الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
قصة قصيرة - قريب جدا بعيد جدا
مصعب فريد حسن
2007 / 2 / 16الادب والفن
دخل غرفة المصعد بعد دخول عدة أشخاص آخرين , ووقفوا في تلك المساحة الضيقة , سيصعد إلى أحد الأدوار العليا من مبنى وزارة المالية التي يرتادها دافعي الضرائب أو الذين سيتهربون من دفعها , كان سينجز معاملته التي تطلبت منه القدوم إلى العاصمة , وقف بالقرب من باب المصعد , عندما دخل في اللحظة الأخيرة شخص وقف قبالته تماما وجها لوجه , يفصله عنه أقل من مسافة مصافحة, وجه لم يستطع التهرب منه أو تجاهله طيلة فترة بقائهما في المصعد , في البداية ظن أنه يعرفه تماما , كان هذا الشخص يبدو ستيني العمر , و كاد يحسبه من قريته أو من حارته أو ربما كان أحد أقربائه ولكن لا , لم يكن شيئا من هذا ... لا ينقص هذا الرجل الوسامة أبدا ولا الأناقة , رائحة العطر الفاخر وبياض بشرته أعطياه محيا ذوي الطبقات العليا , التي لم يكن يعرف أحدا منهم , ولكن مهلا لقد جلس مع هذا الشخص كثيرا وتبادلا الأحاديث والجدال ,و....لا...لا ...ربما لم يلتقيا أبدا .. ولكن كيف ...!!, كان هناك شيء ما له علاقة بالزمن و... ولكن أي زمن وأي....!!! وأين ؟ ثم أن ذلك الشعور الغامض هو الذي منعه في النهاية من تبادل الكلام والتحية معه , شعور ما , على الرغم من تلك الوسامة , والأناقة , ومحيا النعمة , كان فيه شيء ما لم يرحه أبدا .
ظل طوال اليوم يهجس بذلك الوجه ,( أين أين رأيته , ومن أين أعرفه؟! )
شعور متناقض ما بين رقة ذلك الوجه وملامحه المألوفة ,وبين الهوة الشعورية الهائلة التي تفصله عنه , الآن بدأ ذلك الإحساس يتضح أكثر فأكثر , إنه الكره , كان يكره ذلك الوجه , نعم تجلى ذلك فجأة وبوضوح تام , ( ولكن كيف أكرهه ولماذا , يا إلهي؟! ) كان الكره واضحا بعد أن تخلى هذا الوجه عن حسِّيته وأصبح مجردا معزولا أمام ذاكرته , حسنا سيسأل والده عنه عندما يصل البيت .
وصل من العاصمة مساءا , وكما في كل يوم في مثل هذا الوقت , جاء والداه يزورانه , فهما يسكنان قربه في الشقة المجاورة , و سيشربون المتة بعد قليل وسيستمع والده لنشرة الأخبار , وسيسأله عن ذلك الوجه بعد الأخبار , شغل والده التلفزيون , وعلى الرغم من العدد الكبير للمحطات الفضائية , كان والده لا يزال مدمنا على مشاهدة الأخبار في القناة الرسمية , تلك القناة التي لم يشاهدها منذ سنوات إلا عندما يتواجد والده عنده , و عندما يبدأ والده بالاستماع إلى تلك الأخبار ,كان هو يتشاغل بأي شيء آخر كي لا يصاب بأمراض الضغط والقلب والسكري وبقية الأمراض الأخرى كالحكة وما شابه ذلك , هرب إلى المطبخ ليحضّر المتة , وعندما عاد إلى الصالون ومعه الكؤوس سمع تعليق والده ( منذ أكثر من ثلاثين سنة وهو يقدم نشرة الأخبار و كلما كبر هذا المذيع في العمر كلما جوهر , و ازداد شبابا ) , سقط طبق الكؤوس من يده في اللحظة التي نظر فيها إلى المذيع , علق والمفاجأة لا تزال على وجهه (كان هذا المذيع معي في المصعد صباحاَ يا أبي ) .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الفنان جمال سليمان للعربية: قد أترشح لمنصب رئيس الجمهورية ال
.. رسالة مهرجان البحر الأحمر مع علي الكشوطي .السينما المصرية تخ
.. بنديكت كومبرباتش من مهرجان البحر الأحمر: كنت ولدا وحيداً وعا
.. -التاريخ يسجل بأن إرادة الشعوب لا تقهر-.. الفنان ياسر العظمة
.. #للعلم ساعة في اليوم ممكن تفرق في علاقاتك بأولادك لو قضيتها