الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المنطقة العربية بين مطرقة املاءات دافوس وسندان التأخر والركود

ناهد بدوي

2003 / 7 / 29
اخر الاخبار, المقالات والبيانات



أول ما يتبادر لذهن المراقب لدى متابعته للقضايا التي طرحت في المؤتمر الاستثنائي للمنتدى الاقتصادي العالمي (دافوس) في البحر الميت، أن المنطقة العربية وضعت تحت الوصاية الدولية. وأن مهمة هذا المؤتمر هو إعادة صياغة هذه المنطقة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا. ولدى التدقيق أكثر نجد أن التعامل مع هذه المنطقة يتم باعتبارها أرضاً بلا شعب سيتم إعادة صياغتها، تحت عناوين وشعارات براقة، وفقا لمصالح الشركات الكبرى في العالم وكذلك لمصلحة الشعب الوحيد المعترف بوجوده في المنطقة أي الشعب الإسرائيلي. أما ركام البشر الآخرين في المنطقة والذين يتصفون بالإرهاب والتخلف وقابلية الخضوع للأنظمة الاستبدادية والإدارات البيروقراطية لبلادهم فسيتم معالجتهم بالدواء الشافي المتمثل بربطهم بالسوق الحرة العالمية واستثمارهم كأيدي عاملة رخيصة في مناطق الاستثمار والتجارة الحرة التي يخطط لها أثرياء العالم والشركات المتعددة الجنسيات ومنظمة التجارة العالمية.ولدى التعمق أكثر نجد أن منتدى دافوس الذي ظل لمدة 33 سنة منتدى اقتصاديا وأصبح في ظل العولمة الليبرالية الجديدة هيئة أركانها الاقتصادية، لقد اتسمت جلساته في دورته العادية الأخيرة في مدينة دافوس  التي انعقدت في مناخ التهديدات الأميركية للعراق بطغيان السياسة على الاقتصاد وبطغيان الضغط الأميركي على العالم. وقد أبدت العديد من التجمعات الإقليمية فيه رفضها للهيمنة الأميركية على العالم. وطالبت بتعدد الأقطاب للحفاظ على التوازن العالمي. وفي هذه المرة في منتدى البحر الميت نجد أن السياسة هي المهيمنة أيضا ولكن مهمة المنتدى هو تطبيق الأجندة الأمير كية فيما يتعلق بوضع المنطقة حرفيا. سواء فيما يتعلق بالوضع في العراق أو فيما يتعلق بخارطة الطريق. وقد جاءت مشاركة وزير الخارجية الأمريكي كولن باول تأكيدا للهيمنة الأمريكية. بالاضافة إلى كلمة الممثل التجاري الأمريكي روبرت زيليك الذي بشر فيها بأن منطقة التجارة الحرة الأمريكية-الشرق أوسطية المقترحة من قبل الرئيس بوش سوف تضع منطقتنا في مقدمة العالم وأن "النجاحات الاقتصادية سوف تكون بعدد نجوم سمائنا الصحراوية".بذلك يكون انعقاد هذا الاجتماع للمنتدى جاء ليضع بنفسه حدا للأوهام التي روج لها في فترة التنظير الوردي للعولمة الرأسمالية الذي ساد في عقد التسعينيات. المستندة على "المشاركة الخلاقة لكافة الدول في صياغة العالم". جاء ليؤكد أحادية القطب الأمريكي وليكرس مبدأ تهميش الشعوب وتغييب حقها في اتخاذ القرارات المتعلقة بمصيرها. جاء ليؤكد أهمية المعارضة من قبل الحركات المناهضة للعولمة الرأسمالية التي كانت تتجمع على أبواب اجتماعاته سواء في دافوس أو في غيرها. نعم إن المنطقة العربية متأخرة وراكدة وتخضع لأنظمة استبدادية تعيق تحررها وتطورها وبحاجة لتغيير جذري على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية. لكن المنطقة العربية بحاجة للنهوض والديمقراطية كي يستطيع الشعب استعادة زمام المبادرة ليس فقط من أيدي أنظمته القمعية المتخلفة و لكن أيضا لمناهضة الوصفات الجاهزة التي تقدم من قبل اجتماع دافوس وغيره من المؤسسات العولمية الراهنة. لقد شهد العالم كله بأن هذه الوصفات التي طبقت بحذافيرها في بلدان أمريكا اللاتينية منذ بداية عقد التسعينات. كيف أدت إلى إفلاس وانهيار اقتصاد هذه البلدان وزيادة أعداد الفقراء والمهمشين فيها. لذلك ليس مصادفة أن تكون الحركة من أجل عولمة بديلة قوية في هذه البلدان وأن تحتضن هذه البلدان الحركة العالمية المناهضة للعولمة الرأسمالية والمكافحة من أجل عولمة أكثر عدلا وإنسانية. إن قوة أملاءات وخطط منتدى دافوس على المنطقة العربية تأتي من حقيقة أنه لا توجد خطة أخرى اقتصادية اجتماعية في المنطقة. لذلك فإننا ونحن نناهض هذه الاملاءات العولمية الرأسمالية لا يغيب عنا بأن نؤكد على الحاجة الملحة لنهوض الشعب والقوى الحية في بلادنا  صاحبة المصلحة الحقيقية بالتغيير والتحديث والتطور من منظور العدالة الاجتماعية كي تأخذ زمام المبادرة لانتزاع الديمقراطية وانتزاع حق تقرير الخطط الاقتصادية والسياسية والاجتماعية المتعلقة بها ورسم مستقبلها بنفسها بما يتناسب مع مصالحها عبر علاقات متبادلة عادلة مع العالم تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة لكافة الأطراف ومجاراة تطورات العصر الحديثة. أي أن نهضة منطقتنا بقوى شعبها وباختياره الحر يمكن أن تؤدي إلى أن تصبح تعابير مثل "البحر الميت" أو أن المنطقة هي "أخفض نقطة في العالم" أو "قعر العالم" ذات دلالات جغرافية فقط، و لا توحي لأحد بأن "يستوطي حيطنا" كما يحصل الآن.                                                                        

البديل 5








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مونت كارلو الدولية / MCD البث المباشر – أخبار دولية, أبراج,


.. ما هي الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بالتوحد؟ • فرانس 24




.. مدير مكتب الجزيرة في غزة وائل الدحدوح: هناك تعمد باستهدافي و


.. الشرطة الفرنسية تدخل جامعة -سيانس بو- بباريس لفض اعتصام مؤيد




.. موت أسيرين فلسطينيين اثنين في سجون إسرائيل أحدهما طبيب بارز