الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفشل الايراني ومستقبل العراق

تقي الوزان

2007 / 2 / 12
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


بعد سلسلة من جولات الصراع التي استمرت لما يقارب الاربع سنوات , وبالذات بعد سقوط نظام صدام ولحد الآن , بين ايران والغرب حول برنامجها النووي المثير للجدل . تمكنت الادارة الأمريكية من فرض عقوبات دولية على ايران , كخطوة اولية وضعت الجمهورية الاسلامية في دائرة الأتهام والأدانة.
وفي خطوة جديدة أخرى لم يتوقعها الجانب الايراني , وافقت " حماس" في مكة المكرمة على خطاب التكليف الموجه الى اسماعيل هنية من رئيس السلطة الفلسطينية بتشكيل وزارة الوحدة الوطنية , والقاضي بأن تتبنى هذه الحكومة السير في طريق " السلام" الذي سارت عليه منظمة التحرير الفلسطينية , وتحترم "الحكومة" كل الاتفاقات السابقة مع اسرائيل . وبغض النظر عما صرح به الناطق الرسمي بأسم "حماس" في غزة من ان "حماس" لن تعترف بأسرائيل , وهذا شأن خاص ب"حماس" , الا ان قبولها بخطاب التكليف وضع "حماس" على سكة منظمة التحرير مع باقي الفصائل الفلسطينية الأخرى .
بهذه الموافقة ينفتح الطريق امام التوجه الامريكي المتمثل باللجنة الرباعية لتحقيق اختراق حقيقي في ترتيب وضعية الصراع الفلسطيني الاسرائيلي , والتوجه بخطوات واثقة نحو مؤتمر مدريد الثاني للسلام في الشرق الاوسط . وبهذا تكون الولايات المتحدة الامريكية جردت المشروع السياسي الايراني من اداة مهمة أخرى من ادوات صراعه مع الغرب , بعد ان كانت ايران تعوّل كثيراً على رفض" حماس" الاعمى للتوافق مع الاطراف الوطنية الفلسطينية الأخرى .
من جانب آخر يرى الكثير من المراقبين ان التحالف "الستراتيجي" بين طهران ودمشق بدء بالتفكك , وذلك لأختلاف اولويات الطرفين . فدمشق التي باتت المحكمة الدولية بأغتيال الحريري السيف المسلط عليها , تبحث عن مخرج يكتفي فقط بعقوبة المرؤوسين , على ان لاتطال العقوبات الرئيس بشار الاسد , والكل يعرف ان اغتيال الشهيد الحريري بأشارة من الاسد ذاته . ويعتقد بعض المراقبين اللبنانيين ان دعوة امين الجميل الى واشنطن ومقابلة اطراف الادارة الامريكية بمافيهم الرئيس جورج بوش , هو لأقناع اللبنانيين بأعفاء الرئيس الاسد من لوائح المحكمة الدولية ومعاقبة المرؤوسين فقط , خلافاً لكل محاكم التاريخ . والأمريكان لاتهمهم تحقيق العدالة بقدر ما يهمهم تنفيذ مشروعهم في الشرق الاوسط , ومن مفاصله المهمة تفكيك العلاقة بين دمشق وطهران , وتجريد الاخيرة من احد ادوات استقوائها .
والأمريكان يدركون جيداً ان النظام السوري تهمه مسألة المحكمة الدولية المشكلة وفق البند السابع الذي يجيز استخدام القوة أكثر من اهتمامه في استعادة الجولان , ويدركون ايضاً ان بقاء الجولان في الاحتلال هو الذي يوفر شروط استمرار وجود النظام واستمرار ممارساته القمعية . ان اعادة الجولان ومزارع شبعا كما يتوقع الكثير من المراقبين سيفك الارتباط بين سوريا ولبنان تلقائيا , ويكشف النظام السوري امام استحقاقات وطنية لاتقبل التأجيل مثل الحريات وحقوق الانسان . .الخ , وفي نفس الوقت يضع " حزب الله" في لبنان في الزاوية الايرانية الطائفية التي لايمكن الدفاع عنها . بهذه الملامح التي اخذت تتوضح لتوجهات المشروع الامريكي , والذي يرافقه حملة رسمية عربية تهاجم التشّيع السياسي يتم تجريد المشروع الايراني من ادواته الاقليمية .
الذي يهمنا كعراقيين هو ان لاتكون الارض العراقية الساحة التي ستجري عليها الجولة الأخيرة "الحاسمة" للصراع الدائر بين الطرفين . ومما لاشك فيه ان النظام الايراني يعتبر العراق الورقة الاهم في حالة حدوث المواجهة , ولا احد ينكر امتداد اجهزة النظام الايراني في بعض تنظيمات الاحزاب الشيعية العراقية , وهذا لايمنع التفات القيادات السياسية لهذه الاحزاب للنهوض بالمشروع الوطني العراقي , بأعتباره الوجهة الوحيدة التي تحفظ وحدة العراق والعراقيين .
ان تصريحات السيد رئيس الوزراء نوري المالكي بعدم السماح ان تكون الارض العراقية ارض تصفية الحسابات بين الايرانيين والامريكان , لاتكون لها قوة الفعل بدون توحد العراقيين حول مشروعهم الوطني , ويبدو ان بوادر بهذا الاتجاه آخذة بالتبلور . فللمرّة الاولى يقول صدر الدين القبانجي المقرب من "المجلس الاعلى" برئاسة السيد عبد العزيز الحكيم والقريب من النظام الايراني في خطبة الجمعة الاخيرة في احدى حسينيات النجف : ان ايران تتدخل بشكل لسنا معه والشعب غير راضي عن ذلك . واضاف : نحن غير راضين من جعل العراق مسرحاً للصراع الامريكي الايراني فكما لديهم اولويات فنحن ايضاً لدينا اولوياتنا وهي استقرار العراق الجديد ودحر الارهاب وانجاح العملية السياسية .
ان العودة للسلم الاجتماعي , وضمان مستقبل العراق الديمقراطي الموعود , مرهون بأفشال مشروع ملالي طهران , وأعادة ترتيب الاولويات بما يحقق اخراج قوات الاحتلال في نهاية المطاف . ولاشك ان المسؤولية الاولى تقع على قيادات ابناء هذا الشعب المنكوب , هذه القيادات التي لم تبرر وجودها في القيادة لحد الآن .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تركيا تدرس سحب قواتها من سوريا


.. أوضاع إنسانية صعبة في قطاع غزة وسط استمرار عمليات النزوح




.. انتقادات من الجمهوريين في الكونغرس لإدانة ترامب في قضية - أم


.. كتائب القسام تنشر صورة جندي إسرائيلي قتل في كمين جباليا




.. دريد محاسنة: قناة السويس تمثل الخط الرئيسي للامتداد والتزويد