الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الارهاب الفكري وتراث البعث السوري

بافي رامان

2007 / 2 / 17
الارهاب, الحرب والسلام


ان خوف الانسان من المجهول كان سببا اسياسيا في خنوع الشخص و ردوخه لامر الواقع ، و ان هناك من يعتني به و يخطط لمستقبله و يتحكم في مستقبله كما يشاء ، و الذي عليه ان ينفذ امر الاعلى بدون ان يفكر او يبدي رائيه في الحياة ، و بهذه السياسة بدأ مشوار البعث العفلقي في سوريا و خاصة بعد الانقلاب العسكري الذي قام بها حافظ الاسد في عام 1970 ، و استلائهم على السلطة بطرق غير شرعية ، فركزوا على الجانب البسيكولوجية في حياة الناس و المواطنيين و حاولوا غسل ادمغة الناس و افراغها من افكار الديمقراطية و الحرية و الاستقلال و زرعوا بذور الفساد و الرعب و الخوف و القمع و كل ذلك تحت يافطة الاحكام العرفية و قانون الطوارىء و تخوين كل من يبدي رائيه في سياسة النظام الاستبدادي فبدأوا مشوارهم الارهابي الفكري على الشعب السوري من خلال النقاط التالية :
1- بدأ الارهاب الفكري في سوريا منذ الطفولة و ذلك خلال المرحلة الابتدائية للدراسة و من خلال منظمة طلائع البعث التي تفرض على الطلاب ان يكونوا منتسبين اليها فرضا ، و زرعوا بذور فكرة البعث و الاب القائد في عقول الاطفال ، و ذلك منذ بداية الصباح بتردد شعارات المجد و الخلود لافكار البعث و لافكار القائد الاب ، وتم عسكرة منظمة الطلائع من براعم المدارس الابتدائية ، و سادت العلاقات الابدية و استلهام الفيض من شخصية القائد ، و سخروا جميع وسائل الاعلام المرئية و المسموعة في تسميم عقول الاطفال ، حتى جعلوا من غالبية الاطفال في سوريا يفكرون ان والدهم الحقيقي هو الحاكم الطاغي الذي يرعيه و يربيه و يغذيه و يكبره و يدخله المدارس و الجامعات و يؤمن مستقبله في الحياة ، و لولا وجود هذا الحاكم فان مصيره الى المجهول .و صدرت الاوامر بعدها لانشاء ميليشيا لاتحاد شبيبة الثورة من طلاب المرحلة الاعدادية و الثانوية ، و في المرحلة الجامعية انشاء اتحاد الطلبة المحتكر على البعثيين ، و اقامة معسكرات لهم يتلقون فيها التدريبات العسكرية ، و اجبر البعثيون الموظفون و العمال في الادارات العامة على اجراء التدريبات في اطار الجيش الشعبي ؟ و مارسوا و مازالوا ارث النظام البعثي العفلقي في سوريا ، تقديس قائد الاب ، و الاب القائد و ترديد شعاراتهم و كلماتهم مثلما تتردد الآيات القرانية و الاحاديث النبوية و ادخلوا هذه الثقافة المشوهة في المناهج الدراسية في المدارس و الجامعات و من رسب فيها لا يرسب في المادة الثقافية القومية البعثية و الحاضر بل يحكم على نفسه بالاستقالة من الحياة ؟ وتم ذلك بتنسيق منظم و مبرمج ومحكم و من خلال شراء ذمم اغلبية رجال الدين ، لكي يبثوا بان من يخرج من طاعة الحاكم الطاغي كانه يخرج من طاعة الله ...؟ لانهم يعرفوا جيدا ان الانسان الجاهل و المشوه فكريا يصعب عليه فهم الطبيعة ، و حركة التغيير و الاصلاح و الديمقراطية ، و شرط اساسي في ان يكون الانسان و المواطن صانع للحضارة و التطور و التنمية هو حريته ، و هذا شرط اساسي على قدرته في انجاز هذه المهمة ، و في ظل النظام الشمولي السوري اغلى شيء يفقده الانسان هي حريته ؟و على مستوى ادارة المدارس : فان ادارة المدارس يشترط ان يكون المدير و طاقمه الاداري بعثيين و يتعيينون من قبل الاجهزة الامنية ، و ليس حسب كفائته ففي سوريا الشعار الاساسي الرجل المناسب في مكان غير المناسب ، اما على مستوى الجامعات فان اساتذة الجامعات اصبحوا ضباطا في اجهزة المخابرات لان الغالبية العظمى منهم تخرجوا من دورات الصاعقة و المظلة البعثية و دخلوا الى الجامعات باستثناءات هائلة عندما اضيفت علامات الى استحقاقاتهم في المرحلة الثانوية بسبب خضوعهم لهذه الدورات التدريبية العسكرية البعثية ، و ارسلوا الى الخارج ببعثات دراسية لكسب لقب الماجستير و الدكتوراه ليرجعوا الى جامعاتنا لبث بذور الفساد و الدمار في عقول الطلاب ، و تم ذلك بتنسيق منظم مبرمج بتسريح العلماء و الدكاترة الوطنيين و الديمقراطيين والاحرار ؟ و اجبار اغلبيتهم الى الهجرة القسرية ؟
2- صدر قانون حماية اهداف الثورة بالمرسوم رقم 6 في عام 1964 بموجب قانون الطوارىء و قد نص هذا القانون على تحريم و معاقبة كل من يناهض اهداف الثورة في (( الوحدة و الحرية و الاشتراكية )) و كل من يقاوم في تطبيق هذا الشعار يحكم بالسجن مدى الحياة و تصل العقوبة في حال التشديد الى الاعدام و احدثت لهذا القانون الاستثنائي محكمة استثنائية خاصة ، و يعتبر هذا القانون السلاح الاقوى الذي اشهرته السلطات ليس بوجه معارضيها السياسيين فقط ، و انما بوجه كل من ينتقدها او يعلن عدم موافقته على سياساتها من نشطاء المجتمع المدني و حقوق الانسان .و طرحوا افكار غيبية عن البعث و ذلك عندما قال احد شعرائهم : (( آمنت بالبعث ربا لاشريك له و بالعروبة دينا ما له ثاني )) .و بعد استلاء حافظ الاسد على الحكم بانقلاب عسكري ، قال احدهم في مجلة الفرسان : ( اريد من حكام العرب ان يجعلوا من الرفيق – يقصد حافظ الاسد – قبلة سياسية لهم يعبدونها بدلا من الركوع امام اوثان الاسلام ) .
3- مارسوا سياسة متطرفة و عنصرية بحق القوميات الاخرى ، ففي تشرين الثاني من عام 1963 ، نشر كراس في دمشق بقلم (( محمد طلب هلال )) رئيس شرطة منطقة الجزيرة انذاك ، بعنوان (( بحث في الجوانب القومية و السياسية و الاجتماعية لاقليم الجزيرة )) و كان هذا الكتيب وراء ترقيته الى مقام محافظ ( حماه) و من ثم وزير لشؤون الدفاع في الحكومة البعثية .و ان هذا المتطرف حاول ان يثبت من خلال كراسه (( ان الكرد ليسوا شعبا ، و ليس لهم تاريخ و حضارة و لغة ، و انهم عديمو الاصل و الفصل و الخصوصيات التي يتميزون بها نتيجة حياتهم القاسية و الصعبة في الجبال و فوق هذا يعيشون متطفلين على حضارة و تاريخ الشعوب الاخرى )) .و رؤيته تنطلق من رؤية مناهج البعث العنصري الشوفيني بحق الشعب الكردي الذي يعيش على ارضه التاريخية .
4- لا يوجد قانون في سوريا لتنظيم العمل السياسي و انشاء الاحزاب السياسية و ليس هناك اعتراف رسمي باي عمل سياسي خارج اطار الجبهة و حزب البعث الذي نصت عليه المادة الثامنة من الدستور باعتبار قبادة حزب البعث للدولة و المجتمع ، و حتى وجود احزاب الجبهة مرهونا بارادة حزب البعث وحده ، فهو الذي يدعو الاحزاب للانضمام الى الجبهة او يرفض ذلك ، و بذلك تفقد هذه الاحزاب مبرر وجودها السياسي و الشعبي و تصبح مجموعة تابعة لحزب البعث لااكثر و لا اقل دون اي دور ،و جرى تفريغ الجبهة الوطنية البعثية من كل فعالياتها فتآكلت تنظيما و تحولت رموزها الى موظفين في الدولة ، و لم يجري ان تعيين اي محافظ في سورية من الاحزاب الاخرى في الجبهة او في سلك الدبلوماسي ، و لم تشارك باية زيارة دولة قامت فيها وفود سورية الى الخارج ؟ و تصدر بعض الاحزاب صحفا نصف شهرية او شهرية تمول من الاجهزة الامنية و تطبع في مطابع صحافة حزب البعث للرقابة عليها ؟
5- ثقافة حقوق الانسان معدومة في سوريا ، و لا تدرس في المدارس و الجامعات ، و هي غير معروفة للكثيرين من المواطنيين ، و لا للاجهزة الامنية ، و البوليسية ، و بالمقابل رفض النظام الشمولي منح تراخيص لعمل المنظمات في مجال حقوق الانسان و المجتمع المدني ، و من يعمل فيها بشكل سري يعمل تحت رحمة التهديد بالاعتقال و الملاحقة القانونية امام محاكم امن الدولة الغير شرعي بتهمة (( خيانة الوطن )) .
6- حرية الصحافة :بعد 8 آذار عام 1963 صدر الامر العسكري رقم 4 عن مجلس قيادة الثورة ، باغلاق جميع الصحف السورية و مصادرة آلات الطباعة و اغلاق دور النشر و توقف العمل بالقانون رقم 53 لعام 1949 المنظم لاصدار المطبوعات ، و تجمدت الحياة الصحفية منذ ذلك الحين .و كثرت المؤسسات التابعة لحزب البعث و السلطة التنفيذية و اتبعت سياسة الاعلام الوحيد الموجه و منع الصحف و الكتب العربية و الاجنبية الصادرة خارج سوريا التي لا توافق رؤية السلطة الاستبدادية .ووسائل الاعلام المرئية و المسموعة محتكرة من قبل السلطة و ناطق باسم سياسة العصابات المافيوية و يبثون منجزاتهم المزيفة و شعاراتهم الرنانة ليلا و نهارا . و صدر قانون اتحاد الصحفيين برقم 1 لعام 1990 و قد نص في المادة الثالثة منه ان اتحاد الصحفيين هو اتحاد مؤمن باهداف الامة في الوحدة و الحرية و الاشتراكية ،ملتزم بالعمل على تحقيقها وفق مقررات حزب البعث و توجيهاته . كما نص في المادة 54 ان الاتحاد يعاقب كل عضو يخرج عن اهداف الاتحاد . و اذا ما عرفنا انه لايمكن العمل بالصحافة دون ان يكون منتسبا للاتحاد فان ذلك كاف لضبط العمل الصحفي و الصحفيين و السيطرة و الهيمنة عليهم .و بالمقابل فان اتحاد الكتاب العرب تشرف على طباعة الكتب و من المعروف للجميع ان هذا الاتحاد خاضع للرقابة الامنية كافي ان يعرف العالم مدى هيمنة الاجهزة الامنية التسلطة في حياة المثقفيين و الثقافة .
7- النقابات : لايوجد اي تجمع خارج اطار و سيطرة و هيمنة حزب البعث و الاجهزة الامنية ، لذلك فان قوانين النقابات وضعت فيها المادة القانونية التي تنص على ان هذه النقابات تخضع لتوجيهات القيادة القطرية لحزب البعث و تعمل وفق مقرراتها (( اتحاد الفلاحين – اتحاد العمال – الاتحاد النسائي – اتحاد الجمعيات الحرفية – النقابات المهنية من اطباء و محامين و مهندسين – اتحاد الصحفيين )).
8- و في الثمانيات تم انشاء جمعية المرتضى الخيرية ذات ميول طائفية بزعامة جميل الاسد و ذلك لاستيعاب ذوي السلفية المذهبية ، ومن خلال اغراءات مادية و نفوذ سلطوية و دخل فيها اناس من غير المسلمين ، بل قادها في فترة ما كوادرمن الملحدين و بعض الاسلاميين و مرتزقة ؟ والان يتم ومن خلال مخطط ايراني – سلطوي سوري ، تشييع المجتمع السوري من خلال الحسينيات و الحوزات العلمية الخمينية لكسب الشباب من خلال دفع رواتب شهرية لهم و تامين حياتهم المستقبلية ، و زجهم في المخطط الايراني في الشرق الاوسط ؟
بعد عرض بعض النقاط التي تعتبر غيض من الفيض من الممارسات الارهابية بحق الشعب السوري من قبل النظام الاستبدادي ، لا بد من القول : ان القوى الارهاب الفكري لا تريد ان يعم النور و الخير بين ابناء شعبنا في سوريا و لا تريد للكلمة الحرة المكتوبة من قبل المثقفيين و الكتاب الاحرار الذين يعبرون عما يعانونه في ظل النظام الشمولي و يحاربون الانظمة و القوى الارهابية الفكرية التي تعمل بكل ما لديها من قوة ، لنشر الظلام و الجهل و التخلف بين افراد المجتمع . فالقى الدكتور عارف دليلة محاضرة في منتدى جمال الاتاسي للحوار الديمقراطي 2 ايلول عام 2001 و ذلك من خلال وعود بشار الاسد بالاصلاح و التغيير و افساح فسحة من الحرية للاصحاب الراي الاخر ، ولكن وعوده كان اعتقال الدكتور و رفاقه من ربيع دمشق و اغلاق المنتديات الثقافية ومازال رهن الاعتقال التعسفي ويحاكم امام محكمة امن الدولة العليا .و جاءت في كلمته : (( مازلنا نعيش في نظام تؤخذ فيه الناس بجريرة اقوالها ، و مازال النظام حتى الان لا يأخذ الناس بجريرة افعالهم ، اصبح القول جريمة ، اما الفعل مهما بلغ من الخطر على البلاد و العباد ، فلا يعتبر جريمة يحاسب عليها ، آن الاوان ان نعترف بحرية الراي و الكلمة و القول ، و ان نحاسب الناس على اعمالهم و نتائج افعالهم التي يتحمل الوطن و الشعب و الحاضر و المستقبل اعباءها .............)).وقال : (( على مدى العقود الماضية عشنا في ظل نظام ذي وجهين ، كعملة لا افتراق بين وجهيها ، وجه عسكري امني سياسي يرفع الشعارات القومية الثورية الوطنية الاشتراكية ، ووجه اقتصادي اجتماعي يقطع اوصال الدولة و الشعب و المواطن ...............)).و علينا ان لا ننسى ان دفاع بعض المثقفيين و المفكرين عن النظام السياسي الاستبدادي و عدم نقدها نقدا فكريا موضوعيا ، و الدفاع عن منجزاتهم المشبوهة في مجال الحرية السياسية و الفكرية ، لان هؤلاء المفكرون جزءا من السلطة القمعية ، او من يلقون العطايا المالية من الاجهزة الامنية ، امثال علي عقل عرسان رئيس اتحاد الكتاب العرب ، و محمد سعيد رمضان البوطي و محمد حبش رئيس مركز الدراسات الاسلامية و عضو مجلش الشعب المعين و الناطق الرسمي باسم السلطة المافيوية و الكثيرين لاحصر لهم ، الذين زوروا الحقائق و قبضوا اموالا طائلة ثمنا لهذا التزوير و هذا كله يجعل من القارىء في حيرة من امره و اختلطت عليه الاراء و الافكار .
ان منهج البعث الذي اسسه عفلق قد آرسى قواعده القائد المؤسس على الاقصاء و النفي و الخوف و الاطاحة و كلها مفردات اساسية في قاموس العنف في فكر النضال القومي العربي التحرري فقد بدأ عفلق بممارسة العنف بجميع اشكاله ضد ابناء شعبنا وتلاميذه طبقوها حرفيا ؟لذلك لا بد من القول : ان وضع سوريا اليوم على الرغم من كل محاولات التخدير للمواطن السوري من خلال القاء شعارات رنانة و طنانة ووعود المتكررة بالعمل من اجل الاصلاح و التغيير ؟ يلاحظ عمق الاكاذيب و النفاق و كل يوم يؤكد النظام التزامه عبر جر البلاد الى انفجار مجهول ؟ فما هو العمل و الحل ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمات إنسانية متفاقمة وسط منع وصول المساعدات في السودان


.. جدل في وسائل الإعلام الإسرائيلية بشأن الخلافات العلنية داخل




.. أهالي جنود إسرائيليين: الحكومة تعيد أبناءنا إلى نفس الأحياء


.. الصين وروسيا تتفقان على تعميق الشراكة الاستراتيجية




.. حصيلة يوم دام في كاليدونيا الجديدة مع تواصل العنف بين الكانا