الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- بروستات - مواطن خَطَر على أمن الدولة..!؟

بدرالدين حسن قربي

2007 / 2 / 13
حقوق الانسان


لعله بات أمراً يومياً أن نقتات على أخبار من نوع " لاتفرح ياقلبي " من همّ الوطن الصغير والكبير المبتلى بأمراضٍ وعاهاتٍ لاقبل له بها إلى هموم جماهير الناس من الغلابى الذين ابتلاهم ربي بهذه العاهات العقلية والإعاقات الفكرية التي تَعْتَبِرُ الوطنَ مزرعةً خاصة، والمواطنين ومايملكون متاعاً وتركةً ورثوها عن المرحوم.

يوجد مصطلح شعبي بين السوريين كثيراً مايتردد فيما بينهم، وهو قولهم: فلان بيضاته كبار أو (ثقال) ولكنهم يبدلون الثاء تاءً فيقولون (تقال). أرجو ألا يفهم القول (غلط) أو على غير مراده. لأنه حقيقةً يعني فيما يعني عند قائليه أن المُتَكَلَّمَ عنه مهمّ وخطير، أو أنه شخصية ذات شأن واصلة للسلطة إن لم يكن منها، ومتنفذة نفعاً وضراً، أو أنه حرامي وشفاط ونهّاب كبير بمرتبة وزير أو شيءٍ من مثله، لِتَفَهِّمِ مركزِه وقدرتِه والابتعاد عن التورط أو الدخول معه في مشكلة ما.
عموماً الحديث عن هذا المصطلح الشعبي بتفصيلاته ليس هذا مكانه، وإنما أردنا التنبيه إلى أنه من المألوف والمعروف عرفاً أهمية وشأن وخطورة (البيضات) الثقيلة وأصحاب (البيضات) الكبيرة في شأن الوطن وأمن الدولة، ولكن هذه هي المرة الأولى التي نسمع فيها عن خطورة (بروستات) مواطن على أمن وطن ونظام يتزعم الصمود والمقاومة والمجابهة والممانعة في وجه القوة الأعظم في العالم فَيُمْنَع هذا المواطن (أبوالبروستات اللي موكبيره ولا تقيله) من السفر للعلاج.

السرطان يصيب كل يوم الكثير من الناس في وطننا المعطاء لسادته ومالكيه الكبار، وما يُتكلم عنهم، ومايَسْمَعُ بهم مِنْ أحدٍ حتى مَنْ حولهم، على اعتبار أن مرض الفقراء (وتعتيرهم وشحارهم) وموتهم هو بالضبط كعهر الفاسدين والنهابين والشبيحة ودعارتهم لاسيما إذا كان مقروناً بملكوت السلطة والمتسلطين، فيُراد له ألا يَسْمَعَ به أحد، وألا يتكلم عنه أحد، وإلا فهو بمثابة خيانة عظمى (لهالوطن) وتوهين نفسية الشعب والأمة في معارك (هالوطن)، تستوجب (مرمطة وبهدلة) في محكمة أمن الدولة تنتهي ببضع سنين دأباً في ظلمات سجون هالوطن.

مرض الدكتور/ عبدالرزاق عيد كان خبراً مؤلماً حقيقةً لأصدقائه ومحبيه، يستوجب التضامن معه لعدة جوانب إنسانية ووطنية وفكرية وأسبابٍ بلدية أيضاً، تمتلك كل منها فضاءاتٍ أبعد وأوسع، وزاد من الألم منعه من السفر لاعتبارات تتعلق بأمن الدولة. وقُيِّض للخبر أن ينتشر لمناقبية الأستاذ/ أبوالمجد في العلم والفكر والبحث والتأصيل والنضال والوقوف في وجه الدجّالين والأفاكين من عتاولة القمع والفساد والنهب والتشبيح.
قد نوافق أباالمجد فيما يذهب إليه بحثاً وفكراً وقد نختلف معه، ولكن لايسع العقلاء والمنصفين سوى احترامه وتقديره على جهوده المبذولة في إعْمَاله الفكرَ والعقلَ واجتهادِه في الوصول إلى الأصوب، وجهادِه أن تكون بعيدةً بعد المشرقين عن سوق النخاسة لدى عتاولة الفساد والسياسة.

صرخ رهط من المثقفين الليبراليين والديموقراطيين في سوريا – وصرخت معهم - مناشدين كل المنظمات والقوى الديموقراطية وجمعيات حقوق الانسان، والمثقفين والأدباء والمفكرين الديموقراطيين السوريين والعرب أن يرفعوا أصواتهم احتجاجاً وشجباً لسلوكٍ بات متخلفاً وغيرَ إنساني دفاعاً عن حقه في الحياة والسفر والعلاج، وهو من هو في العلم والأدب والثقافة والبحث والتنوير.
سألني متخابثٌ: لماذا صرخ الليبراليون والديمقراطييون والعلمانييون المعارضون دفاعاً عن حق رجلٍ مفكرٍ متميز، ولم يصرخ الآخرون منهم والشيوخ وأصحاب اللحى والخطباء ممن يُسْمِعُوننا على الدوام أن امرأةً دخلت النار في هرةٍ حبستها...، ورجلاً دخل الجنة لسقايته كلباً أصابه العطش في صحراء لاهبة...!!؟
بالله عليك..!! لماذا ينعقد لسانهم، وينقطع صوتهم وأمامهم تُرْتَكَبُ أكبر الكبائر في انتهاك كرامة (البني آدم ) لجعله أذل من كلاب الشوارع الصايعة، وأدنى من كرامة قطط الشتاء التائهة.
قلتُ:(غمّقْت)، في المسألة أقوال متعددة، ولكن دع الناس في غفلاتهم، ولاتنكأ عليهم جراحاتهم (وسابل ولاتدابل).
فقال الأخبث: هل تعلم أن الرئيس الأسد تكََفَّلَ حالةً إنسانية، فأجرى منذ أربعة أشهر مرتباً شهرياً للمطربة اللبنانية " صباح " وابنتها المريضة التي أمضت عمرها تهز وسطها، وتطرب سامعيها من الشيّاب والشباب والمراهقين والساسة أغنيةً من بعد أغنية يوم أن بلغه خبر بيع ثيابها ومقتنياتها الشبابية لتواري بها سوءات الشيخوخة والمرض.
قلت: ويحك..!! أفصح..!! فلعل الدكتور الطبيب لم يبلغه مرض (أبو مجد) ورغبته في السفر للعلاج!!
قال: الخبراء أفادوا باستحالة علاج كبر البيضات. وطالما أن البيضات قريبة جداً من البروستات، فلا فائدة من العلاج ولاداعي للسفر وصرف المال والخسارات. في بلاد الحرية والديمقراطية الكل يهز على طريقته، وفي بلاد القمع والتشبيح هزّ الوسط هو المسموح، وليس هز الفكر وتحريك العقول والهمم والإرادات.
قلت: لن أجادلك الكلام، ظهر الفساد في البرّ والبحر، واضطربت معايير الجودة والقيمة، وبات أجر مغنية أو راقصة عن ليلة واحدة يعدل دخل باحثٍ أو مفكر أو فيلسوفٍ أو حكيم لدهره كله. قد نتفق أو نختلف، ولكن مما لم يعد مقبولاً الخلاف فيه، أن الإنسان كرمه الله في رسالاته، وكرمته المدونات والقوانين والدساتير والمعتقدات الإنسانية، فله من الحقوق ماله في الحياة والإقامة والسفر والعمل مما يستوجب الدعم والعون والمساعدة ولاسيما في وجه أصناف من (خلق وعالم) مازالوا يعتقدون أن الناس والجماهير والوطن والمواطنين أملاكاً وأمتعة وتركاتٍ تُوَرَّث، يحركونها بأمرهم وتعمل بمشيئتهم، تسافر بإذنهم، وتعالج (بروستاتها) على كيفهم ومزاجهم.

نسمع عن بجاحات كثيرة كانت، فنقول: ماترك الأول للآخر. ولكن مانرى من بجاحات هالأيام يؤكد أن الأول ترك الكثير لمن بعده. وإلا كيف يمكن فهم منع مواطنٍ مصاب بسرطان البروستاته عن السفر من قبل أمن الدولة..!!؟
أمنياتنا للدكتور عبدالرزاق بالشفاء العاجل ودوام الصحة والعافيه عليه وعلى الجميع. وأملنا فيه أن يتجاوز المحنة بإيمانٍ أقوى وإرادة أشد وعزيمةٍ أمضى. وأن تبقى محبته ومحنته نوراً في طريق بناء دولة القانون والديمقراطية والحرية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعثة طهران في الأمم المتحدة تحذر تل أبيب من -حرب إبادة- في ح


.. اتهامات لترمب بالعنصرية والكراهية ضد العرب بسبب كلمة -فلسطين




.. اللاجئون السوريون في إقليم كردستان يتمسكون بحلم العودة إلى م


.. Ctجولة مفاوضات جديدة تنطلق في مسقط بين الحكومة اليمنية والح




.. إطلاق نار مكثف صوب خيام النازحين بالمواصي