الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأسس التاريخية لحركة التحرر الوطني و الحركة الثورية المغربية الجزء االثاني

امال الحسين
كاتب وباحث.

(Lahoucine Amal)

2007 / 2 / 12
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


الأسس التاريخية لحركة التحرر الوطني و الحركة الثورية المغربية الجزء االثاني
إن المتتبع لتطورات الحركة السياسية بالمغرب يدرك أن نشأة الأحزاب السياسية لم يكن لها تاريخ طويل ببلادنا كما هو الشأن بالنسبة للبلدان الرأسمالية لبغربية و دول أمريكا اللاتينية ، التي عرف فيها تطور حركة السياسي نسقا تاريخيا متلائما مع تطور التكوينات الاجتماعية التي عرفتها المجتمعات البشرية خلال المراحل التاريخية المتواترة عبر العصور، حيث عرفت المجتمعات الأوربية منذ عصر النهضة تطورا هائلا على جميع المستويات السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية و الثقافية و الفكرية و العلمية ، الشيء الذي ساهم بشكل كبير في التحولات السياسية و الاجتماعية بهذه البلدان ، خاصة بعد انتصار مفاهيم البورجوازية على مصالح الإقطاع بعد انتصار الثورات البورجوازية و بروز النظام الرأسمالي .
لقد هذه الثورات على بروز الحقوق الفرد السياسية و المدنية و على رأسها حرية التعبير و الرأي التي تخول للأفراد حق المشاركة في تسيير شؤونهم بنفسهم ، الشيء الذي خول لهم حق المشاركة السياسية عبر التمثيلية في البرلمان مما ساعد على إنشاء تكتلات أفرزت الأنوية الأولى للأحزاب الليبرالية ، كما أن حرية التنظيم النقابي و المهني و الحرفي ساهم في تحويل هذه التنظيمات إلى أحزاب سياسية كما هو الشأن بالنسبة للحزب الاشتراكي البريطاني الذي تأسس عام 1899 إثر قرار اتخذه مؤتمر النقابات .
و نرى أنه من خلال الصراع الطبقي بين البورجوازية الصاعدة والإقطاع نشأت الأحزاب الليبرالية بعد انتصار مفاهيم البورجوازية على مصالح الإقطاع ، و ساهم في ذلك مفكرون بورجوازيون أمثال آدم سميت و هوبز و مونتيسيكيو عبر ثلاث ثورات عالمية إنجليزية و أمريكية و الفرنسية .
إن انتصار الرأسمال على الإقطاع جعل في حينه مفاهيم البورجوازية/علاقات الإنتاج تتوافق مع متطلبات قوى الإنتاج المتطورة ،إلا أن غلو الرأسمالية التي فتحت الباب أمام مزيد من استغلال الطبقة العاملة التي تحققت الثورات البورجوازية عبر ناضلاتها ضد الإقطاع ، أدى إلى بروز التناقضات الأساسية بين الطبقة العاملة و الطبقة البورجوازية ، و برز مناضلون ثوريون يدافعون عن مصالح الطبقة العاملة أمثال ماركس و انجلس اللذان أسسا معا " إتحاد الشيوعيين " سنة 1847 و أصدرا " البيان الشيوعي 1448" و أسسا " جمعية العمال العالمية " ، إعلانا عن ميلاد حزب عمالي يهدف إلى تنظيم الطبقة العاملة ضد البورجوازية التي سيطرت السلطة السياسية و الإقتصادية ، و خلال مرحلة تاريخية لاحقة أسس إنجلس " الاتحاد الدولي للأحزاب الاشتراكية " و جاء بعدهما لينين ليضع نظرية الحزب الثوري الذي أنجز الثورة البولشيفية و قيام الدولة الاشتراكية في أفقر بلد.
و إذا كانت الأحزاب الليبرالية تدافع عن مصالح البورجوازية التي تراعي مصالح الرأسمال في صراعه مع الطبقة العاملة فإن الأحزاب الشيوعية تعتبر الحزب الثوري طليعة الطبقة العاملة و فصيلها الأكثر وعيا و تنظيما و التي تسير في مقدمتها بتحالف مع الفلاحين الفقراء و الكادحين ، و " الأداة السياسية" الكفيلة لمواجهة سلطة الدولة البورجوازية للإطاحة بها و ممارسة دكتاتورية البروليتارية .
إن المغرب و ككل البلدان التي تحكمها أنظمة خادمة الرأسمال المركزي و التي عرفت مراحل الاستعمار المباشر من طرف الدول الرأسمالية ، لم تعرف فيه التشكيلة الاجتماعية و الطبقية تطورا متواترا كما هو الشأن بالنسبة للدول الغربية و دول أمريكا اللاتينية، ذلك أن عوائق الإقلاع بها حالت دون إنجاز هذه المهام مما له تأثير على تخلف الحياة بشكل عام ، و تعتبر الحياة السياسية من بين المجالات التي يكون لها تأثير قوي على تطور التكوينات الاجتماعية ، فإلى حدود سنوات الثلاثينات من القرن 20 لم تعرف الحياة السياسية بالمغرب تنظيمات حزبية بالمعنى الذي نشاهده اليوم ، كل ما هنالك هو مقاومة الفلاحين الفقراء لهجوم الرأسمالية الإمبريالية على البلاد ، و التي تعتبر فيها المقاومة الريفية بقيادة البطل محمد بن عبد الكريم الخطابي أروع ما أنجزته المقاومة الثورية بالمغربية .
و مع تغلغل الرأسمالية الإمبريالية بعد إخماد المقاومة بالبوادي من طرف الإستعمار المباشر و بتحالف مع الإقطاع ، نشأت بورجوازية متوسطة و طبقة عاملة بالمدن تحالفتا معا ضد الاستعمار المباشر في أواسط الثلاثينات ، و يشكل ما يسمى بالحركة الوطنية التي اختارت النضال السياسي لمواجهة المستعمر الحركة السياسية النواة لنشوء التنظيمات السياسية المغربية ، و أفرزت هذه الحركة تأسيس حزبين أساسيين في أواسط الأربعينات من القرن 20 الحزب الشيوعي المغربي التابع للحزب الشيوعي الفرنسي و حزب الاستقلال.
لقد ارتكز العمل السياسي لحزب الإستقلال على المطالبة بالإستقلال الشيء الذي خلق إجماعا وطنيا حول برنامجه ، و الذي اجتمعت حوله جميع القوى من طبقة عاملة و فلاحين صغار و فقراء و حرفيين و بورجوازية متوسطة ، و استطاع نشر أيديولوجيته في جميع أوساط الطبقات الشعبية في جميع أنحاء المغرب بالمدن و البوادي ، كما استطاع استقطاب قيادات حركة المقاومة و جيش التحرير خاصة في بداية الخمسينات من القرن 20 ، التي عرفت فيها مقاومة الإستعمار المباشر حدة جعلته يلجأ إلى التفاوض و المناورة من أجل القضاء على الحركة الوطنية خاصة المقاومة و جيش التحرير ، الذي عمل على فصلهما عن البورجوازية المتوسطة بحزب الإستقلال في مؤامرة إيكس ليبان التي أفرزت الإستقلال الشكلي سنة 1956 .
لم يحث الفرز السياسي بهذا الحزب إلا المراحل الأولى من الاستقلال الشكلي ما بين 1956 و 1960 في صراع بين الطبقات داخله ، بعدما اكتشفت الطبقة العاملة و الفلاحون الفقراء و المناضلون الثوريون داخل الحزب أن القيادة البورجوازية قد ساومت على حساب مصالحها ، أجل مواقع في السلطة السياسية التي تسلمها تحالف البورجوازية و الإقطاع ، و كان لا بد من الصراع داخل هذا الحزب الذي يضم بداخله طبقات متناقضة المصالح و متعارضة ، و كان الصراع أفقيا بفرز الصراع بين القيادات البورجوازية التي تطمح للسلطة السياسية ، و عموديا في تناقضات القيادات البورجوازية مع القاعة الجماهيرية المشكلة من الطبقة العاملة و الفلاحون الفقراء ، و بالأخص بين قيادات المقاومة و جيش التحرير و القيادات البورجوازية بصفة عامة التي تسعى إلى تصفية الحركة الوطنية بعد تصفية قياداتها و على رأسهم الشهيد عباس المساعدي ، و تصفية باقي قيادات جيش التحرير في بداية الستينات بعد تصفية الحسابات السياسي بين القيادات البورجوازية للحزب و إفراز حزب الإتحاد الوطني للقوات الشعبية سنة 1959 الذي قبل بحكومة 1960 . أما الحزب الشيوعي المغربي فقد ظل وفيا لتعليمات الحزب الشيوعي الفرنسي و إن كان يلعبا دورا هاما في نشر تعاليم الشيوعية و خاصة في صفوف الشباب المثقف .
و كان لهذا الفرز السياسي خاصة بين القيادات البورجوازية لحزب الإستقلال أثر كبير على الحركة النقابية و على الطبقة العاملة بصفة خاصة ، من خلال ما تعرضت له نقابة الإتحاد المغربي للشغل التي تأسست في مارس 1955 في ظروف من السرية من طرف قيادات حزب الإتحاد الوطني للقوات الشعبية بعد الفرز السياسي ، و كان رد فعل القيادة البورجوازية بحزب الإستقلال سريعا بتأسيس نقابة الإتحاد العام للشغالين بالمغرب ، و كان الصراع السياسي حول السلطة بين القيادات البورجوازية بهذين الحزبين أثر كبير في تشتت نضالات الطبقة العاملة بالصراع بين النقابتين و بالتالي الصراع على مستوى القواعد الجماهيرية لهذين الحزبين ، ذلك ما سيم بروزه في استفتاء الدستور الحكم المطلق سنة 1962 و انتخابات 1963 .
تارودانت في : 10 فبراير 2007
امال الحسين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ارتباك في فرنسا مع انطلاق الجولة الثانية للانتخابات.. واليسا


.. شرطة نيويورك تقمع بالضرب متظاهرين داعمين لغزة




.. الشرطة الإسرائيلية تستخدم مضخات الماء لتفريق متظاهرين طالبوا


.. بريطانيا.. الحكومة الجديدة تعقد أول اجتماع لها عقب الانتصار




.. اللغة والشعرعند هايدجر - د. دعاء خليل علي.