الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اختراق الكيان الصهيوني و أجهزة مخابراته للإعلام العربيّ

جان الشيخ

2003 / 7 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


 

يأتي الإعلان الصهيوني عن استحداث مكتب في وزارة الخارجية الصهيونية للإعلام العربي ، برأي العديد من المراقبين تتويجاً (للاختراق) الذي حقّقته الدولة الصهيونية للإعلام العربي و الذي برز في السنوات الأخيرة في أبرز الفضائيات العربية

و تعود المحاولات الأولى للاختراق إلى قيام الكيان الصهيوني و تأسيس الخدمة العربية في (راديو إسرائيل) حيث عمدت المخابرات الصهيونية إلى توجيه برامج خاصة للعالم العربي شارك في إعدادها و تقديمها عملاء للمخابرات الصهيونية من العرب يتكلّمون اللهجات العربية المختلفة .
 
و من أبرز هؤلاء نبيه سرحان (له أسماء أخرى متعددة) و هو شاعر شعبي مصري هرب من بلاده إلى دولة الكيان و تزوّج من يهودية و عاش كيهودي و لم يكن حتى أبناؤه يعرفون بحقيقة هويته العربية السابقة و إحدى بناته أصبحت مغنية مشهورة في دولة الكيان و لم تعرف بخلفية والدها العربية إلا قبل سنوات قليلة .
 
و قدّم نبيه سرحان برامج عدة أسمى نفسه فيها (ابن الريف) و مثله فعل يهود آخرون من العراق مثل ذلك الذي أسمى نفسه (ابن الرافدين) .. و يعيش سرحان الآن في مستوطنة جيلو جنوب القدس المقامة على أراضي مغتصبة من مدينة بيت جالا و احتلت عام 1967م .
 
و يمكن القول إن البرامج الموجّهة في الإذاعة العبرية فشلت فشلاً كبيراً بسبب فجاجتها و الدعاية المباشرة التي تتضمّنها ، و التي بالمناسبة تتضاءل أمامها الدعاية الرسمية في الإعلام العربي الرسمي .
 
و في محاولات اختراق العقل العربي أسّست حكومة الاحتلال جريدة يومية باسم (الأنباء) كانت توزّع شبه مجانٍ و أصدرت أحزاب يسارية صهيونية مجلات و صحف أخرى و كانت صحيفة الأنباء هي الصحيفة الوحيدة المسموح إدخالها إلى الأسرى في سجون الاحتلال لتقوم بوظيفة (غسل دماغ) للأسرى ، و جميع هذه الصحف أقفلت بعدما فشلت فشلاً ذريعاً .
 
و حاول القسم العربي في التلفاز العبري أن يسدّ ثغرة فشل مخابرات الاحتلال في الصحافة المكتوبة و المسموعة (الراديو) و حقّق القسم العربي نجاحاً نسبياً عندما وقع الكثير من السياسيين الفلسطينيين في فخ و سحر الشاشة و الصورة فبدءوا يعطون مقابلات لمراسل التلفاز الشهير يوني بن مناحيم ، و هو ضابط احتياط في جيش الاحتلال ، شارك في عملية الليطاني في جنوب لبنان في آذار 1967 ، و هو يحاضر الآن في إحدى المستوطنات في مدينة بيت جالا المحتلة .
 
و استطاع يوني بن مناحيم أن ينسج علاقات وثيقة مع معظم القيادات السياسية في الأراضي المحتلة و ساهم في تلميع و إظهار الكثير منهم مثل الدكتور سري نسيبة و فيصل الحسيني و غيرهم .
 
و لم تقتصر علاقات يوني مع السياسيين (المعتدلين) و لكن مع أقطاب المعارضة الفلسطينية التي نشطت مع بدء مفاوضات أوسلو و أعطى الكثيرون من هؤلاء مقابلات ليوني بن مناحيم . و المفارقة أن يوني كان يعلم بالأخبار الفلسطينية من أطرافها المختلفة قبل الصحافيين الفلسطينيين ، و كان مرحّباً به دائماً في مكاتب و منازل المسؤولين الفلسطينيين بعكس الصحافيين الفلسطينيين .
 
و في مرحلة لاحقة أصبح يوني بن مناحيم مراسلاً للتلفزيون العبري في تونس التي كانت مقراً لمنظمة لتحرير و من هناك أعد تقارير هامة و لقاءات شملت العديد مثل حكم بلعاوي المسؤول الأمني (وقتذاك) و سفير فلسطين في تونس و الذي توعّد المعارضين الفلسطينيين في إحدى المقابلات مع يوني بن مناحيم ، و أيضاً ياسر عبد ربه و حسن عصفور و أبو مازن و جبريل الرجوب و محمد دحلان و الأسماء الكثيرة الأخرى التي كانت مغمورة و عرفها الشارع الفلسطيني عن طريق يوني و أصبح لها فيما بعد دوراً في السياسة الفلسطينية .
 
و الطريف في تجربة يوني بن مناحيم في تونس أنه في إحدى المرات قابل زعيم الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين نايف حواتمة الذي وصل تونس ، في زيارة (سرية) لإجراء مباحثات مع عرفات و حاول يوني أن يتكلّم معه فرفض حواتمة و قال ليوني : "حتى إذا أذعت خبر زيارتي فسأنفي ذلك" ، و لكن يوني ذكر خبر تلك الزيارة على الهواء مباشرة مع التلفاز العبري خلال رسالته اليومية عبر الأقمار الصناعية و روى لمشاهديه تهديد حواتمة بنفي خبر يوني.
و الغريب أن يلاقي يوني كل هذا النجاح رغم أن الجميع يعرف أن المخابرات الاحتلالية تقف وراء البث التلفزيوني الصهيوني باللغة العربية ، و أن السيد يوني الضابط الاحتياط في جيش الاحتلال ، هو (ترس) أو (برغي) في عجلة المخابرات الصهيونية المستمرة في الدوران .
 
و على أية حال فإن معظم إن لم نقل جميع من يحرّرون الشؤون الفلسطينية في الصحف العبرية و من بينهم (اليساريون) عملوا في مؤسسات الاحتلال الأمنية و العسكرية في الأراضي المحتلة و عملهم هذا و خبرتهم هي من خوّلتهم العمل في تلك الصحف و من أمثلة ذلك :
 
• روني شكيد : المحرّر في كبرى الصحف العبرية (يديعوت أحرنوت) عمل محققاً في الشاباك و ساهم في تعذيب الفلسطينيين و آخر عمل له عام 1983 كان في معتقل المسكوبية الرهيب بالقدس المحتلة .
• يوسي تورفشتاين : عمل في هآرتس و هو الآن يعمل في صحيفة اقتصادية ، كان نائباً للحاكم العسكري لمنطقة بيت لحم مدة 15 عاماً .
• يهودا ليطاني : عمل كناطق لجيش الاحتلال في الضفة الغربية و هو ضابط احتياط في جيش الاحتلال .
• بنحاس عنبري : عمل في دائرة الإحصاء التابعة للاحتلال في الضفة الغربية .
• ناحوم برنياع : ضابط مخابرات سابق حسب اعترافاته و ربما (لاحق) و هو الذي اشتهر بمقابلاته للرئيس المصري مبارك للتلفزيون الصهيوني .
• شاؤول منشيه : يهوديّ من أصل عراقي و ضابط في المخابرات و كان يحرض المحقّقين على خلع عيون الأسرى الفلسطينيين عندما يزور أقبية التعذيب ، كما شهد بذلك الأسير المصري السابق موسى سواركة الذي خلع المحقّق عينه عندما طلب منه شاؤول ذلك .
 
و غير هؤلاء كثير ... و المؤسف أن هؤلاء و غيرهم أصبحوا نجوماً على شاشات الفضائيات بحجة أنهم يمثّلون الرأي الآخر ، و الواقع أنهم لا يمثّلون أي رأي آخر أو غير آخر ، و إنما أجهزة المخابرات الاحتلالية المتعدّدة التي عملوا و يعملون لصالحها .
 
و إذا كان أي صحافي في العالم يفقد مصداقيته و يكفّ عن أن يكون صحافياً إذا كان مرتبطاً بجهاز مخابرات ، أيّاً كان هذه الجهاز ، فلماذا لا يتعامل القائمون على الإعلام العربي مع هؤلاء (الصحافيين) بنفس المعيار ؟؟!! .. لقد اخترق الموساد و الشاباك المحطات الفضائية العربية و دخل إلى غرف نوم العرب عن طريقها ، و الغريب أن الرأي العربي لم يحرّك ساكناً و لم يتململ إلا قليلاً جراء هذا الاختراق ، و لم يضغط على إدارات هذه الفضائيات لكي تكفّ عن هذه المهزلة أو الفضيحة التي تجري على الهواء مباشرة كلّ ليلة تقريباً . و إذا حاول أحد من الأوساط القليلة المعترضة أن ينتقد اختراق الموساد لغرف نومنا اتهم بالتطرّف و بصفات أخرى غريبة.
 
و المسألة في النهاية ليس لها علاقة بالتطرّف أو بالوطنية أو القومية ، و إنما بالمهنية ، و متى ستفهم إدارة هذه الفضائيات أن هؤلاء ليسوا صحافيين و إنما ضباط مخابرات ؟؟
 
و لأننا لا نشكّ لحظة بمدى اطلاع هذه الإدارات و اتساع أفقها ، فإننا نعلم أنها تعرف حقيقة هؤلاء ، مما يجعلنا نتعقد أن الاستمرار في هذه الجريمة بحق العقل العربي ، هي سياسة و لا نحتاج لنظرية المؤامرة لنقول إن هناك على الأغلب من يحرّك الخيوط من وراء ستار .
د.جان الشيخ
ايطاليا

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هدنة غزة تسابق اجتياح رفح.. ماذا حمل المقترح المصري؟ | #مراس


.. جنود أميركيون وسفينة بريطانية لبناء رصيف المساعدات في غزة




.. زيلينسكي يجدد دعوته للغرب لتزويد كييف بأنظمة دفاع جوي | #مرا


.. إسرائيليون غاضبون يغلقون بالنيران الطريق الرئيسي السريع في ت




.. المظاهرات المنددة بحرب غزة تمتد لأكثر من 40 جامعة أميركية |