الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الارقام تشير الى ان اقتصاد اقليم كوردستان العراق لا يملك بُنى تحتية

محمد مشير

2007 / 2 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


نتيجة لتنفيذها شروط وسياسات صندوق النقد الدولي خلقت الحكومة الفيدرالية في العراق جملة من المشاكل الاقتصادية التي تتفاقم يوماً بعد آخر لتؤدي بدورها الى تهميش فئات وشرائح اجتماعية اوسع وتحرمها من الخدمات الحياتية الضرورية. فمحرومية هذه الفئات الآخذة بالتزايد وان كانت في جزء منها ذات صلة وثيقة بأنعدام الامن والاستقرار السياسي كنتيجة لتصاعد وتيرة الحرب الطائفية والاعمال الارهابية التي باتت مشهداً يومياً مؤلماً و مفجعاً، الا ان الجزء الاخر والاهم يعود الى التاثيرات السلبية التي تتركها سياسات صندوق النقد الدولي على السياسة الاقتصادية التي تمارسها الآن الحكومة العراقية وذلك برفعها الدعم الحكومي لقطاعات خدمية عامة واسعة وتقليل أوعدم تخصيص المبالغ المالية المطلوبة لها في ميزانية الدولة العامة.
ففي ضوء هذه المعطيات الجديدة لاشك في ان اقليم كوردستان سيتأثر على الرغم من امانها واستقرارها، بشكل أو بآخر بسياسات الحكومة الفيدرالية في المركز، ويقع تحت تاثير التغيرات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي ستتكامل ملامحها بصورة ادق واكثر وضوحاً في المستقبل القريب.فأذا اتبعنا لغة الارقام وانطلقنا بناء عليها لتفسير وتحليل ودراسة الواقع الاقتصادي في اقليم كوردستان الفيدرالي نلاحظ حينها بأننا امام كارثة اقتصادية تحدق بأقتصاد الاقليم. فحسب التصريحات الرسمية لحكومة اقليم كوردستان/العراق نرى ان نسبة 60% من ميزانيتها تخصص فقط لدفع رواتب واجور موظفي و مستخدمي الدولة، في حين تبقى فقط نسبة 40% من الميزانية السنوية تخصص لجميع القطاعات الاساسية لاقتصاد الاقليم.علماً بأن ميزانية الاقليم تشكل فقط نسبة17%من الميزانية السنوية للحكومة الفيدرالية في العراق.
وكما اعلن اخيراً فأن ميزانية دولة العراق الفيدرالية بمجملها هي 41 مليار دولار لعام 2007 .وهذا يعني ان ميزانية اقليم كوردستان للعام الحالي تبلغ، وحسب النسبة المئوية المشار اليها اعلاه،فقط (6.970.000.000) مليار دولار. وتشكل نسبة 60% من هذه الميزانية مبلغاً قدره (4.182.000.000) مليار دولار، وهو مخصص كما اسلفنا الذكر فقط لدفع رواتب واجور موظفي ومستخدمي وزارات ومؤسسات حكومة اقليم كوردستان الرسمية والحزبية.وهنا يتبين بأن النسبة المتبقية من الميزانية والتي تشكل مبلغاً قدره(2.788.000.000)مليار دولار،أي نسبة40%،تخصص من قبل حكومة الاقليم لجميع قطاعات الاقتصاد الحيوية.فالارقام التي امامنا تعبر عن واقع الحال بصورة جلية و واضحة لا تقبل ادنى شك أو جدل، وبالتالي يتبين مدى سوء الوضع الاقتصادي في اقليم كوردستان. وهنا لابد من التسائل، هل ان طبيعة ميزانية الاقليم انتاجية أم انها استهلاكية؟ وكم قطاعاً تتمكن حكومة اقليم كوردستان من اعادة اعمار بُنياتها التحتية المُدمرة بنسبة40% من ميزانيتها السنوية؟ وبأية آلية تتمكن الحكومة من تحويل الاقتصاد الى اقتصاد انتاجي؟.
هذه التساؤولات و أخرى ذات صلة بالموضوع تطرح نفسها بقوة وتبحث عن اجوبة وحلول.ولاريب فيه بان كوردستان المُدمرة على مدى تاريخها بحاجة الى ميزانية اكبر بكثير من ميزانيتها الحالية حتى يتم اعادة اعمار بُنيتها الاقتصادية التحتية المنهارة.وهي في وضعها الراهن، وفي ضوء الارقام المكشوفة اعلاه،لن تتمكن من التوجه نحو فتح و بناء مشاريع اقتصادية منتجة و تنموية، بل ومن الصعب جداً اعادة اعمار بُنيتها التحتية.فمن الجدير بالذكر هنا هو ان احدى العوامل التي لعبت دوراً فعالاً في ايصال الواقع الاقتصادي في اقليم كوردستاان الى ما هو عليه الآن من اقتصاد غير منتج ، هي السياسة الاقتصادية والمالية التي اتسمت بالطابع الاستهلاكي، و التي كانت تتبع خلال السنوات المنصرمة في كوردستان و مازالت على حالها في صورتها العامة باعتمادها بدرجة اساسية على القطاع التجاري، هذا من جهة، و من جهة ثانية فهناك عامل اخر هام لا يقل اهمية فيما يتعلق بتدهور البنية التحتية لاقتصاد اقليم كوردستان، و هو العامل السياسي الذي تجسد بشكل واضح في المنافسة الحزبية غير الصحيحة بين الاحزاب المهيمنة في كوردستان خلال السنوات الفائتة. فنتيجة لتلك السياسات الخاطئة قامت الاحزاب بشكل عشوائي ودون اي تخطيط أو حساب مستقبلي بتعين اعداد كبيرة من المستهلكين والمتطفلين في المؤسسات الحزبية والحكومية بناء على الولاء الحزبي و المحسوبية تتغذى على المال العام دون ان تكون لديها اي محل في العملية الاقتصادية.
اذن لابد ان تفكر الجهات المسؤولة في كوردستان اولاً، وقبل كل شيء، في سياساتها الاقتصادية والمالية المستقبلية بالاعتماد على اعمار قطاعي الزراعة والصناعة الحيوييتين بدل الاعتماد فقط على القطاع التجاري، في سبيل اعادة اعمار البُنى التحتية الاساسية، وتحسين الاوضاع المعيشية لجماهير كوردستان، وعليها البدء كخطوة اولى في هذا السياق بمعالجة نسبة 60% من الميزانية وذلك بمراجعة قائمة الموظفين و المستخدمين المتعينين استناداً الى الولاء الحزبي في المؤسسات الحزبية خصوصاً والحكومية عموماً بحيث تدفع لهم الرواتب والاجور من ميزانية الحزب نفسه وليس على حساب ميزانية الاقليم ،والتي هي اساساً ملك للشعب الكوردستاني.فالاحزاب لها الحق في ان تدفع ما تشاء من ميزانياتها الخاصة لعناصرها الحزبية وهي حرة في ذلك، ولكن لايجوز جعل الجماهير الكوردستانية غير الحزبية ضحية لفئات حزبية وتخصص نسبة كبيرة من الميزانية العامة لدفع رواتبهم، في حين ان عملية اعادة اعمار البُنى التحتية لاقتصاد الاقليم بامس الحاجة الى مثل هذه المبالغ.
ان الانتقال بالاقتصاد من طابع استهلاكي الى طابع انتاجي والاهتمام ببناء مشاريع اقتصادية منتجة في اقليم كوردستان، هو احد اهم والح مهمات حكومة الاقليم في المرحلة الراهنة، وهو السبيل الاكفل لمعالجة ظاهرة البطالة المقنعة، ويمثل احدى الركائز الاساسية لاستقلال كوردستان السياسي راهناً و مستقبلاً.
فمن البداهة عندما لايمتلك بلد ما اقتصادا انتاجياً، لايمكنه في الوقت نفسه ان يكون مالكاً لبنية تحتية، وانعدام هذه الاخيرة يعني بدوره بان هذا البلد لايملك استقلالية اقتصادية وبالتالي قراراً سياسياً مستقلاً، ويقع في الحصيلة النهائية تحت تاثيرات هذه الجهة أو تلك، وخير دليل على مانقوله هو عدم تمكن حكومة الاقليم وعلى مدى سنوات طويلة من معالجة ازمة شحة المحروقات وانقطاع التيار الكهربائي باستمرار.
لابد من الاشارة هنا الى ان حكومة الاقليم وفيما يتعلق بمعالجة نسبة60% من الميزانية، قامت في الاونة الاخيرة باعداد قوائم الاعداد الفائضة من موظفي و مستخدمي الدولة والتي تشكل حسب المصادر المطلعة اكثر من 900 الف موظف فائض، كخطوة اولية لمعالجة هذه الظاهرة، بحيث يتم، وحسب المصادر نفسها، نقل ملاكهم جميعاً الى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ولكن ليس من الواضح كيف وباية آلية ستتم معالجة قضية كبيرة كهذه. ولا شك بان وجود جيش مستهلك كبير بهذا الحجم يعني بحد ذاته ان جزءاً كبيراً جداً من ميزانية الاقليم تستخدم لتغطية تكاليف البطالة المقنعة، وبالجزء المتبقي من الميزانية لايمكن جعل الاقتصاد الكوردستاني على المدى القريب اقتصاداَ منتجاً، وحتى لو ارادت حكومة الاقليم ان تخطو بهذا الاتجاه فانها ستضطر بالنتيجة الى الاستغناء عن دعم القطاعات الخدمية العامة، وهذا ما يؤدي بدوره الى الخروج من ازمة في سبيل الدخول الى ازمة جديدة وهكذا دواليك.
واخيراً نستنتج مما سبق عرضه اعلاه بان السبيل الوحيد والصحيح لاعادة اعمار البنية التحتية لاقتصاد اقليم كوردستان، هو التوجه العاجل نحو تكريس وتعزيز انشاء المشاريع الاقتصادية المنتجة والتنموية، لاسيما في قطاعي الزراعة والصناعة الرئيسيتين، وبهذا فقط تتمكن حكومة الاقليم عبر وضع خطط عمل علمية دقيقة من ايجاد حل جذري للازمات الاقتصادية الخانقة والتي يعانيها الاقتصاد الكوردستاني في وضعها الراهن، كما وتستطيع من خلال ذلك خلق فرص عمل جديدة للنسبة الكبيرة الفائضة من الموظفين، و تتمكن من فتح افاق رحبة امام الطاقات العاملة المتوجهة سنوياً من المجالات الدراسية المختلفة الى اسواق العمل و مؤسسات الدولة الحكومية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أكسيوس: الولايات المتحدة علّقت شحنة ذخيرة موجهة لإسرائيل


.. مواجهات بين قوات الاحتلال وشبان فلسطينيين أثناء اقتحامهم بيت




.. مراسل الجزيرة: قوات الاحتلال تقوم بتجريف البنية التحتية في م


.. إدارة جامعة تورنتو الكندية تبلغ المعتصمين بأن المخيم بحرم ال




.. بطول 140.53 مترًا.. خبازون فرنسيون يعدّون أطول رغيف خبز في ا