الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بغداد والقمر وابن زريق

ناصرعمران الموسوي

2007 / 2 / 22
الادب والفن


… ثمة ايماءات كثيرة اعتلجت في صدر (ابن زريق البغدادي ) وهو يستودع بغداد قمره الكرخي ، قبل رحيله باتجاه اللاعودة ، هذه الايماءات تشير الى عمق العلاقة اللفظية الجدلية بين بغداد والقمر ، حيث سيقفز الى الاذهان كلما تردد اسم بغداد لياليها الالف وليلة الضاجة بمرافق القمر ، على انغام الاوتار الزريابية ، والقصائد النؤاسية ، انها ترافة الفن وعمق الصلة في قولبة المشاعر الانسانية .
بغداد والقمر قرينان مشتركان في اشياء كثيرة حتى ان العمر الزمني للقمر شبيه بعمر الزمان البغدادي فرحلة القمر المتدرجة من ثالوثه ( المحاق – الهلال – البدر ) هو ذات التدرج الذي عاشته وتعيشه بغداد بين الاشراق والانطلاق وبين الخوف والخراب ، وليست بغداد ببعيدة عن القتل ، ماعليك في بغداد الان الا تطلق لقدميك العنان خوفا من طلقة طائشة او عربة مفخخة او جسد نتن يربط وسطه بحزام ناسف معتقدا بانك طريقه الى الجنة في حين الزمن يتدافع للدخول في القرن النيف العشريني ، بغداد التي تستوقفك مرات عديدة متأملا في معمارها وشناشيلها الابنوسية وحاراتها الافعوانية ، تخرجك رغم ثرائك العاطفي وكأنك ( مصحف في كف زنديق ) هي واحدة من اسرار هذا الكون الفسيح .. حين تغازلك عيونها بين الرصافة والكرخ ، فأنها لن تبتليك بالهوى فقط .. انها تغمرك بسحر من نوع خاص لم تعرف كنهه وماهيته ، ان شاهدها الوحيد ابدا هو القمر ، انها مدينة عصية على النسيان تستعمر ذاكرة عشاقها ، وكلما احسوا باقتراب ابتلاعها في فم الحوت تصاعدت صيحاتهم وعلت ضرباتهم على الجدار ، انها عملية الانعتاق في النفسية البغدادية التي ترى من تحب ذاهبا الى هوة في فم الحوت ، انها الصرخات التي تتعالى مستنجدة بالقمر بل متوعدة احيانا ، الم تكن هي مدينة لياليه وهل من الممكن تصور ليال ٍ مثل ليالي بغداد بلا قمر .. ؟ بغداد بين الدم والدمار شيء كما القدر انها شبيهة بالعنقاء كلما اوغل القتلة في حقها كانت تنبعث من جديد ، بغداد رائحة المقاهي ، ضجيج الوراقين والصفارين ، شارع المتنبي ، ساحة القشلة ، بغداد التهجد والتصوف ، بغداد الاضرحة ، بغداد شموع خضر الياس التي تعانق مياه دجلة دون ان تنطفيء ، بغداد الدفوف الصغيرة وحلال المشاكل وصوم زكريا ، بغداد لم تكن جارية خليفة يلقيها خلف مخدعه في نهايات الليل ، بغداد مدينة العيارين والشطار ، انها رحلة استكشافية سندبادية في اذهان اللصوص الظرفاء ، بغداد ليست ( فصلية ) لعشيرة معينة ، ولم تكن لونا واحدا ، كانت قوس قزح ، بغداد ابتسامة في وجه التاريخ ودمعة تناغم قمرا هناك في الاعالي يحمل ( كلاشنكوفه) انه يؤدي رسالته التي حرص ان يكون بمستوى أداءها ، انه نوع من رد الجميل لابن زريق البغدادي الذي حلت روحه في فضاءات بغداد فكيف سيصادرها الاخرون وهي تحمل ثالوثا يضم روحه بالإضافة الى بغداد والقمر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استشهاد الطفل عزام الشاعر بسبب سوء التغذية جراء سياسة التجوي


.. الفنان السعودي -حقروص- في صباح العربية




.. محمد عبيدات.. تعيين مغني الراب -ميستر آب- متحدثا لمطار الجزا


.. كيف تحول من لاعب كرة قدم إلى فنان؟.. الفنان سلطان خليفة يوضح




.. الفنان السعودي -حقروص- يتحدث عن كواليس أحدث أغانيه في صباح ا