الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حين تصبح الحزبية ودرجتها معيارا للكفاءة!!

عماد صلاح الدين

2007 / 2 / 19
القضية الفلسطينية


تطورت لدينا – وبحمد الله – المعايير الحاكمة والناظمة للكفاءة ، فبعد أن كانت العائلية والانتماء القبلي ، أصبحت معايير الكفاءة لدينا حزبية وفئوية بامتياز ، فإذا أردت أن تعرف مثلا الدرجة الوظيفية لفلان أو علان والماهية الشهرية " الراتب " الذي يتقاضاه هذا الشخص أو ذاك ، فما عليك إلا أن تسال أو تستفسر عن الفئة أو الدرجة التي ينتمي إليها المقصود حزبيا ، فحسب التقسيمات الجارية لدينا حزبيا ، هناك من ينتمي إلى فئة أو ب أو ج أو د ، وهكذا أعزك الله ، وهناك أيضا العضو والمناصر أو المحسوب ، وغيرها من التقسيمات ، التي ثبت لي أنها ليست عبثا ، فبمقدار درجتك التنظيمية والحزبية ، يتحدد مستقبلك الوظيفي ودرجة استقرارك المعيشي .

أنا شخصيا كاتب هذه السطور ، كنت من الأوائل في الثانوية العامة وأيضا في الجامعة ، حيث في الأخيرة حصلت على درجة متقدمة في مجموعي التراكمي في قسم الحقوق ، ولكن تبين لي أن هذا التفوق لاقيمة له في عرفنا الحزبي والتنظيمي ، المهم في البيئة السياسية الفلسطينية هو اتجاهك الحزبي والدرجة الحزبية التي تتمتع بها . ففي عهد حركة فتح التي كانت تسيطر على السلطة ، كان يمنع أي شخص ينتمي إلى حركتي حماس والجهاد الإسلامي بشكل عام أن ينخرط في مؤسسات السلطة وأجهزتها الأمنية ، وان كان يحدث عكس ذلك ، فإنما كان يحدث الاستثناء ، وكما هو معروف في كل قوانين الدنيا وأعرافها أن الاستثناء أمر طارئ لايقاس عليه أبدا ، أذكر في عام 2002 ، اضطرتني الحاجة والظرف الأسري أن أقدم طلبا ثم آخر ثم ثالث ، والاتجاه إلى كل "المحاسيب " والوسطاء الأشاوس ، لكي ألتحق بإحدى تلك الأجهزة ، بعدما استنفدت كل الوسائل المتاحة ، لكي انخرط في وظيفة مدنية تناسب التخصص الذي درسته وتخرجت فيه ، إلا أن طلباتي تلك ذهبت إلى عالم النسيان ، رغم أن كل الشروط الأكاديمية والصحية كانت متوفرة والحمد لله ، إلا أنني كنت في عرف الفاحصين والمستقصين عني كما يبدو فاشلا حزبيا ، كوني لا احسب على الحركة أو الحزب الذي يسيطر على السلطة في ذلك الوقت .

أنا لست متقصدا حركة فتح على وجه الخصوص ، وأنها هي فقط التي تحكمها الجوانب الحزبية والتنظيمية في تحديد أهلية الشخص العلمية وبالتالي كفائتة ومناسبته لهذه الوظيفة أو تلك ، بل إن الأمر ينسحب على مجمل الواقع الحزبي في الأراضي المحتلة بشكل عام ، وان كانت هذه الممارسات الحزبية بارزة بدرجة كبيرة جدا في عهد حركة فتح ، حماس هي الأخرى وللأسف تحكمها المعايير الحزبية والدرجة التنظيمية لكن بدرجة اقل، لكنها في كل الأحوال تقترب من الظاهرة التي ينبغي التحذير منها والتنويه إلى خطورتها ، هناك أصحاب علم ومعرفة يتفوقون على كثير من أقرانهم الذين يتبوءون مواقع ومناصب في نفس التخصص، في حين أن الأولين يتم حرمانهم منها ، أو يكون وضعهم الوظيفي درجة وراتبا اقل من هؤلاء الذين يتدنون عنهم في المعرفة والاختصاص، والسبب بكل وضوح، فتش عنه في المعايير الحزبية الناظمة لمعايير الكفاءة والتوظيف ، ستجده عندها بكل سهولة !!.

هذا موضوع خطير جدا ، ينبغي معالجته والتخلص من آفته بأسرع وقت ممكن ، لأنه باختصار يتلف العصب الباعث بالنبض والحيوية باتجاه تحفيز الإنسان الفلسطيني نحو التفوق والإبداع ، فحين يجد الطالب الفلسطيني أن المعيار في الوظيفة والمنصب انتماؤه الحزبي لهذا الفريق أو ذاك وكذلك درجة هذا الانتماء وفئته ، فحتما سيتولد لديه شعور داخلي كامن باتجاه تحقير وتتفيه المعايير العلمية والمهنية ، وبالتالي سيحرص على دقة اختياره التنظيمي وعلى تفريغ جهده واستنفاده لترقيه وترفيع مستواه التنظيمي .

الأحزاب الثورية التي تناضل من اجل الحرية والاستقلال ، تحرص دوما على جعل صفوف حزبها عامرة بالكفاءات العلمية والمهنية وكذلك الأخلاقية ، وبالتالي لاتجعل للمعايير الجهوية والفئوية والحزبية القبلية نصيبا في معايير الحكم والتقييم على أهلية الآخرين وقدراتهم .

كتبت مقالي هذا من شدة ما ينتابني من الم وإحباط ، حينما أرى أن الذين كانوا زملاء لنا في الجامعة ، ومستواهم الأكاديمي والعلمي يرثى له ، تبوؤوا وظائف ومناصب ومراكز لايستحقونها أبدا ، وهم عبء على الجميع وعلى مشروعنا التحرري بشكل عام . لذلك قبل الحديث عن تحرير الوطن وإقامة الدولة وإعادة اللاجئين ، علينا أن نسأل أنفسنا عن ضرورة القيام بثورة أخلاقية تضع الأمور في نصابها الصحيح ، ليكون بعدها الإنسان الفلسطيني مؤهلا – وبحق- لتحمل عبء ومسؤولية تحقيق إقامة الدولة المستقلة كاملة السيادة ، وتحقيق حق العودة ولم الشتات للاجئين الفلسطينيين من ديار الغربة والشتات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رهان ماكرون بحل البرلمان وانتخاب غيره أصبح على المحك بعد نتا


.. نتنياهو: سنواصل الحرب على غزة حتى هزيمة حماس بشكل كامل وإطلا




.. تساؤلات بشأن استمرار بايدن بالسباق الرئاسي بعد أداءه الضعيف


.. نتائج أولية.. الغزواني يفوز بفترة جديدة بانتخابات موريتانيا|




.. وزير الدفاع الإسرائيلي: سنواصل الحرب حتى تعجز حماس عن إعادة