الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عزوف الفلسطينيين عن الزواج اقتصادي

وليد ياسين

2007 / 2 / 17
العلاقات الجنسية والاسرية


«لا ثمن للحرية»، عبارة تختصر بها سلوى، الشابة من مدينة حيفا، قرارها العزوف عن الزواج. ولكن القرار مرفوض مع كل العبارات التي تمثّله والذرائع التي تدعمه، في مجتمع ينظر الى اللواتي يتأخرن على الزواج بعين الشفقة، بعد وضعهن في خانة العنوسة.

مشكلة العزوف عن الزواج منتشرة في كل المجتمعات، لكنها باتت «حالة» لافتة في المجتمع الفلسطيني لتزايد نسبتها بين الرجال والنساء. ولكن، خلافاً لمجتمعات حاولت البحث عن حلول، لا تجد في الشارع الفلسطيني من يولي اهتماماً للمسألة. والمؤسسات الأهلية التي تهتم بالأسرة والتنمية تُحجم عن التطرق الى هذه المشكلة ربما «لأنها لا تعتبرها من أولويات القضايا التي يواجهها المجتمع الفلسطيني»، كما يقول شاب فلسطيني من غزة، يعتبر أن من الطبيعي أن يتزوج الإنسان وانه شخصياً يرغب بذلك، لكنه لا يرى ذلك ممكناً «في ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المنهارة».

مجتمع فتي وعنوسة عالية

وتشير معطيات نشرها مركز الإحصاء الفلسطيني، إلى أن المجتمع الفلسطيني من المجتمعات الفتية، وأن نسبة المواطنين العازبين تصل الى 39.6 في المئة من كلا الجنسين. وتصل النسبة بين الذكور إلى 44.5 في المئة مقابل 34.6 في المئة بين الاناث.

وهناك من يعتقد بأن العزوف عن الزواج بين فلسطينيي الداخل، بدأ في النصف الثاني من تسعينات القرن المنصرم، وهناك من يرى أنه بدأ مع اندلاع الانتفاضة الثانية في 2000. لكن نسبة كبيرة من أصحاب النظرتين تتفق على أن المشكلة اتسعت في شكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، مع تعرض المجتمع الفلسطيني الى المقاطعة الدولية وتفشي البطالة.

وفي البحث عن أسباب العزوف عن الزواج، يغيب الى حد كبير عامل القناعة الفردية ويطغى العامل الاقتصادي وعوامل اجتماعية مرتبطة بالتقاليد. ويقول محمد، وهو «فلسطيني أعزب على رغم أنفه»، كما يعرف عن نفسه، إن ضيق ذات اليد تعتبر من مقدمة الأسباب التي أدت إلى تفاقم المشكلة، «فتكاليف الزواج مرتفعة وتفوق طاقة شبّان كثيرين، يستصعبون توفير مساكن مناسبة وتلبية متطلبات الزواج، كالمهر وجهاز العروس وتكاليف الفرح وإعالة الأسرة».

سهام، الموظفة في مؤسسة اعلامية فلسطينية تدعم أقوال محمد، وتسأل: «كيف يمكن تكوين أسرة في ظل ظروف كهذه؟». وتزوجت سهام قبل نصف سنة من موظف في دائرة حكومية، لكن مجموع راتبيهما معاً لا يتعدى 200 دولار شهرياً. ومن هذا المبلغ يدفعان 150 دولاراً أجرة شهرية للمنزل، «فما الذي يمكن تحقيقه بالبقية؟»، تتساءل وتقول انها تضطر وزوجها لتناول الطعام في بيت والديه.

وترى سهام أن حالتها تمثل شريحة اجتماعية واسعة، وأن الأوضاع الاقتصادية تعمّق ظاهرة العزوف عن الزواج والطلاق أو فسخ الخطوبة. وهي فكرت قبل زواجها بأسبوع بتأجيل زفافها او فسخ الخطبة.

ولا تقتصر حالة العزوف عن الزواج على الضفة الغربية وقطاع غزة، بل تطاول أيضاً، فلسطينيين في مناطق 48. وهناك أيضاً تجد العامل الاقتصادي سبباً رادعاً لكثير من الشبان والصبايا. وفي مناطق الجليل والنقب، خصوصاً في القرى العربية التي لا تعترف بها السلطة الاسرائيلية، السبب المركزي الذي يمنع الشبان عن التفكير بالزواج، هو تعذّر تأمين منزل يؤوي العائلة.

ففي هذه القرى تمنع إسرائيل السكان من البناء وتسعى الى ترحيلهم، ما يخلق حالة متواصلة من القلق وعدم الاستقرار، تهدد الكيان الأسري.

وبحسب معطيات «لجنة الأربعين»، التي تتابع قضية الاعتراف بهذه القرى، فإن هذه المشكلة تتوسّع. «في بعض البيوت تجد رجالاً تجاوزوا سن الأربعين ولم يقدِموا على الزواج بسبب هذه المشكلة»، يقول أحد المسؤولين في اللجنة.

مسببات وأضرار

اضافة الى العامل الاقتصادي، هناك من يعتقد بوجود أسباب أخرى للعزوف عن الزواج، منها: ميول الشبان الفلسطينيين الى استكمال دراستهم وتأهيلهم العلمي، والتي تمتد فترات طويلة يمتنع خلالها الشباب عن الارتباط الأسري. لكن جهات متدينة ترى أن «ضعف الوازع الديني وانتشار الأعراف الاجتماعية الغربية التي تسهل أمور العلاقة الجنسية خارج الأسرة، وانتشار الزواج العرفي والزواج الموقت، تساهم في تعميق المشكلة، حسبما يقول الشيخ مهند الصاوي. وبرأيه فإن «عزوف الرجل عن الزواج، الذي يفضي الى عنوسة المرأة، يعتبر حياداً عن السبيل السوي والتنكر لسنّة الهية». ويضيف الشيخ الصاوي ان للمشكلة أضراراً خلقية كالوقوع في الرذيلة والشذوذ الجنسي، وتهديد كيان الأسرة.

أما الطب النفسي فيرى ان للعزوف عن الزواج آثاراً سلبية، تبدأ من الشعور بالقلق وتصل الى أمراض جسدية كفقدان البصر والإصابة بالشلل، نتيجة ما يصيب العازب أو العانس من حالات عصبية. ويرى الدكتور ايمن محمود أن العنوسة قد تؤدي بالفتاة الى الهذيان المزمن، نتيجة لما تتعرض له من ضغوط في العائلة والمجتمع، ناهيك بآلام كثيرة عند فترة الحيض. أما الشبان فقد يتعرضون الى آلام حادة في الرأس نتيجة عدم إشباع الرغبة الجنسية.

ويرى الطالب الجامعي سامح أن تأخر الزواج قد يؤدي بالشاب الى الانحدار الى المستوى البهيمي، ويقول: «ربما أكون شاباً خلوقاً لكن غياب الزوجة الشرعية قد يدفعني الى أمور تقلّص الفارق بيني وبين الحيوان. قد ارتكب جريمة اغتصاب، أو أي جريمة أخرى لإرضاء الغريزة، أو لتوفير متطلبات الزواج».








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نساء فلسطين عندما تصبح الأرض هي القضية


.. مشاهد تدمير منطقة الزيتون وحي الصبرة بعد انسحاب القوات الإسر




.. رائدة في علم المحيطات حققت نقلة نوعية في علوم الأرض


.. موريتانيا.. دعوة لإقرار قوانين تحمي المرأة من العنف




.. القومى للمرأة يطالب شركات خدمات النقل بالتطبيقات بوضع معايير