الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثقافة الحوار في مواجهة الفتنة المذهبية والاقتتال الداخلي – الداخلي

سعاد جبر

2007 / 2 / 13
الارهاب, الحرب والسلام


تتوجه السياسة الأمريكية في استراتيجياتها المستقبلية ، إلى بث الخلافات الذاتية – الذاتية ، التي بدأت تظهر إفرازاتها السلبية بما يعرف بالخلافات المذهبية بين السنة والشيعة ، وما يعد لها من تأجيج فكري وسياسي وتاريخي في آن واحد ، للتغطية على المشاريع المناهضة للسياسات الأمريكية في العالم العربي والإسلامي ، وتلجأ ايضاً إلى الخلافات الذاتية – الذاتية حيث لا يوجد تعدد مذهبي ، كما يحدث في فلسطين المحتلة بين حركتي فتح وحماس، وهناك عدة معطيات لتأجيج تلك السياسة الذاتية في المجتمعات العربية ، أوجزها على النحو الآتي :

- ما أشارت إليه التقارير السياسة الدولية وكذلك ما أعلنه احد احدث المؤلفات الفرنسية تحت عنوان " سقوط أمريكا" ، إذ يؤكد مجملها إلى انهيار اقتصادي وسياسي وعسكري وإنساني حقوقي ، مما يجعلها في موقف يتطلب حسماً لحساباتها المستقبلية ، من خلال الحفاظ سيكولوجياً واستعراضياً لجنون العظمة الحضارية الذي يعتريها ، من خلال منظومة استعراضات وهمية ، تحت عناوين شن حروب استباقية ، في دول العالم المستضعفة ، للتغطية على الصورة الداخلية المنهكة المترهلة .
- - الانهيار الذي يشهده الوضع الإسرائيلي عسكرياً واقتصادياً وديموغرافياً تحت عناوين الهجرة إلى دول أوروبا بحثاً عن الأمن والاستقرار ، مما يهدد كافة استراتيجياتها لتحقيق استقرار مستقبلي آمن ، حيث لايتحقق إلا من خلال تقسيم المنطقة العربية إلى كانتونات مقطعة وشرق أوسط جديد ، تنتهك تحت أتون الحروب الداخلية .
- وجود خط سياسي ممانع ؛ يمتدد من دول إقليمية إلى تيارات حزبية ، مما يؤكد تشبث الإدارة الأمريكية بموضوعي الفتنة المذهبية بين السنة والشيعة ، وبالأخص في العراق ولبنان والخلافات الذاتية – الذاتية في فلسطين المحتلة بين فتح وحماس، لإضعاف هذا الخط سياسياً وشعبياً .
- تجدد معادلة الصراع في الإستراتيجية الأمريكية تحث مقاومة الخط الممانع لسياساتها ، من خلال إيجاد أعداء وهميين لتغطية دورها الاستعماري في العالم العربي الإسلامي من جهة ، ولتغطية هزائمها المتواترة ليل نهار في الساحة العراقية الدامية ، ولإشغال خط الممانعة بتلك الصراعات المذهبية وكافة إشكال صور الاقتتال الداخلي ، فتتحول استراتيجياتها نحو تلك الزواريب الداخلية وأزمات الشارع ، وبالتالي تستنزف جهود هذا الخط الممانع ، في تلك الزواريب الداخلية والصراعات المذهبية ، وتخلو الساحة للمشروع الأمريكي الصهيوني ، ليلعب في الساحة العربية الإسلامية كما يريد ، و بالتالي يحفظ مستقبل إسرائيل من المساس به من خلال إنهاك الخط الممانع ، واستنزاف كافة إشكال المقاومة في تلك البؤر المذهبية الضيقة وبالتالي يصبح الأفق فارعاً أمام الدبابات الأمريكية في سعارها الهائج؛ نحو مصالحها النفطية والإستراتيجية في عالمنا العربي الإسلامي ، وهنا يجب التنبيه إلى دور السياسة الأمريكية وأدواتها من الأنظمة العربية في توجيه الأنظار نحو عدو وهمي يضخم دوره في العراق تحت عنوان دور إيران في العراق ، وربما هناك حسابات سياسية لدولة إيران في العراق - وليس هنا موضوع تبريره أو عدم تبريره - ولكنها لاتصل إلى الحد الذي يطنطن له الأعلام العربي في الأردن ومصر السعودية تحت عناوين اضطهاد السنة في العراق ، وهذه الطنطنة ليست لغاية إنصاف الطائفة السنية والدفاع عنها ، بل هي سياسية محضة تدخل في مجمل المخططات الأمريكية لتأجيج حرب دامية بين السنة والشيعة عمرها (100) عام بين السنة والشيعة كما أشار إلى ذلك ( شاتنبرغ ) احد اكبر المحللين السياسيين في الصحافة الأمريكية ، وتدخل تلك الطنطنة تحت عنوان التعبئة المعنوية لتلك الحرب الدامية ، التي تتعهدها لإدماء الاحتقان المذهبي بين السنة والشيعة ، وتأجيج الرأي العام ، وتوجيه الأنظار نحو تلك الزواريب المذهبية الضيقة ، وبالتالي يحفظ مستقبل أمريكا وإسرائيل ، تحت نزف تلك الصراعات المذهبية الضيقة والطائفية والعرقية والحزبية الضيقة ، مما يوجب التنبيه الجدي لتلك المخططات الأمريكية وأخذها بعين الاعتبار، وربما حادثة إعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين تدخل في ذلك المخطط ، لغاية تحميل الشيعة دم صدام حسين ، وتأجيج مشاعر السنة تجاههم ، وإخراج أمريكا من دمه ، مع إن الذي أعدمه هو أمريكا لا محالة ، وبالتالي تحمي أمريكا مصالحها الإستراتيجية والمستقبلية تحت حرق امتنا في أتون الخلافات المذهبية والصراعات الداخلية، وكذلك حماية كافة كمباردوراتها في المنطقة تحت تلك المسميات ، والأهم توجه أنظار الإعلام إلى ذلك عوضا من توجهه نحو هزائمها العسكرية الدامية في العراق و هزيمة حليفتها إسرائيل في حرب تموز في لبنان ، وما تتلقاه مستوطناتها من صواريخ للمقاومة الفلسطينية بين الحين والآخر .
- والقراءة المعمقة لما سبق ذكره تؤكد اعتماد الاستراتيجيات الآتية ، لتفادي الصدامات المذهبية وكافة صور الاقتتال الداخلي الداخلي ، من خلال الآتي :
- يعد الدخول في الفتنة المذهبية وكافة إشكال الاقتتال الداخلي خطأ سياسي واستراتيجي وتاريخي ، والمعادلة المنطقية تشير إلى توجيه الأنظار نحو عدو واحد هو المشروع الأمريكي والصهيوني في العالم العربي والإسلامي ، ويعد من الواجب الإسلامي والإنساني والسياسي والسيكولوجي تضييق الخلافات السنية الشيعية والدعوة إلى الوحدة الروحية وتجاوز الماضي وما يحمل من أزمات وخلافات ، والتكاتف على المشترك الروحي ، ومحاربة كافة إشكال التفرقة فكرياً وسياسياً وإعلامياً ، واعتبار الخارج عن نطاق تلك الوحدة الروحية متطرفاً وخارجاً عن الصف الإسلامي ، ويعد من مهام ذلك التجمع الروحي في التآلف والمثاقفة تفنيد ومحاربة كافة إشكال التطرف الفكري الموجه للطائفة الشيعية من قبل التيارات السلفية المتشددة " التكفيرية "، وكذلك تفنيد ومحاربة كافة إشكال التطرف الفكري الموجه للطائفة السنية من قبل بعض متطرفي الشيعة الذي يستند إلى الماضوية ، وإلغاء الآخر.
- تدعيم كافة أوصال الوحدة العربية بين المسلمين والتيارات المسيحية في العالم العربي تحت مظلة القومية العربية والحضارة الإسلامية ومعطياتها القومية والإنسانية ، وتقبل التنوع الثقافي والتعددية الحزبية السياسية تحت مسترك وطني قطري في كل قطر عربي وثوابت قومية عربية مشتركة .
- تعزيز كافة إشكال الحوار، ورفض لغة المواجهة العسكرية في الذات الواحدة ، تحت مسميات متعددة للاقتتال الداخلي ، وتوجيه الأنظار نحو عدو واحد يتشكل في المشروع الأمريكي الصهيوني في العالم العربي الإسلامي .
- حتى تأخذ ثقافة الحوار بعدها المطلوب ، فإنه يعد من المهم سيكولوجياً تصويب المقدمات الخاطئة حتى لا تنتهي بنا إلى نتائج خاطئة ، ومنها الركون إلى لغة المواجهة العسكرية تحت أتون الاحتقان ، عوضاً عن ثقافة الحوار تحت دواعي أن الأولى تؤتي ثمارها بسرعة تحت عناوين ردات الفعل وإفراز الاحتقانات، والطريق الأقصر لخدمة مصالح طرف على أخر، ولكن عاقبتها وخيمة في اللغة التدميرية الألغائية تحت صور الاقتتال المتنوعة ، وتنتهي إلى خسارة للجميع ، في نار واحدة تأكل الأخضر واليابس ، والمستفيد منها هو مشاريع استنزاف الأمة وتحويلها إلى كانتونات ضعيفة ، تستقوي عليها اسرائيل وتنهب خيراتها أمريكا ، في مستقبل دامي لأبنائها ، ومستقبل اخضر لأمريكا وإسرائيل ، وبالتالي من مقتضيات الواجب الإنساني والشرعي إن لانقع تحت إغراءات لغة المواجهة ومصالحها الآنية الضيقة في الذات الواحدة.
- تقبل التنوع الثقافي والتعددية تحت " مشترك وطني قطري" في كل قطر عربي ومشترك قومي في المنظومة العربية ومشترك إسلامي أنساني في المنظومة الحضارية الإسلامية ، في إطار تنسيق جسور التفاهم ، بدلاً من إلغائها، إذ بذلك تحل ثقافة المواجهة محل الحوار في الذات الواحدة ، وأوكد أن المعادلة الإنسانية رابحة و تحقق ثمارها بالحوار لا في لغة المواجهة في خط الذات الواحدة ، فالإسلام انتشر بالحوار والدعوة ، والمواجهة والجهاد شرع لحالات خاصة للحيلولة دون " الإكراه" وحتى تتحقق حرية الاختيار وتمهد السبل للحوار وتوفر مناخات مناسبة للاقتناع ، بعيدا عن الإكراه .
- إن العنف والمواجهة في خط الذات الواحدة لايأتيا بخير ، بل يصنعا الحواجز النفسية وهذه الحواجز النفسية تعزز صور من الاختراق، وتشويه صورتنا العروبية الإسلامية إمام العالم اجمع .
- ما سبق يؤكد أهمية أن نبني للتعايش والتعارف والتعاون في الذات الواحدة ، بحيث تحول دون الحروب والمواجهة في إطارها العربي الإسلامي ، لتحقيق رسالتنا العربية والإسلامية في العالم اجمع ،من خلال تعميق بناء المشترك الإنساني والارتقاء بالإنسان، وتحقيق كرامته واسترداد إنسانيته ، لذلك فإن الحوار مع الذات الكبرى في محيطها العربي والإسلامي هي الأساس والمرتكز للحوار مع الأخر ، ففاقد الشئ لايعطيه ، وذلك من خلال اختيار موضوعات الحوار وتقدير أهميتها، وطرحها للمحاورة والمناقشة والمثاقفة والمذاكرة والمراجعة، للوصول إلى تفاهم وتعارف حولها، ومن ثم التعاون، فإن لذلك كله دور كبير في إثراء الحوار والوصول به إلى تحقيق أهدافه ، أما انشقاق الأمة ومثقفيها ببعض الموضوعات الجانبية لاستنزاف طاقاتها وأوقاتها للتحكم بمجالات تفكيرها وإلهائها عن قضاياها الأساسية ، ففيه الخطورة الشئ الكثير .
- إن المواجهات الداخلية تضعف الصف العربي الإسلامي الواحد ، وبالتالي تفقد الأمة هيبتها أكثر مما هي عليه ، وتكون مدعاة للتداعي عليها أكثر مما هي عليه ، وتخسر ايضاً كافة معالم مقومات قوتها بين الأمم أكثر مما هي عليه الآن .

واختتم مقالتي هنا؛ بأن الخلافات المذهبية الذاتية الذاتية طائفيا ومذهبيا وحزبياً مسلكها خطر وعر ، ومفاوزها مهلكة دامية ، لكافة الأطراف، والعقلانية تنادي إلى تأكيد الوعي بتلك القضايا ، وترسيخ ثقافة الحوار ، واجتناب الوقوع في الصراعات المذهبية والطائفية والعرقية والحزبية ، وكذلك اجتناب الوقوع في دسائس تلك المواجهات وحبالها الخفية ، لأنها تأكل الأخضر واليابس ، ونخسر فيها جميعاً ، والفائز الوحيد في تلك المعارك السوداء هو العدو لامحالة ، حيث تمد من اجل مشروعه الأمريكي الصهيوني في عالمنا العربي الإسلامي، فلا بد من الوعي الكافي لتلك الفتن السوداء التي عرفت قديما في السياسة البريطانية " فرق تسد " ، والأيام خير كاشف عنها ، في دسائس السياسة ومنتديات القرارات ، فالله خير حافظاً لأمتنا العربية الإسلامية وهو ارحم الراحمين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سرّ الأحذية البرونزية على قناة مالمو المائية | #مراسلو_سكاي


.. أزمة أوكرانيا.. صاروخ أتاكمس | #التاسعة




.. مراسل الجزيرة يرصد التطورات الميدانية في قطاع غزة


.. الجيش الإسرائيلي يكثف هجماته على مخيمات وسط غزة ويستهدف مبنى




.. اعتداء عنيف من الشرطة الأمريكية على طالب متضامن مع غزة بجامع