الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نصف كرة في خصلة شعر

محمد الإحسايني

2007 / 2 / 11
الادب والفن



دعيني أتنشق طويلاً، طويلاً أريج شعرك،فأغوص فيه وجهي كاملاً مثل رجل ظمآن وُجد في ماء نبع، وأن أحركه كمنديل معطر لأبدد ذكريات في الهواء.
لو كنت تستطيعين أن تدركي ما أراه! كل ما أحس به! وكل ما أسمعه مغموراً بشعرك! تسافر روحي عبر العطور سفرَ البشرِ عبر الموسيقى.
يتضمن شعرك تماماً حلماً، حلماً يفيض بالأشرعة والصواري، يسع بحاراً هائلة،تحملني رياحها المعصرات، نحو مناخات فاتنة، الفضاء أشد زرقة وأكثر عمقاً، وحيث الهواء معطر بالفواكه وبالأوراق، وبالجلد البشري.
أستشف من خضم فرعك ميناءً يكتظ بأناشيد كئيبة، وبرجال أقوياء من كل الأمم، وسفن من كل الأشكال، تُبدي هياكلها الدقيقة والمعقدة،فوق سماء شاسعة الأرجاء، تسترخي فيها الحرارة الأبدية.
أستعيد أبطأ الساعات الممضاة على أريكة ما،في مداعبة ذؤابتك، في غرفة سفينة رائعة،يهدهدها ترنح الميناء غير المحسوس،بين أصيص الزهور،وبين قلل الفخّار المنعشة، فأتنفس في أوار خصلتك المتوهجة،رائحة التبغ الممزوجة بالأفيون وبالسكر؛أبصر في دجى فرعك لامنتهـــــى اللازوردي الاستوائي متلألئاً،فأنتشي على ضفاف ذؤابتك بروائح ممزوجة بالقار،وبالمسك، وبخلاصة البَخور الهندي.
دعيني أقضم طويلاً فرعيك الكثيفين الفاحمين، فعندما أتكلف عض شعرك اللدن والعاصي، يبدولي كأنما أستهلك ذكريات.

UN HEMISPHERE DANS UNE CHEVELURE
Laiss-moi respirer longtemps, longtemps,l odeur de tes cheveux,…
***
*نصف كرة في خصلة شعر من أروع قصائد نثر بودلير. إلا أن هذا العنوان في حاجة إلى توضيحات،نظراً للإغرابية التي يكتسيها. الفقرة الأولي تقوم مقام التمهيد *لفكرة الشاعر إذ تبتدئ بتوسله " دعيني..."فالمتكلم يلتمس إذتاً من مخاطبه بأن يدخل معه في اتصال مباشر عن طريق شَعره فضمير المتكلم moi يعود على بودلير الحالم، وقد تنزل بتفريد ضمير المخاظبة مما يفسر العلاقة الحميمية بينه وبن المخاطب، بعد رفع الكلفة، والدخول في اتصال مباشر مع خصلة الشعر أو الجديلة، عن طريق حاسة الشم.ثم تنتهي القصيدة بخلاصة لتأكيد فكرة الشاعر.فثيمات القصيدة تتجلى في الملاذ الجنسية، والحلم،والسفر، وعشق الأشياء الغريبة، مما يوطد أسس القصيدة. ويترجم العنوان"نصف كرة..."ضمنياً استعارة كونيةفعلاً،إذ يعود على النصف الجنوبي من الكرة الأرضية، فضلاً عن ذلك، تدل عبارة" dans " أن شيئاً ما يحدث في الداخل ذاته للجديلة، حيث إن النصف الآخرلما بعد الجديلة، يمثل جزءاً من العالم الحي المكتسي بالحياة، كما تعبر القصيدة عن السفر غير المتنقل، السفر عبر الأزمنة في نطاق الحلم بتكرير " طويلاً ، طويلاً".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم شقو يضيف مليون جنيه لإيراداته ويصل 57 مليونًا


.. أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة • فرانس




.. صباح العربية | بينها اللغة العربية.. رواتب خيالية لمتقني هذه


.. أغاني اليوم بموسيقى الزمن الجميل.. -صباح العربية- يلتقي فرقة




.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى