الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صدام والاحتلال والخراب الآني والمستقبلي في العراق 1

سامر عنكاوي

2007 / 2 / 11
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


الاحتلال: هو إخلال بالسيادة واغماط لحق الشعب بإدارة شؤونه وإنشاء مؤسساته الدستورية بعيدا عن تاثير القوى الاجنبية، والاحتلال يقف حائلا أمام المسير بالبلد نحو التقدم والازدهار وإقامة العلاقات المتكافئة مع كل الدول في العالم وفق ما تتطلبه مصلحة ذلك الشعب وما يضمن له تحقيق مجتمع الرفاه والسعادة, وهذا لا يتحقق إلا في البلدان التي تعيش حالة طبيعية, وفي ظل ديمقراطية بأجواء تسودها الحرية والانفتاح على كافة الصعد، وبقبول جميع المختلفين للجميع في ذلك المجتمع على أساس العيش المشترك.
أما كان عليه الحال في العراق في عهد صدام حسين فهو ليس له علاقة لا من قريب ولا من بعيد بالديمقراطية والحرية والسيادة.

إن مفهوم السيادة يقوم على أساس أن السيادة هي سيادة الشعب على مقدراته, وليس سيادة دكتاتور مستبد يرهن ويختزل السيادة لتحقيق مصالحه وادامة استبداده، سواء بالاعتماد على قوة خارجية أو على منطقة محددة داخل الوطن أو عشيرة معينة أو طائفة أو قومية. وهذا ما كان حاصل في العراق فقد اعتمد صدام حسين على قوى خارجية وداخلية ليكون منهم جلاوزة له تسلطوا على رقاب العراقيين, وقد احكم قبضته على العراق من خلال القمع المفرط الذي قام به هؤلاء الجلاوزة ومؤسساتهم اتجاه الدولة والشعب.

إن الدولة بيد صدام ونظامه تحولت إلى سلطة المنطقة والطائفة والعشيرة, فالحزب الحاكم في زمن صدام كان بمواصفات قومية شوفينية عنصرية, وقسم صدام الدولة إلى مؤسسات مدنية ودوائر أمنية.
المؤسسات المدنية لا إشكال بمن فيها ومن يديرها وكان اغلبهم من التكنوقراط ومن كل مكونات الشعب العراقي, أما الدوائر الأمنية والاجهزة القمعية فقد كانت شبه مقفلة قياداتها على أخوة وأقارب وعشيرة صدام وذلك بعد استيلائه على حزب البعث وإعدام اغلب قياداته.

فالعراق قبل الاحتلال لم يكن بخير أبدا " ولا بربيع مزهر" بل كان بأسوأ حال" وبنظام ينفرد باستبداده وفرديته ", حيث لم تكن هناك أحزاب في الدولة العراقية عدا حزب السلطة في حين كانت الأحزاب السياسية متواجدة في اغلب البلدان والتجمعات الإنسانية.

لقد تمت تصفية كل الأحزاب الوطنية العراقية جسديا، وحتى حزب البعث الذي استولى عليه صدام لم يسلم من التصفيات الجسدية للكثير من كوادره.
وقد أجبر النظام في عهد صدام الكثير من الشيوعيين والإسلاميين على الانتظام في صفوف حزب البعث، وتقديم البراءة السيئة الصيت من أحزابهم خطيا بأوراق مكتوبة تعرضهم للإعدام في حال عدم الالتزام بها. وبذلك تم وضع اللبنات الأولى لتقسيم المجتمع العراقي وتحويله من مجتمع يعمه السلام والوئام إلى مجتمع مقسم بين صداميين وبعثيين, وشيوعيين من كل أطياف الشعب العراقي, وطائفيين سنة وطائفيين شيعة.

وفي زمن صدام تم تجييش الجيوش والجحوش، فكانت الأنفال التي أزهقت أرواح عشرات الآلاف من الكورد العراقيين، وطال القصف الكيماوي القرى الكردية والبيشمركه والشيوعيين مما ادى إلى تعميق الهوة والانقسام بين مكونات الشعب العراقي.

ولا يخفى عنا ولا يغيب عن بالنا ما آلت إليه الحرب العراقية الإيرانية، والتي دامت ما يقارب التسع سنوات دمرت خلالها البنية التحية للعراق والمجتمع والفرد ومهدت للطائفية وعمقت الانقسام المجتمعي. فقد سحقت هذه الحرب الملعونة مئات الألوف من الأبرياء، وقد كان من السهل جدا تجنب تلك الحرب بالاحتكام للمنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية والتجمعات الإسلامية وغيرها, ولكن ماذا نفعل للعنجهية الصدامية التي ظنت أنها ستنتصر بسهولة وتحقق حلم الطاغية في بسط سلطانه على الخليج والدول العربية .

أما غزو الكويت ( بحجج واهية لا تستحق كل الدمار الذي حصل, والشهداء من العسكريين والمدنيين بسبب القصف الجوي والقصف الصاروخي من البحر, والحصار وموت الأطفال, ثم الانتفاضة الشعبية بعد الانسحاب من الكويت والتي قمعت بشكل استبدادي بربري وحشي بدون أدنى شعور بالمسؤولية أو تقدير للنتائج وبشكل لم يسبق له مثيل, أفضت إلى مقابر جماعية زرعت في المنطقة الشمالية والفرات الأوسط والمنطقة الجنوبية من العراق والى زيادة الاحتقان الطائفي ) فقد أدى ذلك إلى تقسيم المجتمع العراقي بين طائفتين إحداهما متورطة لا تستطيع الاعتراض على استبداد الدكتاتور، وألاخرى مظلومة مسحوقة بسلطة جائرة.

وباختصار فان العراق كان محتقن وممزق طائفيا وقوميا, ومقسم مجتمعيا منذ أن تلطخت أيادي صدام وجلاوزته بالدم العراقي, وبالحقيقة لم يكن يحتاج الوضع في العراق للانفجار سوى إلى رفع الاستبداد وتوفير هامش من الحرية, وهذا ما جرى بالفعل على ارض العراق على يد قوى الاحتلال.

لقد تم في زمن الطاغية صدام سحق العلمانية واليسار والديمقراطية بقسوة, وبتصفيات جسدية مريعة, وبحملة إيمانية أغلقت كل أبواب الثقافة والمعرفة وعمقت المشاعر الطائفية وقتلت روح التسامح بين العراقيين, وتم حرمان الناس من كل أسباب الإطلاع والانفتاح على الآخر مثل الكتب والصحف والمجلات والانترنيت والمحطات الفضائية ومؤسسات المجتمع المدني والتجمعات وألاحزاب, كل ذلك أدى إلى تضاؤل الشعور بالمواطنة وتراجع الهوية الوطنية أمام ألهويات الدينية الطائفية والقومية المتعصبة البديلة, ومهد ووضع المقدمات الموضوعية والذاتية لكل الظواهر الكارثية التي نعيشها اليوم.
اعتقد إن صدام قد أسس ليس فقط للخراب والإرهاب وحمام الدم الآني في العراق بل وحتى المستقبلي ولآجال ليست بالقصيرة, أتمنى صادقا أن أكون مخطئا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم المعارضة والانتقادات.. لأول مرة لندن ترحّل طالب لجوء إلى


.. مفاوضات اللحظات الأخيرة بين إسرائيل وحماس.. الضغوط تتزايد عل




.. استقبال لاجئي قطاع غزة في أميركا.. من هم المستفيدون؟


.. أميركا.. الجامعات تبدأ التفاوض مع المحتجين المؤيدين للفلسطين




.. هيرتسي هاليفي: قواتنا تجهز لهجوم في الجبهة الشمالية