الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عام على المؤامرة -تفجير سامراءأراد إشعال حرب طائفية-

نجاح محمد علي
سياسي مستقل كاتب وباحث متخصص بالشؤون الايرانية والإقليمية والارهاب وحركات التحرر

(Najah Mohammed Ali)

2007 / 2 / 17
مواضيع وابحاث سياسية



أطلقت الولايات المتحدة اسم "الصدمة والرعب" على عملياتها العسكرية التي شنتها على العراق لاسقاط نظام صدام حسين، لكن ورغم مرور نحو ثلاثة سنوات على تلك العمليات فان هذا الاسم لايزال مسيطرا على أرض الواقع في العراق.

فالبلد يعيش كل يوم رعبا ممزوجا بصدمة كبرى لن يفيق منها مادام القتل العشوائي مستمرا يحصد النفوس قبل الأرواح ليحول الانسان العراق الى وحش كاسر، تطبيقا عمليا لمقولة فردريك نيتشه الشهيرة: "فليحذر من يحارب الوحوش أن يتحول الى وحش".

ماجرى في سامراء من انتهاك لحرمة الامامين علي الهادي والحسن العسكري،هو ببساطة عمل منظم يهدف الى جر العراقيين الى حرب طائفية.

هذه الفتنة اندلعت بالفعل، وهدأت أو سكنت بعد تدخل مباشر وقوي من قبل الزعامات العراقية المختلفة رغم أنها هي التي أججت نار الفتنة مكرهة أو عن عمد أو عن جهل.

ويعتبر ماحصل في سامراء انتهاك لقداسة لها قيمتها في الوجدان الشيعي، ولدى عامة المسلمين، وخصوصا أهالي سامراء الذين كانوا أول من ندد به.

والمرقدان يخضعان منذ زمن بعيد للوقف السني، والفصائل المسلحة كانت تتجنب الاقتراب منهما حتى عندما كانت تسيطر على المدينة، الى أن وقعت الواقعة، وهي عمل دبر ونفذ بليل وأريد له أن يكون الشرارة لحرب تلد أخرى في العراق الجريح.



تحقيق دولي



عندما اندلعت الأزمة رآى مطلعون على الأوضاع داخل العراق أنه كان ينبغي(آنذاك) أن تعلن الحكومة العراقية حظر التجوال في كافة المدن ليتسنى البحث عن الجناة والكشف عن ملابسات الحادث بهدوء وعقلانية، بدلا من اطلاق العنان لمظاهرات يشارك فيها الغوغاء الى جانب العقلاء، ويضيع فيها الحابل بالنابل، وافساح المجال لكي تحوم شبهات عديدة حول الجهة التي نفذت هذا العمل.

وهذا مادفع بسادن الروضة السيد رياض الكليدار الى الاعلان(يومذاك) أن أهالي سامراء قرروا اغلاق كافة المنافذ من وإلى الحرمين، ومنع دخول الزائرين، والدعوة الى تحقيق تقوم به لجنة دولية من منظمة المؤتمر الاسلامي أو الجامعة العربية، أو الامم المتحدة بشرط أن لا تضم ممثلين عن الدول المشاركة في احتلال العراق. كما تضمنت الدعوة أيضا منع إزالة الأنقاض ومنع إعادة بناء القبة التي تضررت، للابقاء على ماينفع في التحقيق لكشف ملابسات الحادث.

اعتداء بهذا الحجم على قدسية الامامين علي الهادي وأبيه الامام الحسن العسكري عليهما السلام، وسرداب غيبة الامام المهدي المنتظر عجل الله فرجه الشريف، تطّلب من وجهة نظر شيعية، ردا ضخما تمثل بخروج مظاهرات عارمة في العراق ودول أخرى أهمها ايران ولبنان. لكن هل حققت المظاهرات أهدافها في التعبير عن الغضب إزاء اتتهاك مقامات الأولياء من ذرية الرسول (ص)، أم أنها جاءت بنتائج عكسية؟

بالتأكيد فان الانتهاك للمقدسات في سامراء، نتج عنه انتهاكات لمقدسات أخرى في باقي المدن العراقية، وهتكا لكرامة الانسان وهدرا لدمه من دون أي تمييز. ففي البصرة مثلا تم تفجير مسجد بزعم أنه وهابي (!) مع ملاحظة أن "المساجد لله" وليست لطائفة أو مذهب أو مدرسة فكرية. كما أن الوهابية هي مدرسة وليست مقامات وأمكنة، ولن تتمثل في المساجد، بقدر ما تتمثل في أشخاص. وهذا النوع من التفكير يبيح لأصحابه قتل الأفراد بذريعة أنهم وهابيون، على الرغم من الفتوى الصريحة من المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني بتحريم مهاجمة المرافق "السنية".

ومهاجمة مراكز الوقف السني كما حصل في البصرة أمر بعث على الدهشة، فرئيس هذا الوقف أحمد عبد الغفور السامرائي كان أول من استنكر اعتداء سامراء، وتوجه راكبا الخطر الى المرقد، وهو قبل كل شيء مشارك بايجابية في العملية السياسية.

وقد بدت المظاهرات التي خرجت في العراق للرد على اعتداء سامراء وكأنها حاجة حكومية لتحشيد الشارع الشيعي للاصطفاف خلف الحكومة التي تعاني من مشاكل، ولدعم موقف الفاعليات السياسية التي تواجه صعوبات في تشكيل الحكومة المقبلة على أساس نتائج الاستحقاق الانتخابي الأخير.



محاصصة زلماي



فالواضح أن السفير الأمريكي زلماي خليل زادة صاحب نظرية المحاصصة الطائفية التي فرضها على "المعارضة العراقية السابقة" في مؤتمر لندن منتصف ديسمبر 2002 وتولى هو مهمة تجميع المعارضين على أساسها، لديه أجندة تختلف في الكثير من تفاصيلها عن أجندة الائتلاف العراقي الموحد.

وقد تجسد هذا من خلال المساجلات الكلامية بينه وبين زعماء الائتلاف خصوصا السيد عبد العزيز الحكيم ورئيس الوزراء(في ذلك الوقت) ابراهيم الجعفري حول تشكيل الحكومة الجديدة ، بل وحتى في تحميله وزر بعض الذي حصل في الأيام التي تلت اعتداء سامراء.

زلماي خليل زادة كان وضع خطا أحمر على وزارتي الداخلي والدفاع، وأعلن رفضه تسليمها لمن سماهم بالطائفيين، ونسق بشكل مباشر مع الرئيس "الكردي" جلال طالباني لمنع قيام حكومة على أساس الاستحقاق الانتخابي، ما أزعج الائتلاف.

وإذ حصل ذلك و قد تشكلت حكومة محاصصة دون النظر الى حجم تمثيل الكتل السياسية في مجلس النواب الحالي، فان شوكة الائتلاف أُضعفت وتعرضت هيبته للجرح خصوصا والائتلاف ليس في وضع يُحسد عليه بسبب خلافات داخلية ، وتحديدا مايُقال عن المنافسة بين رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي وعادل عبد المهدي!.


إذن فان ماجرى في سامراء أوصل رسالة مهمة جدا الى السفير الأمريكي، والى الكيانات الأخرى المشاركة في العملية السياسية خصوصا السنة، عن قوة الشيعة وردة فعلهم إذا غضبوا.



مــآخذ وسيناريو



مايؤخذ على الحكومة العراقية في تلك الفترة وباقي الفاعليات الدينية والسياسية الاخرى أنها أغفلت، ربما عن غير عمد خطورة فلتان الشارع وجنوحه للتمرد والانتقام على ما تعرض له الشيعة سواء في عهد صدام أم في العهد الجديد من اغتيالات لم يندد بها كما يجب زعماء السنة .

لقد تعرض عدد كبير من المساجد للاعتداء، اضافة الى مراكز الوقف السني التي أحرق بعضها، واتهم الحزب الاسلامي وعموم قادة جبهة التوافق، عناصر من التيار الصدري وقوات بدر، بالمسؤولية فيها دون أن يقدموا أدلة كافية. ويبدو أن "المخطط" - مثلما يتحدث البعض - كان يرمي الى الاجهاز نهائيا على شعرة معاوية بين هذه الأطراف ومنظمة بدر وعموم الائتلاف، و نسف العلاقة بين "السنة" والتيار الصدري، ما أدى الى أن يأمر السيد مقتدى الصدر أتباعه الى الامتناع عن ارتداء اللباس الأسود "الزي الصدري" لاحباط هذا المخطط.

الاعتداء في سامراء وما تلاه، نفذا، بينما كان السيد مقتدى الصدر خارج العراق في زيارة لعدد من الدول شملت الأردن وسوريا ولبنان، بعيدا عن تياره، وكان يمكن أن يؤدي الفلتان الأمني الى قيام عناصر محسوبة عليه بمهمات " قذرة" من قبيل قيام عناصر من أعداء الطرفين، بالاعتداء على مساجد لأهل السنة وتحميل التيار الصدري المسؤولية.

لقد انتبه السيد الصدر الى هذا السيناريو، فعمد الى قطع زيارته الى لبنان (التي كان مقررا لها أن تستمر عشرة أيام)، وأراد العودة الى العراق عن طريق سوريا أو الاردن فمنع من قبل "السلطة الأمريكية" في العراق، فغادر الى ايران ومنها دخل البصرة يحف به أنصاره وحواريوه ليدعو منها الى مظاهرة شارك فيها السنة والشيعة وطالبت بطرد الاحتلال، بعد أن رعى عبر الريموت كونترول،اتفاق شرف مهم بين تياره وجبهة التوافق والمدرسة الخالصية، مهّد لاجتماع التهدئة الذي كان دعا له الجعفري بحضور كافة الأطراف.


فتش عن أمريكا؟

في العام الماضي، كان زعيم ما يسمى "تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين" الأردني المقبور أبو مصعب الزرقاوي قد أمر بقتل الشيعة وشن حرب شاملة عليهم،الا أن هذه الأمر جوبه برفض قاطع من عدة فصائل عراقية مسلحة ،تقاتل ضد الأمريكان.

وأعلنت خمسة فصائل عراقية مسلحة هي جيش محمد، وكتائب القعقاع، والجيش الإسلامي في العراق، وجيش مجاهدي العراق، وألوية الناصر صلاح الدين، عبر بيان مشترك أن هدف المقاومة وضرباتها العسكرية هو الاحتلال وكافة أعوانه. كما حذر البيان بوضوح أن الدعوة إلى قتل عامة الشيعة "نار تحرق العراقيين سنتهم وشيعتهم".

بيان الزرقاوي الذي أعلنه في 16 تموز 2005، لم يستثن السنة والطوائف الأخرى، ولعل أخطر ما ورد في الوثيقة (المؤلفة من 17 صفحة) هو الدعوة إلى إشعال حرب طائفية بين السنة والشيعة.

ربما لاتكون أي من الجماعات المسلحة العراقية وراء اعتداء سامراء، ويظل تنظيم الزرقاوي (والبعثيون) المتهم رقم واحد بسبب بيانه السابق، وعمليات أخرى قد تكون أقل ضررا على وحدة النسيج العراقي لكنها تحمل بصماته، طبعا دون استبعاد أمريكا نفسها والموساد.
وتؤكد معلومات في غاية الأهمية أن العراق يضج بخلايا تقوم بعمليات قتل وتفجير وتتلقى تعليماتها "مباشرة من وكالة الإستخبارات المركزية CIA، وبعضها من الموساد" حسب تأكيدات عدد من المصادر.

وقد كشفت أحداث في البصرة، وقصة معتقل الجادرية عن تورط أمريكيين وبريطانيين، فضلا عن مجموعات عراقية مرتبطة مباشرة بالاحتلال، بحوادث من هذا القبيل. هذه المعلومات وقد سربتها مجلة أمريكية تتحدث عن تأسيس السفير الأميركي السابق في العراق جون نغروبونتي عددا كبيرا من هذه الخلايا، وهو الذي قام بممارسات مشابهة في الهندوراس والسلفادور التي أسس فيها ما يُعرف بكتائب أو فرق الموت.

وتشير مصادر أمريكية إلى أن عدد عناصر هذه الخلايا قد يكون تجاوز الـ 11 ألف عنصر تم دسهم قوات في مغاوير الداخلية، وفي لواء الذئب ولواء العقرب، وقد اعترف مسؤولون حكوميون باكتشاف حالات تسلل عناصر مخربة في الداخلية، كما أن القناة البريطانية الرابعة أشارت بوضوح نقلا عن مسؤولين امريكيين عملوا في العراق، الى أن واشنطنت تتستر على "فرق الموت" التي تقتل بذرائع طائفية!.

وأخيرا ، فان الحاجة الى تحقيق دولي نزيه في قضية اعتداء سامراء تظل قائمة، وهي مهمة ستساعد كثيرا في لملمة جراح النفوس التي خربها فساد الساسة الذين أسقطوا على خلافاتهم خرافة لم يألفها العرقيون من قبل اسمها "الفتنة الطائفية" وهم مايزالون يعيشون الصدمة والرعب على الطريقة الأمريكية كعنوان أساس لديمقراطية بشرت بها واشنطن... الشرق الأوسط الكبير!!!

نجاح محمدعلي - دبي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية حرب غزة وإسرائيل: هل الإعلام محايد أم منحاز؟| الأخبار


.. جلال يخيف ماريانا بعد ا?ن خسرت التحدي ????




.. هل انتهت الحقبة -الماكرونية- في فرنسا؟ • فرانس 24 / FRANCE 2


.. ما ردود الفعل في ألمانيا على نتائج الجولة الأولى من الانتخاب




.. ضجة في إسرائيل بعد إطلاق سراح مدير مستشفى الشفاء بغزة.. لماذ