الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خطاب الممانعة ..في مواجهة خطاب المهادنة في الصحراء الغربية ..!!

السالك مفتاح

2007 / 2 / 17
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


بتاريخ 21 ماي 2005، تفجرت انتفاضة سلمية ما فتئت تنشر سعيرها ليشمل ‏معاقل الاحتلا ل.. وبعد دخول هذه الهبة الوطنية سنتها الثانية، كان لزاما بعد ‏استكمال الشروط ( الاستمرارية ) والأركان ( التجذر ) من وضع اللمسات الأولى ‏لمشاريع دراساتية وتحليلية للظاهرة السياسية عبر تتبع الحصيلة والأفاق، وكونها ‏فعل جماهيري ومنظومة وطنية ينصهر فيها ما هو موضوعي بما هو ذاتي، فإن ‏ذلك يتطلب إتباعا، طرحها على مشرحة البحث عبر عدة قنوات ووفق مناهج ‏عدة، على اعتبارها ظاهرة مركبة يختلط فيها السياسي بالاجتماعي وبمجالات ‏أخرى،كما صنفها البعض ..‏
‏ ونحن على مشارف الذكرى الواحدة والثلاثين لاعلان الدولة الصحراوية، نود ‏بسرد حصيلة الانتفاضة السلمية، وبما حققته على مستوى كافة الأصعدة، النتائج ‏والإنجازات، ضمن هذه الاطلالة .. ‏
‏ ‏
‏ على المستوى السياسي : ‏
‏ ‏
تمكنت الانتفاضة كحدث سياسي و بامتياز، من جني مكتسبات ثمينة:‏
‏- ضرب الإستراتيجية المغربية في العمق، تلك الإستراتيجية المقامة على ‏المغالطة السياسية ، حيث شكلت الانتفاضة بشروطها وأركانها صفعة لهكذا ‏خطاب، فالمظاهرات اليومية الحاشدة ونصب الأعلام الصحراوية والجدران ‏المرصعة بالكتابة، والمتحدة جميعها حول التشبث بالاستقلال كهدف وغاية ‏والجبهة الشعبية كممثل شرعي ووحيد للشعب الصحراوي، في ظل هجمة شرسة ‏من اعتقالات واختطافات ونفي وأبعاد و قمع وتنكيل وتعذيب، كل ذلك أوجد حالة ‏من عدم الاستقرار البادي للعيان خاصة بوجود تحصينات ذاتية لهذه الهبة، من ‏قبيل الاستمرارية والصمود والتوثيق والمسايرة الإعلامية، والرصد والمعاينة، مما ‏أدخل الدولة المغربية في حالة من العزلة الدولية والفضح على جميع المستويات، ‏بعد أن عملت لعقود تحت غطاء التعتيم على عزل المنطقة وسد كل المنافذ أمام أي ‏فعل وطني بغرض تقزيمه داخل رقعة محدودة ومحكمة التطويق والحصار، كل ‏ذلك قلب المعادلة من جديد فأصبح المغرب في وضعية حرجة تنبني على الدفاع ‏وإيجاد المبررات والإجابة على الكثير من الأسئلة المحرجة التي تتهاطل من كل ‏حدب وصوب . ‏
‏ - توالي التقارير الدولية، الحقوقية بالأساس، والتي وجهت كل اللوم والتنديد ‏والشجب للدولة المغربية على خلفية انتهاكاتها الجسيمة لحقوق الإنسان بالصحراء ‏الغربية، فبعد أن قضت دولة العدو قرابة سنوات من التشدق بما سمته العهد ‏الجديد، وطي صفحة الماضي، والمصالحة مع الجميع، واحترام حقوق الإنسان إلى ‏غير ذلك من الخرجات، انطلقت الانتفاضة في الصحراء الغربية لتكون تلك ‏الصخرة التي تكسرت عليها هذه الترهات، والحامض الذي أذاب كل التضليلات، ‏لتظهر الوجه القبيح للاحتلال وتعري عنه ورقة التوت، أمام الشعب المغربي ‏الشقيق والعالم كله، مما جعل المغرب يتصدر كل الدول المنتهكة والفاسدة ‏والاستبدادية، ويجد نفسه في حرج امام الهئيات الدولية التي اوكلت له ضربات ‏تلقاها من طرف منظمات دولية وازنة (العفو الدولية، هيومان رايت واتش، ‏المنظمات الالمانية، الخط الامامي ..) ‏
‏ لقد نبع الماء من الكانون ، بعد سنوات ظن نظام الرباط واهنا إن الملف ‏الصحراوي قد طوي بالكامل، وأن الرهان المتبقي هو رهان تنمية وتعمير ‏المنطقة، لكن الانتفاضة قلبت المعادلة راسا على عقب و أعادت القضية إلى ‏مربعها الأول، بل إلى صلب الاهتمام الدولي والإقليمي، وأظهرت لولاة الأمر ‏بالمغرب أن الملف لا زال مشرعا، ولن يغلق إلا بحل المشكل عن طريق تمكين ‏الشعب الصحراوي من حقوقه الشرعية وعلى رأسها تقرير المصير والاستقلال. ‏
‏ هكذا ، عصفت الانتفاضة بمخططات تستهدف استئصال الهوية الصحراوية ‏وتروم زرع ثقافة الفتنة ، واشاعة حرب الإشاعة والدعايات المغرضة والتشويش ‏وخلق البلبلة، التي كان المغرب يجيد حياكتها وبثها في صفوف الصحراويين، ‏حيث أضحى الشعب الصحراوي أكثر نضجا واتحادا وصمودا بفضل هبة ‏الانتفاضة ومرورها بقوة إلى الطبعة الثانية(انظر الصور والحقائق الموجودة ‏بموقع انتفاضة الاستقلال من داخل المنطقة). ‏
‏ - أظهر الشعب الصحراوي من خلال انتفاضته أنه يد واحدة وجسم واحد إذا ‏اشتكى، منه عضو تداعت له كافة الأعضاء، من الداخلة إلى آسا ومن آسا إلى ‏محاميد الغزلان وإلى المواقع الجامعية المغربية وهذا شكل ضربة قوية لخطاب " ‏الانفصاليين " و" القلة المغرر بهم " و " الشرذمة الواهمة " . ‏
‏ قضت الانتفاضة على عنصر الانتظارية السلبية، بعد ان عجز المنتظم الدولي ‏وامام العبث بقرارات مجلس الأمن أو جولات المبعوثين والممثلين الشخصيين ‏للأمين العام، جاء خطاب الانتفاضة كفعل قادر على فرض خيارات الشعب ‏الصحراوي ، رغما عن انف الاحتلال وتخاذل المنتظم الدولي..ذلك ما ظهر ‏بشكل جلي في هذه السنة، من خلال الزيارات المكثفة للوفود الدولية وإعطاء الأمم ‏المتحدة للملف الصحراوي الأولوية، وكذا إحراج بعض الدول وعلى رأسها ‏فرنسا، أمام وضعية حقوق الإنسان في الإقليم المتدهورة مما جعلها تظهر على ‏حقيقتها كبلد متورط يكشر عن انيابه في مساندة اطروحة الاحتلال في تناقض ‏صارخ مع مثل الديمقراطية وحقوق الانسان . ‏
‏ لقد شكلت زيارة بعثة المفوضية السامية لحقوق الإنسان، وتقريرها القوي ‏صفعة كبيرة لدولة الإحتلال، كما كان بمثابة الشهادة الدولية على حقيقة الوضع ‏المزري بالإقليم، ورغم عدم تفعيل توصياته ونشره، إلا أنه كان بمثابة مكسب ‏خالص للانتفاضة السلمية، أظهر للعالم مدى حجم الانتهاكات الجسيمة لحقوق ‏الإنسان بالصحراء الغربية، وأعطى حقائق موضوعية في غاية الاهمية، اذ ابرز ‏أن جميع الحقوق مرتبطة بحق تقرير المصير، ومنح ذلك كفيل وحده بتوفير ‏الحقوق الأخرى، مما أعاد بالقضية إلى مربعها الاول. وكانت شهادة جيمس بيكر ‏كاتب الدولة الامريكي الاسبق عن الصحراويين غاية في الفصاحة..!!‏
‏ وهكذا اتحد الحقوقي بالسياسي حول حقيقة الصراع وفتح الباب على أرضية، ‏قوامها الدعوة لاحترام المشروعية الدولية. ‏
‏ و شكل التقريرين الأخيرين للأمين العام، أرضية مهمة وسابقة من حيث ‏تضمينهما لواقع الحركية السياسية ووضعية حقوق الإنسان بالإقليم، مما يعني أنه ‏اعتراف دولي وشهادة على الوضع الحقوقي والسياسي بالمنطقة، وحرص من ‏أعلى هيئة أممية على وضعية حقوق الإنسان بهذه الأخيرة مما أثار حفيظة الدولة ‏المغربية الغازية، كل ذلك بفضل زخم الانتفاضة وتداعياتها وكشفها لحجم ‏الانتهاكات المغربية المهولة والمروعة، كل ذلك دعم مطلب الشعب الصحراوي ‏في ضرورة توفير الحماية للمدنيين لصحراويين بالمناطق المحتلة، عن طريق ‏توسيع صلاحيات " المينيورسو " أو أية آلية أخرى من شأنها تحقيق هذا المطلب . ‏
‏ لقد دقت الانتفاضة آخر مسمار في نعش الإجماع المغربي المصطنع حول قضية ‏الصحراء، حيث برزت أصوات مجاهرة باحترام حق الشعب الصحراوي في ‏تقرير المصير ، لتفضح حقيقة هذا الإجماع المعلب، مثل حزب النهج الديمقراطي، ‏الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وبعض الصحف والأقلام النزيهة كالصحفي ‏علي لمرابط، وبعض الشخصيات كإدريس البصري وآخرين، مما أوجد حالة من ‏البلبلة لدى دولة الاحتلال التي طالما تشدقت بكون كل الصحراويين يؤيدون ‏الموقف الرسمي، فكانت الضربة من داخل المغرب نفسه، فما بالك بالشعب ‏الصحراوي الذي هتف في وقت واحد بكلمة لا للإحتلال في انتفاضة سلمية . ‏
خلقت الانتفاضة موجة من الحراك السياسي، على المستوى الداخلي وكذلك ‏الخارجي، من خلال إعادة ضخ دماء جديدة في الحركة التضامنية العالمية، بوجود ‏مواد حية متدفقة من المناطق المحتلة وجنوب المغرب، تساعد على الاشتغال ‏والحركية، مما أعطى للعمل التضامني دفعة قوية، حيث منحت الانتفاضة لكل ‏المنظمات والجمعيات المتضامنة مع الشعب الصحراوي الرافعة السياسية لمزيد ‏من العطاء والوقوف إلى جانبه. ‏
شكلت الزيارات الميدانية لأبطال الانتفاضة وبطلاتها للعديد من الدول ومخيمات ‏اللاجئين، محطة جديدة من التواصل بين مبعوثي المناطق المحتلة بقية العالم، ‏حيث كانت زيارات علي سالم التامك ومنتو حيدار والغالية أدجيمي لعدة دول ‏فرصة مهمة من أجل تقريب الصورة الحقيقية للوضع بالإقليم المحتل وإعطاء ‏شهادات حية عن الواقع المعاش هناك، كما كانت الجوائز التي منحت لهؤلاء ‏الأبطال بمثابة تكريم للشعب الصحراوي ولصموده وعطائاته ولانتفاضته السلمية ، ‏كما أعطت زيارة سيدي محمد ددش دفعة مهمة للاجئين الصحراويين لمزيد من ‏الصمود والتعرف عن قرب على حقيقة الوضع بالمنطقة. ‏
‏ على المستوى النفسي : ‏
‏ غيرت الانتفاضة في نفوس الصحراويين ما لم تستطع سنوات تغييره، حيث ‏أعادت إليهم الدفء من جديد والأمل بالخلاص، كما كان لها الدور الكبير في ‏تخليص الإنسان الصحراوي من بعض العقد والترسبات النفسية التي عمل ‏الاحتلال على تكريسها ، حيث تجاوز الصحراويون ، عقد الانتظارية والاتكالية ‏والخوف والرعب، وانتقل من وضعية الدفاع عن حقوقه ومكتسباته إلى وضعية ‏الهجوم والتحدي والاستثمار والقطف والمراقبة والانتشاء . ‏
‏ لقد ارتاح الصحراويون من وساوس الخشية والتربص والشك والريبة من ‏الجميع، بعد أن عاشوا ردحا من الزمن على إيقاع سماسرة الاحتلال. ‏
انتقل الصحراويون من التستر على المواقف والقناعات إلى المجاهرة بها، من ‏خلال الاستماع للإذاعة الوطنية وشرائط الثورة جهارا نهارا، و المشاركة في ‏المظاهرات، وفي المرافعات في المحاكم والسجون التي تحولت الى منابر ‏لمحاكمة الاحتلال وفضح جرائمه ، والتخلص من كابوس الخوف والرهبة ‏والهواجس . ‏
بفضل هذه الانتفاضة تولدت التربة الخصبة والحافز لكل أشكال الإبداع الذاتي، ‏لظهور وبروز ملكات الشعر الدفينة والخطابة والبلاغة والكثير من الأقلام التي ‏كانت تلفها الحيطة والخشية والحذر . ‏
‏ ‏
على المستوى الإجتماعي : ‏
‏ ازداد التضامن بشكل غير مسبوق بين كافة الشرائح والفئات، والقضاء على ‏أشكال التمييز القبلية والعشائرية والإقليمية، وبرز ذلك من خلال الإعداد ‏والتحضير للمظاهرات وباقي الأشكال النضالية، والمشاركة فيها ، حيث أصبحت ‏التعبئة عن طريق الأحياء السكنية هي الركيزة الأساسية، و أضحت ساكنة الحي ‏بمثابة العائلة الواحدة ، كما أن الجميع يبدي تضامنه مع الجميع، والأولوية ‏للضحايا والمعتقلين السياسيين من خلال عيادتهم وزيارتهم ودعمهم ومساندتهم ‏ومؤازرة عوائلهم، حيث تتدفق الجماهير الصحراوية من كل صوب من الأحياء ‏الأخرى ومن المدن الصحراوية الأخرى، كما أصبح هناك سجال جميل بين ‏الجميع، المعتقلون يتضامنون مع الجماهير، هذه الأخيرة تتضامن مع أولئك، ‏وهكذا دواليك . ‏
عصفت الانتفاضة بالكثير من مظاهر الانحلال والتفسخ الأخلاقي التي اطرلها ‏الاحتلال وحاول توظيفها اذ أصبح هم الجميع هو النضال ضد المحتل، وأضحى ‏الكثير من الأبطال ، يوثرون الابتعاد عن الشوائب والشبهات، لأن الانتفاضة ‏كساحة وطنية فتحت المجال أمام الجميع دون استثناء، لتضع القطار على سكة ‏الطريق الصحيح، يشارك فيه الجميع : نشطاء الانتفاضة في الشوارع والأزقة، ‏التلاميذ في المدارس والمؤسسات التعليمية، الطلبة في الجامعات والمعاهد، ‏المعتقلون السياسيون بالسجون والمعتقلات ومنابر المحاكم،وانتفى الفراغ الذي كان ‏يعشش لزمن ويتسبب لبعض الشباب في نهج طرق منحرفة مشبوهة، وظهر ا ‏الأفق منبلجا ، وأضحى الكل يجد ذاته ومكانه في الساحة الوطنية ...! ‏
‏ أوجدت الانتفاضة العديد من الأسماء والأبطال الذين كان يلفهم النسيان، و ‏ارخت لحركة واسعة قادرة على استيعاب الجميع، حيث أضحى الشعب في كل ‏مكان يحفظ عن ظهر قلب أسماء الأبطال والبطلات، ويتفاخر بانجازاتهم ‏وبطولاتهم، باتت الساحة الوطنية تعج بأسماء لرجال ونساء، لم يسمع بهم من ‏قبل، يكن لهم الجميع الاحترام والتقدير ويتداولون ملاحمهم وعطاءتهم.. كل ذلك ‏اعاد للقضية الكثير من الايجابيات، فلم يعد الاحتلال بقادر على احتوائهم أو ‏ترهيبهم، مثل ما كان يفعل من قبل ، كما أن تعدد هؤلاء خلق نوعا من التنفيس ‏على المناضلين الذين كانوا من قبل محط أنظار ومراقبة الاحتلال حيث تشتت ‏جهوده ولم يعد قادرا على ضبط الخريطة والرقعة والفاعلين . ‏
‏ ‏
على المستوى الإعلامي : ‏
‏ إعلام العدو : أمام الزخم الكبير الذي ولدته الانتفاضة، وأمام بشاعة القمع ‏المغربي للمظاهرات السلمية، وما يرافق ذلك من متابعة و توثيق ذاتي، وتغطية ‏إعلامية دولية، لم يعد من الممكن للإعلام المغربي مواصلة التستر والتضليل ‏وتكرار الخطاب الرسمي، حيث أضحى بعضها يعرج على الحقيقة، فتغير خطابها ‏تدريجيا، فبدل التماهي الكامل مع الدولة أصبحت تعترف تدريجا بوجود حركية ‏سياسية مناهضة للإحتلال ، وأضحت تقر بوجود غالبية صحراوية تؤيد خيار ‏الاستقلال والجبهة الشعبية، فأصبح يقال دعاة الاستقلال بدل الانفصال، والمعتقلين ‏السياسيين الصحراويين بدل السجناء، وأخطاء الدولة والتجاوزات والانتهاكات، ‏وطرفي الصراع، والجمهورية الصحراوية ... إلخ، هذا على مستوى بنية ‏الخطاب، أما المضمون فهناك صحف تحاول الوصول إلى الحقيقة انطلاقا من ‏التغطية في بعض الأحيان، وإجراء لقاءات مع نشطاء حقوقيين وفاعلين في ‏الانتفاضة دون وضع مقص الرقيب أو الرقابة اللاحقة . هذا بالنسبة لبعض ‏الصحف المستقلة، أما على مستوى الإعلام المرئي والمسموع، فليس هناك أي ‏تحسن يذكر، فلا زال هذا الإعلام تتحكم فيه الدولة المغربية ، بل مجرد بوق ‏تنفث من خلاله السموم ، وتفرخ الاكاذيب . ‏
‏ على الصعيد الدولي: ونحن نحتفي بذكرى الدولة الصحراوية الواحدة والثلاثين ، ‏
نقف بعد سنتين من العمل ومن المرافقة المستمرة للفعل الصحراوي الذي لعبت ‏فيه الانتفاضة ، دور المحرك، كونها الفعل الذي فرض القضية الصحراوية على ‏الأجندة الدولية ، وخلق ديناميكية دبلوماسية وزخما اعلاميا وسياسيا للقضية ‏الصحراوية في الداخل وفي الخارج..!! ‏
ذلكم أن الانتفاضة صاغت، هذه المرة وبطريقة غير مسبوقة منذ وقف اطلاق ‏النار، خطاب الدولة الصحراوية،عبر رسلها الذين جابوا العالم شرقا وغربا، ‏وبقوة صرخة الشعب الصحراوي المدوية، للعالم واحتلت قضيته الصدارة ‏واستقطبت الأنظار، بل صارت جسر العبور لهذه الحقيقة في تكسير حجب التعتيم ‏وطمر اطروحات التوسع. هنا برز رواد ملحمة الاستقلال أبطالا بدون منازع في ‏الفعل الذي كان وقعه على الاحتلال،قاسيا و تأثيره مباشرا في فرض الحقيقة ‏الصحراوية وعلى الأرض .. هذا الفعل الذي دونها في وثائق وشهادات دولية ‏كبيرة ووازنة على الصعيد الدولي.. بل أنها وثقته ودونته بقوة التحريك ‏الجماهيري والتضحيات الجسيمة والتجند من حولها. هذه الحقيقة كانت واضحة ‏جلية في تقارير الأمين العام للأمم المتحدة ومداولات لجنة تصفية الاستعمار ‏والجمعية العامة ولوائح مجلس الأمن ، وإفادة مفوضية الأمم المتحدة لحقوق ‏الإنسان وغير ذلك من الإفادات والشهادات الدولية التي كان أخرها وفد البرلمان ‏الأوربي ومنظمة الخط الامامي واعترافات منظمات دولية كبيرة مثل منظمة العفو ‏الدولية وهيومان رايت واتش..!! وأكثر من هذا ويزيد أن الانتفاضة ، فرضت ‏نفسها على الرأي العام المغربي ( بعض القوي، الصحافة المستقلة) واخذت تؤسس ‏لنفسها إطارات ذاتية للعمل متماشية والهوامش الممنوحة في ظل الاحتلال مثل ‏تأسيس هائيات ومنظمات صحراوية حقوقية وانسانية ذات اهدف سياسية، من ‏داخل الارض المحتل وعبر مواقع اليكترونية ومن خلال آليات جديدة للمواكبة من ‏داخل المدن المحتلة ومن كافة تواجدات الجسم الصحراوي !!.. ‏
كل ذلك ساهم في إحداث شرخ في خطاب "المسيرة " الرسمي المغربي بفعل ‏مساهمات مناضلي ومناضلات الانتفاضة (في العيون، السمارة، بوجدور، ‏الداخلة..) وفي المواقع والتواجدات الصحراوية داخل المغرب(مراكش، الدار ‏البيضاء، اكادير..).. هنا تمكنت الانتفاضة بفضل فصاحة خطابها وقوة حقائقها ‏ان توضح الغامض وتكرس الدولة الصحراوية برموزها السياسية كهوية متميزة ‏وكينونة ثقافية ممتدة في كل المنطقة .. وأسهمت في الرد على الاطروحات ‏والمغالطات المغربية بمد الصحراويين بمناعات جديدة في مواجهة التحديات التي ‏يروجها خطاب المغرية والمخزنة الراعن في البحث عن خلق انظمة موازية ‏والضرب على اوتار الفتنة والتشتيت للصحراويين عبر حرب بسيكولوجية.. وهي ‏التي ساعدت في التأسيس لنقلة نوعية تخلق الإجماع الوطني ، ترسخ وحدة ‏الصحراويين من حول هدف الاستقلال وتقرير المصير .. تضخ دماء جديدة، تتخذ ‏من التبصر والحنكة، اسلوبا ومن الابداع والتجديد كل ذلك ضمن سيولة ‏المعلومات وجعل الجسم الصحراوي يتوحد وجدانيا في لحظات الشعور بالخطر ‏في مواجهة الدخيل ..هنا لعبت الانتفاضة في مد الحركة الوطنية، بذخيرة حية ‏لمواجهة زبانية الاحتلال المغربي وفضح جرائمه وتعرية اساليبه .. وغذت الهبة ‏الصحراوية ، كفاح الشعب الصحراوي بأساليب جديدة من الابتكار ضمن ديمومة ‏المقاومة المنسجمة مع خطاب العولمة الذي ينبذ العنف ويرنو في أبجدياته نحو ‏حرية التعبير وحق تقرير المصير ويحتضن في أدبياته المرابطين في ساحات ‏العمل الرافعين لأعلام حقوق الإنسان والديمقراطية ..!! كذلك استطاعت وعبر ‏مجمل وسائط الإعلام، ان تترجم هذا الخطاب في مواجهة حرب التشويه ‏والأكاذيب والحرب النفسية، التي تشن بمناسبة وبدونها على كل أبطال الانتفاضة ‏وفعلها المتجدد الذين حاول المغرب رميهم بشتى صنوف الحرب القذرة ..!!‏
وبالنسبة لانتفاضة الاستقلال التي نقف الآن على مرور سنة ونصف عليها كانت ‏الفعل المتميز (بدون منازع) الذي كان مستمرا حاضرا وبقوة في المظاهرات ‏والوقفات والايماءات وفي الملاحقات والاعتقالات وفي المحاكمات وفي شتى ‏مناحي الفعل وحتى في المدارس وفي الجامعات .. هذا الفعل الذي لم ينقطع طيلة ‏وعلى مدار السنة .!! والتي تحتل فيها رموز االدولة الصحراوية(اعلام ، ‏شعارات، مطالب.. تترجم الانضواء تحت لواء الجبهة الشعبية)، الصدارة ، بل ‏هي راس الحربة بفعل رسوخ اهدافها وقربها الوجداني وتفاعلها الحقيقي المتناغم ‏،وتبنيها الحقيقي للانشغالات الصحراوية ..!؟ ‏
وهكذا، اتخذت الجبهة الشعبية ، سياسة تضع الاولويات لهذا الفعل الصارخ من ‏تحت الاحتلال وضع الانتفاضة في موقعها الحقيقي كونها فعلا وطني صحراويا ، ‏يرقى لمستوى ملاحم الشرف التي خاضها جيش التحرير الشعبي الصحراوي في ‏مواجهة الاحتلام و الاستعمار.. !!‏
واخيرا فان فصاحة خطاب الانتفاضة اعطى سخونة للقضية الصحراوية على ‏الصعيد الدولية في الدعوة لحل النزاع عبر الاحتكام للمشروعية الدولية وفي وضع ‏الية لحماية حقوق انسان بالصحراء الغربية ، الا ان بعض القوة المتنفذة في مجلس ‏الامن (فرنسا) حالت دون ذلك ووقفت بالمرصاد في وجه الحديث عن الموضوع ‏في مواجهة صريحة ، الا ان الراي العام الدولي وبفعل الحضور الذي منحته ‏الانتفاضة للقضة اعلاميا وسياسيا ، قد فضح اساليب ومكر العدوان المغربي ، ‏وشهره بجرائمه القذرة في الارض المحتلة وجنوب المغرب ، وفي كذلك اكتشاف ‏للشعبين الصحراوي والمغربي انهما جاران ينبغي عليهما التعايش في امن ‏واطمانئية بعيدا عن الحسابات و المزايدات السياسات الخسيسة التي تريد لهما ‏الفنتة والتطاحن.. وهي رسالة الانتفاضة للمستوطنين وللراي العام المغربي بان ‏حرب الصحراء الغربية اراد بها النظام السياسي تحقيق مطامح بعينها على حساب ‏الديمقراطية والرفاهية الاجتماعية في المغرب وفي الصحراء الغربية. الشئ الذي ‏كان واضحا في رد فعل بعض القوة في المغرب مثل حزب النهج الديمقراطي و ‏وبعض منظمات وهئيات المجتمع المدني المغربي وفي خروج الصحافة المستقلة ‏عن خطاب المسيرة القديم في الاقتراب من الحقيقة الصحراوية واستضافة النشطاء ‏بل ان بعضها تجرأ على اجراء لقاءات مع اعلى هرم في السلطة االصحراية. ‏








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح


.. الرئيسان الروسي والصيني يعقدان جولة محادثات ثانائية في بيجين




.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط