط كونهم يشاركون بملكيته، وهذا أقل اعتبار لمنحهم فرصة للمشاركة، فضلا عن الاعتبارات الوطنية الأخرى التي، ربما، لا تقل أهمية هذه.
إن زمن التعتيم والانقياد لرغبة الحكام قد ولى، وكما ويعرف الجميع أن العراق يغرق بالفساد من كل أنواعه، ولم يبقى فيه شيء لم يسرق إلا النفط الذي مازال تحت الأرض، لذا لا نريد له أن يسرق هو الآخر أو أن يصبح عرضة للسرقة المقوننة، لذا أدعوا كل عراقي شريف إبداء رأيه حول مسودة قانون النفط تحديدا والعمل على أن لا تبقى سرية بالرغم من ثقتنا الكبيرة بالسادة الذين يجلسون على طاولات الحوار حول صياغة القانون وأعضاء البرلمان الذين استساغوا لعبة التعتيم هذه وابقوا على المسودة سرية، ولكي لا نبقى نعتمد على تصريحات لبعض السياسيين المقتضبة، وأحيانا فارغة من المحتوى مع الأسف الشديد، سوف ندلي برأينا المتواضع، عسى ولعل، أن يستفاد البعض من هذه الأفكار والتحليلات.
لقد تبن أن القانون الذي طال انتظاره عبارة عن قانونين، الأول وهو الذي يناقش حاليا تحت سقف البرلمان، يهتم بتنظيم العلاقات والصناعة النفطية داخليا، أما الثاني على ما أعتقد هو الذي ينظم العلاقة مع المستثمر الأجنبي وهو مازال في طور الإعداد النهائي قبل تقديمه للبرلمان، أقول هذا لأن ما تناهي لعلمي، إن كان صحيحا، بسبب التعتيم الذي يتحمل مسؤوليته الساسة الذين يولون هذه المهمة حاليا، فما تناهي إلى علمي هو أن القانونين قم تم صياغتهما صياغة أولية منذ أن كان الدكتور إبراهيم بحر العلوم وزيرا للنفط، وقد تمت الصياغة على يد اثنين من المختصين بالشؤون النفطية كانا قد تركا العراق ليعيشا في أحدى الدول الاسكندنافية، لكن يبدو أن ما كتبه السادة المختصون، يختلف عما هو موجود في البرلمان حاليا وحتى الثاني الذي مازال الإعداد له غير مكتمل، رغم أن جزء منه قد ظهر في مسودة القانون الأولى وهو ذلك الجزء الذي يتعلق بأنواع العقود التي سوف تمنح للشركات الأجنبية، تحديدا عقود المشاركة بالإنتاج، لكن تفاصيل المشاركة ربما ستكون جزء من القانون الثاني.
عموما، هناك ثلاث مستويات من العلاقات ينبغي العمل على تناولها في هذا التحليل المحايد رغم أنه يحمل موقف سياسي لفئة واسعة من العراقيين، المستوى الأول يتعلق بتنظيم العلاقة بين الإقليم والمركز بما يتعلق بالصناعة النفطية بكل أنواعها، وهو موضوع الجدل الساخن عراقيا، أما المستوى الثاني فهو الذي يتعلق بمبدأ توزيع الثروة وطنيا بين العراقيين، وهو موضوع خلاف كبير بين الأطراف المتصارعة، ولو جاء التوزيع غير منصف، قد يؤول إلى ما لا تحمد عقباه على الوضع الذي يعاني أصلا من هشاشة العظام والعضلات وفقر الدم وجميع الأمراض التي أعرفها ولا أعرفها، أما المستوى الثالث، فهو ذلك الجزء الذي سوف يظهر في القانون الثاني والذي يحدد طبيعة وأسس منح عقود المشاركة بالإنتاج للشركات العالمية، وهو ما نعتقد أنه يفرط بحقوق العراقيين ويعيد عجلة التاريخ للوراء أكثر من أربعة عقود، لكن بذات الوقت يستمد هذا النوع من التفريط بالحقوق تبريره من الحالة التي يمر بها العراق وحالة الهوان الذي يتسبب به أدعياء التحرير ومحاربة الاحتلال. هناك أمور أخرى مهمة جدا تتعلق بالسيادة الوطنية، ليس كما يفهمها النظام المقبور من أنها غرفة نوم الدكتاتور، ولكن القصد هو السيادة الحقيقية بمعناها السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وهذا ما سنتطرق له في الحلقات القادمة لأن التفريط به يعد أكثر خطورة بكثير من التفريط بحقوق الملكية.
إن المستويات الثلاثة التي تحدثنا عنها ترتبط مع بعضها البعض موضوعيا إلى حد يصعب التفريق فيما بينها، لذا فإن التحليل سوف ينصب على محتويات القانونين معا مع الإشارة إلى القانون المقصود بالنقاش أثناء السياق، أي أن النقاش سيكون على أساس الموضوع وليس على أساس التقسيم الذي فرضه علينا الذين أعدوا القانون بليل من خلف الكواليس.
المزيد سيأتي في الحلقات القادمة.
* مهندس نفط مختص بإنتاج وتطوير حقول النفط والغاز








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - - كل يوم - يفتح ملف الدعم أيهما أفضل للمواطن العيني


.. النائب أيمن محسب: الدعم النقدي هو الأفضل للفقير والدولة والط




.. كل يوم -د. أحمد غنيم : الدعم النقدي لن يؤدي لمزيد من التضخم


.. د. أحمد غنيم لخالد أبو بكر: كلما تقدمت الدول كلما تحولت من ا




.. كل يوم - د. أحمد غنيم :الدولة تقدم الدعم النقدي لأصحاب المع